أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 323

جلسة 10 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سعد سامح، ومحمود عباس العمراوي ومحمد أبو الفضل حفني.

(70)
الطعن رقم 2207 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) ضرب. "ضرب أحدث عاهة". جريمة. "أركانها". باعث. إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها. أثر الخطأ فيه أو بنائه على الظن أو إغفاله كلية؟
(ب) الضرب على قمة الرأس. إمكان حدوثه من ضارب يقف أمام المجني عليه أو خلفه. تقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة.
(ج، د، هـ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بتعذر الرؤية". إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
(ج) النعي على المحكمة سكوتها عن طلب لم يبده الدفاع أو عدم الرد على دفاع ظاهر البطلان. غير جائز.
(د) الدفع بتعذر الرؤية قد يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً. مثال.
(هـ) تعقب الدفاع في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه غير لازم.
اطمئنان المحكمة إلى الأدلة التي عولت عليها. يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. بيان علة إطراحها. غير لازم.
1 - الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه، أو ابتناؤه على الظن، أو إغفاله جملة.
2 - من البداهة أن الضرب بآلة راضه على قمة الرأس يمكن أن يحدث من ضارب يقف أمام المجني عليه أو يقف خلفه على السواء، مما لا يحتاج في تقريره أو استنباطه إلى خبرة فنية خاصة يتعين على القاضي الالتجاء إليها.
3 - إذا كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع الطبيب الشرعي لتحقيق ما يدعيه، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده أو الرد على دفاع ظاهر الفساد.
4 - الدفع بتعذر الرؤية لحلك الظلام في صورة الدعوى من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً لتلاحم الأجساد الذي يحقق الرؤية عند حصول الاعتداء بآلة راضه.
5 - محكمة الموضوع غير ملزمه بتعقب المتهم في كل جزئيه يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي، إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يقيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها علي عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 4 يونيو سنة 1967 بدائرة مركز بني سويف محافظة بني سويف: (أولاً) ضرب بكري الكردي محمد حسبو بفأس على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد بعظام الجدارية اليمنى في مساحة 3 × 4 سم لن يملأ بالعظام مما يقلل من كفاءته على العمل ويصعب تقدير مداها (ثانياً) أحدث عمداً بالمجني عليه سالف الذكر بكري الكردي محمد حسبو الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته وفقا للمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وادعى المجني عليه بالحق المدني قبل المتهم وطلب إلزامه بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وتطبيقا للمادة 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه أن يدفع إلى المدعى بالحق المدني مبلغ مائتي وخمسين جنيها على سبيل التعويض والمصاريف ومبلغ ثلاثة جنيهات أتعابا للمحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذي أحدث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب, ذلك بأن المدافع عنه أثار في مرافعته أن إصابة المجني عليه كما وصفها الطبيب الشرعي في قمة الرأس والجدارية اليمنى تشير إلى حدوث الاعتداء من الخلف لا من الأمام، فلا يتسنى للمجني عليه رؤية الضارب له خصوصاً في حلك الظلام، ما نفى الطاعن وجوده في مكان الحادث مستشهداً موظفاً صادفه، ونفى اشتغاله بالزراعة بشهادة من الجمعية التعاونية، وبالتالي فإن موجب وجوده في مكان الحادث يكون منتفياً، والحادث لا باعث له، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يحقق دفاعه، ولم يعرض له بالرد مما يعيبه بما يبطله، ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن المجني عليه ذهب لري أرضه، فنازعه والد الطاعن، فجاء ابنه بالفأس وضربه على رأسه وبعض جسمه فأحدث به جملة الإصابات التي تخلفت عن إحداها عاهة الرأس. ودلل على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة وهي شهادة المجني عليه والتقرير الطبي الشرعي، ولما كان من البداهة أن الضرب بآلة راضه على قمة الرأس يمكن أن يحدث من ضارب يقف أمام المجني عليه أو يقف خلفه على السواء، مما لا يحتاج في تقريره أو استنباطه إلى خبرة فنية خاصة يتعين على القاضي الالتجاء إليها وكان الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع الطبيب الشرعي لتحقيق ما يدعيه، بخلاف ذلك، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده أو الرد على دفاع ظاهر الفساد، وكان ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه والتقرير الطبي مما يتلاءم به فحوى الدليلين بغير تناقض، وكان الدفع بتعذر الرؤية لحلك الظلام في صورة الدعوى من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً لتلاحم الأجساد الذي يحقق الرؤية عند حصول الاعتداء بآلة راضه. لما كان ذلك، وكان الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه، أو ابتناؤه على الظن، أو إغفاله جملة، على أن الحكم أثبت بغير معقب أنه الخلاف على الري، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمه بتعقب المتهم في كل جزئيه يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي، إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياه، وكان الطعن في حقيقته جدلاً موضوعياً صرفاً لا يثار لدى محكمة النقض، فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض.