أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 35

جلسة 2 من يناير سنة 1958

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: إسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم المستشارين.

(2)
طعن رقم 334 سنة 23 ق

( أ ) تموين. استيلاء. الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدهما من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945.
(ب) تموين. استيلاء. حديد. ضرائب. قانون "دستورية القوانين". نظام عام. اقتضاء الحكومة حصيلة من ثمن الحديد المستولى عليه استناداً إلى قرار وزير التموين رقم 73 لسنة 1945 الصادر بشأن الاستيلاء على الحديد. اعتبار هذه الحصيلة نوعاً من الضريبة أو الرسوم المفروضة بغير الطريق الدستوري الصحيح طبقاً للدستور الملغي.
(ج) تموين. صدور قرار من اللجنة العليا للتموين في 17 /10 / 1945 وقرار من لجنة الحديد في 24 /10 / 1945 بتحديد أسعار الحديد المستولى عليه. عدم اختصاص أي من اللجنتين بإصدار قرارها.
(د) تموين. لجنة الحديد. تمثيل رئيس اتحاد التجار المستوردين في هذه اللجنة. عدم التزام التجار بآراء أو مقترحات اللجنة في شأن تحديد أسعار الحديد تأسيساً على هذا التمثيل.
(هـ) قانون "رجعية القوانين". تموين. القول بسريان قرار وزير التموين الصادر في 26 /2 / 1946 على الماضي بمقولة إنه جاء تقريراً للواقع. خطأ.
1 - الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدها من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 بحسب مفهوم نصوصها إنما هو الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها وبعد جردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل وليس هو مجرد صدور قرار بالاستيلاء في ذاته.
2 - متى تبين أن الحكومة قد فرضت في ظل الدستور الملغي اقتضاء جزء من ثمن الحديد المستولى عليه لتغطية مصاريف توزيع تدعيها واستندت في اقتضاء هذه الحصيلة على قرار وزير التموين رقم 73 لسنة 1945 دون أن يصدر بهذه الحصيلة قانون يحدد أساسها ووعاءها والملزمين بدفعها وطريقة تحصيلها فإن ذلك يكون نوعاً من الضريبة أو الرسوم المفروضة بغير الطريق الدستوري الصحيح وفقاً للمادة 134/1 من الدستور الملغي ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بأن فرض اقتضاء هذه الحصيلة غير قائم على سند تشريعي سليم لصلة ذلك بالنظام العام - ذلك لأن قرار وزير التموين رقم 73 لسنة 1945 المعدل بالقرار رقم 89 لسنة 1945 والصادر تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والمرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945 الخاص بالتسعير الجبري قد تضمن الاستيلاء استيلاء عاماً على كميات الحديد المخزونة بالمخازن أو الموجودة بالدوائر الجمركية أو الكميات التي يتم استيرادها مستقبلاً فهو استيلاء مجرد ولم يقترن بالتسليم الفعلي للحديد المستولى عليه ولم يصاحبه جرد وصفي بحضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم لذلك فهو لا يعدو أن يكون إجراء تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع على المستهلكين ومنع المضاربة في هذه السلعة بعد تحديد سعرها والكميات الواجب صرفها منها، وليس من شأن هذا الاستيلاء أن ينقل ملكية الحديد المستولى عليه أو حيازته إلى الحكومة ولا شأن لها به ولا باقتضاء حصيلة من ثمنه.
3 - إن قرار اللجنة العليا للتموين الصادر بتاريخ 17 /10 / 1945 وكذلك قرار لجنة الحديد الصادر في 24 /10 / 1945 بشأن تحديد أسعار الحديد المستولى عليه بقرار وزير التموين رقم 73 لسنة 1945 - هذان القراران لم يصدر أيهما ممن هو مختص بإصداره وهو وزير التموين دون غيره وذلك وفقاً للفقرة السادسة من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
4 - ليس من شأن تمثيل رئيس اتحاد التجار المستوردين في لجنة الحديد أن يلزم التجار بآراء أو مقترحات للجنة في خصوص تحديد أسعار الحديد المستولى عليه.
5 - الأصل في القوانين وما في حكمها ألا تكون ذات أثر رجعي إلا ما استثنى بنص خاص. ومن ثم فلا محل للقول بسريان قرار وزير التموين الصادر في 26 /2 / 1946 على الماضي بمقولة إنه جاء تقريراً للواقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
... ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2339 سنة 1948 كلي مصر ضد الشركة المطعون عليها في شخص مديرها الخواجة ساهاج البترمكيان بطلب الحكم عليه بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 482 ج و215 م والمصروفات قائلة إن الشركة المطعون عليها وزعت كميات من الحديد استوردته وكان هذا التوزيع بمقتضى تصريحات من مكتب توزيع الحديد وأن للحكومة من ثمن ما وزعته الشركة 5 جنيهات عن كل طن وأن جملة ما وزعته الشركة من الحديد يبلغ 250.383 طناً وكان المستحق في ذمتها للحكومة 1251 ج و915 م دفعت بعضه وتبقى في ذمتها مبلغ 482 ج و215 م الذي تطلب الحكم به. وعند نظر الدعوى أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بندب مكتب الخبراء المحاسبين بوزارة العدل لبيان الحصيلة الواجب دفعها للحكومة بعد الاطلاع على تقرير محاسبة البنوك المقدم في الدعوى وعلى بيان كميات الحديد التي وزعتها الشركة بموجب تصريحات صادرة إليها من مكتب توزيع الحديد في المدة من 1 /9 / 1945 إلى 15 /2 / 1946 وبيان ما صار دفعه من الشركة للحكومة والباقي بذمتها، وعند مباشرة مكتب الخبراء مأموريته اتفق الطرفان على أنه لا خلاف بينهما على كميات الحديد المنصرفة ولا في قيمة المدفوع للحكومة وعندئذ عدلت الطاعنة أساس دعواها بجلسة 26 /3 / 1951 بطلب الحكم لها على الشركة المطعون عليها بما تستحقه الحكومة من ثمن كميات الحديد التي وزعتها الشركة بغير تصريحات وفي السوق الحر مستندة في ذلك إلى قرار الاستيلاء الرقيم 73 لسنة 1945 الذي تضمن النص على استيلاء الحكومة على كميات الحديد والصلب المستوردة من الخارج سواء ما تم استيراده فعلاً بواسطة اتحاد مستوردي الحديد أو المخزون أو الموجود بالدوائر الجمركية أو ما يستورد في المستقبل، على أن تقوم وزارة التموين بتنظيم توزيع تلك المواد. وبعد أن استعرضت المحكمة الابتدائية ما تقدم خلصت إلى القول بأن القرار الذي تعتمد عليه الطاعنة في إلزام الشركة المطعون عليها بأداء الحصيلة المطالب بها هو قرار غير منشور بالجريدة الرسمية وعلى فرض صدوره فهو إنما ينطوي على ضريبة وهو أمر مخالف لنص المادة 134 من الدستور التي لا تجيز فرض ضريبة أو تعديلها أو إلغائها إلا بقانون، هذا إلى أن الطاعنة لم تثبت أن الشركة وزعت حديداً يزيد مما وزعته بمقتضى تصريحات ثم سداد الحصيلة عنها، وقضت بتاريخ 23 / 4 / 1951 برفض الدعوى فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 66 سنة 68 ق تجاري طالبة فيه إلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بطلباتها الابتدائية تأسيساً على أن قرار لجنة التموين العليا الصادر بتاريخ 15 / 8 / 1945 ينص صراحة على أن للحكومة الحق في الحصيلة المطالب بها بغض النظر عما إذا كان التوزيع بمقتضى تصريحات من مكتب توزيع الحديد أو بغيرها وأن المحكمة الابتدائية أخطأت حين زعمت أن قرار الاستيلاء غير موجود وأن ما قالته المحكمة من أن دعوى الطاعنة ينقصها الدليل على أن الشركة المطعون عليها وزعت الحديد المطالب بالحصيلة من ثمنه لأن مستندات الطاعنة والمستخرجة من دفاتر الشركة ذاتها تؤيد الطاعنة في دعواها فضلاً عن أن الشركة ذاتها لم تنكر بيع كميات الحديد المطالب بالحصيلة عنها، وهذه المستندات عبارة عن صورة طبق الأصل من محضر اجتماع اللجنة الفنية للحديد والصلب وتاريخه 15 / 8 / 1945 والذي تقرر فيه تحديد ثمن الطعن 45 جنيهاً يستحق المستورد منه ثمن الحديد مضافاً إليه 50 % من قيمة مقابل الربح والمصروفات والرسوم الجمركية والباقي يحصل لتغطية مصروفات التوزيع والمكتب الذي ينشأ لتوزيع الحديد، وصورة مذكرة مقدمة للجنة التموين العليا بتاريخ 17 / 10 / 1945 تضمن تحديد أقصى سعر للحديد بواقع 45 جنيه للطن في الإسكندرية و47 جنيهاً في الجهات الأخرى يدخل ضمنها 5 جنيهات لحساب الحكومة عن كل طن، وصورة محضر آخر لاجتماع اللجنة الفنية للحديد بتاريخ 24 / 10 / 1945 يتضمن إقراراً لحصيلة المذكورة ومحضر آخر لمكتب توزيع الحديد بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1945 يتضمن تصريح وزارة التموين بالإفراج عن الحديد مما يترتب عليه إمكان البيع بغير تصريحات بشرط مراعاة الثمن المحدد "45 جنيهاً للطن" بما فيه 5 جنيهات حصيلة الحكومة وأخيراً تمسكت بالقرار الوزاري الصادر في 16 / 2 / 1946 المتضمن تحديد 10 % من ثمن البيع يحصلها البائع من المشتري على ذمة مكتب التوزيع دون أن تقدمه. ومحكمة الاستئناف بعد استعراض ما تقدم وما تمسك به الطرفان من أوجه الدفاع قضت بتاريخ 2 من أبريل سنة 1953 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على أن هذه الحصيلة لا تعدو أن تكون ضريبة مهما كان الوصف الذي أريد إسباغه عليها ولا يمكن اعتباره رسماً لأن ذلك يتنافى مع المادة 134/1 من الدستور الملغي والقرار 73 سنة 1945 الصادر تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 95، 96 سنة 1945 لا يبيح لوزير التموين فرض مثل هذه الحصيلة ومجرد إضافة هذه الحصيلة للأسعار ليس من شأنه تصحيح الوضع الذي اتخذته الطاعنة إلى آخر ما جاء بأسباب الحكم فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وبعد أن قدمت النيابة مذكرة برأيها طالبة رفض الطعن عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فرأت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها كما صمم الطرفان على طلباتهما.
