أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 167

جلسة 27 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(20)
الطعن رقم 47 سنة 24 ق

معارضة "أحكام يجوز المعارضة فيها". إجراءات. إعلان. أعذار. حكم غيابي. وصف الحكم بأنه حضوري عملاً بالمادة 96 مرافعات. المعارضة فيه والتمسك في صحيفة المعارضة ببطلان ورقة التكليف بالحضور وببطلان إعلان الأعذار. جواز المعارضة. م 141 و385 مرافعات.
إذا وصف الحكم بأنه حضوري عملاً بحكم المادة 96 من قانون المرافعات فعارض فيه أحد المحكوم عليهم وتمسك في صحيفة المعارضة ببطلان ورقة التكليف بالحضور - طبقاً لما يوجبه نص المادة 141 مرافعات - كما تمسك ببطلان إعلانه بالأعذار فإن المعارضة في هذا الحكم تكون جائزة إذ التمسك ببطلان ورقة التكليف بالحضور وببطلان إعلان الأعذار من شأنه لو صح أن يعتبر الحكم الصادر ضد المعارض حكماً صادراً في غيبته وبذلك تجوز فيه المعارضة منه طبقاً لنص المادة 385 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعن وآخرين الدعوى رقم 961 لسنة 1949 كلي المنصورة - طالباً إلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 375ج و416م قيمة الريع المستحق له قبلهم من يوم 25/ 11/ 1941 لغاية يوم 25/ 11/ 1945 وما يستجد من الريع حتى التسليم مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة. وبتاريخ 31/ 5/ 1947 قضت المحكمة بندب خبير لتحقيق وضع اليد الفعلي وتقدير الريع وبعد أن باشر عمله قدم تقريراً - قدر فيه الريع بمبلغ 607ج و532م حتى نهاية سنة 1948. وبتاريخ 14/ 5/ 1949 أصدرت تلك المحكمة حكماً آخر بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه وضع يد الطاعن وباقي المدعى عليهم على الأطيان المطالب بريعها - ولم ينفذ هذا الحكم - حيث لم يعلن المطعون عليه شهوداً - وبجلسة 22/ 5/ 1950 قضت محكمة أول درجة حضورياً بإلزام المدعى عليهم الأول والثالثة والخامس والسادس والحادي عشر والثاني عشر بأن يدفعوا للمطعون عليه مبلغ 607 جنيهاً و532 مليماً وذلك بالتضامن بينهم مع إلزامهم بالمصروفات، 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - وقد رفع عن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة استئنافان أصليان أقامهما ضد المطعون عليه فريق من المدعى عليهم أمام محكمة أول درجة لم يكن الطاعن من بينهم - ولدى نظر الاستئناف الأول بجلسة أول أبريل سنة 1951 تحضير طلب المطعون عليه التصريح له بإعلان باقي الخصوم الذين كانوا بالدعوى الابتدائية فأجيب إلى طلبه غير أنه رفع بالإعلان استئنافاً فرعياً أكده بالمذكرة المقدمة لجلسة أول أبريل سنة 1951 تحضير - وفيها طلب رفض الاستئناف الأصلي - ورفع استئنافاً فرعياً طلب قبوله شكلاً وموضوعاً إلزام جميع المستأنفين والأخصام الذين طلب إدخالهم في الدعوى بالتضامن بقيمة الريع وقدره 607 جنيهاً و532 مليماً مع الفوائد القانونية بواقع 5% من 16/ 10/ 1946 حتى تمام الوفاء والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين - وبإعلان مؤرخ 28/ 4/ 1951 صمم على هذه الطلبات وأضاف إليها قيمة الريع المستحق له من سنة 1948 وما يستجد لغاية استلامه الأطيان استلاماً فعلياً. وبجلسة 5 من فبراير سنة 1952 قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني للأول - وبتاريخ 5 من مارس سنة 1952 حكمت محكمة استئناف المنصورة حضورياً بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً وفي موضوع الاستئناف الفرعي المرفوع من المطعون عليه بإلزام الطاعن وثلاثة آخرين معه بأن يدفعوا (للمطعون عليه) المبلغ المحكوم به ابتدائياً وقدره 607 ج و532 م وفوائد هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من 20/ 5/ 1950 (كذا بالصورة طبق الأصل المقدمة بملف الطعن) حتى الوفاء مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما خالف ذلك من الطلبات.
