أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 20 – صـ 100

جلسة 13 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(22)
الطعن رقم 1771 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) مواد مخدرة. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
( أ ) أخذ الحكم بأقوال الشاهد في خصوص كيفية ضبط المتهم، وعدم أخذه بها في صدد ما رواه عن اعتراف المتهم له بأنه يحرز المخدر بقصد الاتجار. لا يعيبه.
(ب) تجزئة أقوال الشاهد. حق لمحكمة الموضوع.
(ج) عدم اعتراض المتهم على قبول محاميه تلاوة أقوال الشاهد. حق المحكمة الاستغناء عن سماع الشاهد.
(د، هـ) مواد مخدرة. جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. دفوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) متى يتحقق القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر؟
(هـ) كفاية إيراد الحكم ما يدل على توافر القصد الجنائي لدى المتهم. مثال.
1 - لا يعيب الحكم أن يأخذ بأقوال ضابط الشرطة في كيفية ضبط المتهم ثم لا يعول على ما رواه عن اعترافه له بأنه أحرز المخدرات بقصد الاتجار، ذلك بأن الشاهد لم يشهد بنفسه واقعة الاتجار وإنما روى ما سمعه من المتهم ولم تر المحكمة الأخذ بهذا القول لعدول المتهم عنه وعدم وجود ما يظاهر قولة الضابط.
2 - لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى.
3 - خولت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ومن ثم فإذا كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يبد اعتراضاً على قبول محاميه تلاوة أقوال الضابط ولم يتمسك بسماع أقوال هذا الشاهد فإنه يكون من حق المحكمة أن تستغني عن سماعه وتعول على أقواله في التحقيقات.
4 - القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة.
5 - المحكمة غير مكلفة بالتحدث على استقلال عن القصد الجنائي إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدراً، وإذ كان ذلك وكان الحكم قد أورد أن المتهم ألقى من يده بالكيس الذي كان يحتوي على المخدرات بمجرد رؤيته للضابط، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من المتهم أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالاً على قيامه في حق المتهم، فإنه لا محل لما ينعاه المتهم من أن الحكم لم يعن ببيان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر المسندة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 يوليو سنة 1966 بدائرة قسم بولاق محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و34/ 1 – أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط، وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جاء مشوباً بفساد في الاستدلال والخطأ في القانون وبطلان الإجراءات والقصور في التسبيب، ذلك بأنه استند في إدانة الطاعن إلى شهادة ضابط الشرطة التي تضمنت أن الطاعن اعترف له بأنه يحرز المخدرات بقصد الاتجار ثم عاد الحكم بعد ذلك في صدد نفي قصد الاتجار عن الطاعن فأطرح أقوال الضابط في هذا الشأن، وبهذا يكون الحكم قد أخذ بأقوال الضابط في صدره ثم عاد فأهدرها في آخره مما يعيبه بالفساد في الاستدلال، كما أن رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش استناداً إلى الصورة التي أعطاها الضابط للواقعة من أن الطاعن كان فى حالة تلبس مع أن هذه الصورة غير مقبولة لأن الضابط لم يكن يعرف الطاعن من قبل كما أن الطاعن لم يكن يعرفه فلا يستساغ القول بأنه ألقى بالمخدر عند رؤيته له، كذلك فإن المحكمة لم تسمع شهادة الضابط وبذلك تكون قد أخلت بقاعدة شفوية المرافعة، كما لم يعن الحكم ببيان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر ومدى توافره لدى الطاعن وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدرات التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال ضابط الشرطة ونتيجة التحليل. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يأخذ بأقوال ضابط الشرطة في كيفية ضبط الطاعن ثم لا يعول على ما رواه عن اعترافه له بأنه أحرز المخدرات بقصد الاتجار، ذلك بأن الشاهد لم يشهد بنفسه واقعة الاتجار وإنما روى ما سمعه من الطاعن ولم تر المحكمة الأخذ بهذا القول لعدول الطاعن عنه وعدم وجود ما يظاهر قوله للضابط، وفضلاً عن ذلك فإن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد أطمأنت إلى ما شهد به الضابط من أن المتهم ألقى بالكيس الذي يضم المخدر عندما رآه فإنه لا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها. لما كان ذلك وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يبد اعتراضاً على قبول محاميه تلاوة أقوال الضابط ولم يتمسك بسماع أقوال هذا الشاهد فإنه يكون من حق المحكمة أن تستغني عن سماعه وتعول على أقواله في التحقيقات. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث على استقلال عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدراً وكان الحكم قد أورد أن الطاعن ألقى من يده بالكيس الذي كان يحتوي على المخدرات بمجرد رؤيته للضابط، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالاً على قيامه في حق الطاعن، لما كان ذلك، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الصدد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجباً رفضه موضوعاً