ومن حيث إن هذا الطعن قد بني على سببين يتحصل أولهما - في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك من ثلاثة أوجه: الأول - أن الحكم المطعون فيه اعتبر الحصيلة التي تطالب بها الطاعنة ضريبة أو رسماً في حين أنها جزء من الثمن الذي تستحقه الحكومة باعتبارها مالكة للحديد ومحتكرة له على أثر استيلائها عليه استيلاء عاماً بمقتضى القرار الرقيم 73 سنة 1945 وأنها ناطت الشركة المطعون عليها "المالكة الأصلية للحديد" ببيعه لحساب الطاعنة وتحت إشرافها سواء أكان هذا البيع بتصريحات أم بدونها. الثاني - اعتبار الحكم المطعون فيه الحصيلة المشار إليها ضريبة فرضت بغير الطريق الدستوري رغم أنها تقررت بقانون الميزانية لسنة 1945 - 1946 إذ تضمن هذا القانون اعتماد باب للإيرادات المخصصة لخفض تكاليف المعيشة وتنظيم عمليات التموين والحصيلة المطالب بها باعتبارها مورداً من موارد الإيرادات تندرج حتماً تحت هذا الباب وتصبح مقررة بمقتضى قانون الميزانية ذاته. الثالث - قبول دفع المطعون عليها بعدم مشروعية المطالبة بهذه الحصيلة وهي ليست صاحبة الحق في التمسك بهذا الدفع لأن الشركة المطعون عليها حصلت هذه المبالغ من المستهلكين بوصفها وكيلة عن الطاعنة أو نائبة عنها فليس لها أن تثير هذا الدفع في وجهها إذ أن هذه المبالغ وقد وقع عبؤها على المستهلكين فلا يكون لغير هؤلاء أن يتمسك بعدم مشروعيتها واعتبار الحكم أن هذا الدفع مما يتصل بالنظام العام يجوز لكل ذي مصلحة إبداؤه يعتبر أمراً مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في جميع وجوهه بأن الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدها من المرسوم بقانون 95 سنة 1945 بحسب مفهوم نصوصها إنما هو الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها وبعد جردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل وليس هو مجرد صدور قرار بالاستيلاء في ذاته - ولما كان يبين من الأوراق أن قرار وزير التموين رقم 73 سنة 1945 المعدل بالقرار رقم 89 سنة 1945 والصادر تنفيذاً للمرسوم بقانون 95 سنة 1945 والمرسوم بقانون 96 سنة 1945 الخاص بالتسعير الجبري - قد تضمن الاستيلاء استيلاء عاماً على كميات الحديد المخزون بالمخازن أو الموجودة بالدوائر الجمركية أو الكميات التي يتم استيرادها مستقبلاً أن هذا الاستيلاء كان مجرداً ولم يقترن بالتسليم الفعلي للحديد المستولى عليه ولم يصاحبه جرد وصفي بحضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم لذلك فهو لا يعدو أن يكون إجراء تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع على المستهلكين ومنع المضاربة في هذه السلعة بعد تحديد سعرها والكميات الواجب صرفها منها، وليس من شأن هذا الاستيلاء أن ينقل ملكية الحديد المستولى عليه أو حيازته إلى الحكومة ولا شأن لها به ولا باقتضاء جزء من ثمنه، لتغطية مصاريف التوزيع التي تدعيها وإلا كان ذلك نوعاً من الضريبة أو الرسوم المفروضة بغير الطريق الدستوري الصحيح وفقاً للمادة 134/1 من الدستور الملغي الذي كان سارياً وقت فرض هذه الحصيلة والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذا النظر فلا يكون قد خالف القانون ويكون تحدث الطاعنة عن ملكيتها للحديد عن طريق الاستيلاء ونيابة المطعون عليها عنها في بيعه أو تحصيل جزء من ثمنه لا مسوغ له كما لا وجه لقول الطاعنة إن هذه الحصيلة قد أدرجت في ميزانية سنة 