أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 261

جلسة 17 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(57)
الطعن رقم 2033 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) هيئات عامة. "الهيئة العامة للإصلاح الزراعي". موظفون عموميون. أشخاص اعتبارية. مرافق عامة.
الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. من أشخاص القانون العام. مالها مال عام. العاملون بها من الموظفون العموميين.
(جـ، د) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. حكم. "تسبيه. تسبيب غير معيب".
(جـ) تحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات بتسليم المال إلى الموظف العام ووجوده في عهدته بسبب وظيفته. يستوي أن يكون المال عاماً مملوكاً للدولة أو خاصاً مملوكاً للأفراد.
(د) عدم جدوى النعي على الحكم عدم تعيينه مقدار المال الذي داخله الغش ما دام الطاعن يسلم بما أثبته الحكم تحديداً لمقدار ما اختلس.
1 - يبين من نص المادة 12 من القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 82 لسنة 1963 و14 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1587 لسنة 1963 في شأن تنظيم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، في صريح عبارتها وواضح دلالتها أن هيئة الإصلاح الزراعي هيئة عامة من أشخاص القانون العام تقوم على مرفق من مرافق الدولة، وتتمتع بقسط من اختصاصات السلطة العامة، ولها الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي الخاضعة لها وتوجيهها في حدود القانون، كما أن مالها مال عام، ولها ميزانية تلحق بالميزانية العامة للدولة، والعاملون فيها من الموظفين العموميين لأن العلاقة التي تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية إذ تسري عليهم القوانين واللوائح المنظمة للوظائف العامة.
2 - متى كان البين من مدونات الحكم أن المواد المختلسة مال عام مملوك للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، أما دور الجمعيات التعاونية فقاصر على الإشراف على توزيعها، فإنه لا وجه لما زعمه الطاعن من أنها مال خاص للجمعيات التعاونية.
3 - من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111 و119 من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد، لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن بأدلة منتجة أنه اختلس مادتي الدبتركس والسيفين من عبواتها التي كان يضع فيها مكان ما يختلسه منها أحجاراً وتراباً، وعين مبلغ ما اختلسه، وحدد قيمته رداً إلى شهادة الخبراء مما له أصله الثابت في التحقيق الذي أجرته المحكمة في الجلسة، ولا ينازع الطاعن في شيء منه، فلا يجديه المجادلة في تعيين مقدار ما داخله الغش وما لم يداخله، ما دام هو يسلم في طعنه بما أثبته الحكم تعييناً لمقدار ما اختلس بأنه 355 كيلو جراماً من مادة الدبتركس ثمنها 347 ج و900 م، إذ أن الحكم اتخذ من ضبطه يقوم بالغش في مادتي الدبتركس والسيفين موضوع العجز دليلاً على اختلاسه للقدر الناقص في عهدته أياً كان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في أخريات سنة 1963 وأوليات سنة 1964 بناحية مركز المنصورة محافظة الدقهلية: وهو موظف عمومي "أمين مخازن الإصلاح الزراعي بناحية البقلية" اختلس المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه أميناً عليها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً لمواد الاتهام، ومحكمة جنايات المنصورة قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمواد 111/ 1 و112/ 1 - 2 و118 و119 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ 401 ج و581 م وتغريمه 500 ج وذلك على اعتبار أنه في المدة من أول سبتمبر سنة 1963 حتى 2 فبراير سنة 1964 بصفته مستخدماً في الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التابعة للحكومة "أمين مخازن الإصلاح الزراعي بناحية البقلية مركز المنصورة" اختلس الأشياء الموضحة بالمحاضر (355 كيلو جراماً من مادة الدبتركس) و50.5 كيلو جراماً من مادة السيفين قيمتها جميعاً 401 ج و581 م والمملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه أميناً عليها. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية الاختلاس قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه الفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، ذلك بأن الواقعة - بفرض صحتها - تعتبر جنحة تبديد لأن المال المقول باختلاسه مال خاص للجمعيات التعاونية طبقاً للقانون 117 لسنة 1956 وليس مالاً عاماً مملوكاً للدولة، كما أن الثابت أن العجز في مادة الدبتركس مقداره 355 كيلو وصف في الكشف بأنه مغشوش ومستبدل بأتربة في حين أن المحكمة المطعون في حكمها وقع في نفسها أن المغشوش منه 250 كيلو فقط وأن الفرق وهو 105 كيلو يمثل عجزاً في مادة سليمة، ولذلك دانته بالاختلاس ورفضت دفاعه المؤسس على أنه تسلم العلب المحتوية على تلك المادة مقفلة دون أن يتبين فساد ما يحويه بعضها، هذا إلى أن الثابت من التحقيق أن الطاعن شاركه في العمل أمين مخزن آخر مما يرشح غيره للاتهام، وقد تأثرت المحكمة في الإدانة بأن الطاعن أبدى استعداده لرد ما اختلس مع أن ذلك لا يفيد حصول الاختلاس من جانبه، مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن المادة 12 من القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 82 لسنة 1963 قد نصت على أنه (تنشأ "هيئة عامة" تسمى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزارة الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي ويصدر بتنظيمها قرار من رئيس الجمهورية، وتكون لها ميزانية خاصة تلحق بالميزانية العامة للدولة.... ويكون للهيئة الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي وتوجيهها في حدود القانون) ونصت المادة 14 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1587 لسنة 1963 في شأن تنظيم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على أنه (تسري على العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي أحكام التشريعات واللوائح المنظمة للوظائف العامة فيما لا يرد في شأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة). ويبين من هذه النصوص في صريح عبارتها وواضح دلالتها أن هيئة الإصلاح الزراعي هيئة عامة من أشخاص القانون العام تقوم على مرفق من مرافق الدولة، وتتمتع بقسط من اختصاصات السلطة العامة، ولها الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي الخاضعة لها وتوجيهها في حدود القانون، كما أن مالها مال عام، ولها ميزانية تلحق بالميزانية العامة للدولة، والعاملون فيها من الموظفين العموميين لأن العلاقة التي تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية إذ تسري عليهم القوانين واللوائح المنظمة للوظائف العامة. والبين من مدونات الحكم أن المواد المختلسة مال عام مملوك للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أما دور الجمعيات التعاونية فقاصر على الإشراف على توزيعها، فلا وجه لما زعمه الطاعن من أنها مال خاص للجمعيات التعاونية المذكورة. وفضلاً عن ذلك، فإنه من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111 و119 من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد، لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته، فلا مصلحة لما أثاره الطاعن في هذا الصدد ولا وجه لما نعاه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن بأدلة منتجة أنه اختلس مادتي الدبتركس والسيفين من عبواتها التي كان يضع فيها مكان ما يختلسه منها أحجاراً وتراباً، وعين مبلغ ما اختلسه، وحدد قيمته رداً إلى شهادة الخبراء مما له أصله الثابت في التحقيق الذي أجرته المحكمة في الجلسة، ولا ينازع الطاعن في شيء منه، فلا يجديه المجادلة في تعيين مقدار ما داخله الغش وما لم يداخله، ما دام هو يسلم في طعنه بما أثبته الحكم تعييناً لمقدار ما اختلس بأنه 355 كيلو جراماً من مادة الدبتركس ثمنها 347 ج و900 م، إذ أن الحكم اتخذ من ضبطه يقوم بالغش في مادتي الدبتركس والسيفين موضوع العجز دليلاً على اختلاسه للقدر الناقص في عهدته أياً كان. ولما كان الحكم رد على دفاعه من أنه تسلم عهدته بحالتها من الغش، بأدلة سائغة، وكان لم يتخذ من إبداء الطاعن استعداده لرد ما اختلس دليلاً على اختلاسه، بل ساقه مساق الواقع في بيانه، وكان سائر الطعن جدلاً موضوعياً صرفاً لا يثار لدى محكمة النقض، فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض.