أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 266

جلسة 17 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد/ المستشار محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

(58)
الطعن رقم 2047 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) إثبات. "شهادة". حكم. "تسبيه. تسبيب غير معيب".
(أ) وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة. موضوعي.
(ب) أخذ محكمة الموضوع بشهادة شاهد. يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(ج) عاهة مستديمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب. "إحداث عاهة". دعوى جنائية.
لا يعيب الحكم عدم تعرضه لإصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى. ما دام قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها، وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها.
(د) دفاع شرعي. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". دفوع.
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه؟ أن تدل الوقائع الثابتة بالحكم، بذاتها، على تحقق حالة الدفاع الشرعي أو ترشح لقيامها.
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع.
2 - متى أخذت محكمة الموضوع بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن إليها.
4 - الأصل أن الدفاع الشرعي من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها. ولما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك صراحة بقيام حالة الدفاع الشرعي، وما ورد على لسان الدفاع عنه لا يفيد التمسك بقيام تلك الحالة ولا يعد دفعاً جدياً يلزم المحكمة أن تعرض له بالرد، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخرين بأنهم في يوم 24 أكتوبر سنة 1966 بدائرة مركز سمالوط محافظة المنيا (المتهم الأول) شرع في قتل عيسى محمد عبد الله عمداً بأن أطلق عليه مقذوفاً نارياً من بندقية "إيطالي" كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. (ثانياً) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخناً "بندقية إيطالي" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (ثالثاً) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح أو إحرازه (المتهم الثاني) شرع في قتل عقيلي محمد عبد الله عمداً بأن أطلق عليه مقذوفاً نارياً من بندقية "خرطوش" كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج (المتهم الثالث) شرع في قتل محمد عبد الله أحمد عمداً بأن أطلق عليه مقذوفاً نارياً من بندقية "لي انفيلد" كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. (المتهم الرابع) ضرب رجب علي إبراهيم عدواي بآلة حادة "سنجه" على رأسه فحدثت إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام قبوة الرأس لن يملأ بنسيج عظمي بل بنسيج ليفي مما يجعله عرضة لخطر المضاعفات وتقلل من كفاءته على العمل بنحو 20% "عشرون في المائة" (المتهم الخامس) أحدث عمداً إصابات على إبراهيم عدواي الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. (المتهمان السادس والسابع) أحدثا عمداً بالمتهم الرابع الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت في الدعوى غيابياً للثاني وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات و304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية (أولاً) ببراءة المتهمين الأول والخامس مما أسند إليهما. (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالحبس ستة أشهر مع الشغل. (ثالثاً) بمعاقبة المتهم الرابع الطاعن بالسجن ثلاث سنوات. (رابعاً) بمعاقبة كل من المتهمين السادس والسابع بالحبس شهرين مع الشغل ومصادرة المضبوطات عدا البندقية والطلقات عهدة المتهم الثالث. فطعن المحكوم عليه "الطاعن" في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه مع ما تحمله من تخاذل يتضح من ماديات الدعوى فقد أصيب بإصابات رضية في أجزاء أخرى من جسمه مما يدل على تعدد الضاربين له وتعدد الآلات التي استعملت في الاعتداء عليه كما أن الحكم وقد أثبت أن الطاعن قد أصيب بدوره فقد كان لزاماً عليه أن يعرض لقيام حالة الدفاع الشرعي خاصة وأن مدوناته ترشح لقيامها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وشهود الواقعة ومن التقارير الطبية وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تخاذل أقوال المجني عليه وتناقضها، لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي إلى أن جريمة العاهة التي أسندها للطاعن ترجع إلى إحداثه بالمجني عليه إصابة يمين فروة الرأس من آلة حادة ثقيلة كسنجه ولم يسند إليه إحداثه الإصابات الرضية التي أظهرها التقرير الطبي بالحاجب الأيسر والكتف والظهر والتي لم يكن لها دخل في إحداث العاهة ولم ترفع الدعوى الجنائية بشأنها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعدد إصابات المجني عليه وتعدد الضاربين له والتفات الحكم عن هذا الأمر يكون غير سديد. ذلك بأن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن إليها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من عدم تعرضه لقيام حالة الدفاع الشرعي مردود بأن الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها. ولما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك صراحة بقيام حالة الدفاع الشرعي وما ورد على لسان الدفاع عنه من أن الطاعن "مصاب ومضروب ويتعين علينا معرفة ما إذا كان ضرب هو الأول أم انضرب" لا يفيد التمسك بقيام تلك الحالة ولا يعد دفعاً جدياً يلزم المحكمة أن تعرض له بالرد، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.