أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 164

جلسة 20 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(35)
الطعن رقم 2045 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج، د) إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير. دفوع. "الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) حق القاضي الجنائي في اختيار طريق الإثبات مطلق ما لم يقيده القانون بنص خاص. حريته في وزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر.
(ب) إثبات التزوير. ليس له طريق خاص، مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة.
(ج) عدم التزام المحكمة بالرد على دفع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
(د) لمحكمة الموضوع الأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن".
وجوب أن تكون أسباب الطعن واضحة محددة.
1 - فتح القانون الجنائي - فيما عدا ما استلزمه من وسائل خاصة في الإثبات - بابه أمام القاضي الجنائي على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر مع حرية مطلقة في تقدير ما يعرض عليه ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع كل أدلة وظروفها.
2 - لم يجعل القانون لإثبات التزوير طريقاً خاصاً مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة. ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من عدم رد المحكمة على الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة، على فرض التسليم بأنه قد أبدى هذا الدفع في مذكرته المصرح له بتقديمها.
3 - لا تلتزم المحكمة بالرد على دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
4 - من سلطة محكمة الموضوع أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها. فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمة بأقوال المجني عليه وحده.
5 - يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة. ولما كان الطاعن لم يكشف في طعنه عن ماهية الدفاع الذي يقول أنه أثاره فسكت الحكم عن الرد عليه بل أرسل القول فيه إرسالاً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 30/ 10/ 1965 بدائرة قسم مصر الجديدة: توصلا إلى الاستيلاء على مبلغ النقود المبين بالمحضر لبدروس سليمان صليب وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض نقوده باستعمال طرق احتيالية بشأن إيهامه بوجود واقعة مزورة بأن أفهماه بوصول بضاعة من ألمانيا واصطحباه إلى مطار القاهرة الدولي وأخذا منه مبلغ 24 ج و500 م ثمن سداد الرسوم الجمركية فانخدع المجني عليه بذلك وسلمهما المبلغ سالف الذكر ثم اكتشف عدم ورود أية بضاعة له وطلبت عقابهما بالمادة 336 من قانون العقوبات.
ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً بالنسبة إلى المتهم الأول وحضورياً اعتبارياً بالنسبة إلى المتهم الثاني عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم ولدى نظر الاستئناف أمام محكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - ادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين ثم قرر بتنازله عن دعواه المدنية، ثم قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمين شهرين مع الشغل. فطعن وكيل الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بجريمة النصب قد ران عليه القصور، ذلك بأن الطاعن تمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لمجاوزة المبلغ المقول بالاستيلاء عليه عشرة جنيهات، فلم يعرض الحكم لهذا الدفع، فضلا عن أنه راح يدين الطاعن على سند من أقوال المجني عليه وحده، مع أن الصحيح في القانون ألا يكون في أقوال المجني عليه غناء عن قيام دليل مادي يشهد على توافر أركان الجريمة. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الحكم سكت عن الرد على باقي دفاعه الموضوعي الذي نوهت به مرافعة المدافع عنه والمستندات والمذكرات التي قدمها، فبات الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة النصب التي دان الطاعن بارتكابها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان القانون الجنائي - فيما عدا ما استلزمه من وسائل خاصة في الإثبات - فتح بابه أمام القاضي الجنائي على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلا إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر مع حرية مطلقة في تقدير ما يعرض عليه ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع كل أدلة وظروفها، وكان لم يجعل لإثبات التزوير طريقاً خاصاً، مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من عدم رد المحكمة على الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة - على فرض التسليم بأنه قد أبدى هذا الدفع في مذكرته المصرح له بتقديمها. ذلك بأنه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب فلا تلتزم المحكمة بإيراده والرد عليه. كما أنه لا تثريب على المحكمة في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمة بأقوال المجني عليه وحده، ذلك بأن من سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها، مما تصبح معه دعوى الطاعن بقصور هذا الاستدلال مجرد جدل موضوعي لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن ماهية ذلك الدفاع - الذي يقول أنه أثاره فسكت الحكم عن الرد عليه - بل أرسل القول عنه إرسالاً، وكان يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.