أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 337

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل, وحسن داود, ومحمود إسماعيل, ومصطفى كامل المستشارين.

(110)
القضية رقم 1210 سنة 24 القضائية

( أ ) استئناف.الخطأ في تطبيق نصوص القانون أو فى تأويلها المنوه عنه فى الفقرة الأخيرة من المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية. المقصود به.
(ب) دعوى عمومية. التنازل عن الشكوى أو الطلب الذى ذكرته المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية لم يرسم القانون له طريقاً.
(ج) دعوى عمومية.التنازل عن الشكوى أو الطلب. تقديره. مسألة وقائع.
(د) دعوى عمومية. التنازل عن الشكوى أو الطلب. أثره.
1 - إن الشارع إذ نص فى الفقرة الأخيرة من المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " فيما عدا الأحوال السابقة لا يجوز رفع الاستئناف من المتهم أو من النيابة العامة إلا بسبب خطأ فى تطبيق نصوص القانون أو في تأويلها " لم يقصد أن يكون الاستئناف مقصوراً فقط على الحالة الأولى من حالات الطعن بطريق النقض المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 420 من ذلك القانون, وإنما قصد الخطأ فى تطبيق نصوص القانون بمعناه الواسع بحيث يشمل الحالات الثلاث المشار إليها فى تلك المادة, ذلك لأنه من غير المقبول أن ينغلق باب الطعن فى الحكم بطريق الاستئناف فى الأحوال المشار إليها فى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 420 المذكورة, بينما يبقى الطعن فيها بطريق النقض جائزاً. ومن ثم يجب التسوية بإجازة الطعن بالاستئناف فى كل الأحوال التى يجوز فيها الطعن بطريق النقض.
2 - إن الشارع إذ نص فى الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية على أن" لمن قدم الشكوى أو طلب فى الأحوال المشار إليها فى المواد السابقة أن يتنازل عنها فى أي وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى العمومية بالتنازل". لم يرسم طريقاً لهذا التنازل فيستوي أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفها, كما يستوي أن يكون صريحاً أو ضمنياً ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد فى غير شبهة, أنه أعرض عن شكواه.
3 - إن تقدير التنازل من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقدمات التى أسست عليها حصول التنازل أو عدم حصوله تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها.
4 - إن قانون الإجراءات الجنائية إذ نص فى المادة 10 منه على حق مقدم الشكوى أو الطلب فى التنازل عنه فى أي وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائي, قد جعل أثر هذا التنازل منصباً على الدعوى الجنائية وحدها, ولا يمنع ذلك من إصابة ضرر من الجريمة أن يطالب بتعويض هذا الضرر أمام المحكمة المدنية.


