أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 470

جلسة 15 من مايو سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.

(55)
طعن رقم 122 سنة 24 ق

- إجارة. دفاع. حكم "تسبيب معيب". قصور الحكم إذا أغفل دفاع المستأجر بأن الأرض المطالب بأجرتها ليست هي الأرض التي تم التعاقد عليها.
- متى تبين أن المستأجر دفع دعوى مطالبته بالأجرة بأن الأرض المطالب بأجرتها ليست هي الأرض التي تم التعاقد عليها لاختلاف موقعها وحدودها عن موقع وحدود الأرض المتعاقد عليها فإنه يتعين أن تقوم محكمة الموضوع بتحقيق هذا الدفاع لما يترتب على تحققه من تغيير وجه الرأي في الحكم فإذا كانت المحكمة قد التفتت عنه ولم تتناوله في أسبابها بالرد عليه فإن في ذلك ما يعيب حكمها بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى الإجراءات الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه رفع الدعوى رقم 3955 سنة 1950 كلي مصر ضد الطاعن وأخيه الضابط صلاح الدين الموجي قال فيها إنهما استأجرا منه قطعة أرض بموجب عقد مؤرخ 15 من مايو سنة 1945 لمدة ستين شهراً لقيما عليها أربعة منازل يقومان بتأجيرهما على أن يدفعا له 20% من القيمة الإيجارية شهرياً وقد أقاما هذه المنازل فعلاً وأجراهما ابتداء من أول مايو سنة 1949 فدفعا إيجار شهري يونيه ويوليه سنة 1949 ثم توقفا عن الدفع بعد ذلك وطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 400 جنيه قيمة متأخر الإيجار من أول أغسطس سنة 1949 لغاية أكتوبر سنة 1950 مع ما يستجد من الإيجار بواقع 28 جنيهاً شهرياً ابتداء من أول نوفمبر سنة 1950 حتى السداد ... ... دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبأن العقد الذي يستند إليه المدعى - المطعون عليه - لم ينفذ وأن أخاه الضابط صلاح الدين لم يوقع عليه وأن الأرض التي أقام عليها المنازل ليست مملوكة للمطعون عليه وأن قيمتها الإيجارية تقل عن القيمة التي يدعيها، فقضى بندب خبير للانتقال إلى الأرض ومعاينة المنازل ووصف حالتها وبيان ما إذا كانت مفروشة أولاً وتقدير إيجارها الشهري وتحقيق تاريخ تأجيرها، وقد استندت المحكمة في قضائها هذا إلى أن عدم توقيع أخي الطاعن على العقد لا يمنع من تنفيذه وأن الطاعن هو المسئول وحده عما التزم به بمقتضى العقد إذ أنه لم ينازع في أن الأرض التي أقام عليها المنازل هي الأرض التي حصل التعاقد عليها وإن كان ينازع في ملكية المطعون عليه لها إلا أن منازعته هذه لا تقبل منه كمستأجر ما دام قد انتفع بالأرض المؤجرة إليه دون تعرض له في انتفاعه بها، قدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن المطعون عليه يستحق قبل الطاعن مبلغ 577 جنيهاً و120 مليماً وهو قيمة إيجار المنازل مضافاً إليه 35% باعتبار أنها مؤجرة مفروشة فعدل المطعون عليه طلباته طالباً الحكم له بهذا المبلغ. وفي 28 من ديسمبر سنة 1952 قضى برفض الدفع وبقبول الدعوى وبإخراج الضابط صلاح الدين الموجي من الدعوى وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه المبلغ سالف الذكر، استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 232 سنة 70 ق استئناف القاهرة. وفي 22 من نوفمبر سنة 1953 قضى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه التي بني عليها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة أول مايو سنة 1958 وفي هذه الجلسة طلبت النيابة نقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها إخلاله بحق الدفاع وقصور أسبابه ذلك أن ما دفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى كان يقوم على أن الأرض التي أقيمت عليها المنازل ليست هي الأرض التي تعاقد مع المطعون عليه على استئجارها وأن الأرض التي تعاقد مع المطعون عليه على استئجارها ليست مملوكة له وطلب إلى المحكمة أن تعهد إلى الخبير بتحقيق ذلك ولكن المحكمة لم تفهم دفاعه فهما صحيحاً إذ تصور أن مناط هذا الدفاع هو إنكار الطاعن ملكية المطعون عليه للأرض، وقد تمسك الطاعن بدفاعه أمام محكمة الاستئناف مقرراً أن الأرض التي أقيمت عليها المنازل ليست هي الأرض موضوع التعاقد مع المطعون عليه فالتفتت المحكمة عن دفاعه أيضاً ولم ترد عليه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم التمهيدي الذي أحال عليه الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه تحدث عن دفاع الطاعن فقال: "ومن حيث إن المدعى عليه الثاني - الطاعن - لم يدع ملكية الأرض التي أقام عليها البناء وإنما أنكرها فقط على المدعى - المطعون عليه - ولم يبين من هو مالك هذه الأرض، ومثل هذه المنازعة لا تقبل من المستأجر ضد المؤجر له ... ... كما أنه لم ينازع في أن الأرض التي قام عليها البناء هي نفس الأرض التي تعاقد عليها مع المدعى". ويبين من الاطلاع على صحيفة استئناف هذا الحكم المقدمة صورتها من الطاعن أنه أقام استئنافه على أسباب جاء بالسبب الثالث منها أن الأرض التي أقيم عليها البناء ليست هي الأرض التي تم التعاقد عليها إذ أن موقعها وحدودها تختلف عن موقع وحدود الأرض المتعاقد عليها وأن الطاعن قرر ذلك بمحضر أعمال الخبير في يوم 21 من يونيو سنة 1951، فكان يتعين إزاء ذلك أن تقوم محكمة الاستئناف بتحقيق هذا الدفاع لما يترتب على تحقيقه من تغيير وجه الرأي في الحكم ولكنها التفتت عنه ولم تتناوله في أسبابها بالرد عليه ثم قضت بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه وفي ذلك ما يعيب حكمها بالقصور ويستوجب نقضه دون حاجة إلى البحث في باقي أسباب الطعن.