أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 453

جلسة 15 من مايو سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

(52)
طعن رقم 55 سنة 24 ق

( أ ) وقف. أموال عامة. شرط اعتبار الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان من الأملاك العامة. تولي وزارة الأوقاف إدارة أعيان تلك الأماكن بصفتها ناظرة لا يخلع عليها صفة المال العام. المادة 9 مدني قديم.
(ب) حكم "تسبيب معيب". نقض "حالة الطعن ببطلان الحكم" عدم جواز الاستناد إلى أسباب الحكم الابتدائي في إقامة الحكم المطعون فيه إذا كان هذا الحكم قد أقيم على دعامة جديدة أهدر بها الدعامة التي أقيم عليها الحكم الابتدائي.
(ج) نقض "الخصوم في الطعن" دعوى "صفة الخصوم فيها" وقف "النظر عليه" توافر صفة ناظر الوقف في رفع طعن عن الحكم الصادر في النزاع القائم بين جهة الوقف ووزارة الأوقاف حول صفة أعيان النزاع وما إذا كانت وقفاً خيرياً أو أموالاً عامة أو ذات كيان مستقل.
(د) نقض "الخصوم في الطعن" و"أسباب جديدة". وقف "النظر عليه". التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بأن ناظر الوقف لم تعد له صفة في تمثيله طبقاً للقانون رقم 180 لسنة 1952. غير جائز.
1 - شرط اعتبار الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان من الأملاك العامة طبقاً لنص الفقرة السابعة من المادة التاسعة من القانون المدني القديم - هو أن تكون في رعاية الحكومة تدير شئونها وتقوم بالصرف عليها من أموال الدولة. فإذا كان الثابت أن وزارة الأوقاف لم تتول إدارة تلك الأعيان المتنازع عليها بصفتها الحكومية وإنما بوصفها ناظرة عليها شأنها في ذلك شأن أي فرد من الأفراد يعهد إليه بإدارة شئون الوقف فإنه ليس من شأن هذا النظر أن يخلع على هذا المال صفة المال العام.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على دعامة جديدة أهدر بها الدعامة التي أقام عليها الحكم الابتدائي قضاءه فإن إحالته إلى أسباب الحكم الابتدائي تصبح لغواً ولا يسوغ الاستناد إلى تلك الأسباب أمام محكمة النقض في إقامة الحكم المطعون فيه.
3 - متى كان الثابت أن وزارة الأوقاف تنكر على ناظر الوقف تبعة أعيان النزاع للوقف الأهلي الذي يمثله وأن الطرفين يختلفان حول طبيعة وصفة هذه الأعيان وما إذا كانت تعتبر وقفاً خيرياً أو أنها من الأموال العامة أو أن لها كياناً مستقلاً يخرجها عن هذين الوصفين وأن الناظر ينسب لوزارة الأوقاف اعتداءها على أعيان النزاع ونقلها من مكانها واغتصابها قطعة أرض فضاء محيطة بها لتقيم على الفراغ الذي تخلف عن كل ذلك نتيجة لهذا الغصب عمارتين سكنيتين تستغلهما لجهة الوقف فإن قيام النزاع على هذه الصورة يخول للناظر باعتباره ممثلاً لجهة الوقف مخاصمة الوزارة للبت في أمر هذا الخلاف الذي يتصل بكيان وصفة هذه الأعيان. ولا يكون ثمت محل للدفع بعدم قبول الطعن من ناظر الوقف لرفعه من غير ذي صفة تأسيساً على أن الوقف خيري النظر فيه لوزارة الأوقاف طبقاً للقانون 247 سنة 1953 المعدل بالقانون رقم 547 لسنة 1953.
4 - متى كانت وزارة الأوقاف لم تعترض على صفة ناظر الوقف رغم صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 والعمل به أثناء نظر الدعوى ولم تتقدم أمام محكمة الموضوع بما تدفع به من أن الأوقاف الأهلية حلت بمقتضى القانون المذكور وأصبحت ملكاً للمستحقين وأن الناظر أصبح حارساً للإدارة فقط مما كان يتعين معه رفع الطعن من المستحقين - فإنه ليس لها أن تثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاما بصفتهما ناظرين على وقف المرحومة السيدة بمبه خاتون حرم المرحوم محمد (بك) لاظوغلي الدعوى رقم 3534 سنة 1948 كلي ضد المطعون عليها (وزارة الأوقاف) أمام محكمة مصر الابتدائية بصحيفة معلنة في 20 من أكتوبر سنة 1948 طلبا فيها الحكم بإلزامها بتسليمهما الأرض المشغولة بضريح ومدفن الواقفة وزوجها والشيخ يوسف الكائنة بشارع القصر العيني بما عليها من المباني مستحقة الهدم مع إلزام الوزارة بالمصاريف والأتعاب والنفاذ. وقال الطاعنان في بيان دعواهما إن المرحومة السيدة بمبه خاتون أوقفت الأعيان المبينة بالإشهاد الشرعي المحرر في 7 من جمادى الثانية سنة 1245 هـ وقفاً أهلياً على ورثتها ثم من بعدهم على أولادهم وهكذا حتى ينقرضوا وتسجل هذا الإشهاد بديوان الأوقاف في 7 من ذي القعدة سنة 1308 هـ وبمقتضى تقرير نظر مؤرخ في 20 من ذي الحجة سنة 1320 هـ أقيم الديوان ناظراً على هذا الوقف بالاشتراك مع ناظرتيه في ذلك الحين مع جواز انفراده بالنظر وذلك بسبب اختلاف الناظرتين المذكورتين ولنسبة الإهمال إليهما في رعاية شئون الوقف وعدم إقامة الشعائر الدينية في بعض نواحيه وأنه بوفاة هاتين الناظرتين تم لديوان الأوقاف الانفراد بالنظر على الوقف وتسلم كافة أعيانه الواردة بالحجة الأصلية وملحقاتها واستقل بإدارتها إلى أن صدر في 17 من أكتوبر سنة 1947 حكم من محكمة مصر الابتدائية الشرعية قضى بتعيين الطاعنين ناظرين على الوقف المذكور بدلاً من الوزارة وتسلما أعيانه بمقتضى محاضر مؤرخة في 3، 5، 6، 13، 17، 30 من يناير سنة 1948 غير أنه بمراجعة الأعيان الواردة بهذه المحاضر وبحجة الوقف وملحقاتها تبين لهما وجود نقص بين ما تسلمته الوزارة وبين ما سلمته لهما وضمن هذا الذي لم يسلم ضريح ومدفن الواقفة وزوجها والعارف بالله الشيخ يوسف وحرم هذه العين، كما ظهر لهما أن الوزارة أثناء انفرادها بالنظر على هذا الوقف اعتدت عليه واغتصبت بعض أعيانه بأن أزالت معالم الضريح والمدفن سالفى الذكر وملحقاتهما وهي سبيل وزاوية ومسكن ملحق بها وأقامت في موضعها عمارتين سكنيتين تستغلهما لغير جهة الوقف. وقد دفعت الوزارة دعوى الطاعنين بأن العين موضوع النزاع لا تدخل ضمن الأعيان الواردة بحجة وقف المرحومة السيدة بمبه خاتون وإنما هي جهة استحقاق فيه. وبتاريخ أول يونيه سنة 1950 قضت محكمة أول درجة بندب خبير للاطلاع على حجة وقف المرحومة بمبه خاتون وملحقاتها وتطبيق الأعيان الموقوفة على الأرض التي كان مقاماً عليها ضريح وزاوية وسبيل الشيخ يوسف بشارع القصر العيني لمعرفة ما إذا كانت تدخل ضمن الأعيان الموقوفة أم أنها جهة استحقاق فقط في ريع هذه الأعيان. وبعد أن باشر الخبير المأمورية وقدم تقريره قضت المحكمة في 22 من مارس سنة 1951 برفض الدعوى وألزمت المدعيين (الطاعنين) بالمصاريف وبمبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. تأسيساً على أنه ثبت لدى المحكمة من حكم محكمة استئناف مصر الأهلية في القضية رقم 97 سنة 61 مستأنف مصر ومن تقرير الخبير أن العين موضوع النزاع ليست وقفاً تابعاً لأوقاف المرحومة بمبه خاتون وإنما هي جهة خيرية لها نصيب في الاستحقاق في ريعه. وقد استأنف الطاعنان هذا الحكم بصحيفة معلنة في 7 من يونيه سنة 1951 بالاستئناف رقم 527 سنة 68 ق وطلبا الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء بطلباتهما المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف أضاف الطاعنان طلبين احتياطيين هما - أولاً - تعيين خبير لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتحديد الأجزاء التي قامت المستأنف عليها بالبناء عليها وتقدير قيمتها وإلزامها بأن تدفع لهما هذه القيمة أو تسليمها لهما - ثانياً - إلزامها بأن تدفع لهما ريعها من تاريخ غصبها إلى حين ردها أو رد قيمتها. وبجلسة 3 من مايو سنة 1953 قضت محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف المذكور حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بصفتهما بالمصروفات وبمبلغ ألف قرش أتعاباً للمحاماة. فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض بصفتهما حارسين على الوقف، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة أول يناير سنة 1958. حيث صمم الطاعنان على طلباتهما وصممت النيابة العامة على ما ورد بمذكرتها وطلباً إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية، فقرت دائرة الفحص إحالته لهذه الدائرة لجلسة 20 من فبراير سنة 1958 وتمت المرافعة فيه بجلسة 24 من أبريل سنة 1958 حيث صمم كل من طرفي الخصومة على طلباته وطلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة تأسيساً على أن أعيان النزاع عبارة عن زاوية ملحق بها ضريح وقطعة أرض حرم لها أي جامع وملحقاته وسواء كانت هذه الأعيان تابعة لوقف الشيخ يوسف المشمول بنظر وزارة الأوقاف أو كانت تجري في وقف بمبه خاتون كما يزعم الطاعنان فهي أوقاف خيرية النظر فيها لوزارة الأوقاف طبقاً للقانون رقم 247 سنة 1953 المعدل بالقانون 547 سنة 1953. وأنه حتى بافتراض أن أعيان النزاع أوقاف أهلية فقد حلت هذه الأوقاف بمقتضى أحكام القانون 180 لسنة 1952 وأصبحت ملكاً للمستحقين وأن الطاعنين أصبحا حارسين للإدارة فقط مما كان يتعين معه رفع الطعن من المستحقين.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود في شقه الأول - بأنه متى كان الثابت من وقائع النزاع ودفاع طرفي الخصومة أن المطعون عليها تنكر على الطاعنين تبعية أعيان النزاع لوقف السيدة بمبه خاتون الأهلي الذي يمثلانه. وأن الطرفين يختلفان حول طبيعة وصفة هذه الأعيان. وما إذا كانت تعتبر وقفاً خيرياً أو أنها من الأموال العامة أو أن لها كياناً مستقلاً يخرجها عن هذين الوصفين وأن الطاعنين ينسبان للمطعون عليهما اعتداءها على أعيان النزاع ونقلها من مكانها واغتصابها قطعة الأرض الفضاء المحيطة بها لتقيم على الفراغ الذي تخلف عن كل ذلك نتيجة لهذا الغصب عمارتين تستغلهما لغير جهة الوقف - إذ كان ذلك فإن قيام النزاع بين الطرفين على هذه الصورة يخول للطاعنين باعتبارهما ممثلين لوقف السيدة بمبه خاتون مخاصمة المطعون عليها للبت في أمر هذا الخلاف الذي يتصل بكيان وصفة هذه الأعيان. وهو مردود في شقه الثاني بأن المطعون عليها لم تعترض على صفة الطاعنين ولم تتقدم بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع رغم صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 والعمل به أثناء نظر الدعوى أمامها فليس لها أن تثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على القول بأن طرفي الخصومة اتفقا على أن أعيان النزاع وهي الزاوية والسبيل والأضرحة والأرض الفضاء الملحقة بها من الأموال العامة بوصفها أماكن عبادة وبر وإحسان - وعلى أن الحكومة هي صاحبة الشأن في وضع اليد على هذه الأعيان طبقاً لنص المادة التاسعة من القانون المدني القديم وأن كون أعيان النزاع من الأوقاف الخيرية لا يغير من وضعها، وأن وزارة الأوقاف فرع من فروع الحكومة اختص بإدارة أماكن العبادة والأوقاف الخيرية فلا وجه لاستردادها منها. إذ أقام الحكم قضاءه على ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن العبرة في تحديد صفة الأعيان هو بطبيعتها وبما هي مخصصة له لا بما يقرره إن خطأ أو صواباً طرفاً للنزاع. وأن وزارة الأوقاف لم تتول إدارة هذه الأعيان بصفتها الحكومية بل بصفتها ناظرة شأنها في ذلك شأن أي فرد عادي يتولى النظارة على وقفه.
ومن حيث إنه بمطالعة الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد بأسبابه ما يأتي: "وحيث إنه وقد اتفق أطراف الخصومة على أن الأعيان المتنازع عليها منذ إنشائها خصصت للعبادة أو لأعمال البر والإحسان وكانت تستعمل لهذا الغرض وتؤدي فيها الشعائر الدينية أو ترصد لأعمال البر وحدها فلا مفر من معاملتها على هذا الاعتبار بمعنى أنها تدخل في المنافع العامة نزولاً على حكم المادة التاسعة سالفة الذكر وعلى أقوال الخصوم أنفسهم، ومتى كان هذا شأنها فلا يصح التحدث عن ملكيتها لأن الأموال المخصصة للمنافع العامة غير قابلة للتملك طالما كانت هذه الصفة ملازمة لها ولا يجوز لوقف بمبه خاتون ولو كان لاظوغلي هو الذي أنشأ هذه الأعيان بماله الخاص أن يطالب باستلامها لأن المنافع العامة لا تكون في حيازة الأشخاص العاديين سواء كانوا أفراداً أو أشخاصاً اعتباريين وإنما هذا الحق هو حق الدولة التي لها السلطة العامة على هذه الأموال وكون هذه الأعيان تعتبر وقفاً منذ إنشائها عملاً بالعرف المتبع والذي جرى على أن لا تضبط لهذه الأوقاف إشهادات فإن هذا لا يغير من وضعها فهي تبدأ بوصفها مالاً موقوفاً وتستحيل بتخصيصها مع الزمن للعبادة وما إليها إلى المنافع العامة فلا يفيد المستأنفين التحدي بأن كتاب الوقف يشير إلى مصدر هذه الأعيان وأنها لم تكن في حاجة إلى كتاب وقف خاص بها ... ... وترى المحكمة أن الحق فيما تقول به الوزارة ولا أهمية لما ورد في عريضة استئناف الحكم الصادر في تلك الدعوى من أن هذه الأموال تابعة لوقف بمبه خاتون فليس مناط البحث في الدعوى بتبعية الأموال موضوع النزاع للوقف المذكور أو لوقف خاص أنشأه محمد بك لاظوغلي أو لوقف الشيخ يوسف الذي قيل بأنها من أعيانه وإنما مناطه تحديد صفة هذه الأعيان وهل هي أموال عامة أو أموال خاصة - وقد انتهت المحكمة إلى الرأي الذي لا معدي عنه والذي تمليه ملابسات النزاع وهو أن الأضرحة والزاوية والسبيل وما ألحق بها هي من الأموال العامة بوصفها أماكن بر وإحسان فلا سبيل بعد ذلك للخوض في تفاصيل لا تغني عن الأصل الذي يجب أن ترد إليه الأمور وما دام قد استقر الوضع على هذه الحالة فالحكومة هي صاحبة الشأن في وضع اليد على هذه الأموال، ووزارة الأوقاف فرع من فروع الحكومة وجزء منها اختص بإدارة أماكن العبادة والأوقاف الخيرية فإذا آلت الأعيان إليها فلا وجه لاستردادها منها بل لا يجوز لها التخلي عنها.." ويبين من هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه أنه مع تسليمه بأن أعيان النزاع تعتبر وقفاً منذ إنشائه إلا أنه عاد واعتبرها من الأموال العامة المخصصة للعبادة والبر والإحسان استناداً إلى أقوال طرفي الخصومة ثم طبق بعد ذلك نص المادة التاسعة من القانون المدني القديم على واقعة الدعوى. ولما كان مناط تحديد صفة أعيان النزاع هو بطبيعتها وبما هي مخصصة له فعلاً وكان نص الفقرة السابعة من المادة التاسعة من القانون المدني القديم قد جرى: بأن الأملاك الميرية تشمل "الجوامع وكافة محلات الأوقاف الخيرية المخصصة للتعليم العام أو للبر والإحسان سواء كانت الحكومة قائمة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها" وكان يبين من هذا النص أن شرط اعتبار هذه الأموال من الأملاك العامة هو أن تكون في رعاية الحكومة تدير شئونها وتقوم بالصرف عليها من أموال الدولة - ولما كان الثابت أن وزارة الأوقاف لم تتول إدارة أعيان النزاع بصفتها الحكومية ولكن بوصفها ناظرة عليها شأنها في ذلك شأن أي فرد من الأفراد يعهد إليه بإدارة شئون الوقف وليس من شأن هذا النظر أن يخلع على هذا المال صفة المال العام، لما كان ذلك، كذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أعيان النزاع من الأموال العامة بوصفها أماكن عبادة وبر وإحسان وأن لوزارة الأوقاف باعتبارها فرعاً من فروع الحكومة الحق في وضع اليد عليها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. ولا محل بعد ذلك لما ذهب إليه الدفاع عن المطعون عليها من أن الحكم المطعون فيه أحال في أسبابه التي تناولها الخصوم بالطعن إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي أقام قضاءه على أن أعيان النزاع ليست وقفاً تابعاً لأوقاف المرحومة بمبه خاتون بل هي جهة خيرية لها نصيب في الاستحقاق في ريعها أخذاً بما جاء بتقرير الخبير. وأن هذه الأسباب تكفي لحمل الحكم المطعون فيه مما يجعل الطعن عليه غير مجد - لا محل لهذا القول ذلك أن الحكم المطعون فيه وإن كان قد أحال في ختام أسبابه إلى أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض مع ما أورده إلا أنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه التي سبقت الإشارة إليها أنه أقام قضاءه على دعامة أخرى جديدة هي بحسب ما انتهى إليه أن الأعيان موضوع النزاع تعد من الأموال العامة التي لا يصح المطالبة بها والتي يتعين بقاؤها في يد وزارة الأوقاف بوصفها إحدى فروع الحكومة وذلك إذ قرر "أن مناط البحث في الدعوى ليس تبعية الأموال موضوع النزاع لوقف بمبه خاتون أو لوقف خاص أنشأه محمد بك لاظوغلي أو لوقف الشيخ يوسف الذي قيل بأنها من أعيانه وإنما مناطه تحديد صفة هذه الأعيان وهل هي أموال عامة أو أموال خاصة ..." فأهدر بذلك الحكم المطعون فيه الدعامة التي أقام عليها الحكم الابتدائي قضاءه فأصبحت إحالته إليه لغواً فلا يسوغ الاستناد إلى تلك الأسباب أمام هذه المحكمة في إقامة الحكم المطعون فيه.