وبتاريخ 18 من مايو سنة 1952 رفع الطاعن - وآخر - معارضة في هذا الحكم ضد (المطعون عليه) طلباً فيهما قبول معارضتهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى مع إلزام (المطعون عليه) بالمصاريف والأتعاب. ودفع (المطعون عليه) بعدم جواز المعارضة تأسيساً على أن الحكم المعارض فيه قد صدر حضورياً - وأن المعارضين كانا على علم تام بالإجراءات التي اتخذت ضدهما في الحكم المعارض فيه بمقتضى أرواق المحضرين المعلنة لهما إعلاناً صحيحاً - فقد أعلنا بصحيفة الاستئناف بتاريخ 28 من أبريل سنة 1951 مخاطباً مع (أحمد محمد القصبي) المقيم معهما وتحدد لحضورهما جلسة 2 من يونيه سنة 1951 ولما لم يحضرا بتلك الجلسة وتأجلت القضية لجلسة 10 من نوفمبر سنة 1951 لإعلانهما مع التنبيه عليهما بأن الحكم الذي يصدر يعتبر حضورياً وقد تم إعلانهما بذلك في تاريخ 18 من يونيه سنة 1951 مع أحمد محمد القصبي المقيم معهما لغيابهما. وأنه مما يقطع بعلم المعارضين بالإجراءات التي اتخذت ضدهما في الحكم المعارض فيه وبأوراق المحضرين المعلنة لهما أن المعارض الأول (الطاعن) قدم عريضة في 19 من فبراير سنة 1952 إلى المحكمة يطلب فيها فتح باب المرافعة ليقدم مذكرة. إذ كانت المحكمة قد حجزت القضية للحكم لجلسة 5 من مارس سنة 1952 وهذا يؤكد علمه بسير الدعوى وما اتخذ فيها من إجراءات.
وبتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1953 حكمت المحكمة حضورياً "بقبول الدفع المقدم من المعارض ضده (المطعون عليه) بعدم جواز المعارضة المقدمة من المعارضين في الحكم موضوع الدعوى لاعتباره حكماً حضورياً لا يقبل الطعن فيه بالمعارضة وبعدم جوازها وألزمت المعارضين بالمصروفات ومبلغ ثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة للمعارض ضده.
وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1954 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد أن قدم المطعون عليه دفاعه فيه وأبدت النيابة رأيها بمذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1957 - وشرحت النيابة وجهة نظرها كما جاء بمذكرتها وطلبت الإحالة - وبجلسة 14 من يناير سنة 1958 قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 13 من فبراير سنة 1958 - وفيها صممت النيابة على ما سبق لها إبداؤه من رأي.
وحيث إن مبنى الطعن - على ما يستفاد من التقرير - أن الطاعن قد أسس معارضته في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر بتاريخ 5 من مارس سنة 1951 على القول بأن ذلك الحكم وإن كان قد وصف بأنه حضوري إلا أنه في حقيقته حكم غيابي إذ أن الطاعن لم يحضر في الخصومة التي انتهت بهذا الحكم ولم يعلن إعلاناً صحيحاً بصحيفة الاستئناف الفرعي التي قيل بإعلانه بها في 28 من أبريل سنة 1951 وكذلك لم يعلن بالأعذار الذي قيل بتوجيهه إليه في 18 من يونيه سنة 1951 - وأن هذين الإعلانين قد وقعا باطلين إذ أن المخاطب معه فيهما وهو أحمد محمد القصبي الذي تسلمهما وأخفاهما عن الطاعن لم يكن له الحق في استلامهما لأنه لا يقيم معه في منزل واحد، وأن الشهادة المؤرخة 19 من مايو سنة 1953 المقدمة منه والموقع عليها من عمدة وشيخ بلدة كفر الشيخ عطية تفيد أن لكل منهما منزلاً خاصاً يقيم به وأن أحمد محمد القصبي لا يساكنه - وقد التفتت محكمة الاستئناف عن تحقيق ما تمسك به "الطاعن" - من بطلان هذين الإعلانين - مع أنه إن صح كانت الإجراءات باطلة - وكان الحكم غيابياً - واستندت في قضائها بعدم جواز المعارضة إلى أنها لم تتبين بطلاناً في إعلان صحيفة الاستئناف إلى (الطاعن) ولا في الإعذار - وأنه وقد اعتبرت المحكمة الحكم حضورياً في حق (الطاعن) - فليس سبيل المعارضة مفتوحاً أمامه ليطعن عن طريقه ببطلان هذين الإعلانين - بل إن له أن يسلك إلى ذلك الطعن سبيله القانوني - أما أن المحكمة لم تتبين بطلاناً في الإعلانين المشار إليهما من قبل - فإن ذلك ما كان ليصرفها عن واجبها في تحقيق بطلانها.