أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 421

جلسة 11 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل المستشارين.

(138)
القضية رقم 1188 سنة 24 القضائية

( أ ) إثبات. اعتراف. قواعد الإثبات المقررة للمواد المدنية في شأن الاعتراف. عدم تقييد القاضي الجنائي بإتباعها.
(ب) إثبات. الاعتماد على أقوال المتهم في محضر ضبط الواقعة وإن عدل عنها بعد ذلك جائز.
1ـ لا محل لتقييد القاضي الجنائي بإتباع قواعد الإثبات المقررة للمواد المدنية في شأن الاعتراف، بل يكون له كامل السلطة في تقدير أقوال المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى وأن يستخلص منها ما يراه اعترافاً منه بالجريمة.
2ـ للمحكمة أن تعتمد في حكمها على أقوال المتهم في محضر ضبط الواقعة، وإن عدل عنها بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إلى صحتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد الأشياء المبينة بالمحضر والمملوكة له ولآخر والمحجوز عليها إدارياً لصالح الخزانة العامة وكانت لم تسلم إليه إلا على وجه الوديعة لحراستها فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن وذلك حالة كونه حارساً ومالكاً وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح البلينا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56/ 1 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 435 سنة 1953 بحبس المتهم شهرين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً بلا مصروفات. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة سوهاج الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بمقولة إنه اعترف بالتهمة في محضر ضبط الواقعة، دون أن يبين الألفاظ التي اعتبرها اعترافاً ومعناها هذا إلى أن الاعتراف الذي يؤخذ حجة على المتهم هو الاعتراف القضائي الذي يصدر منه أمام القاضي أثناء سير الدعوى فلا يمكن اعتبار الأقوال الواردة في محضر جمع الاستدلالات اعترافاً، خصوصاً وأن الطاعن أنكرها، وأصر على الإنكار في جميع أدوار المحاكمة، وأن الحجز إداري أوقعه الصراف، وقام الطاعن بالسداد، فما كان يجوز الحكم بإدانته دون بحث موعد السداد، وأثره في الحجز الإداري ما دام القانون يبيح للمحجوز عليه أن يبيع بنفسه المحصولات المحجوزة في ظرف الأربعين يوماً التالية للحجز بشرط أن يورد ثمنها، وقد أثبت الحكم أن الطاعن لم يعلن بيوم البيع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها. وأورد على ثبوتها في حقه أنه اعترف بمحضر ضبط الواقعة بتبديد الشعير المحجوز مما لا يكون معه نفع له مما ادعاه من أنه لم يعلم باليوم الذي أجل إليه البيع، ولما كان لا محل لتقييد القاضي الجنائي بإتباع قواعد الإثبات المقررة للمواد المدنية في شأن الاعتراف، بل يكون له كامل السلطة في تقدير أقوال المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى، وأن يستخلص منها ما يراه اعترافاً منه بالجريمة، وكان يبين من الإطلاع على مفردات الدعوى التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، أن استخلاص الحكم، اعتراف المتهم بالجريمة من الأقوال التي أبداها في محضر ضبط الواقعة، هو استخلاص سائغ لا عيب فيه، ولما كان للمحكمة أن تعتمد في حكمها على أقوال المتهم في محضر ضبط الواقعة وإن عدل عنها بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إلى صحتها، وكان لا يبين من محضر الجلسة أن الطاعن دفع أمام المحكمة بأنه باع المحصول المحجوز عليه إدارياً للسداد، وأنه قام به في ميعاد معين. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه في طعنه لا يكون إلا مجادلة في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث أنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.