أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 346

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وحضور السادة الأساتذة: مصطفى حسن, وحسن داود, ومحمود إسماعيل, ومصطفى كامل المستشارين.

(113)
القضية رقم 1230 سنة 24 القضائية

دعوى عمومية. انقضاؤها. جناية لم تكن إلى حين صدور القانون رقم 178 لسنة 1951 قد مضى على وقوعها الخمس عشرة سنة المنصوص عليها فى المادتين 15 و17 من قانون الإجراءات الجنائية بالرغم من أسباب الانقطاع. القانون رقم 178 لسنة 1951 هو الواجب التطبيق.
إنه لما كانت المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1951 تنص على انقضاء الدعوى العمومية فى مواد الجنايات بمضى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك, وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 17 من نفس القانون (قبل تعديلها) تقضى بأنه لا يجوز فى أية حال أن تطول المدة المقررة لانقضاء الدعوى العمومية بسبب الانقطاع لأكثر من نصفها وكان القانون رقم 178 لسنة 1951 الصادر في 17 من أكتوبر سنة 1951 والمنشور بالعدد 95 من الوقائع المصرية الصادر فى ذات اليوم قضى بإضافة فقرتين إلى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية, نصت الأولى منهما على ألا تبدأ المدة المشار إليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التى وقعت قبل تاريخ العمل به إلا من هذا التاريخ, ولما كانت الوقائع التى دين بها المتهم قد وقعت فى خلال شهور يونيو ويوليو وأغسطس سنة 1937 وإلى حين صدور القانون رقم 178 لسنة 1951 سالف الذكر لم يكن قد مضى على وقوعها الخمس عشرة سنة المنصوص عليها فى المادتين 15 و17 من قانون الإجراءات الجنائية لانقضاء الدعوى العمومية بالرغم من أسباب الانقطاع, وكان الطاعن لم يكتسب حقاً بانقضاء الدعوى العمومية لا بمقتضى قانون تحقيق الجنايات الذى وقعت الجريمة فى ظله, ولا بمقتضى قانون الإجراءات الجنائية من تاريخ نشره في 15 من أكتوبر سنة 1951, إلى تاريخ نشر القانون الصادر في 17 من أكتوبر سنة 1951 الذي نص على احتساب مدة الانقطاع ابتداء من 15 من نوفمبر سنة 1951 بالنسبة للجرائم التي وقعت قبل صدور قانون الإجراءات الجنائية فإن هذا النص يكون هو الواجب تطبيقه, ولما كانت المادة 17 السالف ذكرها قد عدلت مرة أخرى بالقانون رقم 340 لسنة 1952 الذي صدر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1952, وأعاد الحال إلى ما كان عليه بمقتضى قانون تحقيق الجنايات, فإن قضاء المحكمة برفض الدفع بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة إلى تلك الوقائع يكون قضاء صحيحاً يطابق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: ا - فتوح إبراهيم علي 2 - محمد عباس إبراهيم"الطاعنين الأول والثاني" و3 - علي سالم المسيرى و4 - محمد محمود عبد السلام و5 – السيد إبراهيم الصعيدي"الطاعن الثالث" و6 - محمود محمد لاشين علي و7 - أحمد أمين خالد و8 - على محمد الريس بأنهم فى خلال يونيو ويوليو وأغسطس سنة 1937 الموافق الأشهر ربيع أول وربيع ثاني وجمادى الأولى وجمادى الثانية سنة 1356 بنواحي كليشو وهورين مركز السنطة مديرية الغربية المتهمان الأولان اشتركا مع مجهول بطريق الاتفاق فى تزوير أوراق أميرية (إقرارات لجان نواحي هورين ومليج وحنون القروية المبينة بالمحضر وتقريري الخبيرين) وذلك بأن اتفقا معه على تزوير هذه الإقرارات التى تفيد ملكية بعض الأهالي لقمح يراد إيداعه بشون بنك التسليف الزراعي المصري وأنه ناتج من زراعتهم بوضع إمضاءات مزورة لكل من عبد الجواد لاشين عمدة هورين وأحمد حسب الله وسليم ماضي الرخاوى شيخها وعطية يوسف عمارة وسيد أحمد مصطفى الزيات شيخي مليج وعبد اللطيف زمزم عمدة حنون وزكى زمزم شيخها بصفتهم أعضاء اللجان القروية لتقديمها لبنك التسليف الزراعي ليتمكنوا من إيداع مقادير كبيرة من القمح الذى يتجران فيه باعتبار أنه لمزارعين. وقد وقعت الجريمة فعلاً بناء على هذا الاتفاق. والمتهمون من الثالث إلى الأخير وهم من موظفى البنك اشتركوا بطريق المساعدة والاتفاق مع المتهمين الأولين فى ارتكاب جريمة التزوير سالفة الذكر بأن اتفقوا معهما على تزوير إقرارات اللجان القروية وساعدهما في الأعمال المجهزة لها بتحرير صور بعضها وصلب البعض الآخر ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة والمتهمان الأولان أيضاً استعملا الإقرارات المزورة المبينة آنفاً بأن قدماها إلى فرع بنك التسليف الزراعي المصري بالسنطة مع علمهما بتزويرها وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 179 و180 و182 و183/ 293 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الأول والثاني وبالمواد 179 و183 و40/ 2 و3 و41 من نفس القانون للباقين. فقرر بذلك في 12 من يناير سنة 1943. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً للأول والثاني والثالث والخامس والثامن وغيابياً لمن عداهم عملاً بالمواد 40/ 2 و3 و41 و179 و180 من قانون العقوبات لسنة 1904 بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والخامس والسادس و182 و32/ 2 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والمادة 17 منه بالنسبة إلى المتهمين المذكورين: أولاً - بمعاقبة كل من فتوح إبراهيم علي ومحمد عباس إبراهيم الطاعنين الأول والثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة عن التهمتين الأولى والثانية المسندتين إليهما وبمعاقبة كل من السيد إبراهيم الصعيدي" الطاعن الثالث" ومحمود محمد لاشين علي بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عن التهمة الموجهة إليهما: وثانياً - ببراءة كل من علي سالم المسيرى ومحمد محمود عبد السلام وأحمد أمين خالد وعلي محمد الريس مما عزى إليهما فى التهمتين سالفتى الذكر. فطعن الطاعنان الأول والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض كما طعن فيه أيضاً الأستاذ جبر حامد عطيه المحامى الوكيل عن الطاعن الثانى في 21 من نفس الشهر... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثالث وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني(فتوح إبراهيم علي ومحمد عباس إبراهيم استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن الطاعن الأول يبنى طعنه على ما يقوله من أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون, وأخل بحقه فى الدفاع ذلك بأنه دفع أمام المحكمة بانقضاء الدعوى العمومية بمضى المدة ولم تأخذ المحكمة بهذا الدفع بناء على أن العمل بالتعديل الذى أدخل على المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية بمقتضى القانون رقم 178 لسنة 1951 يبدأ بعد شهرين من تاريخ نشره في 15/ 10/ 1951 وفات المحكمة أن هذا التعديل قد ألغى بالمرسوم بقانون رقم 340 لسنة 1952 الصادر في 18 ديسمبر سنة 1952 ورغم أن الدفاع عن الطاعن طلب بجلسة 7/ 11/ 1953 التأجيل لاستكمال بحث هذا الدفع فلم تجبه المحكمة إلى ما طلب, ذلك إلى أن الثابت من الوقائع وأقوال بعض الشهود من موظفى بنك التسليف أن الإقرارات موضوع الجريمتين المنسوبتين للطاعن لا قيمة لها وأن كثيراً منها يحرر بعد الصرف, كما أن أصحاب الشأن فى هذه الإقرارات كانوا يتقدمون بها بأنفسهم وأقر أعضاء اللجان أن توقيعاتهم على تلك الإقرارات صحيحة, ولكن محكمة الموضوع استدلت بتزوير الاستمارات على تزوير الإقرارات مع انعدام التلازم بين الفعلين.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1951 تنص على انقضاء الدعوى العمومية فى مواد الجنايات بمضى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 17 من نفس القانون (قبل تعديلها) تقضى بأنه لا يجوز فى أية حال أن تطول المدة المقررة لانقضاء الدعوى العمومية لسبب الانقطاع لأكثر من نصفها, وكان القانون رقم 178 لسنة 1951 الصادر في 17 من أكتوبر سنة 1951 والمنشور بالعدد 95 من الوقائع المصرية الصادر فى ذات اليوم قضى بإضافة فقرتين إلى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية, نصت الأولى منهما على ألا تبدأ المدة المشار إليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التى وقعت قبل تاريخ العمل به إلا من هذا التاريخ, ولما كانت الوقائع التى دين بها الطاعن قد وقعت فى خلال شهور يونيو ويوليو وأغسطس سنة 1937 وإلى حين صدور القانون رقم 178 لسنة 1951 سالف الذكر لم يكن قد مضى على وقوعها خمس عشرة سنة المنصوص عليها فى المادتين 15 و17 من قانون الإجراءات الجنائية لانقضاء الدعوى العمومية بالرغم من أسباب الانقطاع, ولما كان الطاعن لم يكتسب حقاً بانقضاء الدعوى العمومية لا بمقتضى قانون تحقيق الجنايات الذى وقعت الجريمة فى ظله, ولا بمقتضى قانون الإجراءات الجنائية من تاريخ نشره في 15 من أكتوبر سنة 1951, إلى تاريخ نشر القانون الصادر في 17 من أكتوبر سنة 1951 الذي نص على احتساب مدة الانقطاع ابتداء من 15 من نوفمبر سنة 1951 بالنسبة للجرائم التي وقعت قبل صدور قانون الإجراءات الجنائية, فإن هذا النص يكون هو الواجب تطبيقه, ولما كانت المادة 17 السالف ذكرها قد عدلت مرة أخرى بالقانون رقم 340 لسنة 1952 الذي صدر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1952, وأعاد الحال إلى ما كان عليه بمقتضى قانون تحقيق الجنايات, فإن قضاء المحكمة برفض الدفع بانقضاء الدعوى العمومية هو قضاء صحيح يطابق القانون. لما كان ذلك. وكان يبين من الإطلاع على محضر جلسة 7 من نوفمبر سنة 1953 أن الدفاع عن الطاعن هو الذى أبدى للمحكمة هذا الدفع, وأدلى بمرافعة مسهبة فيه, ورفعت الجلسة للمداولة فى هذا الدفع, وعندما أعيدت للنطق بالحكم طلب محامى الطاعن التأجيل لتقديم مذكرة فى هذا الدفع. لما كان ذلك, فإن المحكمة إذ التفتت عن هذا الطلب ولم تجبه لا تكون قد أخلت بدفاع الطاعن, هذا ولما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجنايتي الاشتراك فى تزوير الأوراق الأميرية واستعمالها مع العلم بتزويرها, وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها, كما أثبت الحكم كيف اشترك الطاعن فى تزوير الاستمارات والإقرارات التى قدمها لبنك التسليف ورد على دفاعه بأن هذه الإقرارات لا قيمة لها, وأنها لا تعتبر أوراقاً رسمية بقوله:" إن رسمية هذه الأوراق لا جدال فيها لأنها معزوة للجنة المختصة بتحريرها والتزوير الذى وقع فيها بوضع إمضاءات مزورة لأعضاء هذه اللجنة, يكون تزويراً في أوراق رسمية. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولاً.
وحيث إن الطاعن الثانى ردد ما قاله الطاعن الأول بشأن الدفع بانقضاء الدعوى العمومية والإخلال بحقه في الدفاع مما سبق الرد عليه وأضاف إلى ذلك أن علاقة الطاعن ببنك التسليف مقصورة على نقل القمح الذى يورد إليه, وأن أحداً لم ينسب إليه تغيير الحقيقة فى الإقرارات موضوع الاتهام, كما أن النوتة التى ضبطت فى منزله ليس فيها من دليل يفيد اشتراكه فى التزوير, وكذلك فإن شهادة بعض الشهود قد شابها التناقض وأن البعض منهم شهد بالجلسة بما ينفى ما قاله فى التحقيق, ويقول الطاعن أخيراً إن إجراءات المحاكمة قد وقعت باطلة لعدم إعلان المتهم السابع لجلسة المحاكمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الاشتراك فى التزوير والاستعمال اللتين دان الطاعن بهما واستظهر بأدلة معقولة اتفاقه مع المتهم الأول على تغير الحقيقة فى الإقرارات المزورة, وقال إن الطاعن, وإن كان يعمل أميناً للنقل إلا أنه كان شريكاً للطاعن الأول وآخر فى إيداع القمح شون البنك بمقتضى الإقرارات والاستمارات المزورة, لما كان ذلك, وكان ما يقوله الطاعن بشأن أركان جريمة التزوير لا وجه له, إذ يكفى أن يكون الحكم فيما أثبته قد بين أن تزوير الاستمارات وتقديمها للبنك قد كان ثمرة لاتفاق الطاعن والمتهم الأول بقصد الحصول على مبالغ السلف التى حصلا عليها وليس من اللازم أن يتحدث الحكم عن كل ركن على حدة, ما دام فيما أورده من الوقائع ما يدل عليه, لما كان ذلك, وكان استدلال الحكم على هذا الاتفاق بالنوتة التى ضبطت عند الطاعن مكتوباً فيها بعض مشتروات المتهم الأول من القمح هو استدلال جائز لا غبار عليه, وكان لا شأن للطاعن فى أن يتحدث عن عدم إعلان غيره من المتهمين. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن لا يكون إلا جدلاً في واقعة الدعوى ومناقشة لأدلة الثبوت فيما مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث أنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعنين على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.