أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 161

جلسة 27 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، وأحمد قوشة، ومحمد متولي عتلم، والحسيني العوضي المستشارين.

(19)
طعن رقم 42 سنة 24 ق

(1) أهلية . قاصر. عقد. مواريث "ما يعتبر مالاً يورث". خلف عام. بيع. بطلان نسبي. حق القاصر في طلب إبطال التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر انتقال هذا الحق لورثته بعد وفاته . م 111 مدني.
(ب) نقض "التوكيل في الطعن". محاماة. وجوب تقديم توكيل الطاعن للمحامي الذي قرر الطعن وإلا كان الطعن باطلاً. م 429 مرافعات.
(ج) نقض "الخصوم في الطعن". عدم قبول الطعن الموجه إلى أحد المطعون عليهم متى كان الطاعن قد تنازل عن مخاصمته أمام محكمة أول درجة وأثبتت تلك المحكمة هذا التنازل ولم يختصم في المرحلة الاستئنافية.
1 - متى كانت التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر - مثل التصرف بالبيع - قابلة للإبطال لمصلحة القاصر - كما هو حكم المادة 111 من القانون المدني - فإن للقاصر في حال حياته أن يباشر طلب الإبطال بواسطة من يمثله قانوناً، كما أن هذا الحق ينتقل بعد وفاته لوارثه بوصفه خلفاً عاماً له يحل محل سلفه في كل ما له وما عليه فتؤول إليه جميع الحقوق التي كانت لسلفه. وإذ كان موضوع طلب الإبطال تصرفاً مالياً فإنه بهذا الوصف لا يكون حقاً شخصياً محضاً متعلقاً بشخص القاصر بحيث يمتنع على الخلف العام مباشرته.
2 - متى كان المحامي الذي قرر الطعن لم يقدم توكيلاً عن الطاعن فإن الطعن يكون باطلاً وفقاً لما يقضي به صريح نص المادة 429 مرافعات التي توجب أن يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب - فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه.
3 - متى تبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى الحكم الابتدائي أن أحد المدعى عليهم لم يختصم إلا أمام محكمة الدرجة الأولى وأن المدعى قد تنازل عن مخاصمته في تلك الدرجة وأثبتت المحكمة الابتدائية تنازله عن مخاصمته كما أنه لم يختصم ي المرحلة الاستئنافية فلا محل لتوجيه الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه إليه ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة له ذلك أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه وأن المطعون عليه المذكور كان بمنأى عن الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن عن نفسه وبصفته ولي أمر ابنه القاصر طه إبراهيم محمد أقام الدعوى رقم 258 لسنة 1951 مدني كل بني سويف ضد المطعون عليهما الثاني والثالث - وأخرى تدعى زينب سيد حسين - وطلب بصحيفتها الحكم بتثبيت ملكيته إلى 15 قيراطاً و15 سهماً شيوعاً في 2 فدان و15 قيراطاً و4 أسهم مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة مؤسساً طلبه على أن زوجته المرحومة عزيزة جاد يوسف توفيت في 31/ 10/ 1951 وتركت له بصفته زوجها ولولده القاصر منها المشمول بولايته ولوالدتها زينب سيد حسن القدر المرفوع به الدعوى ميراثاً عنها - ثم حدث أن تصرفت هذه الأخيرة في نصيبها الموروث لها عن بنتها عزيزة إلى حفيدها القاصر طه إبراهيم محمد مهدي. فأصبحت كل التركة المخلفة عن عزيزة ملكاً لزوجها المدعى ولولده القاصر المشمول بولاية أبيه، غير أنه لما أراد أن يضع يده على هذه التركة نازعه فيها (المطعون عليهما الثاني والثالث) بدعوى أن المورثة المذكورة كانت قد تصرفت في هذه الأعيان بالبيع لهما - وإذ كانت هذه الورثة قاصراً وتوفيت وهي لم تبلغ بعد سن الرشد - فعلى فرض أنها تصرفت بالبيع فإن تصرفها يكون باطلاً. وأنه تأسيساً على ذلك تكون الأعيان المطالب بها ملكاً لورثتها - وهما الطاعن وولده - وقد عدل الطاعن طلباته بعد ذلك بأن أضاف إلى طلب تثبت الملكية - طلب الحكم بإبطال عقدي بيع منسوب صدورهما لمورثته - أولهما مؤرخ في 8/ 6/ 1950 ومسجل في 2/ 10/ 1950 - وثانيهما مؤرخ 31/ 10/ 1950 - مع محو جميع ما يترتب عليهما. وأثناء نظر الدعوى توفيت زينب سيد حسن. فأدخل الطاعن - المطعون عليه الأول - في الدعوى بصفته وارثها - ثم تنازل عن مخاصمته - بعد أن أبدى أنه لا ينازعه في شيء مما يطلب الحكم له به.
وبتاريخ 16 يونيه سنة 1953 قضت محكمة أول درجة - أولاً - بإثبات تنازل المدعى (الطاعن) عن مخاصمة المدعى عليه الثاني (المطعون عليه الأول) ثانياً - تثبيت ملكية المدعى إلى 15 قيراطاً و15 سهماً شيوعاً في 2 فدان و15 قيراطاً و4 أسهم وتسليمها إليه وكف منازعة المدعى عليهما الثالث والرابع المطعون عليهما الثاني والثالث) له فيها وإبطال عقدي البيع (المشار إليهما فيما سلف) الصادرين من مورثة الطاعن إلى هذين المطعون عليهما وألزمتهما بالمصاريف وثلثماية قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 8 من يوليه سنة 1953 استأنف المطعون عليهما الثاني والثالث هذا الحكم - ضد الطاعن - إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 516 لسنة 70 قضائية وطلباً قبول استئنافهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن - مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي - وبتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف بهذه الطلبات.
وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1954 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم. ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1957. وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت الإحالة إلى الدائرة المدنية - وبتلك الجلسة أصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 6 من فبراير سنة 1958، وفي هذه الجلسة صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بالمذكرة المقدمة منها - ببطلان تقرير الطعن بالنسبة للطاعن بصفته الشخصية لعدم التوقيع عليه من محام مقبول - ثابتة وكالته عن الطاعن قبل التقرير - موضحة أن المحامي الذي قرر الطعن ووقعه نيابة عن الطاعن إبراهيم محمد مهدي عن نفسه وبصفته ولي أمر ولده طه إبراهيم محمد - ليس بيده توكيل من إبراهيم محمد مهدي بصفته الشخصية - والتوكيل الصادر له قاصر على صفته كولي أمر لولده طه.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على تقرير الطعن أن المقرر به والموقع عليه هو الأستاذ حزين سعد المحامي نائباً عن الأستاذ أمين خليفة بمقتضى التوكيل المصدر عليه من مكتب توثيق بني سويف بتاريخ 9/ 2/ 1954 رقم 133 سنة 1954 من قبل إبراهيم محمد مهدي عن نفسه وبصفته ولي أمر ولده القاصر طه إبراهيم محمد الشهير بصلاح. ويبين من الاطلاع على التوكيل المشار إليه في التقرير - وهو مودع برقم 2 في ملف الطعن أنه صادر للأستاذ أمين خليفه المحامي - من إبراهيم محمد مهدي بصفته ولي أمر ولده القاصر طه إبراهيم محمد دون ذكر لما يستفاد منه أنه صادر بصفته الشخصية أيضاً - لما كان ذلك - وكان المحامي الذي قرر الطعن لم يقدم توكيلاً عن الطاعن بصفته الشخصية - فإن الطعن منه بهذه الصفة يكون باطلاً وفقاً لما يقضي به صريح نص المادة 429 مرافعات التي توجب أن يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب - فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه ويكون الطعن المقدم لهذه المحكمة مقصوراً بعد ذلك على إبراهيم محمد مهدي بصفته ولي أمر ابنه القاصر طه إبراهيم محمد.
وحيث إن النيابة دفعت أيضاً بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول (جابر جاد يوسف) لرفعه على غير ذي صفة إذ أن هذا المطعون عليه كان مختصماً فقط في مرحلة التقاضي أمام محكمة الدرجة الأولى - وقد نزل الطاعن عن مخاصمته فيها وقضت تلك المحكمة بإثبات تنازله عن مخاصمته - ولم يكن بعد ذلك خصماً في النزاع المطروح على محكمة الدرجة الثانية التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله - ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه - وعلى الحكم الابتدائي المطعون عليه الأول لم يختصم إلا أمام محكمة الدرجة الأولى - وأن الطاعن قد تنازل عن مخاصمته في تلك الدرجة وأثبتت المحكمة الابتدائية تنازله عن مخاصمته - كما أنه لم يختصم في المرحلة الاستئنافية - ولما كانت الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه - وكان المطعون عليه الأول بمنأى عن الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - فلا محل لتوجيه الطعن بالنقض في هذا الحكم إليه، ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ذلك - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مبنى الطعن هو خطأ الحكم المطعون فيه في القانون - بقضائه برفض الدعوى المقامة من الطاعن تأسيساً على أن مورثته وإن كانت قاصراً حين وفاتها - وحين أصدرت عقدي البيع المطلوب الحكم بإبطالهما - للمطعون عليهما الثاني والثالث - إلا أن الحق في طلب الإبطال حق شخصي لا يكون إلا للقاصر ولا ينتقل للخلف العام وعلى ذلك فلا يكون للطاعن عن نفسه وبصفته أن يطلب الإبطال - وقد خالفت محكمة الاستئناف بهذا النظر الخاطئ حكم القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف بعد أن أقرت في أسباب حكمها بصدور عقدي البيع المطلوب إبطالهما من مورثة الطاعن وهي قاصر - وبأن عقد البيع من العقود الدائرة بين النفع والضرر قد أقامت قضاءها برفض دعوى الطاعن - على ما أوردته في حكمها - من أنه "وإن كان من الجائر إبطال تصرفات القاصر الدائرة بين النفع والضرر حال حياته بناء على طلبه أو طلب وصيه فإنه لا يجوز للخلف العام طلب إبطال تلك التصرفات لأن حق الإبطال هو من الحقوق الشخصية المحضة. وحيث إن المستأنف عليه (الطاعن) هو من الخلف العام فلا يجوز له إذن طلب إبطال عقدي البيع المؤرخ أولهما في 8/ 6/ 1950 والمسجل في 2/ 10/ 1950 والمؤرخ ثانيهما في 31/ 10/ 1950 - ولذلك تكون دعواه على غير أساس وتكون محكمة أول درجة قد أخطأت في حكمها المستأنف ويتعين إلغاء هذا الحكم". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه مخالف للقانون - ذلك أنه متى كانت التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر - قابلة للإبطال لمصلحة القاصر كما هو حكم المادة 111 من التقنين المدني - فإن للقاصر في حال حياته أن يباشر طلب الإبطال بواسطة من يمثله قانوناً - كما أن هذا الحق ينتقل بعد وفاته لوارثه بوصفه خلفاً عاماً له يحل محل سلفه في كل ما له وما عليه - فتؤول إليه جميع الحقوق التي كانت لسلفه - وإذ كان موضوع طلب الإبطال تصرفاً مالياً فإنه بهذا الوصف لا يكون حقاً شخصياً محضاً متعلقاً بشخص القاصر بحيث يمتنع على الخلف العام مباشرته. كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه خطأ.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه.