أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 106

جلسة 23 من يناير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(9)
طعن رقم 393 سنة 23 ق

( أ ) دعوى منع التعرض. إجارة. حيازة. عدم قبول دعوى منع التعرض المرفوعة من المستأجر ضد المؤجر. م 575 مدني.
(ب) دعوى منع التعرض. وقف. حيازة. عدم قبول دعوى منع التعرض من المستحق في ريع الوقف.
1 - لا يملك المستأجر أن يرفع دعوى منع التعرض ضد المؤجر لأن حيازته للعقار المؤجر غير مقترنة بنية التملك وعلاقته بالمؤجر إنما تقوم على عقد الإيجار لا على الحيازة التي تبيح لصاحبها رفع دعوى منع التعرض وهي ليست مجرد التسلط المادي على العقار بل يجب أن تكون مقترنة بنية التملك - ولم يخالف القانون المدني الجديد القانون المدني القديم في هذا الخصوص. أما ما أباحه القانون الجديد في المادة 575 للمستأجر من رفع دعاوى اليد جميعاً ضد غير المؤجر فإنه استثناء من القاعدة العامة.
2 - وضع يد المستحق في ريع العقار الموقوف لا يبيح له رفع دعوى منع التعرض لأن وضع يده في هذه الحالة لا يقترن بنية التملك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن فائقه أنطون "مورثة المطعون عليهما" أقامت الدعوى رقم 839 سنة 1950 مدني بندر المنصورة على الطاعن طلبت فيها الحكم بمنع تعرضه لها في وضع يدها على الحجرة والعشة الكائنتين بسطح المنزل المبين بصحيفة الدعوى وانتفاعها بالسطح نفسه وبإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ أربعة جنيهات على سبيل التعويض. وأسست دعواها على أن المنزل موضوع الدعوى موقوف وأنها من بين المستحقين في ريعه وكانت لذلك تضع يدها على الحجرة والعشة كما كانت تنتفع بسطح المنزل حتى تعرض لها الطاعن في 27 من ديسمبر سنة 1949 في وضع يدها بإغلاق الباب المؤدي إلى السطح - وقد توفيت المورثة أثناء سير الدعوى فأوقفت إلى عجلها وارثاها المطعون عليهما - دفع الطاعن بأنه يستأجر الطابقين العلويين من جميع المستحقين في الوقف ومن بينهم مورثة المطعون عليهما ثم عاد فأجرهما إلى هذه الأخيرة من باطنه وأن دعوى منع التعرض لا تقبل من المستأجر ضد المؤجر وأضاف أن الحجرة والعشة والسطح المتنازع عليها مخصصة لجميع سكان المنزل ولإقامة مزارعي أطيانهم عندما يكونون بمدينة المنصورة. وفي 28 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت مورثة المطعون عليهما وضع يدها على العقار موضوع الدعوى وضع اليد المستوفى لشروطه القانونية وأن الطاعن تعرض لها في وضع يدها وصرحت للأخير بالنفي وبعد أن سمعت المحكمة شهادة شاهدي مورثة المطعون عليهما حكمت في 21 من أكتوبر سنة 1952 برفض الدعوى 1391 سنة 1951 مدني بندر المنصورة من أن الطاعن استأجر الطابقين العلويين من المستحقين في الوقف ومن بينهم مورثة المطعون عليهما التي عادت بدورها فاستأجرت من باطن الطاعن الطابق الأول من نفس المنزل وشغلت الحجرة والعشة الكائنتين بالسطح باعتبارهما من منافع الطابق المؤجر لها. وأنه من المسلم أن دعوى منع التعرض لا تقبل من المستأجر ضد المؤجر. فاستأنف المطعون عليهما هذا الحكم أمام محكمة المنصورة الابتدائية وقيد الاستئناف برقم 37 سنة 1953. وفي 4 من أكتوبر سنة 1953 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ومنع تعرض الطاعن للمطعون عليهما في وضع يدهما على الحجرة والعشة ... وأقامت المحكمة قضاءها على أن ما قررته محكمة أول درجة من أن دعوى منع التعرض لا تقبل من المستأجر ضد المؤجر لأن يد المستأجر غير مقترنة بنية التملك ليس صحيحاً في القانون لأن نص المادة 961 من القانون المدني الجديد جاء عاماً شاملاً لكل واضع يد استمر حائزاً للعقار مدة سنة كاملة ورفع دعواه خلال السنة التالية لحصول التعرض. وأنه لا محل لإجابة الطاعن إلى ما طلبه من سماع شهوده الذين تخلفوا عن الحضور أمام محكمة أول درجة لما تبينه المحكمة من أن هؤلاء الشهود يقيمون بعيداً عن بلدة المنصورة. وأوردت المحكمة في أسبابها أن المطعون عليهما تنازلاً عن المطالبة بالتعويض. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بقبول السبب الثاني من أسباب الطعن ورفض باقي الأسباب ... وقررت دائرة الفحص بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1957 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لجلسة 2 من يناير سنة 1958 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب يتحصل السبب الثاني منها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله فيما قرره من أن القانون المدني الجديد في المادة 961 أعطى لكل حائز لعقار مدة سنة أياً كان سبب الحيازة الحق في أن يرفع دعوى منع التعرض. وفي بيان هذا السبب يقول الطاعن إن القانون المدني الجديد لم يغير من طبيعة دعوى منع التعرض وعناصرها الأساسية وأهمها أن يكون وضع اليد بنية التملك بدليل أن المادة 961 وردت في الفصل الخاص بأسباب الملكية وبدليل أن المشرع عندما أراد أن يعطي للحائز الذي لا تقترن حيازته بنية التملك حق رفع إحدى دعاوى اليد "دعوى استرداد الحيازة" نص على ذلك صراحة في المادة 958/ 2 بما أورده فيها من أنه "يجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره" في حين أنه لما تحدث عن دعوى منع التعرض في المادة 961 لم يورد بها نصاً مماثلاً لنص الفقرة الثانية من المادة 958.
وحيث إنه يبين من الوقائع التي أوردها حكم محكمة أول درجة أن مورثة المطعون عليهما ادعت وضع يدها على الحجرة والعشة والسطح موضوع الدعوى استناداً إلى أن المنزل موقوف وأنها من بين المستحقين في ريعه ولكن تلك المحكمة استظهرت من الدعوى رقم 1391 سنة 1951 مدني بندر المنصورة التي كانت منظورة مع الدعوى الحالية أن الطاعن استأجر من مورثة المطعون عليهما ومن باقي المستحقين في الوقف الطابقين العلويين من المنزل ثم عاد فأجر إلى مورثة المطعون عليهما من باطنه الطابق الأول من المنزل وأن تلك المورثة وضعت يدها على الحجرة والعشة الكائنتين بسطح المنزل باعتبارهما من منافع الطابق الذي استأجرته. ومؤدى هذه الوقائع التي لم ينازع فيها الطرفان والتي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً لما قضى به أن وضع يد مورثة المطعون عليهما على العشة والحجرة والسطح لم يكن مستنداً إلى أنها تستحق حق المنفعة في العقار الموقوف كما أن تلك العقارات التي وضعت يدها عليها لم ترد في عقد الإيجار الصادر لها من الطاعن ومن ثم فإن دعواها بوصفها دعوى حيازة لا تكون مقبولة من مورثة المطعون عليهما لأن وضع يدها لم يكن مقترناً بنية التملك. ذلك أن الحيازة التي تبيح لصاحبها رفع دعوى منع التعرض ليست هي مجرد التسلط المادي على العقار بل يجب أن تكون تلك الحيازة مقترنة بنية التملك ولم يخالف القانون المدني الجديد القانون المدني القديم في هذا الخصوص بدليل وضع النصوص الخاصة بالحيازة بين أسباب الملكية في العقار في القانون الجديد وبدليل ما نصت عليه المادة 48 من قانون المرافعات من عدم جواز الجمع بين دعاوى الحيازة والدعوى بأصل الحق وهي الدعوى بالملكية أو بأي حق آخر متفرع عنها - أما ما أباحه القانون المدني الجديد في المادة 575 للمستأجر من رفع دعاوى اليد جميعاً ضد غير المؤجر فإنه استثناء من القاعدة العامة وهي أن دعوى منع التعرض لا تقبل إلا من الحائز لا تقبل إل من الحائز الذي اقترنت حيازته بنية التملك - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمنع تعرض الطاعن على ما أورده من أن: "ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من ضرورة أن يكون واضع اليد في دعوى منع التعرض قد وضع يده بنية التملك في غير محله إذ لم تشترط ذلك المادة 961 مدني إنما جاءت عبارتها عامة شاملة لكل واضع يد استمر حائزاً للعقار مدة سنة كاملة ورفع دعواه خلال السنة التالية لحصول التعرض فالمستأنفان سواء كان وضع يدهما على العشة والغرفة بصفتهما مستأجرين أو كان وضع يدهما بصفتهما مستحقين للريع فلهما على أي حال حق رفع دعوى منع التعرض ..." فإنه يكون قد خالف القانون لما سبق بيانه من أن المستأجر لا يملك أن يرفع دعوى منع التعرض ضد المؤجر لأن حيازته للعقار المؤجر غير مقترنة بنية التملك وعلاقته بالمؤجر إنما تقوم على عقد الإيجار لا على الحيازة. كما أن وضع يد مورثة المطعون عليهما على فرض أنه يستند إلى استحقاقها في ريع العقار الموقوف فإن ذلك لا يبيح لها رفع دعوى منع التعرض لأن وضع يدها في هذه الحالة لم يقترن كذلك بنية التملك. ومن ثم يتعين نقض الحكم دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها. ولما كان حكم محكمة أول درجة إذ قضى بعدم قبول دعوى مورثة المطعون عليهما في محله للأسباب السابق إيرادها ولما استند إليه ذلك الحكم من أسباب فيتعين تأييده