أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 178

جلسة 27 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود عطيفه.

(39)
الطعن رقم 1856 لسنة 38 القضائية

(أ) ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجريمة الأشد". نقض. "حالات الطعن بالنقض. مخالفة القانون". "الحكم في الطعن". "سلطة محكمة النقض". إتلاف مزروعات. الاعتداء على حق الغير ومنعه من مزاولة العمل بالقوة.
إعمال المحكمة المادة 32 عقوبات على الجرائم المسندة للمتهم. وجوب توقيع عقوبة الجريمة الأشد فحسب.
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب طعنه. لها نقض الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الذي لم يقرر بالطعن لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
(ب، ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام. شهود".
(ب) عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على الدفاع الموضوعي.
(ج) عدم التزامها ببيان علة اطراحها أقوال شهود النفي.
1 - متى كان الحكم قد مضى بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة شهر وبغرامة عشرة جنيهات عن التهم المسندة إليه عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط القائم بينها وأوقع عليه هذه العقوبة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة إتلاف المزروعات موضوع التهمة الثانية، وكانت العقوبة التي فرضها الشارع لهذه الجريمة بمقتضى المادة 367 من قانون العقوبات قاصرة على الحبس دون الغرامة المحكوم بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة الاعتداء على حق الغير ومنعه من مزاولة العمل بالقوة - وهي الجريمة الأخف - بعد إذ قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الإتلاف وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات، يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك نقضه وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها وذلك عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن وذلك بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الآخر الذي لم يقرر بالطعن بالنقض نظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
2 - لا تلتزم المحكمة بالرد صراحة على الدفاع المتعلق بموضوع الدعوى بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها.
3 - لا تلتزم المحكمة ببيان علة إطراحها أقوال شهود النفي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 9 نوفمبر سنة 1966 بدائرة مركز إسنا. (أولاً) استعملوا القوة والعنف وتدابير غير مشروعة في الاعتداء على حق الغير في العمل وفي أن يستخدم أشخاصاً بأن منعوا نظير يعقوب والشاذلي مصطفى من مزاولة أعمالهم في زراعة فخري موسى وآخرين على النحو المبين بالمحضر. (ثانياً) أتلفوا وآخرين مجهولين عمداً زراعة الموز والبطيخ والطماطم المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لفخري موسى والسعيد ميخائيل على النحو المبين بالمحضر (ثالثاً) أتلفوا وآخرين مجهولين عمداً الباب والأزيار والفرن المبين وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكين لشنودة ميخائيل موسى وذلك بأن ألقوا بالباب على الأرض وكسروا الأزيار وهدموا الفرن على النحو المبين بالمحضر (ثانياً) الأول أيضاً أحدث عمداً وآخر مجهول بالشاذلي مصطفى الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابهم بالمواد 242/ 1 و361/ 1 و367/ 1 و375/ 1 - 2 من قانون العقوبات. وادعى مدنياً كل من فخري موسى وشنودة ميخائيل والسعيد ميخائيل بمبلغ 100 ج قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنح إسنا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 500 قرش لكل لوقف التنفيذ وتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات وذلك عن التهم المنسوبة إليهم بلا مصروفات جنائية وألزمت المتهمين متضامنين أن يدفعوا إلى المدعين بالحق المدني مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً وألزمتهم المصروفات المدنية المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المحكوم عليهم والمدعيان بالحق المدني هذا الحكم... الخ. ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وذلك بتأييده فيما قضى به بالنسبة للمتهمين الأول والثاني وبإلغائه فيما قضى به بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع وتبرئتهما مما أسند إليهما وبرفض الدعوى المدنية قبلهما وألزمت المتهمين الأول والثاني المصاريف المدنية الاستئنافية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن وكيل المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم استعمال القوة والعنف في الاعتداء على حق الغير في العمل والإتلاف قد شابه قصور في التسبيب، فقد ذهب الحكم إلى أن الثابت من أقوال الشهود وما قدمه أولهم من مستندات أن المدعين بالحق المدني يضعون اليد على أرض جزيرة العلوانية بطريق الإيجار من الدولة ولهم الحق في زراعتها ومزاولة العمل بها دون أن يرد على دفاع الطاعن بأن قراراً صدر بتمليك هذه الأرض إلى المعدمين من الناحية وإلى بعض الجنود الذين عملوا في اليمن وأن المدعين بالحق المدني أرادوا زراعة هذه الأرض إضراراً بأولئك المنتفعين فتوجه أهالي البلدة لمنع ذلك كما ذهب أعضاء لجنة الاتحاد الاشتراكي لمكان الحادث لمنع حصول أي اشتباك وهو دفاع جوهري أيده فيه كثير من الشهود كما أن الحكم لم يرد على أقوال شاهد نفي الطاعن الذي شهد بأن الطاعن كان موجوداً في يوم الحادث في مدينة بور سعيد واكتفى الحكم بقوله إن المحكمة لا تعول على أقوال شهود النفي لعدم الاطمئنان إليها دون أن يبين أسباب عدم الاطمئنان إلى أقوالهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يخلص في أن المطعون ضدهم يضعون اليد على أرض زراعية بجزيرة العلوانية بطريق الإيجار من الدولة منذ عام 1950، وفي عام 1965 تولت إحدى اللجان المختصة بحث حالتهم تمهيداً لتمليكهم إياها غير أن أعضاء وحدة الاتحاد الاشتراكي ورجال الإدارة بالبلدة تقدموا بشكاوي في هذا الخصوص وفي صباح الحادث فوجئ المطعون ضدهم بالطاعن وآخرين يتوجهون إلى تلك الأرض التي يضعون اليد عليها بقصد منعهم من زراعتها، وكان نظير يعقوب والشاذلي مصطفى يحرثان الأرض فأمرهما الطاعن بالتوقف عن الحرث وصفع أولهما بيده على وجهه وانهال ضرباً على الثاني وقام الطاعن ومن معه بعد ذلك بإتلاف زراعات الموز والبطيخ والقثاء المملوكة للمطعون ضدهم وأوقفوا ماكينة الري حتى لا تروي زراعتهم كما قصدوا داراً لهم بالجزيرة وأتلفوا بابها وفرناً وأزياراً بداخلها. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال المطعون ضدهم والشاهدين الشاذلي مصطفى ونظير يعقوب ومن المستندات التي قدمها المطعون ضده الثاني ومعاينة مكان الحادث والتقرير الطبي. ثم عرض الحكم لأقوال شهود النفي فأطرحها لعدم اطمئنانه إلى صدقها. لما كان ذلك وكان الدفاع الذي يشير إليه الطاعن في طعنه متعلقاً بموضوع الدعوى مما لا تلتزم المحكمة بالرد عليه صراحة بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها، كما أنها غير ملزمة ببيان علة إطراحها أقوال شهود النفي، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس، إلا أنه لما كان الحكم قد قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة شهر وبغرامة عشرة جنيهات عن التهم المسندة إليه عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط القائم بينها وأوقع عليه هذه العقوبة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة إتلاف المزروعات موضوع التهمة الثانية وكانت العقوبة التي فرضها الشارع لهذه الجريمة بمقتضى المادة 367 من قانون العقوبات قاصرة على الحبس مع الشغل دون الغرامة المحكوم بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة الاعتداء على حق الغير ومنعه من مزاولة العمل بالقوة - وهي الجريمة الأخف - بعد إذ قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الإتلاف - وهي الأشد - عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات، يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك نقضه وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها وذلك عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن وذلك بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الآخر الذي لم يقرر بالطعن بالنقض نظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة