أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 307

جلسة 14 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(18)
الطلب رقم 33 سنة 27 ق "رجال القضاء"

أهلية. تفتيش قضائي. تقدير كفاية القاضي بدرجة "وسط". عودة لجنة التفتيش إلى الانعقاد وفحص اعتراضات القاضي عن الملاحظات الموجهة إليه. استبعاد بعض الملاحظات وبقاء اللجنة على رأيها فيما يتعلق بالتقدير. النعي على هذا الرأي بصدوره بعد القرار المطعون فيه. انعدام جدواه. قرار التفتيش القضائي الصادر في 17/ 4/ 1952.
متى كانت لجنة التفتيش - الموكول إليها بموجب القرار الصادر بتاريخ 17 من أبريل سنة 1952 الخاص بإدارة التفتيش القضائي - قد عادت إلى الانعقاد وفحصت اعتراضات القاضي على تقرير التفتيش على أعماله وقررت أنه على الرغم مما ارتأته من رفع بعض الملاحظات السابق توجيهها إليه منه فإنها لا زالت عند رأيها السابق في تقدير كفايته بدرجة "وسط" فلا يجدي النعي بأن هذا الرأي قد جاء لاحقاً لصدور القرار المطعون فيه طالما أن الرأي المذكور لا شائبة ولا انحراف فيه عن جادة الصواب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار وبعد المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الطلب وسائر الأوراق تتلخص في أنه بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1957 صدر قرار جمهوري بتعيينات وتنقلات قضائية نشر بالوقائع الرسمية بالعدد رقم 68 بتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1957 متضمناً ترقية ثمانية من زملاء الطالب التالين له في الأقدمية دونه إلى درجة وكيل محكمة فقرر الطالب بتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1957 الطعن في هذا القرار بطريق النقض طالباً إلغاءه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها واستحقاقه للترقية إليها اعتباراً من تاريخ صدور القرار الجمهوري المذكور على أن تكون أقدميته بعد السيد الأستاذ ... ... ... ... ... وقبل السيد ... ... ... وكيلي المحكمة مع إلزام رئاسة مجلس الوزراء ووزارة العدل (المطعون عليهما) بالمصروفات وبني طعنه على مخالفة القرار المذكور للقانون وإساءة وزارة العدل السلطة بمقتضاه في تخطيه في الترقية ومخالفة تأويل القوانين ومظهر مخالفة القرار للقانون لدى الطالب أربعة أمور ثلاثة منها متصلة بثلاثة تقارير تفتيش عن عمله قدرت كفايته في كل منها بدرجة (وسط) بناء على ملاحظات قضائية أشير في التقرير الأول من هذه التقارير الخاص بالمدة من أول فبراير سنة 1953 إلى منتصف أبريل سنة 1953 أنها حررت بها مذكرة خاصة ولم يعثر على هذه المذكرة وأرسلت إليه الملاحظات الخاصة بالتقريرين الأخيرين بعد تقدير كفايته على ضوئها وإيداع التقريرين ملفه السري قبل تلقي اعتراضاته على هذه الملاحظات وفحصها خلافاً لما توجبه نصوص القرار الوزاري الصادر بتاريخ 17/ 4/ 1952 الخاص بإدارة التفتيش القضائي التي توجب قبل تقدير كفاية القاضي وإيداع التقرير ملفه الرسمي إرسال الملاحظات القضائية إليه وتلقي اعتراضاته عليها وفحصها وبذا يكون القرار الجمهوري وقد بني على هذه التقارير الثلاثة مخالفاً للقانون لمخالفة إجراءات إيداعها وتقدير كفايته منها للقرار الوزاري الخاص بالتفتيش فضلاً عن أن الملاحظات الخاصة بالتقريرين الأخيرين قد فحصت بعد صدور الحركة القضائية بالقرار المطعون فيه ورفعت بعض تلك الملاحظات وعدل بعضها فأصبحت نتيجة هذين التقريرين على ما أسفرت عنه نتيجة فحص الملاحظات لا تؤدي إلى التقدير الثابت فيهما عن كفايته خصوصاً وأن الأستاذ ... ... ... وكيل التفتيش القضائي استقل بالاطلاع على بعض أحكام قدمها الطالب إلى التفتيش القضائي مما يستحق التنويه وأبدى رأيه فيها بمفرده دون عرضها على لجنة التفتيش التي قامت بفحص اعتراضاته على تقرير المدة من 1/ 3/ 1956 وهذا مبطل لقرارها في شأن هذه الاعتراضات. والأمر الرابع مخالفة القرار المطعون فيه لنص المادة 21 من المرسوم بقانون رقم 188 سنة 1952 في شأن استقلال القضاء التي تنص على أن الاختيار يجري في الوظائف الأخرى عدا القضاة على أساس درجة الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية وقد توافرت للطالب عناصر الأهلية بما لا يقل عن زملائه الذين تخطوه في الترقية ولا تنال الملاحظات القضائية من أهليته على ما سبق الإشارة إليه. أما مظهر إساءة استعمال السلطة فلأن وزارة العدل قد استندت إلى هذه التقارير الثلاثة في تخطي الطالب في الترقية مع ما شاب تلك التقارير من مخالفة للقانون وقال الطالب في نعيه على القرار موضوع الطعن بمخالفة القوانين وتأويلها بأن ما وجه إليه من ملاحظات قضائية تدل على عدم كفايته القانونية في نظر تلك التقارير قد رد عليه باعتراضات وإن كانت الوزارة قد أقرت بعضها دون البعض فإنه يقرر أن رأيه في تلك الملاحظات هو الصحيح المطابق للقانون وأن رأي الوزارة في تلك الملاحظات هو المخالف للقوانين وتأويلها.
وحيث إن وزارة العدل طلبت رفض الطلب على أساس أن الطالب لم يحصل عند الحركة الصادر بها القرار الجمهوري المطعون فيه على تقريرين متعاقبين بدرجة (فوق المتوسط) فلم يكن بذلك قد توفر له شرط الأهلية على ما استقر عليه مجلس القضاء الأعلى إذ قدر عمله في المدة من أول يناير سنة 1955 إلى آخر فبراير سنة 1955 بدرجة (وسط) وقدر عمله في تفتيش لاحق عن المدة من 1/ 3/ 1956 إلى آخر أبريل سنة 1956 بدرجة (وسط) أيضاً. وأنه وإن كان قد رفعت بعض الملاحظات القضائية التي وجهت إليه في هذين التقريرين بعد فحص اعتراضات الطالب عليها وعدل البعض الآخر إلا أن ذلك - كما قررت لجنة التفتيش - لم يغير الرأي في درجة كفايته المقدرة له من قبل. وقدمت النيابة مذكرة نفت فيها عن القرار المطعون فيه مخالفة القانون أو إساءة استعمال السلطة بمقتضاه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الملف السري للطالب أن تقرير التفتيش على عمل في المدة من أول يناير سنة 1955 لغاية آخر فبراير سنة 1955 قدرت فيه كفايته بدرجة (وسط) وأودع ملفه السري بتاريخ 15/ 1/ 1956 ووجهت إليه فيه بعض ملاحظات قضائية أخطر بها بتاريخ 2/ 2/ 1956 كما أن تقرير التفتيش على عمله في المدة من أول مارس سنة 1956 لغاية أبريل سنة 1956 قدرت فيه كفايته بدرجة (وسط) وأودع التقرير ملفه السري بتاريخ 19/ 6/ 1957 ووجهت إليه فيه بعض ملاحظات قضائية أخطر بها بتاريخ 31/ 7/ 1957. وقد اعترض الطالب على الملاحظات التي وجهت إليه في التقرير الأول بتاريخ 8 من فبراير سنة 1956 وعرضت اعتراضاته على لجنة من التفتيش القضائي يرأسها السيد مدير عام التفتيش القضائي. وبتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1957 رأت رفع بعض تلك الملاحظات وتعديل البعض الآخر وإقرار الباقي وكلفت الطالب بتقديم بعض أحكام في فترة التفتيش مما تستحق التنويه وبعد أن اطلعت على ما قدمه لها من هذه الأحكام نوهت بأن ما حصل لا يغير من وجه الرأي في تقدير كفاية الطالب بدرجة (وسط). كما اعترض الطالب على الملاحظات التي وجهت إليه في التقرير الثاني بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1957 وعرضت اعتراضاته على لجنة من التفتيش يرأسها السيد مدير عام التفتيش القضائي بتاريخ 2/ 12/ 1957 ورأت رفع ملاحظة واحدة ورفض باقي الاعتراضات وأقرت تقدير الطالب الوارد بالتقرير.
وحيث إن ما ينعاه الطالب من مخالفة الإجراءات التي نص عليها القرار الصادر بتاريخ 17 من أبريل سنة 1952 الخاص بإدارة التفتيش القضائي من ضرورة إخطار القاضي الذي يفتش على عمله بالملاحظات القضائية وفحص ما يقدمه من اعتراضات على تلك الملاحظات قبل تقدير كفايته وإيداع تقرير التفتيش ملفه الرسمي. هذا النعي مردود بأن لجنة التفتيش الموكول إليها بموجب ذلك القرار تقدير كفاية القاضي قد عادت إلى الانعقاد وفحصت اعتراضات الطالب على تقريري التفتيش وقررت أنه على الرغم مما ارتأته من رفع بعض الملاحظات السابق توجيهها إليه منهما فإنها لا زالت عند رأيها السابق في تقدير كفايته بدرجة (وسط) وإذ كان هذا الرأي من اللجنة المذكورة على ما يبين لهذه المحكمة من مراجعة الملاحظات القضائية ما رفع أو عدل منها وما لم يرفع - قد اتفق بحق مع رأيها السابق فلا يجدي الطالب النعي عليه بأنه قد جاء لاحقاً لصدور القرار المطعون فيه طالما أن الرأي المذكور - على ما سبق - لا شائبة ولا انحراف فيه عن جادة الصواب مما يدل على أن قرار اللجنة الأول في تقدير كفاية الطالب كان يعبر عن الواقع المستفاد من حقيقة عمله الأمر الذي ينأى بالقرار المطعون فيه عن مخالفة القانون. ولا يقدح في ذلك ما يتحدى به الطالب من بطلان قرار اللجنة الخاص بتقرير التفتيش عن المدة من أول مارس سنة 1956 لغاية آخر أبريل سنة 1956 لصدوره قبل الاطلاع على الأحكام التي أرسلها إلى إدارة التفتيش ولاستقلال السيد الأستاذ ... ... ... بالاطلاع على هذه الأحكام بعد صدور ذلك القرار وانفراده دون اللجنة بإبداء الرأي فيها. ذلك أن اللجنة عندما أصدرت ذلك القرار لم تكن في حاجة لتكوين رأيها في كفاية الطالب إلى الاطلاع على أحكام أخرى يقدمها إليها الطالب مما يرى أنها تستحق التنويه ولذا لم تطلب منه أن يقدم لها شيئاً من تلك الأحكام كما فعلت عند فحص الاعتراضات الخاصة بتقرير التفتيش الآخر عن المدة من أول يناير سنة 1955 لغاية آخر فبراير سنة 1955 إذ طلبت منه قبل إصدار قرارها في تلك الاعتراضات أن يقدم لها بعضاً من تلك الأحكام. فلا صلة بين تلك الأحكام التي أرسلها الطالب من تلقاء نفسه إلى إدارة التفتيش وبين قرار لجنة التفتيش في فحص اعتراضاته على تقرير التفتيش الخاص بالمدة من أول مارس سنة 1956 حتى يربط بين هذا القرار وتلك الأحكام. كما لا يجدي الطالب ما ينعاه على تقرير تفتيش المدة من أول فبراير سنة 1953 لغاية منتصف أبريل سنة 1953 طالما أن هذا التقرير لم يكن - على ما يبين من مذكرة وزارة العدل - من ضمن ما عولت عليه الوزارة في تخطي الطالب في الترقية وإنما كان عمادها في ذلك هو عدم حصول الطالب في كل من التقريرين اللاحقين على درجة (فوق المتوسط).
وحيث إنه يبين مما تقدم ومن مراجعة البيانات الخاصة بزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية والمستخرجة من واقع السجل السري ومقارنة هذه البيانات بما هو ثابت في ملفه السري من بيانات وأوراق - أن القرار المطعون فيه لم يخالف القانون ولا ينطوي على إساءة استعمال السلطة ولا مخالفة فيه للقوانين أو تأويلها. ومن ثم يكون الطلب في غير محله متعيناً رفضه.