أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 368

جلسة 24 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سعد سامح، ومحمود عباس العمراوي، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(79)
الطعن رقم 2237 لسنة 38 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
قضاء البراءة. شرطه. أن يكون بعد الإحاطة بأدلة الدعوى وظروفها والموازنة بينها. قضاء الحكم المطعون فيه بالبراءة دون أن يعرض للدليل المستمد من الحرز المرسل للجمارك. يعيبه.
لئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وإذ كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض للدليل المستمد من الحرز الذي أثبت في مدوناته أنه أرسل لمصلحة الجمارك ولم تدل المحكمة برأيها في هذا الدليل، مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط به وتمحصه، فإن حكمها يكون معيباً مستوجباً للنقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 31/ 10/ 1966 بدائرة بندر شبرا محافظة القليوبية: (المتهم الأول) حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (المتهمة الثانية) أحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - أ و36 و42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 206 لسنة 1960 و40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول 1. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمواد 304/ 1 و 381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية و30 من قانون العقوبات ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة تنعى على الحكم المطعون فيه - أنه إذ قضي ببراءة المطعون ضدهما من تهمة إحراز جواهر مخدرة على أساس أن الحرز الذي ضبط مع المطعون ضدها الثانية ختم بختم المحقق "مراد رشدي" بينما الذي أرسل إلى التحليل كان مختوماً بختم "جمال بيومي" الأمر الذي يقطع بأن ما ضبط مع المطعون ضدها الثانية ليس هو ما أرسل إلى المعامل ومن ثم تكون الدعوى بغير دليل - يكون قد خالف الثابت في الأوراق وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الثابت في الأوراق أن المضبوطات ختمت بختم المحقق الأستاذ مراد رشدي وإذ أعيدت من المعامل الكيماوية لوضع بصمة الختم على الاستمارة التي أرسلت مع الحرز فقد اقتضى الأمر إعادة ختم الحرز بختم الأستاذ جمال بيومي نظراً لنقل المحقق الأصلي إلى نيابة أخرى. كما أنه ثابت بالأوراق أن ما ضبط لدى المطعون ضدها الثانية يزن 288 جراماً أخذت منه عينة تزن عشرة جرامات هي التي أرسلت إلى التحليل بينما أرسلت باقي المضبوطات إلى مصلحة الجمارك لحفظها فكان يتعين على المحكمة إذا تشككت في إجراءات تحريز ما أرسل إلى التحليل أن تطلب الحرز الذي كان ما زال مودعاً بمصلحة الجمارك وتعرض للدليل المستمد منه.
وحيث إن النيابة أسندت إلى المطعون ضدهما حيازة جوهر مخدر (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وقضى الحكم المطعون فيه ببراءتهما مما أسند إليهما وأقام قضاءه على "أنه بالإطلاع على تحقيقات النيابة تبين منها أن وكيل النيابة الذي باشر التحقيق هو الأستاذ مراد رشدي وقد بدأ التحقيق في يوم أول نوفمبر سنة 1966 الساعة 4 صباحاً. وفي نهاية التحقيق في ذات التاريخ أثبت أنه قام بوضع المخدرات المضبوطة داخل كيس أصفر وختمه بالجمع الأحمر بثمانية أختام باسمه وأشر أيضاً بأن يرسل إليه الحرز بالنيابة للتصرف وبعد ذلك أعيد فتح المحضر يومي 3 و8 نوفمبر سنة 1966 بذات الهيئة السابقة ولم يتخذ أي إجراء في اليوم الأول، وفي اليوم التالي 8/ 11/ 1966 أثبت وكيل النيابة أنه انتقل إلى الصيدلية ووزن المخدر وحرزه في حرزين ليرسل أحدهما إلى التحليل والثاني إلى مصلحة الجمارك ووضع عليهما خاتمه الذي يقرأ (مراد رشدي) وقد جاء بتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن الحرز المرسل إليها عبارة عن قطعة حشيش وزنت صافياً 10 جرام مضبوطة طرف... ومختومة بختم (جمال بيومي) ودل البحث على أنها لجوهر الحشيش. وحيث إنه يبين مما تقدم أن الحرز الذي ضبط مع المتهمة الثانية ختم بخاتم (مراد رشدي) بينما الذي أرسل إلى التحليل بخاتم (جمال بيومي) الأمر الذي يقطع بأن ما ضبط مع المتهمة الثانية ليس ما أرسل إلى المعامل ومن ثم تكون الدعوى بغير دليل ولا ترى المحكمة بعد ذلك أنها في حاجة إلى التعرض لباقي أوجه الدفاع حيث استقر في وجدانها أن ما ضبط مع المتهمة الثانية ليس بمخدر، ومن ثم يتعين براءة المتهمين مما أسند إليهما". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض للدليل المستمد من الحرز الذي أثبت في مدوناته أنه أرسل إلى مصلحة الجمارك ولم تدل المحكمة برأيها في هذا الدليل مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط به وتمحصه، فإن حكمها يكون معيباً مستوجباً للنقض والإحالة.