أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 431

جلسة 11 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، وحسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

(142)
القضية رقم 1946 سنة 24 القضائية

( أ ) دفاع شرعي. الاعتداء الذي يبيحه. اشتراط قدر معين من الجسامة فيه. غير لازم.
(ب) حكم. تسبيبه. دفاع شرعي. مثال للقصور في الرد عليه.
1ـ إن القانون إذ قرر حق الدفاع الشرعي وجعله حقاً يبيح دفع كل اعتداء على نفس المدافع أو غيره، لم يشترط في الاعتداء الذي يبيح الدفاع قدراً معيناً من الجسامة.
2ـ إذا كان كل ما أورده الحكم في نفى حالة الدفاع الشرعي لا يعدو التحدث عن عدم تناسب عدد المعتدين من كل فريق وكون فريق المتهمين أقوى من خصمهما، وقوله إن الاعتداء لم يكن مفاجئاً، بل حصل على أثر مشادة، فإن هذا الذي قاله الحكم لا يصلح رداً تنتفي به حالة الدفاع الشرعي وبالتالي يكون الحكم قاصر البيان بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1ـ إسماعيل علي أبو السعود و2ـ علي إسماعيل أبو السعود (الطاعنين) و3ـ عبد العزيز مروان الديب بأنهم: المتهم الأول أولاًـ ضرب عبد العزيز مروان الديب عمداً بفأس على ساقه فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي، والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها،هي فقد جزء من الفخذ الأيمن، الأمر الذي يفقد منفعة الطرف السفلى الأيمن وبالتالي يقلل من كفاءة المصاب على العمل بحوالى 60% وثانياً: أحدث عمداً بإبراهيم محمد الديب الإصابة المبينة بالتقرير الطبي، والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. والمتهم الثاني أولاً أحدث عمداً بعبد العزيز مروان الديب المتهم الثالث الإصابتين المبينتين بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما، هما بتر السلامية الظفرية للإصبع البنصر الأيسر الأمر الذي يقلل من منفعة اليد اليسرى وبالتالي من كفاءته على العمل بحوالى 4% وكسر بقاعدة الإصبع السبابة الأيمن الأمر الذي يقلل من كفاءته على العمل بحوالى 8%. وثانياً: أحدث عمداً بالسيد علي الديب الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن القيام بأعماله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوماً، والمتهم الثالث أحدث عمداً بإسماعيل على أبو السعود الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً وطلبت النيابة من قاضى التحقيق إحالة القضية إلى غرفة الاتهام لإحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبة المتهمين بالمواد 240/ 1 و241/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك. وادعى عبد العزيز مروان الديب بحق مدني وطلب الحكم له بمبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين الأول والثاني مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وببراءته من التهمة الثانية عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن التهمتين المسندتين إليه عملاً بالمواد 240/ 1 و241/ 1 و32 من قانون العقوبات. وثالثاً: بإلزام المتهمين المذكورين بأن يدفعا متضامنين للمدعى بالحق المدني مائتي جنيه والمصاريف المدنية المناسبة و300 قرش أتعاب المحاماة عن الدعوى المدنية ورفض ما زاد عن ذلك من الطلبات. ورابعاً: بمعاقبة المتهم الثالث عبد العزيز مروان الديب بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ هذا الحكم عملاً بالمواد 242/ 1 و55 و56 من قانون العقوبات.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصراً في عدم الرد على دفاع الطاعن الأول، مع أنه يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي، وفى الرد على ما دفع به الطاعن الثاني من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وعن والده، إذ اقتصر في ذلك على القول بأن المعركة كانت ناشبة بين المتهم الأول (الطاعن الأول) والمتهم الثاني (الطاعن الثاني) كفريق وبين المتهم الثالث وحده، فما كان هناك محل لخشيته أو لدفع اعتدائه على الوصف الذي صوره المتهم وهو ما لا يصلح رداً صحيحاً على دفاعه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذكر أن نزاعاً قام بين الطاعنين وبين المتهم الثالث بشأن حدود أرض زراعية متجاورة، وحصل شجار بسبب هذا النزاع كان من نتيجته أن اعتدى كل من المتنازعين على الآخر، وأصيب فيه الطاعن الأول والمتهم الثالث، ثم عرض لدفاع الطاعن الثاني من أنه حين اعتدى على المتهم الثالث، كان يدافع عن نفسه وعن والده، ورد على هذا الدفاع بما أورده من أن "هذا القول لا يعول عليه لأن المعركة كانت ناشبة بين المتهم الأول والثاني كفريق وبين المتهم الثالث وحده، فما كان هناك محل لخشيته أو لدفع اعتدائه على الوصف الذي صوره هذا المتهم لأنهما أقوى منه ولم يكن الاعتداء مفاجئاً بل حصل إثر مشادة بشأن الحد كما تقدم ".
وحيث إن القانون إذ قرر حق الدفاع الشرعي وجعله حقاً يبيح دفع كل اعتداء على نفس المدافع أو على غيره، لم يشترط في الاعتداء الذي يبيح الدفاع قدراً معيناً من الجسامة، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين من الذي بدأ بالعدوان،وكان كل ما أورده في نفى حالة الدفاع الشرعي لا يعدو التحدث عن عدم تناسب عدد المعتدين من كل فريق، وكون فريق الطاعنين أقوى من خصمهما، وقوله إن الاعتداء لم يكن مفاجئاً، بل حصل على إثر مشادة بشأن الحد، وهذا الذي قاله الحكم وبناء على عدم التناسب بين فريقي المعتدين لا يصلح رداً تنتفي به حالة الدفاع الشرعي التي تمسك الطاعن الثاني بقيامها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان في الرد على هذا الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا الوجه يتصل بالطاعن الأول أيضاً لوحدة الواقعة، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة لكلا الطاعنين، وذلك دون حاجة للبحث في باقي أوجه الطعن.