أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 156

جلسة 20 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، وأنور خلف.

(33)
الطعن رقم 2031 لسنة 38 القضائية

(أ) تموين. خبز. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة. "أركان الجريمة".
جريمة إنتاج الخبز البلدي ناقص الوزن. عدم استلزامها ثبوت النقص عند وزن الخبز مرتين قبل التهوية وبعدها معاً.
(ب، جـ) مسئولية جنائية. مسئولية مفترضة. تموين.
(ب) ملكية صاحب المحل، كاملة أو مشتركة. كفايتها لمساءلته عما يقع في المحل من جرائم التموين.
(ج) مسئولية صاحب المحل عما يقع فيه من جرائم القانون 95 سنة 1945. مسئولية فرضية. استحقاقه عقوبتي الحبس والغرامة معاً. إثبات صاحب المحل غيابه أو استحالة مراقبته للمحل. جواز إسقاط عقوبة الحبس دون الغرامة في هذه الحالة.
(د) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في التعويل على قول متهم على آخر.
(هـ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة.
التعارض بين مصلحة المتهمين. مناطه: أن يلزم عن دفاع أحدهم عدم صحة دفاع الآخر بحيث يتعذر على محام واحد الترافع عنهما معاً.
1 - إن المادتين 26 و27 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 لا تستلزمان للعقاب على جريمة إنتاج الخبز البلدي ناقص الوزن أن يثبت النقص عند وزن الخبز مرتين قبل التهوية وبعدها معاً. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن مفتش التموين اكتشف عجزاً في وزن الخبز وهو ساخن، ثم قام بوزنه بعد انتهاء المدة القانونية للتهوية وأثبت مقدار العجز في متوسط الرغيف بعد التهوية بما لم ينازع الطاعن في تجاوزه النسبة المسموح بها، فإنه لا جناح على المحكمة إن اكتفت بذلك بدون بيان مقدار العجز في الخبز وهو ساخن أو عدد الأرغفة التي قام بوزنها وهي ساخنة.
2 - يكفي في قيام مسئولية صاحب المحل عن جرائم التموين طبقاً للقانون رقم 95 لسنة 1945، أن تثبت ملكيته له، يستوي في ذلك أن تكون كاملة أو مشتركة.
3 - مؤدى نص المادة 58 من القانون رقم 95 لسنة 1945 أن صاحب المحل يكون مسئولاً مستحقاً لعقوبتي الحبس والغرامة معاً متى وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون، ومسئوليته فرضية تقوم على أساس افتراض إشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه وإنما تقبل التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة إذا أثبت أنه كان غائباً أو استحالت عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة.
4 - من حق محكمة الموضوع أن تعول في تكوين معتقدها على قول متهم على آخر متى اطمأنت إليها.
5 - إن مناط التعارض بين مصلحة المتهمين أن يكون لأحدهم دفاع يلزم عنه عدم صحة دفاع الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً. ولما كان اشتراك الطاعن في المسئولية عن المخبز لا يرفع عن شريكه الطاعن الآخر شيئاً منها فلا تعارض بين مصلحتيهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 29/ 8/ 1967 بدائرة قسم أول المنصورة: أنتجوا خبزاً بلدياً أقل من الوزن المقرر. وطلبت عقابهم بالمواد 56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 و1 و38 ج من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل. ومحكمة المنصورة الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وتغريم كل منهم 100 ج والمصادرة وكفالة 20 ج لوقف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