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه أن المعارضة التي رفعها الطاعن - قامت في مبناها على أن المحكمة وصفت الحكم المعارض فيه بأنه حضوري مع أنه وزميله في المعارضة لم يعلنا إعلاناً صحيحاً بالاستئناف الفرعي ولم يحضرا أمام المحكمة ولم يعلما بالإجراءات التي انتهت بصدور ذلك الحكم إلا عند إعلانهما به بتاريخ 3 من مايو سنة 1953 - وأردف ذلك ببيان الدفع بعدم جواز المعارضة - الذي تقدم به المطعون عليه - وما تأسس عليه هذا الدفع - من أن صحيفة الاستئناف الفرعي وكذلك الأعذار قد أعلنا إعلاناً صحيحاً لأخي الطاعن (أحمد محمد القصبي) المقيم معه لغيابه ثم عرض لما تمسك به كل من المعارضين والمعارض ضده في هذا الخصوص في قوله، "بما أن الطرفين قد اختلفا في صحة الإعلانين المشار إليهما وهما إعلان صحيفة الاستئناف الفرعي بتاريخ 28 من أبريل سنة 1951 والإعذار المؤرخ في 18 من يونيه سنة 1951، إذ ادعى المعارضان أن المعارض ضده أعلنهما بإعلانين باطلين لا يترتب عليهما أي أثر وذلك لحصول هذين الإعلانين لأحمد محمد القصبي الذي تسلمهما وأخفاهما عنهما علاوة على أنه لم يكن له الحق في استلامهما لأنه لا يقيم معهما في منزل واحد وأنه مما يؤيد هذا النظر الشهادة المؤرخة 19 من مايو سنة 1953 والمقدمة منهما والموقع عليها من عمدة وشيخ بلدة كفر الشيخ عطية والتي تفيد أن كلا منهما له منزل خاص يقيم فيه وأن أحمد محمد القصبي لا يساكن أيهما وله منزل مستقل عن كل منهما، وذهب المعارضان في القول إلى أنه لم يفطن أحد لهذا البطلان، واستمرت القضية في سيرها حتى صدر فيها الحكم المعارض فيه لمصلحة المعارض ضده وأن أحدهما وهو المعارض الأول علم بسير الدعوى رغم عدم إعلانه فطلب فتح باب المرافعة بعريضة قدمها إلى المحكمة بتاريخ 19 من فبراير سنة 1952 وحرص على أن يذكر في ذلك الطلب أنه لم يعلن - على أن المعارض ضده تمسك بصحة الإعلانين المذكورين"، ومن ذلك يبين أن الطاعن - قد تمسك لدى محكمة الاستئناف - في المعارضة المرفوعة منه - ببطلان الإعلانين المشار إليهما وبوجه البطلان فيهما - وقد التفتت محكمة الاستئناف عن النظر في هذا الدفاع وقضت عدم جواز المعارضة تأسيساً على ما أوردته في حكمها من أنها "عند إصدارها الحكم المعارض فيه لم تتبين بطلاناً في إعلان صحيفة الاستئناف إلى المعارضين بتاريخ 28 من أبريل سنة 1951 ولا في إعادة إعلانهما بتاريخ 18 من يونيه سنة 1951 مع إعذارهما بأن الحكم الذي يصدر يعتبر حضورياً في حقهما، ومن ثم فلا تقبل المعارضة في ذلك الحكم الذي فصلت به المحكمة في الدعوى واعتبرته في حق المعارضين حضورياً عملاً بأحكام المادة 96 من قانون المرافعات الحالي - هذا وقد نصت المادة 385 من القانون المذكور على أنه تجوز المعارضة في كل حكم يصدر في القضية إذا لم يعتبره القانون بمثابة حكم حضوري ولا سبيل للمعارضين إذا أرادوا الطعن على بطلان الإعلانين المشار إليهما وما ترتب عليهما من إجراءات بما في ذلك الحكم الصادر في الدعوى إلا أن يسلكا الطريق القانوني الذي أوجبه المشرع...." وهذا الذي ذكرته محكمة الاستئناف يشوب حكمها بقصور التسبيب لأنها أغفلت تحقيق دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى - وقد سلك الطاعن - في طرح هذا الدفاع - السبيل المفروض عليه قانوناً - إذ تمسك في صحيفة المعارضة ببطلان ورقة التكليف بالحضور وهي صحيفة الاستئناف الفرعي - طبقاً لما يوجبه نص المادة 141 من قانون المرافعات - التي تنص على أن (الدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور يجب إبداؤه في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه" كما أنه تمسك ببطلان إعلانه بالإعذار - والتمسك ببطلان إعلان ورقة التكليف بالحضور وببطلان إعلان الإعذار - من شأنه لو صح أن يعتبر الحكم الصادر ضده حكماً صادراً في غيبته، وبذلك تجوز فيه المعارضة منه طبقاً لنص المادة 385 من قانون المرافعات. ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه