أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 111

جلسة 23 من يناير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(10)
طعن رقم 399 سنة 23 ق

( أ ) نقض (الخصوم في الطعن). إجراءات التقاضي. استئناف. معارضة. تضامن. رفع الدعوى على الطاعن وآخر بطلب إلزامهما متضامنين بتعويض. صدور الحكم الابتدائي ضدهما ورفع استئناف عنه من المحكوم عليه الآخر دون الطاعن واختصام الأخير في الاستئناف. عدم منازعة الطاعن لخصمه في طلباته سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الاستئناف وعدم رفعه استئنافاً عن الحكم الابتدائي. عدم قبول الطعن منه بالنقض. القول بأن عدم منازعته ترجع إلى عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً في الدعوى. لا يجدي. سبيله المعارضة.
(ب) تضامن. استئناف. إجراءات التقاضي. دعوى. رفع الدعوى على المدعي عليهما وطلب الحكم عليهما بالتضامن. عدم تمثيل أحدهما للآخر في إجراءات الخصومة وعدم اعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهما بمثابة استئناف مرفوع من الآخر.
1 - لا يكفي لقبول الطعن في الأحكام بالنقض أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في مزاعمه وطلباته أو نازعه خصمه في مزاعمه هو وطلباته، وأنه بقي على هذه المنازعة مع خصمه ولم يتخل عنها حتى صدر الحكم عليه. وإذن فمتى تبين أن الدعوى رفعت بطلب الحكم على المدعى عليهما متضامنين بتعويض ولما صدر الحكم الابتدائي ضدهما استأنفه أحدهما واختصم الآخر في الاستئناف كما يبين أنه لم تبد من هذا الآخر منازعة ما لخصمه في مزاعمه وطلباته سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الاستئناف كما أنه لم يرفع استئنافاً عن الحكم الابتدائي الصادر في هذه الخصومة فإن الطعن بالنقض منه في صورة هذه الدعوى يكون غير مقبول - ولا يجديه تمسكه بأنه لم ينازع خصمه لأنه لم يعلن في الإجراءات إعلاناً صحيحاً إذ سبيل اعتراضه على هذا لا يكون بالطعن بطريق النقض بل بالمعارضة أمام محكمة الموضوع وتخطي المعارضة للطعن بالنقض لا يتحقق معه في صورة هذه الدعوى ثبوت توافر شرط منازعته لخصمه أمام محكمة الموضوع في طلباته.
2 - إذا رفعت الدعوى بطلب الحكم على المدعى عليهما بالتضامن فإن كلا منهما يكون مستقلاً عن الآخر في الخصومة وفي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام. ولا مجال في هذا الوضع للقول بنيابة المسئولين بالتزام تضامني عن بعضهم البعض في إجراءات الخصومة واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهما بمثابة استئناف مرفوع من الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 202 لسنة 1946 كلي بني سويف - ضد الطاعن والمطعون عليها الثانية طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ خمسماية جنيه والمصروفات والأتعاب مؤسساً دعواه على أنه دعي للتجنيد ووجد لائقاً للخدمة العسكرية - وأصبح في عداد أفراد الجيش العامل - وأن الطاعن بوصفه طبيباً من أطباء المستشفى العسكري التابع لوزارة الحربية والبحرية - قد باشر - طبقاً للقواعد المتبعة في الجيش - معالجته - بإعطائه حقناً ضد الأمراض المعدية فأعطاه ثماني حقن - وعند ما أراد إعطاءه الحقنة التاسعة كسرت الإبرة في ذراعه في 14/ 3/ 1944. فأرسل إلى المستشفى العسكري - وبقي به مدة تحت العلاج - ولكن الأمر انتهى بحدوث عاهة مستديمة بذراعه تمنعه من تأدية أعماله - فرفع الدعوى مطالباً بذلك المبلغ تعويضاً له عما أصابه من ضرر نتيجة لهذه العاهة - وندبت محكمة الدرجة الأولى رئيس قسم الطب الشرعي ببني سويف لفحص ذراعه وبيان ما به من إصابات إلى آخر ما ورد بحكمها الصادر في أول يناير سنة 1949 - فقدم الطبيب الشرعي تقريره. وبتاريخ 10 من مايو سنة 1952 قضت محكمة أول درجة حضورياً بإلزام المدعى عليهما (الطاعن والمطعون عليها الثانية) بأن يدفعا متضامنين للمدعى (المطعون عليه الأول) مبلغ مائتي جنيه والمصروفات ومبلغ 500 قرش أتعاباً للمحاماة - وذكرت في حكمها أن الطاعن طبيب بوزارة الدفاع وأن ما ارتكبه من خطأ وتسببت عنه العاهة المستديمة قد حدث بسبب تأديته للأعمال المعهود إليه بها من وزارة الدفاع - وأنه لذلك تكون مسئولة مع الطاعن بالتضامن طبقاً للمادة 174 من القانون المدني الجديد والمادة 152 من القانون الملغي. فاستأنفت المطعون عليها الثانية هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بصحيفة أعلنت للمطعون عليه الأول والطاعن في 17 من أغسطس سنة 1952 وطلبت فيها قبول استئنافها شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه الأول المصروفات والأتعاب عن الدرجتين، وقيد الاستئناف برقم 700 لسنة 69 ق وبتاريخ 14 من إبريل سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة (المطعون عليها الثانية) بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1953 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فنظرته بجلسة 15 من أكتوبر سنة 1957 وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت إحالة الطعن على الدائرة المدنية لنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول وقررت دائرة الفحص بتلك الجلسة إحالته على هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 5 من ديسمبر سنة 1957 وفي هذه الجلسة أبدت النيابة العامة رأيها بعدم قبول الطعن.
وحيث إن أبدته النيابة العامة من رأي بعدم قبول الطعن في محله - ذلك لأنه لا يكفي لقبول الطعن في الأحكام بالنقض أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في مزاعمه وطلباته - أو نازعه خصمه في مزاعمه هو وطلباته - وأنه بقي على هذه المنازعة مع خصمه ولم يتخل عنها حتى صدر الحكم عليه - ولما كان يبين من الوقائع السالف ذكرها - في خصوص حقيقة موقف الطاعن من هذه الخصومة - أنه لم تبد منه منازعة ما لخصمه من مزاعمه وطلباته سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الاستئناف - كما أنه لم يرفع استئنافاً عن الحكم الابتدائي الصادر في هذه الخصومة - وإذن فإن الطعن بالنقض منه في الصورة الماثلة في الدعوى - يكون غير مقبول - ولا ينال من هذا النظر أن يكون بين الطاعن والمطعون عليها الثانية (وهي التي طعنت في الحكم الابتدائي بالاستئناف) رابطة تضامنية ذلك لأن اختصام كل من الطاعن والمطعون عليها الثانية أمام محكمة الدرجة الأولى وطلب الحكم عليهما بالتضامن يستلزم استقلال كل منهما في الخصومة وفي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام - ولا مجال في هذا الوضع للقول بنيابة المسئولين بالتزام تضامني عن بعضهم البعض في إجراءات الخصومة واعتبار الاستئناف مرفوع من أحدهما - في صدد النزاع الماثل في الدعوى - بمثابة استئناف مرفوع من الآخر ولا يجدي الطاعن تمسكه بأنه لم ينازع خصمه لأنه لم يعلن في الإجراءات إعلاناً صحيحاً إذ سبيل اعتراضه على هذا لا يكون بالطعن بطريق النقض بل بالمعارضة أقام محكمة الموضوع وتخطى المعارضة للطعن بالنقض لا يتحقق معه في صورة الدعوى الحالية ثبوت توافر شرط منازعة الطاعن لخصمه أمام محكمة الموضوع في طلباته.