أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 355

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل, ومصطفى حسن, ومحمود إسماعيل , ومصطفى كامل المستشارين.

(115)
القضية رقم 1506 سنة 24 القضائية

( أ ) تبديد. القصد الجنائي. استظهاره. مثال.
(ب) تبديد. إثبات. قواعد الإثبات المدنية.عدم تعلقها بالنظام العام. الدفع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود. عدم إبدائه قبل التعرض للموضوع. سقوط حق المتهم فيه.
1 - إذا أثبت الحكم على المتهم أنه بوصف كونه شريكاً معهوداً إليه بإدارة الشركة ووكيلاً عن باقي الشركاء, تصرف فى العروض المملوكة للشركة وقبض ثمنها وأضافه لملكه إضراراً بشركائه الذين ادعى لهم أنها سرقت من المتجر, فإن الحكم يكون قد استظهر القصد الجنائي فى جريمة خيانة الأمانة كما هو معرف به فى القانون.
2 - طالما أن المتهم بخيانة الأمانة, لم يدفع منذ بداية التحقيق وقبل التعرض للموضوع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فإن حقه فى ذلك يسقط لأن قواعد الإثبات المدنية ليست من النظام العام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأقمشة المبينة النوع والوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لرزق الله أبو السعد, وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً برزق الله أبو السعد. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى رزق الله أبو السعد بحق مدنى قدره قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم ومحكمة امبابه الجزئية قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وأعفته من المصاريف الجنائية وألزمت المتهم بأن يدفع للمدعى مدنياً مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت والمصاريف المدنية ومائة قرش أتعاب محاماة. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) نظرت الدعوى ثم قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم
المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً بالشغل بلا مصاريف فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً في بيان القصد الجنائي إذ هو لا يتحقق فى جريمة خيانة الأمانة إلا إذا ثبت أن الجاني تعمد التصرف فى الشئ المسلم إليه كما لو كان مالكاً له وأن يكون ذلك إضراراً بحقوق مالكه مما لم يتوفر في حق الطاعن الذى لم تكن لديه نية الإضرار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة خيانة الأمانة التى دان الطاعن بها وأثبت فى حقه بأدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه من أنه تصرف فى الأقمشة التى كانت فى عهدته بوصف كونه شريكاً معهوداً إليه بإدارة الشركة ووكيلاً عن باقي الشركاء وقبض ثمنها وأخفى هذه الواقعة عن شركائه وادعى سرقة الأقمشة من المتجر عداماً ضبط في منزله من ملابس وأشياء أخرى مملوكة للشركة. ولما كان يبين من ذلك أن الحكم قد استظهر القصد الجنائي فى هذه الجريمة كما هو معرف به فى القانون ما دام قد أثبت على الطاعن تصرفه فى العروض المملوكة للشركة وقبض ثمنها وأضافه لملكه إضراراً بشركائه الذين ادعى لهم أنها سرقت من المتجر, لما كان ذلك. فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو أن الحكم المطعون فيه أخل بدفاع الطاعن إذ أغفل ما طلبه فى مذكرته الختامية إعادة القضية إلى المرافعة. والأمر بإحضار الأقمشة المحجوزة للمقابلة بينها وبين الوصف المثبت لها فى محضر البوليس. وإعلان المدعى بالحق المدنى لمناقشته في نوع الأقمشة المضبوطة ووصفها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لما طلبه الطاعن من إحضار الأقمشة وقال إنه طلب غير منتج فى الدعوى للأسباب السائغة التى بينها. ولما كانت المحكمة الاستئنافية غير مكلفة بسماع شهادة المدعى المدنى ما دام يبين من الأوراق أنه سمع أمام محكمة أول درجة بحضور الطاعن هذا إلى أنه كان حاضراً أمام المحكمة الاستئنافية فى جلسة المرافعة الأخيرة ولم يطلب الطاعن مناقشته فى شئ كما لم تر المحكمة أن سماعه كان لازماً لظهور الحقيقة أو تجد نقصاً في إجراءات التحقيق لتستوفيه. لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون على أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى فى الوجه الثالث على الحكم أنه خالف القانون إذ قال بسقوط حقه فى الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لعدم إبدائه قبل التعرض للموضوع مع أنه لا يجوز نفى ما هو ثابت بالكتابة كما يجوز الدفع بذلك فى أي مرحلة كانت عليها الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لما دفع به الطاعن من ذلك وبين أنه خلط فى دفعه بين الشركة التى نشأت بالعقد المؤرخ 15 من يونيه سنة 1952 وانتهت بالورقة المؤرخة 15 من يوليو سنة 1952 وهى التي وصفت بأنها مخالصة وانصبت على الشركة وحدها. وبين واقعة الاختلاس وهى جريمة منفصلة عن عقد فض الشركة وأنه"طالما أن المتهم لم يدفع منذ بداية التحقيق وقبل التعرض للموضوع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فإن حقه في ذلك يسقط لأن قواعد الإثبات المدنية ليست من النظام العام". ولما كان ما قاله الحكم من ذلك يتفق وصحيح القانون فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.