أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 20 – صـ 312

جلسة 3 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود الغمراوي.

(67)
الطعن رقم 100 لسنة 39 القضائية

( أ ) تموين. خبز. إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير المحكمة أن عملية نقل وتفريغ الخبز ليس من شأنها إنقاص وزنه إلى الحد الذي وجد عليه. موضوعي.
(ب) قانون. "القانون الأصلح". قرارات وزارية. خبز. تموين.
 قرار تخفيض وزن رغيف الخبز عن الوزن المقرر له وقت إنتاجه. لا يتحقق به معنى القانون الأصلح.
(ج) تموين. خبز. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيانات حكم الإدانة في جريمة إنتاج خبز أقل من الوزن؟
نسبة التسامح في وزن الخبز البلدي بسبب الجفاف. نطاقها؟
خصم نسبة الجفاف للخبز البلدي مرتين. غير جائز.
1 – إذا كانت محكمة الموضوع قد قدرت في حدود سلطتها الموضوعية أن عملية نقل وتفريغ الخبز ليس من شأنها إنقاص وزنه إلى الحد الذي وجد عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً.
2 – قرار وزير التموين رقم 282 لسنة 1965 والمعمول به من تاريخ نشره في 6 ديسمبر سنة 1965 الذي خفض وزن الرغيف من الخبز البلدي لا يتحقق به – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – معنى القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
3 – المادة 24 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 – المعدل بالقرار رقم 74 لسنة 1961 الذي كان سارياً وقت وقوع الجريمة – قد حدد وزن الرغيف من الخبز البلدي في محافظة القليوبية – مكان الحادث – 162 جراماً، وقد نصت المادة 26 من ذات القرار على أن يكون التسامح في الوزن بسبب الجفاف الطبيعي للخبز هو على الأكثر 5% للخبز البارد، ومفاد ذلك أن وزن الرغيف البلدي بعد استنزال النسبة المسموح بها بسبب الجفاف الطبيعي للخبز بعد التهوية قد صار 153.9 جراماً وهو نفس القدر الذي أورد الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن نقص الوزن يدخل في الحد المسموح به، يكون على غير أساس إذ لا يجوز إجراء هذا الخصم بسبب الجفاف مرتين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 13 أغسطس سنة 1965 بدائرة مركز طوخ محافظة القليوبية: أنتجا خبزاً أقل من الوزن المقرر. وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 95 لسنة 1945 ومحكمة طوخ الجزئية قضت في الدعوى حضورياًً ببراءة المتهمين مما أسند إليهما. فاستأنفت النيابة الحكم، ومحكمة بنها الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الاستئناف حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وتغريم كل منهما مائة جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم على واجهة المخبز مدة ستة أشهر. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض. وقدم المحامي عن الطاعن الأول تقريراً بالأسباب، موقعاً عليه منه. أما الطاعن الثاني فلم يقدم أسباباً لطعنه... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من هذا الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة إنتاج خبز بلدي ناقص الوزن قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن العجز الذي أثبته الحكم في الرغيف يدخل في نطاق القدر المتسامح فيه بسبب الجفاف على ما تقضي به المادتان 24، 26 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957، بل إن مرد هذا العجز بفرض وجوده – هو تساقط ألياف الردة والدقيق العالقة بالخبز عند نقله وتفريغه من الخبز إلى مقر الشرطة حيث وزن، مما ينبني عليه، نظرا لضآلته – عدم قيام القصد الجنائي العام لدى الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في معرض إيراده لواقعة الدعوى أن متوسط وزن الرغيف البلدي الذي أنتجه الطاعن هو 149.7 جراماً وأن الوزن القانوني بعد التهوية هو 153.9 جراماً وخلص من ذلك إلى أن متوسط العجز في الرغيف هو 4.2 جراماً، عرض إلى ما يثيره الطاعن بوجه النعي ورد عليه وفنده بقوله. "وحيث إن ما ساقه المتهمان – الطاعن والمحكوم عليه الثاني عن – عملية نقل الخبز وجاراه فيه الحكم المستأنف فإنه مردود – على فرض تساقط بعض الردة أو الفتات من الخبز أثناء نقله – بأن العجز الذي نتج عن ذلك لا يمكن أن يغطي القيمة الثابتة في المحضر من وجود عجز في وزن الرغيف بلغ في المتوسط 4.2 جرام. وحيث إنه عما أثاره المتهمان والحكم المستأنف من انتفاء القصد الجنائي أو قيام الشك في شأنه فإنه من المقرر وفقاً لما جرى عليه قضاء محكمتنا العليا أن جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن لا يتطلب قصداً جنائياً خاصاً وإنما تقوم بمجرد إنتاج الخبز مهما يكن مقدار النقص وأن المشرع وقد نص على خصم نسبة 5% من الوزن المقرر قانوناً قبل الجفاف فإن الشارع قد قصد من ذلك مواجهة كافة ما يطرأ على الخبز بعد خروجه من النار من نقص نتيجة التأثرات الجوية بعد خبزه وهذا الجزء المسموح به هو حد أقصى لما يجوز التسامح فيه نظير هذه التغيرات وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ذلك بأن المادة 24 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار 74 سنة 1961 – الذي كان سارياً وقت وقوع الجريمة – قد حددت وزن الرغيف من الخبز البلدي في محافظة القليوبية مكان الحادث 162 جراماً وقد نصت المادة 26 منه على أن يكون التسامح في الوزن بسبب الجفاف الطبيعي للخبز هو على الأكثر 5% للخبز البارد، ومفاد ذلك أن وزن الرغيف البلدي بعد استنزال النسبة المسموح بها بسبب الجفاف الطبيعي للخبز بعد التهوية قد صار 153.9 جراماً وهو نفس القدر الذي أورد الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعن بأن نقص الوزن يدخل في الحد المسموح به يكون على غير أساس إذ لا يجوز إجراء هذا الخصم بسبب الجفاف مرتين، ولا يقدح في هذا صدور قرار وزير التموين رقم 282 لسنة 1965 والمعمول به من تاريخ نشره في 6 ديسمبر سنة 1965 الذي خفض وزن الرغيف من الخبز البلدي إلى 153 جراماً في محافظة القليوبية، ذلك بأن هذا القرار وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض لا يتحقق به معنى القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد قررت في حدود سلطتها الموضوعية وعلى ما سلف بيانه أن عملية النقل والتفريغ ليس من شأنها إنقاص وزن الخبز إلى الحد الذي وجد عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً. لما كان ذلك، وكانت جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن تتم بمجرد إنتاجه كذلك مهما ضوئل مقدار النقص فيه، ولا تتطلب قصداً جنائياً خاصاً على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها، ومن ثم فإنه يكفي لقيام الجريمة المشار إليها في حق الصانع علمه بأن فعله مخالف للقانون وقعوده عن مراعاة تنفيذ أحكامه وبالتالي فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.