أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 56
جلسة 2 من يناير سنة 1958
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.
(4)
طعن رقم 382 سنة 23 القضائية
( أ ) معارضة. قانون. إجراءات التقاضي. إعلان صحيفة المعارضة في
ظل قانون المرافعات القديم. سريان هذا القانون على إجراءاتها وأحكامها.
(ب) معارضة. حكم غيابي. بيان أسباب المعارضة في صحيفة المعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي.
عدم وجوبه طبقاً للمادتين 367 و363 مرافعات قديم ووجوبه طبقاً للمادة 389 مرافعات جديد.
1 - متى كانت صحيفة المعارضة في الحكم الغيابي قد أعلنت للمعارض ضده في ظل قانون المرافعات
القديم فإنها تخضع في إجراءاتها وأحكامها لهذا القانون.
2 - لم يوجب المشرع - طبقاً للمادتين 367 و363 من قانون المرافعات القديم أن تشتمل
صحيفة المعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي على بيان أسباب المعارضة كما أوجب ذلك
في الاستئناف إذ الاستئناف يتضمن طعناً موجهاً إلى حكم محكمة الدرجة الأولى مما يوجب
ذكر أوجهه بينما المعارضة ترفع إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي لأنها أصدرت
حكمها دون أن تسمع دفاع الغائب وهي لم تنته بحكمها إلى رأي قاطع في الدعوى ولم تستنفد
ولايتها عليها ويجوز لها العدول عنه إذا ما اقتنعت بدفاع المعارض وذلك مما لا يوجب
بيان أسباب المعارضة في صحيفتها. وذلك بخلاف قانون المرافعات الحالي إذ نص صراحة في
المادة 389 على وجوب اشتمال صحيفة المعارضة على الأسباب ورتب البطلان جزاء لمخالفة
إتباع هذا الإجراء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل في أن
عبد العزيز علي أحمد أحمد أبو شقره أقام بصحيفة معلنة في 3 من يونيه سنة 1946 الدعوى
رقم 1346 سنة 1946 مدني الفيوم أمام محكمة بندر الفيوم ضد ورثة المرحوم علي أحمد أحمد
أبو شقرة ومن بينهم المرحومة بمبة بنت أحمد مورثة الطاعنين وضد ورثة المرحومين عبد
الله علي وجودة علي والسيدة زينب يوسف أغا (مورثة المطعون عليه الأول) حسان السيد محمد
هبله وطلب الحكم عليهم: بصحة التعاقد الحاصل بينه وبين المدعى عليهم الثمانية الأولين
بالعقد العرفي المؤرخ 15 / 7 / 1945 المتضمن بيعهم إليه المنزل الموضح الحدود والمعالم
بالعقد المذكور وبالصحيفة إلى آخر ما ورد في طلباته واستند المدعى (عبد العزيز علي
أحمد) في إثبات دعواه إلى عقد البيع العرفي المؤرخ 15 / 7 / 1945 الصادر له من المدعى
عليهم الثمانية الأولين وإلى مخالصة مؤرخة في 8 / 12 / 1917 ثابتة على ظهر عقد البيع
الوفائي المسجل السابق صدوره من المورث إلى السيدة زينب يوسف أغا منسوب لها صدورها
منها تتضمن استلامها الثمن المبين بعقد البيع الوفائي وردها العين المبيعة للبائع -
ودفعت وهيبة دياب راضي وفهيمة سيد هبلة من ورثة المرحومة زينب يوسف أغا بأنهما تجهلان
توقيع مورثتهما على التخالص المحرر على ظهر عقد البيع الوفائي. وفي 7 من أكتوبر سنة
1946 حكمت محكمة بندر الفيوم في هذه الدعوى حضورياً لبعض المدعى عليهم وغيابياً للبعض
الآخر ومن بينهم حسان سيد محمد هبله 1: أولاً - بصحة التعاقد الحاصل بين المدعى عليهم
عدا الثلاثة الأخيرين (ورثة زينب يوسف أغا) وبين المدعى المتضمن بيعهم له المنزل المحدد
بعريضة الدعوى وبالعقد المذكور مع إلزامهم بالمصاريف المناسبة لهذا الطلب وشملت الحكم
بالنفاذ ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
ثانياً - إلغاء ومحو التسجيل الحاصل بمقتضى عقد البيع العرفي المؤرخ 23 / 10 / 1913
والمسجل في 29 / 11 / 1913 المتضمن بيع المنزل وفائياً من علي أحمد إلى زينب يوسف بمبلغ
3705 قرش وألزمت المدعى عليهم الثلاثة الأخيرين بمصاريف الدعوى وشملت الحكم بالنفاذ.
عارض حسان السيد محمد هبله (المطعون عليه الأول) وهو أحد ورثة المرحومة زينب يوسف أغا
في هذا الحكم. وطعن في 9 من فبراير سنة 1948 بالتزوير في المخالصة المحررة على ظهر
عقد البيع الوفائي المؤرخة في 8 / 12 / 1917 المنسوب صدورها لمورثته. وفي 11 من أكتوبر
سنة 1948 حكمت محكمة بندر الفيوم بقبول دعوى التزوير شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى
(حسان السيد محمد هبله) بالمصاريف و100 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليه الأول
(عبد العزيز علي أحمد أبو شقره) و2000 قرش غرامة للخزينة. استأنف حسان السيد محمد هبله
هذا الحكم أمام محكمة الفيوم الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد استئنافه برقم 194 سنة
1948. وفي 31 من مايو سنة 1949 قضت المحكمة المذكورة حضورياً للمستأنف عليهم الثلاثة
الأولين وللمستأنف عليهما الثامن والأخير وغيابياً للباقين في موضوع الاستئناف بإلغاء
الحكم المستأنف وبرد وبطلان المخالصة المطعون فيها بالتزوير والمؤرخة 8 / 12 / 1917
وألزمت ورثة علي أحمد أبو شقرة وهم المستأنف عليهم التسعة الأولين بالمصاريف عن الدرجتين
و300 قرش أتعاب محاماة عنهما. ولما كان هذا الحكم قد صدر غيابياً ضد المرحومة بمبة
أحمد (مورثة الطاعنين) فقد عارضت فيه بصحيفة أعلنت في 23 و30 من يوليه سنة 1949 طلبت
فيها وللأسباب التي ستبديها بجلسة المرافعة الحكم على المعارض ضده الأول (حسان السيد
محمد هبله) في مواجهة باقي المعارض ضدهم بقبول المعارضة شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء
الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه بجميع أجزائه وتأييد الحكم المستأنف 1346 سنة
1946 مدني بندر الفيوم الصادر بتاريخ 11 / 10 / 1948 مع إلزام المعارض ضده الأول بالمصاريف
والأتعاب عن الدرجتين. وتداولت الدعوى بالجلسات حتى تقرر بجلسة أول يناير سنة 1951
انقطاع سير الخصومة لوفاة المعارضة المرحومة (بمبة أحمد) فجعلها ورثتها (الطاعنون)
بإعلان مؤرخ في 9 و15 من أبريل سنة 1951 وتداولت الدعوى بعد ذلك أيضاً بالجلسات وبجلسة
10 من مارس سنة 1952 دفع الحاضر عن المعارض ضده الأول (حسان السيد محمد هبلة) ببطلان
المعارضة لخلو صحيفتها من الأسباب مستنداً إلى نص المادة 389 من قانون المرافعات الجديد.
