أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 237

جلسة 27 من مارس سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد رفعت المستشارين.

(31)
طعن رقم 368 سنة 23 ق

- نقض "إيداع الأوراق والمستندات". اختصاص. حوالة. وجوب إيداع صورة الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه ولو كان سبب الطعن وارداً على قضاء محكمة الاستئناف وحده فيما أبدى أمامها لأول مرة. أمثلة. م 432/ 2 مرافعات.
- متى كان الحكم المطعون فيه قد أحال في أسبابه إلى الحكم الابتدائي ولم يودع الطاعن في المواعيد المقررة في القانون صورة من الحكم الابتدائي فإن الطعن يكون باطلاً طبقاً للمادة 432/ 2 مرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض. ولا يغض من ذلك أن يكون سبب الطعن وارداً على قضاء محكمة الاستئناف وحده فيما أبدى أمامها لأول مرة كالدفع ببطلان الحوالة محل النزاع لصوريتها أو الدفع بانعدام ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى، ذلك لأنه لا يمكن الجزم بانقطاع الصلة فيهما بين الحكم المطعون فيه وحكم محكمة أول درجة الذي أحيل إليه في أسباب ذلك الحكم الاستئنافي والقول إنهما بطبيعتهما مستقلان عما قد يكون حواه الحكم الابتدائي لأن بطلان الحوالة قد يقوم على أسباب أخرى غير الصورية تكفي لحمل الحكم كما أن الحكم الابتدائي قد يحوي من العناصر الواقعية والأسباب القانونية ما يبرر ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المرحوم الأستاذ عبد الوهاب البرعي مورث الطاعنة الثانية والمطعون عليه الثالث استأجر بالتضامن مع عبد المجيد محمد شميس أعيان وقف المرحوم إسماعيل العدل بيبرس وقدرها 1415 فداناً، 4 قراريط، 16 سهماً من الحارس القضائي على الوقف المذكور "قطسنطين كرانتوتيلو" لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 31 من أكتوبر سنة 1933 بإيجار سنوي قدره 4972 جنيهاً، 500 مليم وذلك بموجب عقد رسمي مضمون برهن تأميني مؤرخ 14 من ديسمبر سنة 1930 وبعد وفاة المستأجر الأستاذ البرعي عهد ورثته للطاعن الأول بحكم مصاهرته له أن يتولى تسوية ديونه ومنها دين الإيجار المطلوب لجهة الوقف وقدره 4972 جنيهاً، 500 مليم فتم الاتفاق بين ناظر الوقف المذكور وبين الطاعن الأول على أن يقبض الأول بصفته من الثاني المبلغ المذكور وحرر عن ذلك عقد تنازل رسمي مؤرخ 3 من يناير سنة 1943 أقر فيه صالح إسماعيل بيبرس بصفته ناظراً على الوقف بأنه قبض من الطاعن الأول مبلغ 4972 جنيهاً، 500 مليم قيمة دين الوقف على المرحوم الأستاذ البرعي وأنه بذلك يتنازل الطاعن الأول عن الدين ويحله فيه محل الوقف إزاء ورثة المدين المستأجر "البرعي" بجميع تأميناته وضماناته كما ضمن الناظر فيه وجود الدين المتنازل عنه في ذمة المدين. ولما ترامى إلى الطاعن الأول نبأ تمسك ورثة المستأجر بالتخالص عن هذا الدين المتنازل عنه إليه استناداً إلى ورقة محاسبة نهائية مؤرخة 16 من أبريل سنة 1938 وثابتة التاريخ في سبتمبر سنة 1931، كما تمسكوا بسقوط هذا الدين لانقضاء خمس سنوات على استحقاقه بغير مطالبة. فرفع الطاعن الدعوى رقم 752 سنة 1943 أمام محكمة المنصورة الوطنية ضد ناظر الوقف بصفته ناظراً على وقف العدل بيبرس وضد ورثة المدين البرعي للمطالبة بقيمة ما دفعه عنهم لجهة الوقف. كما أقام الأستاذ يوسف صوصه الذي انتهت إليه حراسة أعيان الوقف المذكور الدعوى رقم 992 جدول عمومي و457 جدول خصوصي أمام محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة طلب فيها بصفته حارساً قضائياً على وقف بيبرس بطلان عقد التنازل الرسمي وعدم محاجة الوقف به لصدوره ممن لا يملكه لأن حراسته تجعله هو وحده المنوط بشئون الوقف المذكور وقد أدخل في الخصومة بناءً على طلب النيابة العامة كلا من المطعون عليه الثالث والطاعنة الثانية مع باقي ورثة المرحوم الأستاذ البرعي - وبتاريخ 25 من مارس سنة 1947 قضت محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة ببطلان عقد التنازل المشار إليه واعتباره كأن لم يكن ولا يجوز التمسك به ضد الوقف - استأنف الطاعن الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية المختلطة - وقيد بجدولها برقم 107 سنة 73 ق طالباً إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً رفضها. كما استأنفته الطاعنة الثانية بالاستئناف رقم 108 سنة 73 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى لانقضاء دين الوقف بالتقادم الخمسي وقد ضم الاستئناف الأول للثاني وأحيل بعد إلغاء المحاكم المختلطة إلى محكمة استئناف المنصورة وقيد بجدولها برقم 95 سنة 3 ق - وبتاريخ 9 من يونيه سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف في الاستئنافين برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها بعدم قبول الطعن، وبعد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون رأت إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها بعدم قبول الطعن.
وحيث إن المطعون عليه الأول والنيابة دفعاً بعدم قبول الطعن شكلاً لأن الطاعنين لم يودعاً صورة رسمية من الحكم الابتدائي وفقاً للمادة 432/ 2 من قانون المرافعات. ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي بقوله: "بناءً على ما تقدم وعلى ما جاء بالحكم المستأنف يكون هذا الحكم سديداً. ويتعين رفض الاستئناف وتأييد ذلك الحكم"، ومقتضى ذلك أن أسباب الحكم الابتدائي قد صارت أسباباً متممة لأسباب الحكم المطعون فيه فكان لزاماً على الطاعنين أن يودعاً صورة رسمية من الحكم الابتدائي وفقاً للمادة 432/ 2 من قانون المرافعات المشار إليها لأن هذا الإيداع إجراء من إجراءات الطعن يترتب على عدم مراعاته ما يترتب على عدم إيداع صورة رسمية للحكم المطعون فيه وأن إيداع صورة رسمية من الحكم المطعون فيه لا يكون معتبراً إلا إذا كان شاملاً للجزء المتمم له وأن الجزاء المترتب على عدم إيداع صورة الحكم الابتدائي المحال على أسبابه لا يمكن أن يختلف عن الجزاء المترتب على عدم إيداع صورة الحكم المطعون فيه وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن إيداع صورة الحكم الابتدائي المتمم للحكم المطعون فيه من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها عدم قبول الطعن.
ومن حيث إن الطاعنين تمسكا بأن هناك من أسباب الطعن ما هو وارد على قضاء محكمة الاستئناف وحده إذ عرض عليها لأول مرة الدفع بصورية عقد الحوالة كما عرضت لبحث الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية المختلطة بنظر الدعوى لانعدام ولايتها، وقد فصلت محكمة الاستئناف في هذين الدفعين في سياق أسباب حكمها المطعون فيه وهو ما يفقد صلة ذلك الحكم الاستئنافي بالحكم الابتدائي في شأن هذين الأمرين ويجعله مستقلاً عنه في هذا الخصوص استقلالاً يغني عن تقديم الحكم الابتدائي. وعلى ذلك فهما يطلبان رغماً عن عدم تقديمها صورة من الحكم الابتدائي قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهذين السببين من أسباب الطعن دون غيرهما من الأسباب.
