أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 441

جلسة 11 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة مصطفى فاضل، ومصطفى حسن، ومصطفى كامل، وإسحق عبد السيد المستشارين.

(145)
القضية رقم 1953 سنة 24 القضائية

( أ ) حكم. تسبيبه. سبق إصرار. استظهاره. مثال.
(ب) حكم. تسبيبه. دفاع موضوعي. الرد عليه رداً صريحاً. غير لازم.
1ـ يعتبر الحكم قد استظهر في منطق سليم ظرف سبق الإصرار إذ قال "إنه متوفر من حمل المتهم لهذا السلاح (بندقية) وإعداده، والتوجه به إلى مكان المجني عليه، وإطلاقه عليه بمجرد رؤيته مما يدل على سبق اعتزام القتل للحزازات التي أثارتها في نفس المتهم تبرئة قريب المجني عليه من تهمة قتل ابن عم المتهم".
2ـ من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالرد رداً صريحاً على ما يثيره المتهم من أوجه دفاع موضوعية، إذ يكفى أن يكون الرد مستفاداً من الحكم بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل مشرقي واصف بطرس عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك بندقية معمرة، ولما أن ظفر به أطلق عليه مقذوفاً نارياً بقصد قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وطلبت من غرفة الاتهام بمحكمة أسيوط الابتدائية إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات، فقررت بذلك في 24 من أكتوبر سنة 1953 ـ وادعت مرته شحاتة زوجة القتيل بحق مدني، وطلبت الحكم لها قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك تطبيقاً لمادتي الاتهام مع المادة 17 عقوبات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الأدلة المادية التي أسفر عنها فحص الطبيب الشرعي أثبتت عدم صدق رواية المجني عليه وولده، إذ دلت معاينته لمكان الحادث على خلوه من آثار الدماء، مع ثبوت أن إصابة المجني عليه من شأنها أن تحدث نزيفاً دموياً، كما أن تصوير المجني عليه وولده، وقولهما إن الجاني كان في مواجهة المجني عليه وفى مستواه، لا يتفق مع الوضع الذي وصفه التقرير الطبي من أن الضارب كان على يمين المجني عليه وفى مستوى أعلى منه. يضاف إلى ذلك أن الطاعن دفع بانتفاء ظرف سبق الإصرار لأن الدافع على الانتقام منقطع الصلة بالطاعن، إذ لو كان يريد الأخذ بالثأر لانتقم من قاتل عمه لا من المجني عليه الذي لم يرتكب جرماً. وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع، ولكن الحكم لم يعرض له، ولم يرد عليه، فجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، وعرض لدفاعه وفنده بما يبرر اطراحه، فقال نقلاً عن شهادة المجني عليه في تحقيق النيابة إن المتهم حين أطلق عليه العيار الناري كان في مواجهته، وكان هو متجهاً بوجهه للجهة الغربية البحرية، كما ذكر الحكم أن المجني عليه شهد في التحقيقات وأمام المحكمة بأن الطاعن أطلق على أبيه عياراً نارياً من مسافة تتراوح بين متر ومترين، وكان في مواجهته، ثم أورد الحكم مؤدى تقرير الطبيب الشرعي فقال إن إصابات المجني عليه حدثت من عيار ناري أطلق عليه من أعلى والأمام واليمين، لا أسفل واليسار والخلف، وأنه يصح على وجه الإجمال حدوث الإصابة وفقاً لرواية المجني عليه وولده ـ لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر في منطق سليم ظرف سبق الإصرار فقال:"إنه متوفر من حمل المتهم لهذا السلاح (بندقية)، وإعداده، والتوجه به إلى مكان المجني عليه، وإطلاقه عليه بمجرد رؤيته، مما يدل على سبق اعتزام القتل، للحزازات التي أثارتها في نفس المتهم تبرئة قريب المجني عليه من تهمة قتل ابن عم المتهم"ـ لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالرد رداً صريحاً على ما يثيره المتهم من أوجه دفاع موضوعية، إذ يكفى أن يكون الرد مستفاداً من الحكم بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.