1945 - 1946 وشملها قانون الميزانية عن السنة المذكورة فيكون اقتضاؤها مستنداً إلى قانون الميزانية ذاته ذلك أن قانون الميزانية عن سنة 1945 - 1946 رقم 53 سنة 1945 والصادر بتاريخ 11 / 8 / 1945 لم يشتمل على هذه الحصيلة وأن ما قدمته الطاعنة بأوراق الطعن للاستدلال به ليس سوى مجرد بيان تقديري وغير رسمي للمكتب الفني بالوزارة الطاعنة لتقديمه للجهات المسئولة لمراعاته عند وضع ميزانية الطاعنة عن السنة المذكورة وهو ما لا ينهض أساساً لسلامة فرض هذه الحصيلة أو استحقاقها أو تحصيلها إلا أن يصدر بها قانون يحدد أساسها ووعاءها والملزمين بدفعها وطريقة تحصيلها ومتى تقرر ذلك كان فرض اقتضاء هذه الحصيلة غير قائم على سند تشريعي سليم وجاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بذلك لصلته بالنظام العام مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أقيم على وقائع غير صحيحة فضلاً عن قصور أسبابه وتناقضها ذلك أنه أقام قضائه على "أن الكشف المبين لمبيعات الشركة المطعون عليها تضمن أن هذه المبيعات تمت حتى 25 / 2 / 1946 وهو تاريخ إلغاء المصروفات الإدارية وأن مبيعات الشركة المذكورة باعتراف الموظف الحكومي المختص كانت عن المدة من سبتمبر سنة 1945 إلى فبراير سنة 1946 وأنه لذلك تكون أحكام ذلك القرار لاحقة للجانب الأكبر من تلك المبيعات فإن الحكم يكون قد ربط بين قرار فبراير سنة 1946، وبين مبيعات الشركة التي تمت قبله في حين أنه لا رابطة بينهما - وأن أساس المطالبة هو قرار لجنة التموين الصادر في 17 /10 / 1945 وقرار اللجنة الفنية للحديد الصادر في 24 / 10 / 1945 هذا إلى أن كشف المبيعات وإن تضمن عدة عمليات عن المدة من 1 / 9 / 1945 إلى 24 / 10 / 1945 إلا أن هذه المبيعات سددت عنها الحصيلة والقول بأن المبيعات الواردة بالكشف سابقة على قرار 26 / 2 / 1946، الخاص بإلغاء المصروفات الإدارية غير منتج ما دامت الطاعنة لا تطالب بمبالغ مستحقة عن مبيعات لاحقة لصدور قرار إلغاء المصاريف الإدارية المشار إليه هذا إلى أن قرار لجنة الحديد بفرض هذه الحصيلة وإن لم يكن له قوة الإلزام بالنسبة للجمهور فهو ملزم لتجار الحديد ممثلين في شخص رئيس اتحادهم الممثل في اللجنة والذي يجعل قرار اللجنة كأنه صادر منهم ولا حاجة لاستصدار قرار أو أمر آخر هذا فوق أن قرار 16 من فبراير سنة 1946 جاء تقريراً لواقع الأمر بما يتعين معه نقض الحكم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه غير منتج متى تقرر انعدام الأساس الذي بنيت عليه هذه الحصيلة - على ما سلف بيانه - كما لا يجدي الطاعنة تأسيسها لهذه الحصيلة أخيراً على قرار اللجنة العليا للتموين الصادر بتاريخ 17 / 10 / 1945 أو اللجنة الفنية للحديد الصادر في 24 / 10 / 1945 لأن كلاً من هذين القرارين لم يصدر ممن هو مختص بإصدارهما وهو وزير التموين دون غيره وذلك وفقاً للمادة الأولى فقرة 6 من المرسوم بقانون 95 سنة 1945 ولا مساغ للقول بتمثيل رئيس اتحاد التجار المستوردين في اللجنة وإلزامهم بقرارها لأن هذا التمثيل ليس من شأنه أن يلزم التجار بآراء أو مقترحات استشارية ولا محل للقول بسريان قرار وزير التموين رقم 63 سنة 1946 الصادر في 26 / 2 / 1946 على الماضي لأنه جاء تقريراً للواقع ذلك لأن الأصل في القوانين وما في حكمها ألا تكون ذات أثر رجعي إلا ما استثنى بنص خاص - ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.