أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 149

جلسة 20 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(17)
طعن رقم 40 سنة 24 ق

دعوى منع التعرض . الحكم بمنع تعرض المدعى عليه في الطريق موضوع النزاع وبإزالة البناء الذي أقامه فيه إذا لم يرفع داعوه بالحق في خلال أجل معين لا مخالفة في ذلك لنص المادة 48/ 2 مرافعات
إذا كان الحكم قد قضى بمنع تعرض المدعى عليه في الطريق موضوع النزاع وكذلك بإزالة البناء الذي أقامه فيه المدعى عليه فى الطريق موضوع النزاع وكذلك بإزالة البناء الذى أقامة فية المدعى علية  إذا لم يرفع في خلال أجل معين دعوى بملكيته للطريق ونفي حق ارتفاق المرور عليه للمدعى فإن هذا الحكم لا يجعل تنفيذ الإزالة مرهوناً بنتيجة الفصل في دعوى الحق بل يجعله مرهوناً بأمر آخر منقطع الصلة بتلك النتيجة وهو قيام المدعى عليه برفع الدعوى بالحق خلال أجل معين وليس في هذا القضاء مخالفة لنص الفقرة الثانية من المادة 48 مرافعات. ذلك أنه وإن كانت ولاية قاضي الحيازة "في دعوى منع التعرض" تتسع لإزالة الأفعال المادية التي يجريها المدعى عليه باعتبار أن قضاءه في هذه الحالة هو من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض إلا أن له في هذا الخصوص أن يقدر موجبات الإزالة فيقضي بها أو يقرن قضاءه في خصوصها بأجل يحدده للمدعى عليه ليرفع في خلاله الدعوى بالحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنين أقاموا - مع أخرى - الدعوى رقم 808 لسنة 1951 مدني قويسنا - ضد المطعون عليهما وآخر - طلبوا فيها الحكم بوقف الأعمال الجديدة التي أوشك المدعى عليهم أن يقيموها - ببناء حائط يسد على المدعين طريقاً لهم عليه حق المرور والمطل - ويستعملونه لهذا الغرض منذ سنة 1932 - وبصحيفة أعلنت في 6 من سبتمبر سنة 1951 - عدل المدعون طلباتهم إلى طلب الحكم بمنع تعرض المدعى عليهم لهم في هذا الطريق وإعادة وضع يدهم وإزالة البناء - الذي كانوا على وشك إقامته ثم أقاموه بالفعل - ودفع المدعى عليهم بأنهم أقاموا البناء في أرضهم المملوكة لهم - وأن المدعين وإن كانوا قد ألفوا المرور في الطريق المذكور إلا أن ذلك كان تسامحاً منهم. وبتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1951 قضت محكمة قويسنا الجزئية بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى العين محل النزاع وتطبيق مستندات الطرفين عليها لمعرفة مالكها وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه ومداه - وما أقامه المدعى عليهم من بناء وتاريخ إقامته - وبعد أن باشر مكتب الخبراء العمل المنوط به وقدم تقريره - قضت محكمة الدرجة الأولى في 12 من نوفمبر سنة 1952 برفض الدعوى مع إلزام المدعيين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية بالاستئناف رقم 12 لسنة 1952 مدني مستأنف شبين الكوم بصحيفة أعلنت في 17 من يناير سنة 1953 طالبين قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ومنع تعرض المستأنف عليهم وإزالة ما أقاموه من بناء وتمكينهم من الانتفاع بالشارع المذكور وكف منازعة المستأنف عليهم لهم. وبتاريخ 29 من نوفمبر سنة 1953 حكمت محكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ومنع تعرض المستأنف عليهما (المطعون عليهما) في الطريق موضوع النزاع المبين بصحيفة الدعوى وبتقرير الخبير والحكم بإزالة البناء الواقع به وذلك بعد مضي شهرين من تاريخ النطق (بهذا الحكم) إذ لم يقم المستأنف عليهما (المطعون عليهما) برفع دعوى في هذه المدة بملكيتهم للطريق ونفي حق ارتفاق المرور عليه للمستأنف (الطاعنين) وألزمت المستأنف عليهما (المطعون عليهما) بثلاثة أرباع المصاريف عن الدرجتين وخمسماية قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وبتاريخ 11 من فبراير سنة 1954 قرر الطاعنون الطعن بالنقض في هذا الحكم. وبعد أن قدم المطعون عليهما دفاعهما وأودعت النيابة مذكرة برأيها طالبة فيها فرض الطعن - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 فصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 23 من يناير سنة 1958 - وفيها صممت النيابة على رأيها السابق إبداؤه.
