أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 493

جلسة أول فبراير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، وحسن داود، ومحمود إسماعيل، ومحمد عبد الرحمن المستشارين.

(162)
القضية رقم 2224 سنة 24 القضائية

( أ ) محكمة استئنافية ـ الأصل أنها تحكم في الدعوى على مقتضى الأوراق.
(ب) إثبات. خبراء. تقاريرهم. لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما لا تطمئن إليه.
1ـ المحكمة الاستئنافية إنما تحكم في الأصل في الدعوى على مقتضى الأوراق، وهى غير ملزمة بإجراء تحقيق إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه.
2ـ لمحكمة الموضوع ـ بما لها من سلطة التقدير ـ كامل الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه من تقارير الخبراء، واطراح ما لا تطمئن إليه منها.


الوقائع

أقامت الست رابحة أحمد علي غنيم هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة ههيا الجزئية ضد:1ـ عبد العزيز محمد عطية قوره (الطاعن) و2ـ السيد عبد الفتاح و3ـ خيري محمد الكريدلى ـ بعريضة طلبت فيها معاقبتهم بالمادة 215 من قانون العقوبات والحكم لها عليهم متضامنين بمبلغ خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ ـ ذلك لأنهم في المدة من أول سبتمبر سنة 1946 لغاية 7 منه بناحية العلاقمة مركز ههيا ارتكبوا تزويراً في عقد بيع نسبوا صدوره لمورث الطالبة المرحوم عبد الرحمن محمد عطية قوره حالة أنه مزور عليه. والمحكمة المذكورة قضت فيها تمهيدياً وقبل الفصل فيها بندب قسم الأبحاث والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها وبعد أن قام الخبير بمأموريته وقدم تقريره واطلعت عليه المحكمة قضت غيابياً عملاً بالمادة 215 من قانون العقوبات للمتهم الثاني وبها وبالمادتين 40/ 1 و2 و3 و41 من ذات القانون للمتهمين الأول والثالث بحبس الأول سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ، وبحبس كل من الثاني والثالث ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لكل منهما لوقف التنفيذ وإلزام الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحقوق المدنية خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل التعويض والمصروفات المدنية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وذلك لأن المتهم الثاني هو الذي قلد الإمضاء المزورة المطعون فيها بالتزوير،والأول اشترك معه في ارتكاب هذه الجريمة بطريقي التحريض والاتفاق بأن طلب إليه تقليد الإمضاء المزورة. ولأن الاثنين معاً استعملا العقد المزور مع علمهما بتزويره. كما أن المتهم الثالث اشترك مع الثاني في ارتكاب جريمته بالاتفاق والمساعدة بكونه وقع كشاهد على العقد المزور المذكور. فعارض المتهمون في هذا الحكم ودفعوا أثناء نظر معارضتهم. أولاًـ بعدم قبول الدعوى المدنية. وثانياً ـ بعدم صحة تحريك الدعوى العمومية والمحكمة بعد أن أنهت سماع معارضتهم قضت في 20 من يونيه سنة 1949 أولاً بقبولها شكلاً وثانياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها شكلاً وبصحة تحريك الدعوى العمومية. وثالثاً ـ برفض المعارضة موضوعاً بالنسبة للدعوى الجنائية وتأييد الحكم الغيابي بالنسبة لما قضى به في الدعوى الجنائية ورابعاً بإلغاء الحكم الغيابي فيما يتعلق بما قضى به في الدعوى المدنية والحكم بانتهاء الخصومة فيها وألزمت المدعية بالحقوق المدنية بمصروفات دعواها وبالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنف كل من المتهمين والمدعية هذا الحكم، وقيد الإستئنافان برقم 2333 سنة 1949 وأمام محكمة الزقازيق الابتدائية صمم الحاضر مع المتهم الأول على ما سبق أن دفع به من عدم قبول الدعوى فأنهت المحكمة المذكورة سماع الدعوى ـ وقضت حضورياً في 13 من فبراير سنة 1951 بعد أن رفضت الدفع بقبول الاستئنافين شكلاً وفى موضوعهما أولاً في الدعوى العمومية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم الأول ستة شهور مع الشغل وبحبس كل من المتهمين الثاني والثالث أربعة شهور مع الشغل ووقف تنفيذ العقوبة لهم جميعاً لمدة خمس سنوات تبدأ من اليوم وثانياً ـ في الدعوى المدنية بعدم جواز استئنافيهما وألزمت المدعية بمصاريفها الاستئنافية. فرفع كل من المحكوم عليهم والمدعية بالحقوق المدنية طعناً بطريق النقض عن الحكم الأخير قيد بجدول النيابة برقم 525 سنة 1951 وبجدول هذه المحكمة برقم 485 سنة 21 القضائية وقضت فيه محكمة النقض بتاريخ 14 من يونيه سنة 1951 بقبوله شكلاً وفى موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى المحكمة الاستئنافية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى وألزمت المطعون ضدهم في الدعوى المدنية بمصاريف الطعن. وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة الزقازيق الابتدائية لتنظرها مرة ثانية فدفع المتهم الأول أمامها أولاً بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة لجريمة التزوير وثانياً بعدم توجيه تهمة استعمال المحرر المزور إليهم لأنه لم تشملها صحيفة دعوى الجنحة المباشرة وعلى فرض توجيهها فقد انقضت بمضي المدة. وثالثاً ـ بالنسبة للدعوى المدنية بعدم قبولها مع إلزام رافعتها بالمصاريف والأتعاب تأسيساً على أن المدعية تحاسبت وتخالصت معه وفقاً لعقد الصلح المقدم في الدعوى إلا أن المدعية نازعت في صحة هذا الصلح وتمسكت ببطلانه، والمحكمة قضت حضورياً للمتهم الأول والمدعية مدنياً وباعتبار الحكم حضورياً بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث: أولاً بالنسبة للدعوى الجنائية بقبول الاستئناف شكلاً وقبول الدفع وانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة لجريمتي التزوير والاستعمال. وثانياً ـ وبالنسبة للدعوى المدنية بقبول استئناف المدعية بالحقوق المدنية شكلاً وإعادة الدعوى للمرافعة لنظر موضوعها ثم قضت في 30 من مارس سنة 1954 حضورياً للمتهم الأول والمدعية مدنياً واعتبار الحكم حضورياً بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث بإلزام المتهمين بأن يدفعوا متضامنين للمدعية بالحقوق المدنية خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل التعويض والمصاريف المدنية عن الدرجتين خمسماية قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المحكوم عليه الأول وحده في الحكم الأخير بطريق النقض… إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه بالتعويض المدني للمدعية بالحقوق المدنية قد أخطأ. ذلك بأن المحكمة الاستئنافية قضت بانقضاء جريمتي التزوير والاستعمال بالتقادم وحددت جلسة لنظر الدعوى المدنية وحدها وتناول البحث عقد الصلح الذي أقرت المدعية بمقتضاه صحة العقد المطعون فيه وأثر هذا الصلح على الدعوى المدنية المقامة منها تبعاً للدعوى الجنائية لكن المحكمة قضت ببطلان هذا المحضر لرفض المحكمة الحسبية الموافقة عليه لاشتماله على حقوق القصر وقالت إن الصلح كل لا يتجزأ ثم انتهت إلى أن العقد مزور وأسست قضاءها بالتعويض على ذلك دون أن تحقق دفاع الطاعن الذي أشارت إليه محكمة النقض وهو سماع شاهد الورقة الوحيد محمد خطاب. ودون أن تحقق دفاع الطاعن الذي أشار إليه في دفاعه بمحاضر الجلسات وفى مذكراته المتعددة وفى أسباب النقض الأول وهى إعادة عرض الورقة المنسوب إليه تزويرها على الخبير لإجراء المضاهاة على الأوراق المعترف بها من المطعون ضدها. ويبنى الطاعن طعنه في الوجه الثاني على القصور في التسبيب. فقد أثار في دفاعه استحالة التزوير لأسباب هامة أولها: أنه يداين مورث المطعون ضدها بآلاف الجنيهات باعتراف المطعون ضدها وثانيها التقرير المقدم من خبراء استشاريين ثلاثة يقطعون بكذب القول بالتزوير وثالثها الاعتراضات التي قدمها الطاعن على الخبير الذي قال بتزوير الورقة ورغم ذلك فإن المحكمة قضت في الدعوى دون أن تمحص هذا الدفاع أو ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة السائغة التي استند إليها في قضائه بالتعويض المدني على الطاعن ـ لما كان ذلك وكان الطاعن على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة لم يطلب إلى المحكمة الاستئنافية سماع أقوال الشاهد محمد خطاب أو إعادة عرض الورقة المزورة على الخبير بل اقتصر على طلب حجز القضية للحكم ولم يقدم مذكرة ما بدفاعه ـ على ما يبين من المفردات المضمومة ـ وكانت المحكمة الاستئنافية إنما تحكم في الأصل في الدعوى على مقتضى الأوراق وهى غير ملزمة بإجراء تحقيق إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه. وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير كامل الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه من تقارير الخبراء واطراح ما لا تطمئن إليه منها وليست ملزمة بتعقب الدفاع في كل جزئية يثيرها إذ الرد عليه مستفاد مما انتهت إليه من تزوير العقد للأسباب التي أوردتها. لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.