ومن حيث إنه لما كان يبين من مراجعة أسباب الحكم المطعون فيه أورد: "من حيث إن كلا من الناظر والحارس قد دفع بصورية عقد الحوالة وأن الناظر لم يقبض من مبلغ الحوالة شيئاً .. وأن الوقف لم يفد منه إطلاقاً .." ثم استطرد الحكم بقوله: "إن الدفع بالصورية لم يبد لمحكمة الدرجة الأولى ولكن هذا التأخير لا يسقط الحق فيه لأنه من وسائل الدفاع، وقد درجت محاكم الاستئناف في ظل قانون المرافعات القديم على جواز إبدائه لأول مرة أمامها .. وأن الحارس من حقه أن يستند في إثبات هذه الصورية بالقرائن .." كما أورد الحكم في خصوص الدفع بعدم الاختصاص: "إن الطاعنين لم يقدما في هذه القضية مذكرات بدفاعهما واكتفى الأستاذ التهامي بتدوين دفاعه فيها بالمذكرة رقم 25 في القضية الثانية" إلى أن قال الحكم: "إن الطاعن الأول ذهب إلى أن الحكم المستأنف قد وقع باطلاً معدوم الحجية لصدوره من جهة قضائية استثنائية لا ولاية لها فيما قضت فيه مما يوجب إطراحه وعدم الاعتداد به أمام القضاء الوطني وهذا المذهب خاطئ ... لأن الطاعن لم يواجه المحكمة المختلطة الابتدائية والاستئنافية بعدم ولايتهما في نظر الدعوى ولم يقدم هذا الدفاع للمحكمة الحالية كدفع وإنما ساقه عرضاً في مذكراته المشار إليه ..." وهذا الذي أورده الحكم في خصوص الدفعين المشار إليهما - مع التسليم بأنهما أبديا لأول مرة أمام محكمة الاستئناف - لا يغض من وجاهة الدفع بعدم قبول الطعن ولا يجعل الطعن مقبولاً فيما ورد فيه من أسباب على قضاء محكمة الاستئناف في خصوص هذين الأمرين إذا اقتصر الطاعنان على تقديم الحكم الاستئنافي دون الحكم الابتدائي ذلك من أن أسباب الحكم المطعون فيه في شأن هذين الأمرين المشار إليهما لا تكفي بذاتها لاستقلاله عن الحكم الابتدائي لأن الإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي تستتبع حتماً وبمجردها ضرورة إيداع صورة رسمية من الحكم الابتدائي كإجراء حتمه القانون وافترض معه افتراضاً لا سبيل لجدل فيه يستمد من وقائع خاصة في أية دعوى الصلة التكميلية التي لا انفصام لها بين الحكمين والتي لا يتصور معها إمكان استقلال الحكم الاستئنافي عن الحكم الابتدائي - وأما ما سبق أن قررته هذه المحكمة في الطعن رقم 38 سنة 23ق فمرده أن ما قبل الطعن فيه شكلاً إنما كان موجهاً إلى إجراءات الحكم الاستئنافي وحدها كعدم تلاوة التقرير عند نظر الدعوى أو عدم صلاحية الهيئة التي فصلت فيها وهي أمور بطبيعتها لا صلة بينها وبين الحكم الابتدائي ولا يمكن أن يتصور أن في أسباب الحكم المستأنف ما يكمل الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بشأنها، وأما الصورتان محل الطعن الحالي وهما بطلان الحوالة لصوريتها وانعدام ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى فأمران لا يمكن الجزم بانقطاع الصلة فيهما بين الحكم المطعون فيه وحكم محكمة أول درجة الذي أحيل إليه في أسباب ذلك الحكم الاستئنافي والقول إنهما بطبيعتهما مستقلان عما قد يكون حواه الحكم الابتدائي ذلك أن بطلان الحوالة قد يقوم على أسباب أخرى غير الصورية تكفي لحمل الحكم كما أن الحكم الابتدائي قد يحوي من العناصر الواقعية والأسباب القانونية ما يبرر ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى - لما كان ذلك، وكانت المادة 432/ 2 من قانون المرافعات توجب على الطاعن أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال عشرين يوماً من تاريخ التقرير بالطعن صورة رسمية من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه بقوله: "بناءً على ما تقدم وعلى ما جاء بالحكم المستأنف يكون هذا الحكم سديداً ويتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم "وكان الطاعنان لم يودعا في المواعيد المقررة في القانون صورة من الحكم الابتدائي وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن هذا الإيداع يعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الطعن فيتعين لذلك قبول الدفع والحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.