أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 372

جلسة 24 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سعد سامح، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود عطيفه.

(80)
الطعن رقم 2238 لسنة 38 القضائية

(أ, ب، ج) مواد مخدرة. مأمور الضبط القضائي. جريمة. تلبس. إثبات. "إثبات بوجه عام. شهادة" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة إحراز مخدر. يوفر حالة التلبس بإحرازها.
(ب) إلقاء المتهم لفافة من حوزته وانتشار محتوياتها وظهور أن ما بها مادة مخدرة. تحقق حالة التلبس.
(ج) ليس من شأن تخوف المتهم وخشيته من مأمور الضبط محو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس.
(د) مواد مخدرة. مأمور الضبط القضائي. اختصاص. "اختصاص مأمور الضبط القضائي". دفوع. "الدفع بعدم اختصاص مأمور الضبط مكانياً بضبط الواقعة".
إسباغ المشرع صفة مأمور الضبط القضائي في جميع أنحاء الجمهورية لمن نصت عليهم المادة 49 من القانون رقم 82 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها. عدم جدوى المنازعة في اختصاص من نصت عليهم المادة المذكورة مكانياً بضبط جريمة إحراز مخدر.
(هـ) إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". إثبات. "شهادة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تنازل المتهم أو المدافع عنه عن سماع الشهود. أثره: الاستغناء عن سماعهم والاكتفاء بتلاوة أقوالهم بالتحقيقات. عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن سماعهم.
(و) إجراءات المحاكمة. تزوير. "الادعاء بالتزوير". محضر الجلسة. حكم.
الأصل في الإجراءات الصحة.
الادعاء بمخالفة ما أثبت في محضر الجلسة أو في الحكم من إجراءات. غير جائز إلا عن طريق الادعاء بالتزوير فيما أثبت.
1 - إن ما ينعاه الطاعن على الحكم من مخالفته الثابت في الأوراق في شأن ما أثبته من إلقاء اللفافة وما نتج عن ذلك من انتشار محتوياتها وظهور المادة المخدرة، مردود بأنه بفرض صحة ما يذهب إليه الطاعن من أن اللفافة قد انفجرت وبانت منها فقط أكياس تشبه أكياس الحشيش، فإن ذلك يوفر حالة التلبس لوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقع جريمة إحراز مخدر.
2 - إذا كان الحكم قد أثبت أن رئيس قسم المخدرات بشبرا الخيمة كان يترقب في الطريق مقدم شخص دلت التحريات على أنه يتجر في المواد المخدرة، وتصادف أن أقبل المتهم راكباً دراجة وما أن رأى رجال الشرطة حتى بدت عليه علامات الاضطراب وسقط من على الدراجة ثم أخرج من الجيب الأيمن الخارجي لجلبابه لفافة وألقى بها بعيداً فانتثرت محتوياتها وبان أن ما بها مادة مخدرة، فإن ما أثبته الحكم من ذلك يوفر حالة التلبس بجريمة إحراز مخدر.
3 - مجرد تخوف المتهم وخشيته من الضابط ليس من شأنه أن يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه، ومن ثم لا يقبل من المتهم قوله أن تخليه عن اللفافة كان اتقاء لقبض باطل خشي وقوعه عليه.
4 - إذ جعلت المادة 49 من القانون رقم 82 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضابط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في القانون المذكور، فإنه يكون من غير المجد ما يثيره المتهم في شأن عدم اختصاص الضابط مكانياً بضبط الواقعة بدعوى وقوعها في دائرة اختصاص محافظة أخرى غير تلك التي يعمل فيها.
5 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات، ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث. وإذ كان ما تقدم، وكان المدافع عن المتهم قد تنازل صراحة عن سماع شهادة الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهما في التحقيقات، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم ويكون ما ينعاه في هذا الصدد في غير محله.
6 - متى كان الأصل في الإجراءات الصحة، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير، فإنه لا يقبل من المتهم قوله أن عبارة "عدل عن طلباته" قد أقحمت تبريراً لإجراء باطل اتخذته المحكمة ما دام لم يتخذ من جانبه إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بمحضر الجلسة، ويكون ما ردده في طعنه في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

@اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 13/ 10/ 1966 بدائرة مركز شبين القناطر محافظة القليوبية: أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 - أ و36 و42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنوات وتغريمه ثلاث آلاف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر قد اعتراه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأن المحكمة لم تستمع إلى شهادة شاهدي الإثبات فخالفت بذلك مبدأ شفوية المرافعة ورفضت سماع شهود النفي مع ثبوت إعلانهم وحضورهم بالجلسة. أما العبارة التي أثبتت في محضرها وهي أن المدافع عن الطاعن قد "عدل عن طلباته" في شأن سماع هؤلاء الشهود فقد أقحمت على المحضر درءاً وتبريراً للإجراء الباطل الذي اتخذته برفضها سماع الشهود وقد دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لعدم اختصاص الضابط مكانياً بإجرائها إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بعبارة قاصرة لا يستقيم بها الرد عليه. وخالف الحكم الثابت بالأوراق حين أثبت أن الطاعن تخلى عن المادة المخدرة تخلياً إرادياً ذلك أن البين من التحقيقات أنه أكره على هذا التخلي لينفي به إلقاء قبض باطل عليه. كما أن ما ذكره الحكم من أن الطاعن حين ألقى اللفافة قد انتثر ما بها وبانت المادة المخدرة يخالف الثابت في التحقيقات من أن اللفافة حين ألقيت قد تمزقت وبانت منها أكياس تشبه أكياس الحشيش.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن شاهدي الإثبات لم يحضرا وأن النيابة والدفاع قد اكتفيا بتلاوة أقوالهما الواردة بالتحقيقات وأنها قد تليت بالفعل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات، ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات باكتفائه بتلاوة أقوالهما في التحقيقات، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعها ويكون ما ينعاه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن بعد أن طلب سماع شهادة شهود نفي عاد وعدل عن طلباته، وكان الأصل في الإجراءات الصحة، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير، فإنه لا يقبل من الطاعن قوله أن عبارة "عدل عن طلباته" قد أقحمت تبريراً لإجراء باطل اتخذته المحكمة ما دام لم يتخذ من جانبه إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بمحضر الجلسة، ويكون ما ردده في طعنه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من القانون رقم 82 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضابط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، فإنه غير مجد ما يثيره الطاعن في شأن عدم اختصاص الضابط مكانياً بضبط الواقعة بدعوى وقوعها في دائرة محافظة القليوبية. ولما كان الحكم قد أثبت أن المقدم كمال كساب رئيس قسم المخدرات بشبرا الخيمة كان يترقب في الطريق مقدم شخص دلت التحريات على أنه يتجر في المواد المخدرة، وتصادف أن أقبل الطاعن راكباً دراجة وما أن رأى رجال الشرطة حتى بدت عليه علامات الاضطراب وسقط من على الدراجة ثم أخرج من جيب جلبابه الأيمن الخارجي لفافة وألقى بها بعيداً فانتثرت محتوياتها وبان أن ما بها مادة مخدرة، فإن ما أثبته الحكم من ذلك يوفر حالة التلبس بجريمة إحراز مخدر، وإذ قضي بصحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان مجرد تخوف المتهم وخشيته من الضابط ليس من شأنه أن يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه، فإنه لا يقبل من الطاعن قوله أن تخليه عن اللفافة كان اتقاء لقبض باطل خشي وقوعه عليه. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من مخالفته الثابت بالأوراق في شأن ما أثبته من إلقاء اللفافة وما نتج عن ذلك من انتثار محتوياتها وظهور المادة المخدرة، فإنه مردود بأنه بفرض صحة ما يذهب إليه الطاعن من أن اللفافة قد انفجرت وبانت منها فقط أكياس تشبه أكياس الحشيش، فإن ذلك يوفر أيضاً حالة التلبس لوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.