وفي 16 من ديسمبر سنة 1952 قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وببطلان صحيفة المعارضة
وألزمت المعارضة بالمصاريف. فقرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن
على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1957 وفيها طلب الطاعنون والنيابة العامة
إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية فقررت إحالته إليها لنظره بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1957
وطلبت النيابة أمام هذه المحكمة نقض الحكم.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان صحيفة المعارضة
لخلوها من الأسباب تأسيساً على أن المادتين 363، 367 من قانون المرافعات القديم تستلزمان
أن تشتمل صحيفة المعارضة في الأحكام الغيابية الاستئنافية على أسباب المعارضة وإلا
كانت لاغية أخطأ في تأويل القانون - ذلك أن المادة 367 من قانون المرافعات القديم الذي
يحكم واقعة الدعوى وإن نصت على أن المعارضة ترفع بواسطة تكليف الخصم بالحضور أمام المحكمة
بالكيفية والأوضاع المقررة فيما يتعلق بأوراق طلب الاستئناف إلا أنها لم ترتب جزاء
على مخالفة هذا الإجراء ولا يجوز توقيع جزاء بغير نص.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان صحيفة المعارضة
على أساس ما أورده بأسبابه من أن "قانون المرافعات القديم يفرق بين المعارضة في الحكم
الغيابي الابتدائي وبين المعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي، فلا يشترط أن تحتوي
الأولى على الأسباب في صحيفتها ويستلزم في الثانية أن تشمل صحيفتها على أسباب المعارضة
وإلا كانت لاغية. وأنه وفقاً لهذه القواعد التي تسري على المعارضة الحالية تكون صحيفة
المعارضة باطلة وفقاً لنص المادتين 363 و367 من قانون المرافعات القديم".
ومن حيث إن الثابت من وقائع هذا النزاع أن صحيفة المعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي
أعلنت للمعارض ضدهم في 23 و30 من يوليو سنة 1949 فهي بذلك تخضع في إجراءاتها وأحكامها
لقانون المرافعات القديم كما قرر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 367 من القانون المذكور بينت طريقة رفع المعارضة في الأحكام الصادرة
في الغيبة في الدعاوى المستأنفة فنصت في فقرتها الأولى على وجوب تقديمها في ظرف العشرة
أيام التالية لإعلان تلك الأحكام وإلا سقط الحق فيها. ونصت في فقرتها الثانية على أنها
ترفع بواسطة تكليف الخصم بالحضور أمام المحكمة بالكيفية والأوضاع فيما يتعلق بأوراق
طلب الاستئناف، وبينت المادة 363 من قانون المرافعات القديم كيفية رفع الاستئناف فنصت
على أنه "يرفع بورقة تعلن بالكيفية والأوضاع المقررة فيما يتعلق بأوراق المحضرين ويلزم
أن تكون الورقة مشتملة على البيانات العمومية ويذكر فيها زيادة على ذلك تاريخ الحكم
المستأنف والأسباب التي بني عليها الاستئناف وأقوال وطلبات من رفعه وتاريخ الجلسة التي
تحددت لحضور المستأنف عليه أمام المحكمة الاستئنافية وإلا كان العمل لاغياً". ويبين
من نص المادة 367 من قانون المرافعات القديم أنها وإن كانت قد أحالت في فقرتها الثانية
على المادة 363 من القانون إلا أن هذه الإحالة تقف عند عبارة "بالكيفية والأوضاع المقررة
فيما يتعلق بأوراق المحضرين"، وهو ما نص عليه في الشطر الأول من المادة 363 مرافعات
قديم دون الشطر الثاني منها الذي يقضي بأن تكون ورقة الاستئناف مشتملة على البيانات
العامة وأن يذكر فيها زيادة على ذلك تاريخ الحكم المستأنف والأسباب التي بني عليها
الاستئناف وأقوال وطلبات من رفعه...... وإلا كان العمل لاغياً. مما يفيد أن المشرع
لم يوجب ذكر أسباب المعارضة في صحيفتها كما أوجب ذلك في الاستئناف إذ الاستئناف يتضمن
طعناً موجهاً إلى حكم محكمة الدرجة الأولى مما يوجب ذكر أوجهه بينما المعارضة ترفع
إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي لأنها أصدرت حكمها دون أن تسمع دفاع الغائب
وهي لم تنته بحكمها الغيابي إلى رأي قاطع في الدعوى ولم تستنفد ولايتها عليها ويجوز
لها العدول عنه إذا ما اقتنعت بدفاع المعارض، وذلك مما لا يوجب بيان أسباب المعارضة
في صحيفتها. يؤيد هذا النظر أن المشرع لما اتجه عند إصداره قانون المرافعات الجديد
إلى وجوب اشتمال صحيفة المعارضة على الأسباب نص على ذلك صراحة في المادة 389 ورتب البطلان
جزاء لمخالفة إتباع هذا الإجراء.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان صحيفة المعارضة.