(أولاً) عن الطعن المقدم من الطاعن الأول
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إنتاج خبز بلدي أقل من الوزن المقرر قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يثبت وزن الخبز وهو ساخن ولم يوضح أوزانه على نفس النمط الذي أوضحها به بعد التهوية مما يحتمل معه أن يكون الوزن الكلي لمجموع الأرغفة وهي ساخنة مطابقاً للقانون باعتبار أن القانون لا يعتبر الخبز ناقصاً عن الوزن المقرر إلا إذا كان ناقصاً بعد تهويته لمدة ثلاث ساعات بما يزيد عن النسبة المسموح بها وكان ناقصاً في الأصل وقبل التهوية عن الوزن المقرر وهذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت قيام مفتش التموين بوزن الأرغفة المنتجة حديثا لدى مداهمته المخبز وإذ تبين له نقص في وزنها عن المقرر قام بضبطها وأعاد وزنها بعد انتهاء المدة القانونية للتهوية فثبت له وجود عجز يبلغ 69 و6 جرام في متوسط الرغيف الواحد. لما كان ذلك، وكانت المادة 26 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 تنص على أن يكون التسامح في الوزن بسبب الجفاف الطبيعي للخبز على الأكثر 5% للخبز البلدي المهوى تهوية تامة لمدة ثلاث ساعات بعد عملية الوزن، ولا يتسامح في أية نسبة في الخبز الساخن كما تنص المادة 27 من القرار ذاته على أن وزن الخبز يكون مخالفاً للقانون إذا ثبت أن العجز في مجموع الأرغفة يزيد على نسبة 5% المسموح بها بسبب الجفاف الطبيعي في الخبز البلدي وأن متوسط وزن الرغيف إذا كان ساخناً يقل عن الوزن المقرر وكانت المادتان سالفتا الذكر لا تستلزمان للعقاب على جريمة إنتاج الخبز البلدي ناقص الوزن أن يثبت النقص عند وزن الخبز مرتين قبل التهوية وبعدها معاً. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن مفتش التموين اكتشف عجزاً في وزن الخبز وهو ساخن، ثم قام بوزنه بعد انتهاء المدة القانونية للتهوية وأثبت مقدار العجز في متوسط الرغيف بعد التهوية بما لم ينازع الطاعن في تجاوزه النسبة المسموح بها ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن اكتفت بذلك بدون بيان مقدار العجز في الخبز وهو ساخن أو عدد الأرغفة التي قام بوزنها وهي ساخنة ولا يكون فيما ذهب إليه الحكم ما يعيبه ويكون ما ينعاه الطاعن عليه في غير محله متعيناً رفضه. (ثانياً) عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني عبد الخالق اليماني.
حيث إن مبنى الطعن الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة إنتاج خبز أقل من الوزن المقرر في حين أنه لم يثبت وجوده بالمخبز وقت الضبط بأية صفة بل أخذه بقولة الطاعن الأول من أنه شريكه في المخبز المذكور مع أنه لم يقدم دليل مدعاه فضلاً عن أن الاشتراك في ملكية المخبز لا يستلزم الاشتراك في إدارته، كما أنه على الرغم من قيام التعارض بين موقفي الطاعنين فقد تولى الدفاع عنهما محام واحد، إذ أن أحدهما حاول إشراك الآخر في المسئولية بإدعاء قيام شركة بينهما في الوقت الذي لم يقل فيه الطاعن بقيام تلك الشركة، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه أن مفتش التموين أوضح أن المخبز مملوك للطاعنين، وأنه استند فيما أخذهما به إلى أقوال مفتش التموين محرر المحضر التي نقلها عن الطاعن الأول ولم يثبت بمحاضر الجلسات أن الطاعن نازع في هذه الواقعة التي كانت أساس اتهامه في الدعوى. وكان يكفي في قيام مسئولية صاحب المحل عن جرائم التموين طبقا للقانون رقم 95 لسنة 1945 أن تثبت ملكيته له يستوي في ذلك أن تكون كاملة أو مشتركة، وكان مؤدى نص المادة 58 من أن صاحب المحل يكون مسئولاً مستحقاً لعقوبتي الحبس والغرامة معاً متى وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون ومسئوليته فرضية تقوم على أساس افتراض إشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه وإنما تقبل التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة إذا أثبت أنه كان غائباً أو استحالت عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة. وكان من حق المحكمة أن تعول في تكوين معتقدها على قول متهم على آخر متى اطمأنت إليها، وكان هذا الطاعن لم يجادل أمام محكمة الموضوع في انتفاء قيام الشركة أو استحالة المراقبة فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون في غير محله. أما ما يثيره الطاعن خاصاً بقيام التعارض بين مصلحته ومصلحة الطاعن الآخر ومن ثم فلا يجوز لمحام واحد أن يتولى الدفاع عنهما فهو غير سديد إذ أن اشتراك الطاعن في المسئولية عن المخبز لا يرفع عن شريكه الطاعن الأول شيئاً منها مما لا يتوافر معه قيام التعارض الذي يقول به الطاعن إذ أن مناط التعارض بين مصلحة المتهمين أن يكون لأحدهم دفاع يلزم عنه عدم صحة دفاع الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً وهذا غير متحقق في الدعوى المطروحة.
وحيث إنه لما سلف يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.