أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 470

جلسة 24 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، وحسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

(156)
القضية رقم 2196 سنة 24 القضائية

اختصاص. قانون. القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف. اختصاص المحاكم بنظر الدعاوى التي ترفع إليها عن وقائع حدثت قبل صدوره. الحكم بعدم الاختصاص تأسيساً على أن القانون المذكور لا ينسحب أثره على الماضي. خطأ في تأويل القانون.
إن المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف تنص على أنه "يعمل في المسائل المتعلقة بالري والصرف بالأحكام المرافقة لهذا القانون" كما نصت المادة الثانية منه على إلغاء القوانين والأوامر العالية التي حل القانون الجديد محلها، ومن بينها الأمر العالي الصادر في 22 من فبراير سنة 1894 بشأن الترع والمساقى والمعدل بالقانون رقم 20 لسنة 1909، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الجديد ما يأتي:"......... وكذلك ألغى المشروع لجان الري وأحال اختصاصها في جرائم الري والصرف إلى المحاكم العادية، وفى هذا ضمان كبير للأفراد، كما وضع عقوبات شديدة لمرتكبي هذه الجرائم لتكون ذات أثر فعال". ويتضح من ذلك أن الشارع قد ألغى تلك اللجان الإدارية التي كانت تتوالى النظر في جرائم الري والصرف وجعل ولاية نظر هذه الجرائم للمحاكم العادية وبذا أصبحت هذه المحاكم هي الجهة التي لها وحدها الاختصاص الذي كان ممنوحاً من قبل لتلك اللجان، مما يتعين معه أن تنظر المحاكم تلك الدعاوى وتجرى عليها حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات. وإذن فالحكم الذي يقضى بعدم الاختصاص تأسيساً على القانون المشار إليه ليس متعلقاً بالإجراءات فقط بل تضمنت نصوصه أحكاماً جديدة وعقوبات أخرى أشد مما كانت تنص عليه لائحة الترع والجسور الملغاة مما لا يجوز معه أن ينسحب أثره على الماضي طبقاً للمادة 5 من قانون العقوبات، هذا الحكم يكون مخطئاً في تأويل القانون بما يستوجب نقضه [(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده المذكور بأنه أقام المباني المبينة بالمحضر بدون ترخيص داخل منافع ترعة المحمودية. وطلبت عقابه بالمواد 1 و6 و22 و72 من القانون رقم 68 لسنة 1953. ومحكمة الرمل الجزئية قضت فيها حضورياً عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم بلا مصاريف. فاستأنفت النيابة، ومحكمة إسكندرية الابتدائية بعد أن أتمت سماعه قضت فيه غيابياً بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. فطعنت نيابة إسكندرية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر غيابياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن القانون رقم 68 لسنة 1953 لا ينسحب أثره على الماضي، وهذا الحكم لا يعتبر أنه أضر بالمتهم المحكوم ابتدائياً ببراءته حتى يصح له أن يعارض فيه، ولما كانت النيابة قد قررت بالطعن فيه وقدمت الأسباب في الميعاد القانوني فإن طعنها يكون مستوفياً الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن هذا الحكم وإن قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى إلا أنه ينبني عليه منع السير فيها فالطعن فيه بطريق النقض جائز طبقاً للفقرة الأولى من المادة 421 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون وفى تأويله إذ أقام قضاءه بعدم الاختصاص على ما قاله من أن الواقعة حدثت في تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقانون رقم 68 لسنة 1953، وهو قانون أشد في عقوباته من لائحة الترع والمساقى الصادرة في سنة 1894، فليس هو القانون الأصلح للمتهم، وهذا القول من المحكمة غير سديد لأن القانون الجديد قد ألغى اختصاص اللجان الإدارية المنصوص عليها في لائحة الترع والمساقى ونقل اختصاصها إلى المحاكم العادية فليس لهذه المحاكم أن تتخلى عن الفصل في الدعوى.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على المطعون ضده بأنه في يوم 9 من مارس سنة 1953 أقام المباني المبينة بالمحضر بدون ترخيص داخل منافع ترعة المحمودية، وطلبت عقابه بالمواد 1 و6 و22 و72 من القانون رقم 68 لسنة 1953 فقضت المحكمة الجزئية حضورياً ببراءة المتهم، ولما استأنفت النيابة هذا الحكم قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإلغائه وعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وأسست قضاءها على ما ذهبت إليه من "أن القول بسريان القانون رقم 68 لسنة 1953 على الماضي بمقولة إنه من القوانين الشكلية الخاصة بإجراءات التداعي بنقله الاختصاص من لجان الري إلى المحاكم العادية إنما هو قول فيه انتقال نظر كما يبين من نصوص ذلك القانون أنه ليس متعلقاً بالإجراءات فقط. بل قد تضمنت نصوصه أحكاماً جديدة وعقوبات أخرى أشد مما كانت تنص عليه لائحة الترع والجسور الملغاة... وأنه من المبادىء الأساسية المقررة أن القوانين الجديدة لا ينسحب أثرها إلى الوقائع السابقة على تاريخ بدء سريانها ما لم تكن أصلح للمتهم طبقاً للمادة 5 من قانون العقوبات."
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف تنص على أنه "يعمل في المسائل المتعلقة بالري والصرف بالأحكام المرافعة لهذا القانون" كما نصت المادة الثانية منه على إلغاء القوانين والأوامر العالية التي حل القانون الجديد محلها، ومن بينها الأمر العالي الصادر في 22 من فبراير سنة 1894 بشأن الترع والمساقى والمعدل بالقانون رقم 20 لسنة 1909، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الجديد ما يأتي..." وكذلك ألغى المشروع لجان الري وأحال اختصاصها في جرائم الري والصرف إلى المحاكم العادية، وفى هذا ضمان كبير للأفراد، كما وضع عقوبات شديدة لمرتكبي هذه الجرائم لتكون ذات أثر فعال" ويتضح من ذلك أن الشارع قد ألغى تلك اللجان الإدارية التي كانت تتولى النظر في جرائم الري والصرف وجعل ولاية نظر هذه الجرائم للمحاكم العادية وبذا أصبحت هذه المحاكم هي الجهة التي لها وحدها الاختصاص الذي كان ممنوحاً من قبل لتلك اللجان، مما يتعين معه أن تنظر المحاكم تلك الدعاوى وتجرى عليها حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى يكون مخطئاً في تأويل القانون بما يستوجب نقضه. وبما أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لواقعة الدعوى فإن ذلك مما يقتضى مع نقض الحكم إحالة القضية لنظر الموضوع من جديد.


[(1)] قررت المحكمة هذا المبدأ في الأحكام التي أصدرتها في نفس الجلسة في القضايا من رقم 2197 إلي رقم 2205 سنة 24 القضائية.