أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 62

جلسة 9 من يناير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

(5)
طعن رقم 343 سنة 23 ق

( أ ) قوة الأمر المقضي. نظام عام. بيع "شرط الدفع بالذهب". تغليب قوة الأمر المقضي على النظام العام عند التعارض. مثال بشأن حكم حاز قوة الأمر المقضي بالنسبة لما انتهى إليه من عدم انطواء عقد البيع على شرط الدفع بالذهب.
(ب) بيع "الثمن". حكم "تسبيب معيب". الاتفاق على الوفاء بثمن المبيع بما يعادل الليرة العثمانية الذهبية من النقد السوري أو الجنيهات المصرية حسب سعر القطع الرسمي يوم التسجيل. تمسك البائع بأنه ليس لليرة العثمانية سعر قطع في مصر وأنه يجب المحاسبة على أساس سعر القطع في سوق دمشق. أخذ الحكم بسعر لليرة في مصر دون بيان ما إذا كان هذا هو سعر القطع الرسمي لها. قصور.
(ج) عقد. بيع. التزام. شرط جزائي. خلو عقد البيع النهائي من الشرط الجزائي الوارد بالعقد الابتدائي أو الإحالة إليه. وجوب الاعتداد بالعقد النهائي دون العقد الابتدائي.
(د) عقد "تفسيره". بيع. محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص نية المتعاقدين.
1 - إذا تعارضت قوة الأمر المقضي مع قاعدة من قواعد النظام العام كانت هي الأولى بالرعاية والاعتبار. وعلى ذلك فمتى اتفق في عقد البيع على الوفاء بالثمن بما يعادل الليرة العثمانية الذهب من النقد السوري أو الجنيهات المصرية وانتهى الحكم إلى أن هذا الاتفاق لا ينطوي على شرط الدفع بالذهب وحاز الحكم قوة الأمر المقضي في هذا الخصوص فإنه لا يجوز المجادلة فيه بعد ذلك بحجة تعلق بطلان هذا الشرط بالنظام العام.
2 - متى كان الظاهر من عقد البيع أن الوفاء بالثمن يكون إما وفقاً لما يعادل الليرة العثمانية الذهب من النقد السوري أو الجنيهات المصرية حسب سعر القطع الرسمي يوم التسجيل وتمسك البائع أمام محكمة الموضوع أنه ليس لليرة العثمانية الذهبية في مصر سعر قطع معروف وأن السعر الحقيقي الذي يجب المحاسبة عليه هو سعر القطع لها في السوق السورية بدمشق فاعتبر الحكم لها سعراً معيناً في مصر وأجرى تقدير الثمن على هذا الأساس دون أن يوضح ما إذا كان السعر الذي أخذ به هو سعر القطع "الرسمي" لليرة العثمانية كما يقضي الاتفاق فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور المبطل له.
3 - العقد النهائي - دون العقد الابتدائي - هو الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ويصبح قانون المتعاقدين. ومن ثم فإذا تبين أن عقد البيع النهائي قد خلا من النص على الشرط الجزائي الوارد في عقد البيع الابتدائي أو الإحالة إليه فإن هذا يدل على أن الطرفين قد تخليا عن هذا الشرط وانصرفت نيتهما إلى عدم التمسك به أو تطبيقه.
4 - متى استخلص الحكم نية المتعاقدين وما انعقد اتفاقهما عليه بما يتفق مع ما توحي به عبارات عقد البيع الابتدائي وتؤيده صيغة عقد البيع النهائي من أن البيع كان شاملاً للأرض المبيعة وما عليها من مبان إذ وصف المبيع في العقد المذكور بأنه عبارة عن مخزن وصيدلية ودكاكين ومقهى ولوكاندة فإن ذلك يكون استخلاصاً سائغاً مما يدخل في سلطة المحكمة الموضوعية. ولا محل للنعي على الحكم بأنه أخطأ في تفسير العقد الابتدائي بمقولة إن البيع لم يشمل تلك المباني وأنه يحق للبائع المطالبة بثمن أنقاضها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتخلص في أنه بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1944 باع مصطفى عبد الله العلبي (الطاعن) إلى صلاح الدين الشروبجي (المطعون عليه) بمقتضى عقد محرر في القاهرة أرضاً كائنة بدمشق عاصمة سوريا مساحتها 481.5 متراً مربعاً على أربعة قطع أرقام 1143 و1144 و1346 و1348. بسعر المتر الواحد 33 ليرة عثمانية ذهبية تجارية وازنة تدفع بما يعادلها من النقد السوري أو الجنيهات المصرية حسب سعر القطع الرسمي يوم التسجيل وإتمام المعاملات القانونية بموجب تحويل مقبول على البنك العثماني في القاهرة لاسم البائع على أن يستبعد من العقار المبيع ما يوازي مائة متر وكسور مزمع دخولها في التنظيم اتفق في العقد على أن يكون ثمنها من حق البائع وأن يعمل المشتري توكيلاً له للمطالبة به وصرفه. كما أبيح للمشتري أن يشرك غيره معه في الصفقة. وقام المشتري بدفع مبلغ 17000 جنيه من الثمن وقت التعاقد ثم دفع مبلغ 16000 جنيه على دفعتين وأدخل المشتري معه كلاً من سامي ومهدي القباني بحق النصف في الصفقة وتحرر العقد النهائي عنها بدمشق في يوم 13 / 3 / 1945 وتسجل في اليوم التالي. وقام المتدخلان في الصفقة بدفع نصيبهما من الثمن للبائع أما المطعون عليه فتوقف عن دفع باقي نصيبه ورفع ضد الطاعن الدعوى رقم 2415 سنة 1945 مدني كلي مصر لمطالبته برد مبلغ 32019 جنيهاً و900 مليم قيمة ما استلمه منه من ثمن نصيبه في الصفقة مقوماً بسعر الذهب بزيادة عما يجب عليه دفعه على أساس السعر العادي وبمبلغ 20000 جنيه تعويض متفق عليه في العقد عن إخلاله بالتزاماته في عقد البيع. فرفع الطاعن من جانبه على المطعون عليه الدعوى رقم 2427 سنة 1945 مدني كلي مصر لمطالبته بمبلغ 70370 جنيهاً و530 مليماً عدلت إلى مبلغ 69722 جنيهاً و730 مليماً منها مبلغ 12506 جنيهات و130 مليم باقي ثمن نصيبه في الصفقة بحق النصف على أساس السعر الوارد في عقد البيع لليرة التركية الذهبية ومنها ثمن الأنقاض التي كانت على الأرض المبيعة وثمن 181.5 متراً مربعاً نزعت ملكيتها للمنافع العمومية ولم يعمل المطعون عليه توكيلاً للطاعن للمطالبة بثمنها وطلب احتياطياً بطلان عقد البيع وإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 20000 جنيه قيمة التعويض المتفق عليه في العقد. وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين المذكورتين حكمت بتاريخ 5 من أبريل سنة 1951 برفض الدعوى رقم 2415 سنة 1945 المرفوعة من المطعون عليه وإلزامه بمصاريفها إلى الدعوى رقم 2427 سنة 1945 المرفوعة من الطاعن حكمت بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 12506 جنيهات و130 مليماً والفوائد بواقع 4 % من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد... إلخ. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 570 سنة 68 ق. طالباً تعديله والحكم له بالمبلغ السابق طلبه ومقداره 69722 جنيهاً و730 مليماً واحتياطياً الحكم ببطلان عقد البيع مع إلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 20000 جنيه قيمة التعويض المتفق عليه. كما استأنف المطعون عليه الحكم المذكور بالاستئناف رقم 731 سنة 68 طالباً إلزام الطاعن بطلباته السابقة. كما رفع بهذه الطلبات استئنافاً فرعياً قيد برقم 102 سنة 69 ق في استئناف الطاعن. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافية الاستئنافين الأصليين حكمت فيهما بتاريخ 24 من مايو سنة 1953 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعن مبلغ 10560 جنيهاً وفوائده بواقع 4 % من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في أول سبتمبر سنة 1945 لغاية السداد والمصاريف المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ 30 جنيهاً أتعاباً للمحاماة عنهما وبتاريخ 29 / 10 / 1953 قرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بالنقض وقدم المطعون عليه بتاريخ 7 / 12 / 1953 مذكرة طلب اعتبارها نقضاً فرعياً نعى على الحكم المطعون فيه تقديره ثمن العقار المبيع على أساس سعر الذهب وطلب نقضه لهذا السبب لبطلان الاتفاق على سعر الذهب وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الخاص بثمن الزيادة في وضع يد المطعون عليه من الأرض التي كانت قد تركت للمنافع العمومية وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20 / 11 / 1957 وفيها قرر وكيل ورثة الطاعن (الذين حلوا محله بعد وفاته) بنزوله عن السببين الأول والثاني من أسباب الطعن الواردين بتقرير الطعن والخاصين بالدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً أي فيما يختص بشكل الاستئناف وما يترتب عليه وأصر على باقي أسباب الطعن. كما أصرت النيابة على مذكرتها وفي تلك الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 26 / 12 / 1957 وفيها كرر الطاعن نزوله عن سببي الطعن سالفي الذكر وتنازل المطعون عليه عن التمسك بالنقض الفرعي وإن كان أصر في دفاعه على موضوعه باعتباره مما يمس النظام العام. كما صممت النيابة على رأيها.
وحيث إنه فيما عدا سببي الطعن المذكورين المتعلقين بشكل الاستئناف وما يترتب عليه. فإن الطعن يقوم على ستة أسباب. يتحصل السبب الأول منها - في خطأ الحكم المطعون فيه في تفسير عقد البيع وهو قانون المتعاقدين. ذلك أن الحكم قد بني على احتساب سعر الليرة العثمانية بالجنيه المصري في السوق المصرية في حين أن عقد البيع المحرر بين الطرفين بتاريخ 26 / 12 / 1944 قد تم الاتفاق فيه على أن يدفع الثمن "بما يعادله من النقد السوري أو الجنيهات المصرية حسب سعر القطع الرسمي يوم التسجيل وإتمام المعاملات القانونية بموجب تحويل مقبول على البنك العثماني بالقاهرة" وليس لليرة العثمانية سعر قطع رسمي في السوق المصرية بل سوقها الرسمي في دمشق. وقد قدم الطاعن الشهادات الرسمية من الحكومة السورية ومن الغرفة التجارية بدمشق بسعر القطع الرسمي لليرة العثمانية يوم تسجيل عقد البيع النهائي. كما قدم شهادات من بنوك القاهرة تفيد بعدم وجود سعر رسمي لها في السوق المصرية ولم يقدم المطعون عليه ما ينفي ذلك. ويتحصل السبب الثاني - في عيب تسبيب الحكم المطعون فيه ذلك أنه قد أخذ بالسعر الأقل لليرة العثمانية في مصر كما هو مذكور في المستندات المقدمة من الطاعن في حين أن تلك المستندات لم تقدم لبيان سعر الليرة في مصر. إذ ليس لها سعر رسمي ثابت في السوق المصرية. وإنما قدمت للرد على ما ادعاه المطعون عليه من أن سعر الليرة يجب أن يقدر بثمن مقدار ما فيها من ذهب وللتدليل على أن سعر الليرة هو سعر تقريبي في السوق الحرة كسلعة قائمة بذاتها بصرف النظر عما تحويه من عنصر الذهب. ويتحصل السبب الثالث - في خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتفسيره. ذلك أنه قد رفض القضاء للطاعن بثمن الجزء الذي أخذ من الأرض للمنافع العامة على أساس أن القانون السوري يبيح للحكومة السورية الاستيلاء بلا ثمن للمنافع العامة على ربع العقارات المبيعة وقد اعتبر الحكم العقارات المبيعة كلها عقاراً واحداً في حين أنها عقارات متعددة - كما يتضح من عقد البيع النهائي - وقدم الطاعن شهادة رسمية تفيد اعتبارها كذلك وأن ما يصح أن يؤخذ للمنافع بلا ثمن هو الربع من كل عقار منها مستقلاً بذاته الأمر الذي يلزم الحكومة السورية بدفع ثمن كل ما يؤخذ للمنافع العامة متى زاد على الربع عملاً بحكم المادة السادسة من قانون الاستملاك السوري. وقال الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد ذهب كذلك إلى أن الجزء الذي وافقت البلدية على صرف ثمنه هو 5.60 متراً مربعاً عبارة عن مساحة العقار رقم 1144 لم يقبض المطعون عليه من البلدية ثمنه وقد قبل أن يعطي الطاعن توكيلاً بقبض ثمنه من بلدية دمشق. وفات الحكم أن عدم دفع البلدية ثمن ما أخذ منه للمنافع العامة لا يصح اتخاذه دليلاً على أنها كانت محقة في عدم دفع الثمن عملاً بأحكام القانون. والواقع أنه لو أن المطعون عليه قام بتنفيذ ما تعهد في العقدين الابتدائي والنهائي من عمل توكيل للطاعن للمطالبة بثمن الجزء المستقطع للمنافع العامة لأصبح لهذا الأخير حق اقتضاء هذا الثمن. ولذا وجب إلزامه بدفع قيمته لأن امتناعه عن عمل التوكيل كان العقبة الوحيدة في حصول الطاعن على ذلك الثمن - ويتحصل السبب الرابع - في عيب تسبيب الحكم المطعون فيه ذلك أنه رفض القضاء للطاعن بثمن مساحة مقدارها 37.20 متراً مربعاً من أصل المساحة البالغة مقدارها 182.10 متراً مربعاً المقول بأنها أخذت للمنافع العامة وهي عبارة عن الفرق بين ما أخذ فعلاً للمنافع العامة من أرض العقارات المبيعة وبين ما كان مقدراً لها في العقد النهائي اعتماداً من الحكم على أن هذا الفرق لا يزيد على 12 متراً مربعاً وأن المقدار الحقيقي للأرض المبيعة لا يعرف إلا بعد الفصل في النزاع القائم بشأن الجدار الفاصل بين العقار رقم 1348 والعقار رقم 1143 من أن النزاع المذكور قد فصل فيه كما هو ثابت من المستندات الرسمية المقدمة من المطعون عليه نفسه وكان من الواجب على المحكمة أن تقضي في هذا الطلب على هذا الأساس ولا تؤجل الفصل فيه حتى يفصل في هذا النزاع - ويتحصل السبب الخامس - في خطأ الحكم المطعون فيه في تفسير عقد البيع الابتدائي مما يعتبر مسخاً له ذلك أن الطاعن طلب من المحكمة الاستئنافية أن تقضي له بثمن أنقاض المباني التي كانت قائمة على الأرض المبيعة لأن البيع لم يشملها فرفضت المحكمة هذا الطلب بمقولة إن عقد البيع الابتدائي ليست فيه أدنى إشارة إلى المباني القائمة ولا معنى لذلك إلا أنه كان في تقدير الطرفين أنها ليست ذات شأن...... ولا معدي في هذا الحالة من تفسير سكوت المتعاقدين بأن البيع كان شاملاً الأرض وما عليها وأن الطرفين لم يقيما وزناً للمباني باعتبار أنها قديمة ومتداعية وأن تكاليف هدمها قد تعادل ما يجني منها في حين أن هذا لا يتفق مع المنطق ولا مع المقبول عقلاً في تفسير العقد وتعرف نية المتعاقدين إذ أن من المقرر قانوناً أن عقد البيع يجب أن يشمل بياناً كافياً للمبيع ولا جدال في أن البيع قد انعقد بين الطرفين على المساحة القائمة عليها المباني ولم يذكر في العقد أن المباني تابعة للأرض المبيعة - وقد كان في تقدير المتعاقدين أن البيع لا يشملها. ولا أدل على ذلك من إقرار المطعون عليه في خطابه المؤرخ 24 / 2 / 1945 إلى شريكيه في الصفقة الذي أساءت المحكمة الاستئنافية تقدير قيمته الاستدلالية. كما لا أدل عليه من الإنذار المرسل من الطاعن إلى المطعون عليه بتاريخ 31 / 5 / 1945 يطلب منه فيه رفع يديه ويد شركائه عن العقارات المنشأة على الأرض المبيعة لهدمها والتصرف في أنقاضها ولم يرد هذا الأخير على هذا الإنذار بإنكار ما ادعاه الطاعن - ويتحصل السبب السادس - في خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتفسيره ذلك أن الحكم المذكور رفض القضاء للطاعن مبلغ 20000 جنيه على سبيل التعويض المتفق عليه بين الطرفين في عقد البيع الابتدائي بمقولة إن شرط التعويض وإن كان قد شمله عقد البيع الابتدائي إلا أن العقد النهائي الذي يحكم علاقة الطرفين ويتضمن شروطهما الأخيرة قد خلا من الإشارة إلى عقد البيع الابتدائي أو الإحالة إليه أو الاحتفاظ بما ورد فيه من أحكام وبذا يصبح العقد الابتدائي مفسوخاً ولا يعمل به. والضرر الناشئ عن عدم دفع الثمن بعد تحرير العقد النهائي يعوضه الحكم للطاعن بفوائد ذلك التأخير. وهذا الذي ذهب إليه الحكم المذكور قلب للأوضاع القانونية المنطقية إذ من المقرر أن العقود لا تفسخ إلا بالرضاء أو بحكم القضاء. ولم يتضمن عقد البيع النهائي اتفاقاً على فسخ العقد الابتدائي بل على العكس تضمن نصاً على العمل به بما ورد في آخره من تعهد الفريق الثالث (المطعون عليه وشركاؤه) بتنفيذ مضمون المادة الثانية من عقد البيع الابتدائي. ومتى كان المطعون عليه قد قصر في الوفاء بالتزاماته الواردة في عقد البيع الابتدائي وقد ترتب على تقصيره ضرر للطاعن لأنه حرمه من الانتفاع بباقي ثمن المبيع وبثمن ما أخذ للمنافع العامة وثمن الأنقاض واضطر الطاعن إزاء ذلك إلى الدخول في التقاضي وتحمل مصاريفه ومشاقة مدة طويلة. متى كان الأمر كذلك وجب الحكم للطاعن بالتعويض المتفق عليه ولا يغني عن ذلك الحكم بالفوائد القانونية.
وحيث إنه فيما يتعلق بالنعي الوارد في السببين الأول والثاني فإنه يتضح من عقد البيع الابتدائي المحرر بين الطاعن والمطعون عليه أنه تضمن في البند الأول منه أن البيع بثمن قدره للمتر المربع الواحد "مبلغ ثلاثة وثلاثين ليرة عثمانية ذهبية تجارية وازنة تدفع بما يعادلها من النقد السوري أو الجنيهات المصرية حسب سعر القطع الرسمي يوم التسجيل وإتمام المعاملات القانونية بموجب تحويل مقبول على البنك العثماني في القاهرة لاسم الفريق الأول" وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الاتفاق لا ينطوي على شرط الدفع بالذهب. خلافاً لما دفع به المطعون عليه من بطلانه لهذا السبب وقضى برفض دعوى المطعون عليه التي أقامها في هذا الشأن فأصبح قضاؤه في ذلك - بعد نزول المطعون عليه عن نقضه الفرعي - حائزاً لقوة الأمر المقضي لا يجوز المجادلة فيه بعد ذلك بحجة تعلق بطلان هذا الشرط بالنظام العام لأن قوة الشيء المقضي إذا تعارضت مع قاعدة من قواعد النظام العام كانت هي الأولى بالرعاية والاعتبار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه في صدد بحث هذا الاتفاق وتقدير الثمن قال "وواقع الحال في شأن العقد الابتدائي المؤرخ 26 / 12 / 1944 إن نية عاقديه اتجهت إلى تحديد ثمن المتر من الأرض المبيعة مقوماً بالنقد السوري أو الجنيه المصري ولكل من العملتين سعرها في الدولة التي تتداول فيها وفي الخارج وهي تتحدد في هذه الحالة بسعر القطع....... وحيث إنه بالنسبة لتقدير سعر الليرة العثمانية المنصوص عليها في العقد فإنه وإن كانت النشرات أو المكاتبات التي تقدمها البائع تنصرف كلها إلى شهر مارس سنة 1945 فإن أحداً لم يدع أن هنالك تفاوتاً بين هذه الأسعار وسعرها وقت تحرير العقد الابتدائي. ولما كانت الأسعار التي تقدمت للمحكمة تختلف من أربعة جنيهات إلى 417 قرشاً فهي تأخذ بالسعر الأول لأنه أصلح للمدين". ولما كان يبين أن الطاعن قد تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف لجلسة أول مارس سنة 1953 المقدمة صورتها الرسمية ضمن الأوراق أنه ليس لليرة العثمانية الذهبية في مصر سعر قطع معروف كما هو الحال بالنسبة للجنيه المصري أو الجنيه الإنجليزي اللذين كان التعامل جارياً بهما في مصر من قبل وأن السعر الحقيقي الذي يجب المحاسبة عليه هو سعر القطع لليرة العثمانية في السوق السورية بدمشق. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الثمن يجب أن يدفع بالليرة العثمانية الذهبية مقومة بالنقد السوري أو الجنيه المصري وكان قد اعتبر - فيما سبق - سعر الليرة العثمانية في مصر أربعة جنيهات مصرية وأجرى تقدير الثمن على هذا الأساس دون أن يوضح ما إذا كان هذا السعر الذي أخذ به هو سعر القطع الرسمي لليرة العثمانية كما يقضي الاتفاق إذ ظاهر منه أن الوفاء بالثمن يكون إما وفقاً لما يعادل الليرة العثمانية الذهب من النقد السوري أو الجنيهات المصرية حسب سعر القطع الرسمي يوم التسجيل. فإن قضاءه في هذا الخصوص يكون مشوباً بالقصور المبطل له ويتعين لذلك نقض الحكم المذكور لهذين السببين. وحيث إنه في خصوص ما ينعاه الطاعن في السبب الثالث فإنه يبين من الاطلاع على البند الثاني من عقد البيع الابتدائي المحرر بين الطاعن والمطعون عليه بتاريخ 26 / 12 / 1944 أنه قد تضمن ما يأتي: "حيث إن عملية التسجيل تشمل كافة الأراضي المبينة بعالية بما في ذلك ما ستأخذه البلدية وفقاً لقرار التنظيم وهذا القسم عائد في الحقيقة للفريق الأول البائع والبدل الذي ستدفعه البلدية هو حق من حقوقه لا يجوز للطرف الثاني المداخلة بشأنه مع البلدية مطلقاً وضماناً لذلك قد تعهد الفريق الثاني بأن يحرر توكيلاً خاصاً لحضرات الأساتذة المحامين حسن بك الغزاوي ورياض بك العابد ونادر أفندي الرهونجي - لمتابعة العملية أمام المجلس البلدي وكافة جهات القضاء والإدارة لتقدير الثمن ويخول في التوكيل المذكور لحضرات الوكلاء حق بيع وفراغ المساحة المستكملة لاسم البلدية وقبض قيمتها أو إجراء المصالحة معها على القيمة وكالة غير قابلة للعزل بأي حال من الأحوال". كما ورد في البند الثالث من العقد النهائي تأكيداً لذلك. "وقد تعهد أفراد الفريق الثالث (من بينهم المطعون عليه) بتنفيذ مضمون المادة الثانية من العقد العرفي المؤرخ 26 / 12 / 1944".
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن مساحة الجزء الذي نزعت ملكيته للمنافع العامة هي 182.10 متراً مربعاً قال: "إنه كان متفقاً حقيقة في العقد الابتدائي على أن الجزء الذي يؤول إلى المنفعة العامة يكون مقابله من الثمن حقاً خالصاً للبائع وأن المشتري يعمل التوكيل اللازم لمحامي البائع للنيابة عنه في الحصول على الثمن المذكور ولكن ذلك مشروط بداهة على أن تدفع البلدية ثمناً للأرض التي تستولي عليها" ثم استطرد الحكم قائلاً بأن البلدية لم تدفع شيئاً لأن ما نزعت ملكيته يقل عن ربع العقار المبيع وقانون الاستملاك السوري يجيز للبلدية في هذه الحالة نزع الملكية بدون مقابل وناقش الحكم دفاع الطاعن الخاص بعدم سريان هذا القانون عليه لأن المبيع ليس عقاراً واحداً وإنما هو جملة عقارات مختلفة يزيد المنزوع ملكيته في كل منها عن ربعه تلتزم البلدية بدفع ثمنه ناقشه بقوله: "وسواء كان مقاماً على هذه الأرض دكان أو دكاكين وكان لكل دكان أو مبنى رقم خاص به في سجلات البلدية لتحصيل العوائد المستحقة عليه أو كان كله مبنى واحد سواء هذا أو ذاك فإنه لا يؤثر في حقيقة الحال من أن الأرض قطعة واحدة قلت محاضرها أو كثرت وتعددت أو تنوعت وقد نزعت البلدية ملكية أرض لا مباني إذ من المسلم به أن المشتري اشترى ليقيم مبنى ضخماً فكان لا بد من إزالة الأنقاض وقد أزيلت فعلاً واستولت البلدية على الجزء الذي يلزمها للمنفعة العامة وهذا الجزء يقل - كما سبق القول - عن ربع المساحة المعينة أصلاً في العقد الابتدائي ولهذا لم تدفع البلدية لها مقابلاً كما يستفاد من المستند رقم 1 حافظة المشتري رقم 17 دوسيه الثابت منه أن ما اقتطع من العقار 1143 هو 141.80 متراً وهو أقل من ربع مساحة العقار البالغة 731.40 متراً. ولا يدفع عنه مقابل" وانتهى الحكم بذلك إلى عدم أحقية الطاعن في المطالبة بثمن ما نزعت ملكيته من القطعة رقم 1143 - أما ما نزعت ملكيته خلاف ذلك من المبيع فهو القطعة رقم 1144 - قال الحكم إنه يبين من المستند سالف الذكر أن مساحتها 5.60 متراً وأنها نزعت ملكيتها كلها ومن حق المالك أن يحصل على ثمنها وأن البلدية لم تكن قد دفعت شيئاً حتى تاريخ تلك المكاتبة في 22 من مايو سنة 1950 إلى أن قال: "وبما أن من واجب المشتري عمل توكيل لمحامي البائع للحصول على هذا المقابل وقد صرح في مذكرته وفي محضر الجلسة بأنه على استعداد لإجراء هذا التوكيل فعليه إعداد التوكيل في الوقت الذي يطلبه البائع تمكيناً له من الحصول على مقابل هذه القطعة. ولا محل لما يطلبه البائع من إلزام المشتري بدفع مقابل هذا الجزء على أساس الثمن الوارد في عقد البيع لأن العقد المذكور يلزم المشتري بالتوكيل. وبديهي أن الغرض من التوكيل هو الحصول على ما ستدفعه البلدية وقد يختلف عن الثمن المتفق عليه في العقد. ولم يثبت أن التأخير في عمل التوكيل أضر بالبائع وفوت عليه حقه.
وحيث إنه لما كان البند الثاني من العقد الابتدائي قد تضمن تعهداً من المشتري - أكده في عقد البيع النهائي - وهو تعهد غير معلق على أي شرط بأن يحرر لوكلاء الطاعن المبينة أسماؤهم في العقد توكيلاً أشير في ذلك العقد إلى حدوده ومداه للحصول على المقابل الذي ستدفعه البلدية للجزء الذي نزعت ملكيته للمنافع العامة. وكان المطعون عليه لم يقم بعد بعمل هذا التوكيل حتى بالنسبة للقطعة رقم 1144 رغم ذكر موضوعه في العقد ومداه. فإن الحكم المطعون فيه وقد انساق وراء المطعون عليه في مناقشة موضوع مقابل ما استولى عليه في المنافع العامة وحق البلدية في عدم دفعه مع أنه لا شأن لهذا الأخير ولا للمحكمة في ذلك وإنما الشأن فيه للطاعن يتولى على مسئوليته مطالبة البلدية به بالكيفية التي يراها بعيداً عن هذه الخصومة بعد حصوله على التوكيل الذي تعهد المطعون عليه بعمله له. إذ انساق الحكم خطأ وراء ذلك بمقولة إنه لا جدوى من عمل هذا التوكيل واكتفى من المطعون عليه بما أبداه من استعداد لإجرائه بالنسبة للقطعة رقم 1144 وعدم حصول ضرر للطاعن من التأخير في عمل هذا التوكيل. مع أن الضرر قائم بتأخير حصوله على ثمن هذه القطعة بسبب تأخيره في مطالبة البلدية بهذا الثمن لتأخير صرف صدور التوكيل إليه. هذا الحكم يكون قد أهدر قيمة التعهد المتفق عليه في عقدي البيع الابتدائي والنهائي بين الطاعن والمطعون عليه وأقحم القول فيما يجب أن يترك للجهة المختصة بذلك في سوريا وخالف القانون بمخالفة إرادة المتعاقدين ويتعين نقضه لهذا السبب.
وحيث إنه فيما يتعلق بما ورد في السبب الرابع من أسباب الطعن. فإن مبناه أن الحكم المطعون فيه بعد أن ناقش مقدار المساحة التي يقول الطاعن بأن المطعون عليه يضع يده عليها زيادة على المساحة التي شملها عقد البيع النهائي وانتهى من هذه المناقشة إلى أن تلك الزيادة مقدارها 12.10 متراً فقط وليس 37 متراً وكسور كما يدعي الطاعن قال عن ثمنها "أما في خصوص ثمن هذه الزيادة فترى المحكمة أنه من سبق الحوادث إجابة البائع إلى طلبه وذلك لأنه قد ورد في عقد البيع النهائي أن مساحة العقار 1348 تقريبة ريثما يبت في الدعوى القائمة لدى محكمة الاستئناف بشأن الجدار الفاصل بين هذا العقار والعقار رقم 1143 ولم يتقدم أحد من الخصوم بأي بيان بما انتهت إليه هذه الدعوى وقد يكون لهذه الخصومة تأثير في حقيقة مساحة الجزء المبيع من هذا العقار فلذلك يكون من مقتضيات الحيطة أن تحفظ المحكمة للبائع الحق في هذا الطلب حتى تنجلي الحقيقة ويفصل في النزاع الحالي الخاص بمقدار المساحة المبيعة في هذا العقار. ولما كان يبين من المستندات المقدمة من المطعون عليه لهذه المحكمة بالحافظة رقم 4 بمحضر الإيداع رقم 6 دوسيه أن من بينها شهادتين كانتا مقدمتين من المطعون عليه لمحكمة أول درجة وكانتا تحت نظر محكمة الاستئناف ضمن المفردات في القضية رقم 2427 سنة 1945 مدني كلي مصر - إحدى هاتين الشهادتين عبارة عن طلب مقدم من مهدي القباني وشركائه إلى مدير السجل العقاري بدمشق لبيان حصة مصطفى عبد الله العلبي في العقار رقم 1143 من منطقة الحصة والسنجقدار وبيان مقدار مساحة العقار المذكور الأصلية وبيان مساحته" بعد الفصل في الدعوى المقامة بشأن الجدار الفاصل بين هذا العقار والعقار رقم 1348 من المنطقة المذكورة. وقد أجيب على هذا الطلب بتاريخ 21 / 5 / 1951 بما تضمن "أن العقار المذكور رقم (1143) أصبح بين سامي ومهدي القباني وصبحي وصلاح الدين الشوربجي على السوية بينهم وأن مساحة العقار المذكور كانت بالأصل 754 متراً مربعاً ثم بموجب العقد المؤرخ 5 / 8 / 1947 رقم 3018 تعدلت المساحة بإفراز تم من هذا العقار وإدماغه مع العقار رقم 1348 حكماً وأصبحت مساحة العقار رقم 1143 هي 731.40 متراً مربعاً - والشهادة الثانية عبارة عن طلب مقدم من مهدي القباني وشركائه إلى مدير السجل العقاري بدمشق أيضاً لبيان مقدار حصة مصطفى العلبي التي كان يملكها من كل من العقارين رقم 1346 و1348 من منطقة الحصة والسنقجدار وبيان مساحة كل من العقارين المذكورين. وقد أجيب على هذا الطلب بتاريخ 18 / 5 / 1950 بما تضمن "أن مساحة هذا العقار (رقم 1318) كانت مائة واثني عشر متراً مربعاً ونصف المتر المربع. وموضوع عليها إشارة بأن هذه المساحة تقريبية لوجود دعوى بشأن الجدار الفاصل بين العقار المذكور والعقار رقم 1143. وقد ثبتت مساحة العقار بموجب محضر العقد المؤرخ 5 / 8 / 1947 رقم 3018 وصححت وأصبحت مساحته مائة وخمسة وثلاثين متراً مربعاً وعشرة ديسمترات مربعة". لما كان ذلك، وكانت هاتان الشهادتان تحت نظر محكمة الاستئناف ضمن مفردات القضية رقم 2427 سنة 1945 مدني كلي مصر المضمومة لملف الاستئناف قبل صدور الحكم المطعون فيه. فإن إغفال الحكم المذكور أمر هاتين الشهادتين وعدم إبداء رأيه في دلالتهما على الفصل في الدعوى القائمة بشأن الجدار الفاصل بين العقارين سالفي الذكر وإرجاءه تعباً لذلك أمر الفصل في طلب ثمن الزيادة التي يطالب بها الطاعن حتى يقدم البيان الدال على الفصل في تلك الدعوى. يعتبر قصوراً يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن نعي الطاعن في السبب الخامس مردود بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه. أنه في صدد مناقشة النزاع على الأنقاض قال: "وحيث إن عقد البيع الابتدائي ليست فيه أدنى إشارة إلى المباني القائمة ولا معنى لذلك إلا أنه كان في تقدير الطرفين أنها ليست ذات شأن وكان حرياً بهما أن ينصا عليها ويبينا ما لها وإذا كانت من حق البائع فما الذي يجب عمله لإزالتها ونقلها... ولا معدي في هذه الحالة من تفسير سكوت المتعاقدين بأن البيع كان شاملاً الأرض وما عليها وأن الطرفين لم يقيما وزناً للمباني باعتبار أنها قديمة ومتداعية. وأن تكاليف هدمها يعادل ما يجني منها". وهذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه استخلاصاً لنية المتعاقدين وما انعقد اتفاقهما عليه لا مخالفة فيه للقانون ويتفق مع ما توحي به عبارات عقد البيع الابتدائي وتؤيده صيغة عقد البيع النهائي من أن البيع كان شاملاً للأرض والمباني إذ وصف المبيع في العقد المذكور بأنه عبارة عن مخزن وصيدلية ودكاكين ومقهى ولوكاندة مما يدل على أن هذا الاستخلاص سائغ وله سنده من واقع الدعوى وأوراقها يدخل في سلطة المحكمة الموضوعية أما خطاب المطعون عليه إلى شريكيه بتاريخ 25 / 2 / 1945 فهو - كما رأى الحكم المطعون فيه - لا يغير هذا الفهم. كما أن إنذار الطاعن الذي أرسله إلى المطعون عليه بعد تحرير العقد النهائي بشأن الأنقاض لا يمكن أن يكون له في ذاته تأثير على مضمون ذلك العقد في هذا الشأن لأنه من عمله وحده.
وحيث إنه في خصوص نعي الطاعن في السبب السادس فقد ورد في الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى استمساك الطاعن بالشرط الجزائي الوارد في عقد البيع الابتدائي "إن العقد الابتدائي كان يتضمن اتفاقاً على البيع وشروطه فإنه لا يتضمن الشروط الأخيرة التي تكون موضوع العقد النهائي وهي التي تحكم علاقة الطرفين لأنها شريعة المتعاقدين. فإذا ما وضعت هذه الشروط في صيغتها النهائية دون حالة إلى عقد البيع الابتدائي أو إشارة إليه أو احتفاظ بما ورد فيه من أحكام فإن العقد النهائي هو المرجع الأخير ومتى انعقد على هذا النحو فقد أصبح العقد الابتدائي مفسوخاً ولا يعمل به". ولما كان يبين من الاطلاع على عقد البيع النهائي أنه قد خلا من النص على الشرط الجزائي الوارد في عقد البيع الابتدائي أو الإحالة إليه. فإن هذا يدل على أن الطرفين قد تخليا عن هذا الشرط وانصرفت نيتهما إلى عدم التمسك به أو تطبيقه ويكون ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن لا مخالفة فيه للقانون لأن العقد النهائي دون العقد الابتدائي هو الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ويصبح قانون المتعاقدين (نقض 23 / 3 / 1944 رقم 84 سنة 13 ق) غير أنه لما كان العقد النهائي قد أحال في البند الثالث منه على البند الثاني من عقد البيع الابتدائي الخاص بتعهد المطعون عليه بعمل توكيل للطاعن بخصوص مطالبة البلدية بثمن ما نزعت ملكيته من العقار المبيع للمنافع العامة ونص فيه على ضرورة قيام المطعون عليه بتنفيذ هذا التعهد فإن الشرط الجزائي بهذه المثابة يكون في خصوص ما أحيل فيه على العقد الابتدائي تابعاً له وباقياً ببقائه. ولما كانت المحكمة - قد انتهت فيما سبق إلى قبول السبب الثالث في خصوص عدم قيام المطعون عليه بتنفيذ تعهده بعمل التوكيل المتفق عليه في عقد البيع الابتدائي فإنه يتعين نتيجة لذلك قبول هذا السبب بقدر اتصال الشرط الجزائي وتعلقه بالتعهد الخاص بعمل التوكيل ونقض الحكم في هذه الخصوصية.