الوقائع

رفعت الطاعنة سنيه طه عامر(المدعية بالحقوق المدنية) دعواها مباشرة على المتهم حافظ خليل عبد الحليم أمام محكمة جنح أسوان الجزئية متهمة إياه بأنه سبها علناً بأن وجه إليها الألفاظ الواردة بالمحضر والتى تتضمن خدشاً للشرف والاعتبار وطلبت معاقبته بالمادتين 171 و306 من قانون العقوبات كما طلبت القضاء لها عليه بقرش صاغ تعويضاً مؤقتاً وفى أثناء نظر الدعوى دفع المتهم بعدم قبول الدعوى المدنية من المدعية بالحق المدنى لانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل الحاصل من المجني عليها فى يوم الحادث وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت حضورياً عملاً بالمادة 306 من قانون العقوبات أولاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها وثانياً - بتغريم المتهم ثلاثمائة قرش بلا مصاريف, وثالثاً - بإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض والمصاريف المدنية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة واستأنف المتهم هذا الحكم, ولدى نظر الاستئناف أمام محكمة أسوان الابتدائية دفعت المدعية بالحقوق المدنية بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب وبعدم الخطأ فى تطبيق القانون وبعد نظره قضت فيه حضورياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية السابق التنازل عنها ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعتها بالمصاريف المدنية بلا مصاريف جنائية. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعنة تقول فى الوجهين الأول والثاني من طعنها إن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة القاضي بإدانة المطعون ضده وقبول الدعويين المدنية والجنائية بناء على أن الطاعنة لم تتنازل عن شكواها وأن النيابة العامة إذ رفعت الدعوى العمومية لم تخالف ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية فى هذا الصدد ومع التسليم جدلاً بأن ما قاله الحكم الابتدائي من ذلك غير صحيح فإن المطعون ضده ما كان له أن يستأنف إذ أن الحكم وقد صدر بغرامة قدرها 300 قرش لا يجوز استئنافه إلا لخطأ في تطبيق القانون دون الحالة المعروضة وهى مخالفته الإجراءات التى يتطلبها قانون الإجراءات الجنائية فى صدد حق النيابة العامة فى رفع الدعوى الجنائية مثل هذه الحالة كذلك أخطأ الحكم إذ أول عبارة مذكرة البوليس المنسوبة إلى الطاعنة بأنها تفيد التنازل عن شكواها بما فى ذلك السب الذى وقع من المطعون ضده ذلك لأن عبارة المذكرة جاءت خالية من تلك الواقعة خلواً تاماً. وحيث إن الشارع إذ نص فى الفقرة الأخيرة من المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " فيما عدا الأحوال السابقة لا يجوز رفع الاستئناف من المتهم أو من النيابة العامة إلا بسبب خطأ فى تطبيق نصوص القانون أو فى تأويلها " لم يقصد أن يكون الاستئناف مقصوراً فقط على الحالة الأولى من حالات الطعن بطريق النقض المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 420 من ذلك القانون وإنما قصد الخطأ فى تطبيق نصوص القانون بمعناه الواسع بحيث يشمل الحالات الثلاث المشار إليها فى تلك المادة ذلك لأنه من غير المعقول أن ينغلق باب الطعن في الحكم بطريق الاستئناف فى الأحوال المشار إليها فى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 420 المذكورة بينما يبقى الطعن فيها بطريق النقض جائزاً ومن ثم يجب التسوية بأجازة الطعن بالاستئناف في كل الأحوال التي يجوز فيها الطعن بطريق النقض.
لما كان ذلك فإن قضاء المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف يكون صحيحاً.
وحيث إن الشارع إذ نص فى الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية على أن" لمن قدم الشكوى أو الطلب فى الأحوال المشار إليها فى المواد السابقة أن يتنازل عنها فى أي وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى العمومية بالتنازل". لم يرسم طريقاً لهذا التنازل فيستوي أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفها كما يستوي أن يكون صريحاً أو ضمنياً ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد فى غير شبهة أنه أعرض عن شكواه ولما كان تقدير التنازل من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقدمات التى أسست عليها حصول التنازل أو عدم حصوله تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن مذكرة الأحوال التى أقرت فيها الطاعنة بقبول التوفيق بينهما وبين المتهم وقد تضمنت بذلك تنازلها عما وقع عليها من سب وأنه لم يثبت حصول سب آخر خلاف ما وقع فى يوم تحرير تلك المذكرة واستند الحكم فيما ذهب إليه إلى الأدلة والاعتبارات التى ساقها والتى من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم يكون ما ذكرته الطاعنة فى هذين الوجهين على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى الوجه الثالث على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى برفض الدعوى المدنية استناداً إلى أن المدعية بالحقوق المدنية قد تنازلت عن حقها فلا يجوز لها المطالبة بتعويض الضرر الذى لحقها عن ذلك الفعل الذى تنازلت عنه وهو تخريج خاطئ إذ أن تسليم الحكم بحصول ضرر للمدعية كان يوجب على المحكمة أن تحكم بالتعويض حتى مع قضائها بانقضاء الدعوى العمومية لأن التنازل لا يتناول إلا هذه الدعوى الأخيرة وحدها.
وحيث إن قانون الإجراءات الجنائية إذ نص فى المادة 10 منه على حق مقدم الشكوى أو الطلب فى التنازل عنه فى أي وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائي قد جعل أثر هذا التنازل منصباً على الدعوى الجنائية وحدها ولا يمنع ذلك من أصابه ضرر من الجريمة أن يطالب بتعويض هذا الضرر أمام المحكمة المدنية لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية تأسيساً على التنازل الذى تم من جانب الشاكية فى تاريخ سابق على رفع الدعوى العمومية وكانت المحكمة الجنائية فى هذه الحالة لا تستطيع نظر الدعوى المدنية التى يحكم تبعيتها للدعوى الجنائية تكون خارجة عن ولايتها لانقضاء هذه الدعوى الأخيرة من قبل اتصال المحكمة بها. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى المدنية يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه فيما يتعلق بالدعوى المدنية والقضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها.