أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 458

جلسة 19 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، وحسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

(152)
القضية رقم 2183 سنة 24 القضائية

دفاع شرعي. تصوير المحكمة واقعة الدعوى تصويراً يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي. عدم بحث المحكمة في قيام الحالة المذكورة. حكم معيب.
إذا كان تصوير المحكمة للواقعة يفيد أن المتهم لم يعتد على المجني عليهما إلا على أثر العدوان الذي حصل على زوجتيه اللتين كانتا تستغيثان فقد كان يتعين على المحكمة مع هذا التصوير أن تبحث في قيام حالة الدفاع الشرعي من عدمه ولو لم يكن المتهم قد دفع صراحة بذلك، فإذا هي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1ـ إبراهيم فتح الله عبد المالك (الطاعن) و2ـ سليمان محمد صماطة و3ـ على محمد صماطة و4ـ عبد المجيد محمد صماطة بأنهم في يوم 26 من يناير سنة 1950 بناحية عزبة مالك تبع النحلة البحرية مركز أبو حمص مديرية البحيرة أولاً: المتهم الأول ـ ضرب محمد علي العريان بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد في عظم الجبهة يعرض حياته للخطر ويحرم المخ جزءاً من وقايته الطبيعية ضد التغييرات الجوية والإصابات البسيطة والتي قدرت بنحو 8% والمتهم الأول أيضاً: ضرب علي حسن العريان فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي احتاجت لعلاج لا تزيد مدته عن عشرين يوماً وثانياً: المتهمون الثاني والثالث والرابع ضربوا محمد علي العريان فأحدثوا به باقي الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات، فقررت بإحالتهم إليها لمعاقبتهم الأول بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات ومعاقبة الباقين بالمادة 241/ 1 من القانون سالف الذكر. وادعى محمد علي العريان بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين.
وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات دمنهور تنازل المدعى بالحق المدني عن دعواه. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 242/ 1 مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات للأول والرابع وبالمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات للباقين بمعاقبة الأول بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور عن التهمتين وبمعاقبة عبد المجيد محمد صماطة بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد وببراءة كل من سليمان محمد صماطة وعلي محمد صماطة مما أسند إليهما وبإثبات تنازل المدعى بالحق المدني عن دعواه وإلزامه بمصروفاتها المدنية. فطعن الأستاذ عبد الحميد السنوسى المحامى والوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

.. حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه معيب بالقصور فقد دانه مع أن الواقعة كما أثبتها الحكم تدل على أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن الغير إذ سلم بأن المجني عليهما اعتديا بالضرب على زوجتي الطاعن فأحدثا بهما إصابات وإذ استغاثتا خف الطاعن لنجدتهما وكان الاعتداء ما زال قائماً مما يجعل الفعل الذي وقع منه على فرض حصوله دفاعاً شرعياً لا عقاب عليه في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيانه لواقعة الدعوى قال"إن غالية محمد صماطة وحسنة عبد المجيد عبد المالك زوجتي المتهم الأول إبراهيم فتح الله عبد الملك كانت تملآن جرارهما من بئر فحضرت مريم حسن عبد الله زوجة محمد علي العريان وفاطمة حسن العريان ونظيرة علي العريان وصباح علي العريان يرغبن في ملء جرارهن فاعترضتهن غالية وحسنة وتماسك الطرفان فحضر محمد علي العريان وعلي حسن العريان واعتديا بالضرب على غالية وحسنة فاستغاثتا فخف إليهما المتهم إبراهيم فتح الله عبد المالك (الطاعن) وبعض أقاربه واشتبك الفريقان في مشاجرة اعتدى فيها المتهمان الأول إبراهيم فتح الله عبد المالك والمتهم الرابع عبد المجيد محمد صماطة بالضرب على محمد العريان فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقارير الطبية..واعتدى المتهم الأول أيضاً بالضرب على علي حسين العريان فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي " كما ذكر الحكم في موضع آخر" أنه يخلص مما سلف بيانه أن المتهم الأول إبراهيم فتح الله عبد المالك (الطاعن) والمتهم الرابع عبد المجيد محمد صماطة لما أن رأوا المجني عليهما محمد علي العريان وعلي حسين العريان اعتديا بالضرب على زوجتي إبراهيم فتح الله ضربا محمد علي العريان". ولما كان تصوير المحكمة للواقعة على هذه الصورة يفيد أن الطاعن لم يعتد على المجني عليهما إلا على أثر العدوان الذي حصل على زوجتيه اللتين كانتا تستغيثان، ولما كان يتعين على المحكمة مع هذا التصوير أن تبحث في قيام حالة الدفاع الشرعي من عدمه ولو لم يكن الطاعن قد دفع صراحة بذلك أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث الوجه الآخر من وجهي الطعن.