أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 435

جلسة 11 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، ومصطفى حسن، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن المستشارين.

(143)
القضية رقم 1950 سنة 24 القضائية

تقليد أوراق البنكنوت. يكفى أن يكون التقليد على نحو يمكن به خدع الناس.
لا يشترط في جريمة تقليد أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً، أن يكون التقليد قد تم بمهارة وحذق، بل يكفى أن يكون على نحو يمكن به خدع الجمهور.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية كلاً من 1ـ مرجان عزب مرجان (الطاعن) و2ـ سنية سدراك ميخائيل و3ـ عبد الحميد السيد الحنفي بأنهم: المتهمون الثلاثة زوروا ثلاث ورقات من أوراق البنكنوت فئة الخمسين قرشاً بطريق اصطناع بياناتها وأرقامها وزخارفها والتوقيع عليها بإمضاء مزورة لمحافظ البنك الأهلي. والمتهم الثالث استعمل هذه الأوراق المالية المزورة مع علمه بتقليدها بأن قدمها لأمينة إمام سليمان وزينب محمد فرغلى وحنا غبريال ليخصم منها ثمن ذرة اشتراها منهم وبأن المتهمين الأول والثانية اشتركا مع المتهم الثالث بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة الاستعمال السالفة الذكر بأن اتفقا معه على ترويج الأوراق المقلدة في السوق مع علمهما بتقليدها، فذهب إليه المتهم الثالث وبصحبته المتهمة الثانية واشتريا ذرة من أمينة إمام سليمان وزينب محمد فرغلى وحنا غبريال إبراهيم وأعطى المتهم الثالث لكل من هؤلاء إحدى الورقات المقلدة لخصم الثمن منها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت النيابة العمومية من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 2ـ3 و41 و206/ 1ـ 7 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاثة سنين لما نسب إليه وذلك تطبيقاً لمواد الاتهام مع المادة 23عقوبات.
وثانياً: بمعاقبة المتهمة الثانية بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما نسب إليها وأمرت بوقف تنفيذ هذه العقوبة لمدة ثلاثة سنين تبدأ من اليوم وذلك عملاً بمواد الاتهام مع المواد 32 و17و55 و56 المعدلة بالقانون رقم 435 لسنة 1953. وثالثاً بإعفاء المتهم الثالث عبد الحميد السعيد الحنفي من العقوبة المقررة قانوناً لما نسب إليه. ورابعاً: بمصادرة جميع المضبوطات. فطعن المحكوم عليه الأول وحده في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتزوير أوراق البنكنوت، وبالاشتراك في استعمالها، قد تناقض مع أقوال الشهود الذين قطعوا بأن الطاعن لم يشترك في الترويج، ولم يبق من دليل عليه إلا أقوال المتهم الثالث، وهى لا تصلح دليلاً عليه لصدورها من متهم آخر، ومن صالحه أن يدفع التهمة عن نفسه، وأن الحكم جاء قاصراً في استناده إلى ضبط أدوات مما تستعمل في التزوير، مع أن دفاع الطاعن قام على أن تلك الأدوات هي أقلام رصاص مما يستعمله الأولاد في المدارس، وأن اللوح الزجاجي هو من نافذة مكسورة، ولا يبعد أن تمتد يد الأولاد إلى تلك الأشياء حين يجدونها في غرفة المتهم الثالث الذي يساكنه، مما يجعل حالة الشيوع قائمة، فكان يتعين على المحكمة أن تبين سبب إدانتها للطاعن، مع أنه قد يكون على غير علم بما تدبره زوجته المتهمة الثانية مع صديقها المتهم الثالث، هذا إلى أن الورقة الصحيحة التي ضبطت بحقيبتها، والتي قيل إن الأوراق المزورة نقلت عنها، قد عينت الزوجة مصدرها، إذ قالت إن المتهم الثالث أعطاها لها خصماً من إيجار غرفته، ولم ترد المحكمة على ذلك، وأن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، إذ قال بتزوير أوراق البنكنوت مع أن التزوير فيها مكشوف يرى بالعين المجردة، ولم ينخدع به أحد ممن عرضت عليهم، مع سذاجتهم، وأن المحكمة أخطأت إذ قضت ببراءة المتهم الثالث باعتبار أنه أخبر عن الواقعة، مع أنه لم يخبر بها إلا حين ضبط متلبساً، وهذه الحالة ليست هي التي يقصدها القانون بالإعفاء.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة تقليد أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً، وجريمة الاشتراك في استعمالها، وهما الجريمتان اللتان دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ولما كان الحكم إنما استند إلى أقوال الشهود الذين عناهم الطاعن في طعنه في إثبات وقائع استعمال أوراق البنكنوت المزورة التي وقعت من المتهم الثالث الذي تعاملوا معه، لا الطاعن الذي إنما دانه الحكم بالاشتراك في هذه الجريمة بطريق الاتفاق والمساعدة، ولم يقل الحكم إن أحداً من أولئك الشهود رأى الطاعن يستعمل الأوراق المزورة أو يقوم بنفسه بترويجها، مما لا محل معه لما يدعيه من تناقض، وكان يجوز للمحكمة أن تستدل على متهم بأقوال متهم آخر ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان الحكم قد أثبت نقلاً عن محضر التفتيش أنه ضبط بمسكن الطاعن وزوجته وكذلك بمسكن المتهم الثالث ألواح زجاجية وريش وأقلام ومساحيق ملونة وأوراق بيضاء مما يستعمل في تزوير الأوراق المالية، كما ضبطت بحقيبة الزوجة (المتهمة الثانية) ورقة صحيحة من فئة الخمسين قرشاً تحمل نفس رقم ومجموعة الأوراق المزورة المضبوطة، وعليها آثار ضغط تدل على أنها استعملت في تقليد غيرها من الأوراق، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بأن التزوير في الأوراق مكشوف ـ بأن المحكمة قد تبينت من مشاهدتها الأوراق المقلدة أن مظهرها مشابه للأوراق الصحيحة وأنه لا يشترط أن يكون التقليد قد تم بمهارة وحذق، بل يكفى أن يكون على نحو يمكن به خدع الجمهور، وقد أثبت أن الأوراق الثلاث المضبوطة قد جازت على المجني عليهم وقبلوها ثمناً لمبيعاتهم، وكان ما قاله الحكم من ذلك صحيحاً في القانون، وكان لا صفة للطاعن في التحدث عما يقول به عن خطأ الحكم فيما قضى به من براءة متهم آخر في الدعوى ولا مصلحة له فيه ـ لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن مما تقدم ومن غير ذلك مما أورده في طعنه، لا يكون إلا مجادلة في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة التي أخذت بها المحكمة في حقه مما لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.