أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 350

جلسة 10 من أبريل سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، وعثمان رمزي، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم المستشارين.

(39)
طعن رقم 83 سنة 24 ق

( أ ) جمعيات. طوائف. طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية. التزام مجلس الإدارة فيها وجمعيتها العامة بإتباع نصوص لائحتها فيما يتعلق بتقرير الإحالة على المعاش.
(ب) جمعيات. طوائف. عقد "تفسيره". تفسير المادتين 14 و41 من لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية.
(ج) جمعيات. طوائف. عدم جواز القياس على حالات الإحالة على المعاش الواردة في المادة 14 من لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية.
(د) نقض "سبب جديد". جمعيات. طوائف. عدم جواز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بأن ما ورد بالمادة 41 من لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية من تخويل مجلس الإدارة منح الإعانات دون قيد يفيد إطلاق حقه في تقرير المعاش.
1 - متى كانت نصوص لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية خالية من جواز تقرير الإحالة على المعاش سواء من مجلس الإدارة أو من الجمعية العمومية إلا في الحالات المبينة باللائحة كان على المجلس والجمعية العمومية التزام نصوصها إلا أن تعدّل نصوص اللائحة تعديلاً يجيز للمجلس أو للجمعية العمومية تقرير معاش في غير تلك الحالات.
2 - متى كان الحكم قد انتهى في تفسيره لنصوص لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية إلى أن حالات الإحالة على المعاش قد بينتها وحددتها المادة الرابعة عشرة من اللائحة وأن المادة 41 منها إنما وردت في بيان من يملك تقرير الإحالة فقررت أنه مجلس الإدارة فإن هذا التفسير هو ما توحي به نصوص المادتين المذكورتين ولا محل للنعي على الحكم بالخطأ في التفسير أو بمسخ التعاقد.
3 - لا يجوز القياس على حالات الإحالة على المعاش الواردة في المادة الرابعة عشرة من لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية لأن القول بجواز القياس يتعارض مع ثبوت ورود هذه الحالات على سبيل الحصر.
4 - متى كان لم يسبق التمسك أمام محكمة الموضوع بأن ما ورد بالمادة 41 فقرة 11 من لائحة طائفة رؤساء البوغاز بالإسكندرية من تخويل مجلس الإدارة منح الإعانات دون قيد يفيد إطلاق حقه في تقرير المعاش فإنه لا يجوز التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام على المطعون عليها الدعوى 2089 سنة 1949 مدني كلي الإسكندرية طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له قيمة التزامها على الأساس الذي قدرته وهو نصف حصته شهرياً ابتداء من أول يونيه سنة 1949. وقال في بيان دعواه إنه كان عضواً في الطائفة منذ سنوات طويلة وأنه بحكم نظام التوريث المتبع فيها وبحكم اشتراكه في خدمتها قد تدرج في مختلف درجات الرؤساء إلى أن شغل درجة رئيس طائفة من الدرجة الأولى وبعد أن قضى فيها عدة سنوات شرعت الحكومة المصرية في تمصير مناصب المرشدين البحريين في شركة قنال السويس ورأت الطائفة معاونة الحكومة بندب الطاعن وثلاثة من زملائه مرشدين تحت التمرين بالشركة وذلك خلال الشهور الأخيرة من سنة 1948. وأنه - أي الطاعن - استجاب لهذه الرغبة وترك بلدته وطائفته التي كان له قبلها حقوق استمدها من نظام التوريث الذي جرت عليه الطائفة ومن عمله وجهاده في سبيلها وذلك على أساس تعهدها بأن تدفع له نصف حصته شهرياً وعلى أساس هذا الاتفاق والالتزام قبل العمل كمرشد بحري بشركة قنال السويس وأن الطائفة نفذت الالتزام فعلاً بأن دفعت له نصف الحصة عن الشهور من يناير إلى مايو سنة 1949 ثم امتنعت عن دفعها بعد ذلك مما دعاه لرفع دعواه - واستند الطاعن إلى خطاب مؤرخ في 11 من نوفمبر 1948 موقع عليه من رئيس مجلس إدارة الطائفة وأعضائه ورد به أن الطائفة وافقت على محاسبته في حالة تثبيته نهائياً بشركة قنال السويس على أساس نصف حصة اعتباراً من تاريخ استلامه العمل بالشركة، وإلى خطاب مؤرخ في 15 من ديسمبر سنة 1948 وموقع عليه من رئيس المجلس ورد به أن الطائفة قررت اعتباره في المعاش ابتداء من أول ديسمبر سنة 1498 وأنها ستجري محاسبته على أساس نصف حصة بحسب اللائحة. كما تمسك الطاعن بأن جميع أعضاء الطائفة قد وقعوا على الدفتر الخاص بقبض المرتبات مما يفيد موافقتهم على ما قرره مجلس الإدارة. وأضاف الطاعن إلى ما تقدم أن ما رتب له ليس معاشاً ولكنه تعويض ومكافأة له عن إخلاصه وكفاءته طول مدة عمله روعي فيه تشجيعه على قبول عمله الجديد خدمة للوطن، وأن الطائفة لا تعدو أن تكون شركة بين أفراد لجلب الربح لها رأس مال ثابت وأن مجلس الإدارة إذ قرر للطاعن نصف الحصة لم يتجاوز سلطته وإنما باشرها وفقاً للمادة 41 من اللائحة. وأن توقيعات أعضاء الطائفة جميعهم بالموافقة لا تخرج عن كونها إقراراً من الأصيل يصحح عمل النائب عنه إذا صح أن النائب قد جاوز سلطته وأنه لا يجدي التحدي في هذا الخصوص بالشكليات التي يتعين مراعاتها في شأن انعقاد الجمعية العمومية للطائفة ذلك لأن هذه الشكليات لا يقصد بها إلا ضمان حضور أغلبية معينة من الأعضاء فضلاً عن أن الطائفة جرت على عدم مراعاة هذه الشكليات - دفعت المطعون عليها فرعياً بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى بمقولة أن عملية الإرشاد بميناء الإسكندرية هي مرفق عام نظمه القانون رقم 130 سنة 1948 وأصبح المرشد بموجبه موظفاً عمومياً يقوم بخدمة عامة ولهذا تكون محكمة القضاء الإداري هي المختصة بالفصل في المنازعات الخاصة بمرتبات المرشدين ومعاشاتهم ومكافآتهم - ودفعت الطائفة المطعون عليها - الدعوى موضوعياً بأنها لا تعتبر شركة لأنه ليس لها رأس مال وبأن الإحالة إلى المعاش يحكمها ويحدد أحوالها نص المادة 14 من لائحة الطائفة وهو يقضي بالإحالة الإجبارية عند بلوغ العضو سن الستين أو إصابته بضعف صحي أو عارض يعجزه عن العمل أو فصله بسبب عدم كفاءته أو سوء سيره وسلوكه، كما يجيز الإحالة الاختيارية إذا بلغ العضو سن الخامسة والخمسين - وتمسكت المطعون عليها - بأن الطاعن لم تتوافر بشأنه حالة من الأحوال المذكورة وأنه إنما ترك العمل باختياره ليلتحق بعمل آخر غزير النفع وافر الكسب، وبأن لائحة الطائفة لا يجوز تعديلها إلا بموافقة الجمعية العمومية وبشروط شديدة وبأغلبية استثنائية وفقاً لنص المادة 42 منها ولهذا يكون باطلاً ما يصدره رئيس الطائفة أو مجلس الإدارة من تقرير معاش في غير الأحوال المتقدمة. وبأن هذا البطلان لا يصححه استلام الطاعن نصف الحصة عن خمسة شهور - ثم أقامت المطعون عليها - دعوى فرعية طلبت فيها إلزام الطاعن برد ما استلمه ومقداره 120 جنيهاً - وفي 22 من أبريل سنة 1951 حكمت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعويين الأصلية والفرعية مؤسسة قضاءها برفض الدعوى الأصلية على أن الإحالة إلى المعاش التي يختص مجلس إدارة الطائفة بتقريرها مقيدة بالأحوال التي وردت على سبيل الحصر في المادة 14 من اللائحة فإذا تجاوز اختصاصه كان قراره باطلاً. وأن دفتر صرف المرتبات إنما أعدّ ليكون بمثابة إيصال عن استلام العضو مرتبه ولهذا لا تعتبر توقيعات أعضاء الطائفة عليه موافقة منهم على تقرير شيء للطاعن ولا تغني هذه التوقيعات عن الإجراء المنصوص عليه في المادة 42 من اللائحة وهو ضرورة انعقاد الجمعية العمومية إذا طلب تعديل حكم من أحكامها وعلى ذلك لا يكون من شأن التوقيعات المشار إليها تصحيح بطلان قرار مجلس الإدارة. وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما ادعاه من أن الطائفة هي التي رشحته للعمل بشركة قنال السويس وبني عليه اعتبار أن نصف الحصة إنما تقرر له بصفة تعويض بل المرجح أنه ترك عمله في الطائفة بمحض اختياره ابتغاء مزايا أكثر صلاحية له. أما قضاء محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى الفرعية فكان أساسه أن المبلغ الذي صرف للطاعن هو نوع من الهبة الباطلة لا يجوز استرداده أو الرجوع فيه بعد تنفيذه بالقبض. استأنف الطرفان - وفي 19 من ديسمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وبرفض الاستئناف المرفوع من الطاعن، وفي الاستئناف المرفوع من المطعون عليها بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 120 جنيهاً وفوائده القانونية ابتداء من 29 من أكتوبر سنة 1952 حتى الوفاء. وفي 10 من مارس سنة 1954 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف الأصلي بطلبات الطاعن في دعواه الأصلية وفي موضوع الاستئناف المقابل بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى الفرعية. قدمت المطعون عليها مذكرتها وطلبت فيها الحكم برفض الطعن في شطره الأول والحكم أصلياً ببطلانه في شطره الثاني واحتياطياً برفضه أيضاً. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الدفع وبقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 4 من فبراير سنة 1958 إحالته إلى الدائرة المدنية بجلسة 27 من مارس سنة 1958 وفيها صمم كل من الطاعن والمطعون عليها على طلباته كما صممت النيابة العامة على رأيها السابق بيانه.
ومن حيث إن ما دفعت به المطعون عليها من بطلان الطعن في شطره الثاني مبناه أن الطاعن لم يضمن تقرير الطعن أسباب النعي على الحكم فيما قضى به في الدعوى الفرعية من أحقية الطائفة في استرداد مبلغ أل 120 جنيهاً مع أن قضاء الحكم في هذا الخصوص يقوم على أسباب خاصة به غير الأسباب التي أقام عليها قضاءه برفض الدعوى الأصلية.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يضمن قضاءه في الدعوى الفرعية أسباباً خاصة بها بل أقام قضاءه فيها على ذات الأسباب التي أقام عليها قضاءه برفض الدعوى الأصلية وهذا واضح من قول الحكم في حيثيته الأخيرة - "عن الاستئناف المقابل - وحيث إن محكمة أول درجة أقامت قضاءها في الدعوي الأصلية على بطلان قرار مجلس الإدارة الذي يتمسك به المدعى المستأنف عليه - بطلاناً لا يصححه الدفع الذي تم عن الشهور الخمسة من يناير لغاية مايو سنة 1949 وقد كان هذا المنطق السليم يقضي باعتبار القرار كأن لم يكن وزوال آثاره وإعادة ما كان إلى ما كان بأن تلزمه بوصفه مدعى عليه في الدعوى الفرعية رد ما قبضه من الهيئة دون حق، ولكنها لم تشأ مسايرة المنطق القانوني إلى نهايته بسبب أقل ما يقال فيه إنه متعارض مع هذا المنطق ولا سند له من الأوراق".
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الدفع
وبما أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن المادة 14 من لائحة الطائفة الصادرة في سنة 1939 بينت بعض الحالات الشائعة للإحالة إلى المعاش، ثم نصت المادة 41 فقرة تاسعة على اختصاص مجلس الإدارة بتقرير الإحالة إلى المعاش إجبارياً أو اختيارياً أو بسب مرض أو عاهة. وهذا النص الأخير أوسع نطاقاً من نص المادة 14 ويتسع لصور من صور الإحالة إلى المعاش غير تلك التي عددتها المادة 14 وما دام النص الأخير من اللائحة قد أطلق بنوع خاص حالات الإحالة الاختيارية فلا وجه لتخصيصها بما نصت عليه المادة الرابعة عشرة وما دام أن ممثل الشخص المعنوي له أن يترخص في التصرف بما تتحقق به مصلحة من يمثله فيما عدا ما يكون قد منع منه صراحة بالقانون أو بنظام الجمعية وفيما عدا التصرفات التي تتنافى بطبيعتها مع أهداف الجمعية رسالتها فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن بيان حالات الإحالة على المعاش قد ورد على سبيل الحصر في المادة 14 يكون قد أخطأ تفسير اللائحة ومسخ التعاقد المتمثل في نصوصها. ويتحصل السبب الثاني في أن اللائحة ورد بها من النصوص ما يفيد أن من يحال إلى المعاش بسبب عدم كفاءته أو سوء سيره وسلوكه يعطى مرتب معاش مقداره نصف حصة - وكان يصح أن يقاس على هذه الحالة حالة من يحال إلى المعاش باتفاق الطائفة وترشيحها إياه لعمل آخر بسبب كفاءته - وهي حالة الطاعن - كما أنه كان يصح أن يطبق على حالته حكم المادة 41 فيما ورد به من تخويل مجلس الإدارة حق منح الإعانات دون تحديد أو قيد. والقول بغير ذلك فساد في الاستدلال ومخالفة لقواعد التفسير المعتبرة. ويتحصل السبب الثالث في أن التحدي بحرفية نصوص اللائحة توسلاً للقول ببطلان قرار صادر ممن يمثل الشخص الاعتباري ولو كان هذا القرار متمشياً مع روح القانون ومقتضى العرف والعدالة. هذا القول يخالف القواعد الأصولية التي تقضي أن العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة.
ومن حيث إن هذا النعي في كافة وجوهه غير صحيح، ذلك لأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه جاء به ما يلي: "وحيث إن الذي يستخلص من استعراض وجهة نظر طرفي الخصومة حسبما سبق البيان هو أن وجه الخلاف بينهما ينحصر في تفسير المادتين 14، 41 من لائحة الطائفة، فالمادة 14 قد نصت على أن الإحالة للمعاش تكون في أحد الأحوال الآتية: 1 - إذا بلغ العضو سن الستين على أنه يجوز له إذا بلغ الخامسة والخمسين من عمره أن يطلب إحالته على المعاش حسب اختياره وعلى مجلس الإدارة تقرير الإحالة في هذه الحالة 2 - إذا أصيب العضو بضعف صحي أو بعارض يعجزه عن العمل بشرط أن يثبت هذا العجز بإجماع ثلاثة أطباء على الأقل ينتدبهم مجتمعين مجلس الإدارة 3 - إذا فصل رئيس البوغاز بسبب عدم كفاءته أو سوء السير والسلوك. أما المادة 41 فإنها قد نصت على ما يختص به مجلس إدارة الطائفة من مسائل من بينها تقرير الإحالة على المعاش إجبارياً أو اختيارياً أو بسبب مرض أو إصابة. وحيث إن المدعى - الطاعن - يقول تفسيراً لهاتين المادتين أن مجلس الإدارة يختص بتقرير الإحالة على المعاش بدون قيد أو شرط، أما المدعى عليه فيقول إن مجلس الإدارة يختص بذلك في حدود ما نصت عليه المادة 14 من حالات الإحالة على المعاش - ومن حيث إن المادة 14 قد ذكرت على وجه التحديد الحالات التي على أساسها يمكن الإحالة على المعاش وهي واردة على سبيل الحصر، ومن ثم فلا يجوز أن تتعداها، وإنما إذا توفرت في الشخص إحدى تلك الحالات فإن تقرير الإحالة لا يصدر إلا من مجلس الإدارة المختص بفحص تلك الحالة ليستوثق مما إذا كان المطلوب إحالته إلى المعاش قد توفرت فيه شروطها من عدمه، فإذا ما تجاوز مجلس الإدارة حدود اختصاصه المرسومة في المادة 41 من اللائحة المذكورة فيكون قراره غير مطابق لأحكام اللائحة وبالتالي يقع باطلاً - ويبين من هذا أن الحكم المطعون فيه انتهى في تفسيره لنصوص اللائحة إلى أن حالات الإحالة على المعاش قد بينتها وحددتها المادة الرابعة عشرة من اللائحة وأن المادة 41 إنما وردت في بيان من يملك تقرير الإحالة فقررت أنه مجلس الإدارة. ولما كان هذا التفسير هو ما توحي به نصوص المادتين المذكورتين فلا محل للنعي على الحكم بالخطأ في التفسير أو بمسخ التعاقد، كما أن القول بجواز القياس على الحالات الواردة في المادة الرابعة عشرة يتعارض مع ثبوت ورود هذه الحالات على سبيل الحصر - أما ما يتمسك به الطاعن من أن ما ورد بالمادة 41 فقرة 11 من تخويل مجلس الإدارة منح الإعانات دون قيد يفيد إطلاق حقه في تقرير المعاش. فهو نعي جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - استناداً إلى حرفية نصوص اللائحة - من أنه لم يكن لمجلس الإدارة والجمعية العمومية أن يترخصا في تقرير معاش للطاعن - هذا الذي ذهب إليه الحكم مؤداه أنه لا يتصور وجود شخص أو جماعة تملك تقرير المعاش - الأمر الذي يتنافى مع المنطق والقانون والعدالة.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كانت نصوص اللائحة خالية من جواز تقرير الإحالة على المعاش سواء من مجلس الإدارة أو من الجمعية العمومية إلا في الحالات المبينة باللائحة كان على المجلس والجمعية العمومية التزام نصوصها إلا أن تعدّل نصوص اللائحة تعديلاً يجيز للمجلس أو للجمعية العمومية تقرير معاش في غير تلك الحالات - وهذا ما أشار إليه الحكم المطعون فيه بقوله: "وحيث إنه فيما يتعلق بالمسألة الثالثة فإنه مهما قيل في شأن التوقيعات التي لأفراد الطائفة على دفتر صرف المرتبات بعد صدور قرار مجلس الإدارة وتنفيذه ووضوح مظاهر هذا التنفيذ في الدفاتر فمما لا ريب فيه أن الجمعية العمومية لا تملك هي الأخرى تقرير هذا المعاش الخاص أو المكافأة أو التعويض ... فالجمعية العمومية بحسب نصوص اللائحة لا تملك إصدار قرار يخالف حكماً من أحكام اللائحة وإن كانت تملك تعديل أي حكم من هذه الأحكام بالشروط والأوضاع المقررة فيها. فكل قرار تصدره الجمعية العمومية مخالف لنظام الجمعية يقع باطلاً بطلاناً يستفيد منه ويتمسك به كل ذي مصلحة. مثله في ذلك مثل القرار الذي يصدره مجلس الإدارة متجاوزاً حدود اختصاصه، وبما أن المستأنف - الطاعن - كان عضواً في الجمعية فلا يستطيع التنصل من تبعة هذا البطلان ... وإذن فلا تجدي موافقة الأعضاء متفرقين على قرار مجلس الإدارة إجماعية كانت هذه الموافقة أو غير إجماعية لو صح أن تستفاد هذه الموافقة من التوقيعات التي لهم على دفتر صرف المرتبات من باب أولى ما دام قرار الجمعية العمومية غير مجد فيما لو صدر منها تلقائياً إذ أن هذه الموافقة تنطوي على مخالفة لنظام الجمعية شكلية وموضوعية".
وحيث إنه لما تقدم يتعين برفض الطعن موضوعاً.


ملاحظة: قررت المحكمة هذه المبادئ أيضا في الأحكام التي أصدرتها في ذات الجلسة في الطعون أرقام 84 و85 و86 سنة 24 .