أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 409

جلسة 11 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، ومصطفى حسن، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

(135)
القضية رقم 1047 سنة 24 القضائية

( أ ) إجراءات. محاكمة. دعوى الجناية. إقامتها من النيابة العامة على المتهم بالجلسة. عدم قبولها.
(ب) دعوى مدنية. رفعها أمام المحكمة الجنائية. عدم قبول الدعوى العمومية. يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية.
1ـ إن دعوى الجناية يجب لصحة رفعها أمام محكمة الجنايات أن تحال إليها من غرفة الاتهام أو من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وفقاً لما نصت عليه المادة 373 من قانون الإجراءات الجنائية. وإذن فإذا كانت النيابة العامة إذ طلبت محاكمة المتهم أمام محكمة الجنايات بوصف أنه ارتكب جناية عاهة، لم تسلك الطريق التي رسمها القانون، وإنما أقامت الدعوى على المتهم بالجلسة، فلا تكون الدعوى العمومية مقبولة أمام محكمة الجنايات.
2ـ إن الدعوى المدنية التي ترفع للمحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى العمومية، فإذا كانت الأخيرة غير مقبولة تعين القضاء بعدم قبول الأولى أيضاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول: ضرب زوين محمد عبد الرحمن عمداً ببلطة فوق رأسه فأحدث به جرحاً نشأ عنه ـ كما جاء بالتقرير الطبي الشرعي ـ عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من العظم الجدارى الأيسر في مساحة أبعادها 2×2 سنتيمتراً والثاني ضرب المجني عليه زوين محمد عبد الرحمن عمداً بطورية فوق رأسه فأحدث به جرحاً نشأ عنه عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجدارية اليسرى في مساحة أبعادها 2×2 سنتيمتراً. وطلبت من قاضى التحقيق أن يحيلهما إلى غرفة الاتهام لتحيلهما بدورها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات، فقررت بإحالة المتهم الأول وحده إليها، وبإحالة المتهم الثاني إلى محكمة الجنح المختصة لمحاكمته بوصف أنه أحدث بالمجني عليه إصابة تقرر لعلاجها مدة تزيد على العشرين يوماً وهى الجنحة المنطبقة على المادة 241/ 1 عقوبات. ولدى نظر الجناية المتهم فيها أحمد عطية عبد العال أمام محكمة جنايات سوهاج طلبت النيابة العامة إدخال المتهم الآخر حسن عبد العال عثمان في الدعوى بمقولة إن الإصابة التي أحدثها بالمجني عليه يعاقب عليها القانون بعقوبة جناية إحداث العاهة المستديمة، فأمرت المحكمة بإدخاله، وقد دفع الحاضر عنه بالجلسة بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إليه لسبق الحكم فيها من محكمة الجنح، كما ادعى بحق مدني زوين محمد عبد الرحمن المجني عليه وطلب الحكم له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. والمحكمة قضت حضورياً في 29 من ديسمبر سنة 1953 أولاً بمعاقبة المتهم الأول بالسجن ثلاث سنوات عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. وثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة شهرين عملاً بالمادة 241/ 1 عقوبات لأنه ضرب المجني عليه سالف الذكر على فروة الرأس من أعلى فأحدث به كسراً شرخياً شفى في مدة زادت على العشرين يوماً. وثالثاً: بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحقوق المدنية تعويضاً قدره مائة جنيه والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقالت في حيثيات حكمها إن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للمتهم الثاني في غير محله. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن غرفة الاتهام قررت إحالة المتهم أحمد عطية عبد العال إلى محكمة الجنايات وإحالة الطاعن وآخرين إلى محكمة أخميم الجزئية، فقضت بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1953 بحبس الطاعن شهراً مع الشغل عن تهمة الضرب المنسوبة إليه، وأنه استأنف هذا الحكم، وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1953 أمام محكمة الجنايات طلبت النيابة التأجيل لإدخال الطاعن متهماً آخر في الجناية، وقضت تلك المحكمة بحبسه شهرين وبإلزامه بالتضامن مع المتهم الأول بدفع مائة جنيه على سبيل التعويض، وبذلك يكون الطاعن حوكم مرتين عن تهمة واحدة وقضى عليه في كل مرة بعقوبة، وقد أبدى الطاعن هذا الدفاع أمام محكمة الجنايات، فلم تأخذ به، وقضت بالعقوبة، فجاء قضاؤها مخالفاً للقانون. وحيث إنه يبين من الإطلاع على الأوراق وعلى المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن قاضى التحقيق أحال المتهمين في قضية الجناية رقم 1442 سنة 1952 أخميم إلى غرفة الاتهام، فأمرت بإحالة المتهم الأول فيها "أحمد عطية عبد العال " إلى محكمة الجنايات، وبإحالة المتهم الثاني "حسن عبد العال عثمان " إلى محكمة الجنح المختصة بوصف أنه أحدث بزوين محمد عبد الرحمن إصابة تقرر لعلاجها مدة تزيد على العشرين يوماً، وهى الجنحة المنطبقة على المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، ولدى نظر الجناية المتهم فيها أحمد عطية عبد العال أمام محكمة الجنايات، طلبت النيابة العامة بجلسة 27 من سبتمبر سنة 1950 إدخال متهم آخر هو حسن عبد العال عثمان في الدعوى،وقالت إن الإصابة التي أحدثها هذا المتهم بالمجني عليه زوين محمد عبد الرحمن يعاقب عليها القانون بعقوبة جنائية إحداث العاهة المستديمة، فأجلت المحكمة نظر الدعوى لإدخال هذا المتهم، ثم قضت حضورياً بالحكم المطعون فيه بمعاقبة المتهم الأول أحمد عطية عبد العال بالسجن لمدة ثلاث سنوات، ومعاقبة الثاني حسن عبد العال عثمان (الطاعن الثاني) بالحبس مع الشغل لمدة شهرين باعتبار ما وقع منه جنحة، وبإلزام المحكوم عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحقوق المدنية تعويضاً قدره مائة جنيه. وأتضح من الإطلاع على المفردات أن محكمة أخميم الجزئية نظرت الدعوى المحالة إليها من غرفة الاتهام، وقضت فيها بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1953 بحبس المتهم الأول (حسن عبد العال ـ الطاعن الثاني) شهراً مع الشغل عن جنحة الضرب المنسوبة إليه، وقد استأنفت النيابة هذا الحكم، ولم يفصل بعد في استئنافها.
وحيث إن المادة 373 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن " تحال الدعوى في الجنايات بناء على أمر من غرفة الاتهام، أو من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية" ـ ولما كانت النيابة العامة إذ طلبت محاكمة الطاعن أمام محكمة الجنايات بوصف أنه ارتكب جناية العاهة لم تسلك الطريق التي رسمها القانون، وكانت دعوى الجناية يجب لصحة رفعها أمام محكمة الجنايات أن تحال إليها من غرفة الاتهام أو من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية ـ لما كان ذلك فإن إقامة الدعوى من النيابة العامة على المتهم حسن عبد العال عثمان الطاعن الثاني بالجلسة، على اعتبار أن الجريمة التي ارتكبها هي جناية، تكون قد أقيمت على خلاف القانون، ومن ثم لا تكون الدعوى العمومية مقبولة أمام محكمة الجنايات ـ لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى بإلزام المتهم (الطاعن) مع المتهم في الجناية بالتعويض المدني متضامنين، وكانت الدعوى المدنية التي ترفع للمحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى العمومية، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية بالنسبة إلى الطاعن حسن عبد العال عثمان.