وحيث إن الطعن بني على سبب ينعي الطاعنون فيه على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه - بعد أن أورد في أسبابه أن دعوى منع التعرض مستوفاة شرائطها القانونية - وأنه يتعين لذلك إلغاء الحكم المستأنف ومنع تعرض المستأنف عليهما (المطعون عليهما) للطاعنين في المرور من الطريق موضوع النزاع - عرض لما طلبه الطاعنون من إزالة للبناء الذي تم إنشاؤه أثناء نظر الدعوى - فذكر أن هذا الطلب ولو أنه مما يجوز للقاضي أن يأمر به ليكفل للمدعى حماية وضع يده إلا أنه رخصة متروكة لنظر القاضي فله أن يجعل نفاذه موقوفاً في موعد يحدده للمدعى عليه ليرفع في أثنائه دعوى الملكية - وتأسيساً على هذا النظر رأت المحكمة أن تحدد للمطعون عليهما مدة شهرين ليرفعا في أثنائها دعوى الملكية ونفي حق المرور وإلا كان "للطاعنين" بعد انقضاء هذا الأجل أن ينفذوا الحكم بإزالة البناء - وفي هذا الشطر الأخير من قضاء المحكمة خالف الحكم المطعون فيه القانون - إذ لا يجوز للمدعى عليه في دعوى الحيازة - طبقاً لنص المادة 48 من قانون المرافعات - أن يرفع دعوى الملكية أو نفي حق الارتفاق قبل تنفيذ الحكم الذي يصدر في دعوى الحيازة إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه - وبذلك تكون محكمة الموضوع قد عطلت تنفيذ حكم منع التعرض بتعليق الإزالة على نتيجة الفصل في دعوى الحق.
وحيث إن هذا النعي مردود - بأن الحكم المطعون فيه - إذ عرض في أسبابه لما طلبه الطاعنون من إزالة البناء الذي تم إنشاؤه أثناء نظر الدعوى - قد أورد في هذا الخصوص (وحيث إن المستأنفين طلبوا الحكم بإزالة البناء الذي تم إنشاؤه أثناء نظر الدعوى والذي حال بينهم وبين المرور - وهذا الطلب ولو أنه مما يجوز للقاضي أن يأمر به ليكفل للمدعى حماية وضع يده إلا أنه من المقرر أيضاً أن هذه رخصة متروكة لنظر القاضي فله أن يجعل نفاذ هذا الأمر موقوفاً في موعد يحدده للمدعى عليه ليرفع في أثنائه دعوى الملكية ولذا ترى المحكمة أن تحدد للمستأنف عليهما مدة شهرين من تاريخ النطق بهذا الحكم ليرفعا في أثنائها دعوى الملكية ونفي حق المرور وإلا كان للمستأنفين بعد انقضاء هذا الأجل أن ينفذوا الحكم بإزالة البناء المقام في الطريق موضوع النزاع" ثم جرى قضاؤه في المنطوق وفق ما جاء بالأسباب - ومن ذلك يبين أن الحكم المطعون فيه لم يجعل تنفيذ الإزالة مرهوناً بنتيجة الفصل في دعوى الحق - كما ذهب إليه الطاعنون في سبب الطعن - بل جعله مرهوناً بأمر آخر منقطع الصلة بتلك النتيجة إلا وهو قيام المطعون عليهما برفع الدعوى بالحق في خلال أجل معين - ومؤدى ذلك أنه إذا رفعت تلك الدعوى في خلال ذلك الأجل يعتبر أنه لم يكن ثمة قضاء بالإزالة وإذ لم ترفع كان موجب الإزالة قائماً والتنفيذية متأتياً - وليس في قضاء الحكم المطعون فيه - على هذا النحو مخالفة ما لنص الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المرافعات - ذلك أن نص هذه الفقرة يجري بأن الدعوى بالحق لا تقبل من المدعى عليه في دعوى الحيازة قبل الفصل في تلك الدعوى وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه فإذا كان الحكم معلقاً تنفيذه على شرط مقترن بأجل - كما هو الشأن في قضاء الحكم المطعون فيه بالإزالة - فإن رفع الدعوى بالحق من جانب المدعى عليه - في خلال الأجل المحدد بالحكم يكون إعمالاً لمقتضاه وتحقيقاً للشرط المعلق عليه تنفيذ الإزالة - وبتحقق الشرط يمتنع التنفيذ - وهو عين ما هدف إليه الحكم المطعون فيه وقضاؤه على هذا النحو لا يخالف القانون - ذلك أنه وإن كانت ولاية قاضي الحيازة "في دعوى منع التعرض" تتسع لإزالة الأفعال المادية التي يجربها المدعى عليه باعتبار أن قضاءه في هذه الحالة هو من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض إلا أن له في هذا الخصوص أن يقدر موجبات الإزالة فيقضي بها - أو يقرن قضاءه في خصوصها بأجل يحدده للمدعى عليه ليرفع في خلاله الدعوى بالحق - كما جرى به قضاء الحكم المطعون فيه - ومن ثم يتعين رفض الطعن.