أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ521

جلسة 14 من فبراير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن المستشارين.

(173)
القضية رقم 2420 سنة 24 القضائية

( أ ) جريمة. جناية. إحالتها إلى محكمة الجنح للحكم فيها على أساس عقوبة الجنحة. عدم تأثير ذلك على صفتها ولا على المدة المقررة لانقضاء الدعوى العمومية.
(ب) مسئولية جنائية. عدم تنافرها مع المسئولية الإدارية. فعل يكون مخالفة إدارية يعاقب عليها قانون العقوبات. إقامة الدعوى العمومية قبل المتهم. لا مانع.
1ـ إذا كان الثابت من التحقيقات ووصف التهمة أن الواقعة المسندة إلى المتهم هي جناية معاقب عليها طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات فلا يغير من صفة هذه الجريمة إحالتها إلى محكمة الجنح للحكم فيها على أساس عقوبة الجنحة بل تظل صفتها قائمة وتسرى على سقوطها وانقضاء الدعوى العمومية فيها المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات وهى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة [(1)].
2ـ لا تنافر إطلاقاً بين المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية، فقد يكون الفعل مخالفة إدارية يعاقب عليها قانون العقوبات ولا تثريب على النيابة إذا ما أقامت الدعوى العمومية قبل المتهم لمحاكمته على ما أسند إليه من فعل يكون في نفس الوقت مخالفة إدارية [(2)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: في خلال شهر سابق ليوم 15 من فبراير سنة 1948 بصفته أميناً على الودائع المحفوظة بدار حمام الأنفوشى التابع لبلدية الإسكندرية باعتباره الملاحظ المعين لهذه الدار المنوط به حفظ ما بها من ودائع اختلس الأغطية والملابس وغيرها مما ورد بهذا المحضر والتي تبلغ قيمتها 28 جنيهاً و16 مليماً وكانت قد سلمت إليه بسبب وظيفته السالف ذكرها. وطلبت عقابه بالمادة 112 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الجمرك الجزئية قضت فيها حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وتغريمه مبلغ 28 جنيهاً و16 مليماً وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة خمس سنين تبتدىء من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً بلا مصاريف جنائية عملاً بمادتين 55/ 1 و56/ 1 عقوبات. فاستأنف المتهم الحكم, ومحكمة إسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فيها حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدم المحامى عنه تقريراً بالأسباب. ومحكمة النقض نظرت الدعوى ثم قضت فيها حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة إسكندرية الابتدائية نظرت الدعوى مرة ثانية ثم قضت فيها حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

بعد تلاوة التقرير وسماع المرافعة والإطلاع على الأوراق والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والبطلان إذ دان الطاعن وفقاً للمادة 112 من قانون العقوبات مع أن القانون الواجب التطبيق هو لائحة المخازن الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 26 من يونيه سنة 1948 وهى تقضى بتكليف من يظهر في عهدته عجز بتسديد قيمة العجز وقد قام الطاعن بتسديده فعلاً ثم فصل إدارياً من الخدمة فكان يجب الاكتفاء بذلك الجزاء الإداري لأن المسئولية إدارية وليست جنائية خصوصاً وأن عهدة الحمام ليست عهدة مقفلة بل تصرف يومياً لخدمة آلاف الناس وهى لذلك عرضة للفقد، هذا عن العهدة العامة أما عهدة الطاعن الخاصة فإنها حسب لائحة المخازن يجب استهلاكها إذا استعملت مدة لا تقل عن سنة وقد ثبت من التحقيق أنه مضى على استلامها سنتان فكان يجب استهلاك ما وجد ناقصاً منها ولا ضرر من وجود هذه العهدة بمنزله لأنها خرجت من عهدة الحمام إلى عهدته الشخصية ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أنه دفع أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان التفتيش لأن تفتيش منزله الكائن بشارع الضبي المتفرع من شارع الدكتور قنواتي قد حصل بدون أمر من النيابة وكان أمرها بالتفتيش صادراً بشأن منزل آخر كائن بشارع الكامل رقم 43 قسم الرمل ولكن الحكم المطعون فيه لم يفصل في هذا الدفع. ويقول الطاعن في الوجه الرابع من أوجه طعنه إن الدعوى العمومية قد انقضت بمضي المدة إذ أن الجريمة وقعت في خلال شهر سابق على تاريخ 15 فبراير سنة 1948 فيكون قد قضى على وقوعها أكثر من أربع سنوات ونصف سنة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجناية الاختلاس التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ثم تعرض للدفعين اللذين يثيرهما الطاعن في طعنه خاصين بانقضاء الدعوى العمومية بمضي أربع سنوات ونصف وبالاكتفاء بالعقوبة التأديبية ورد عليها في قوله: "وحيث إنه لا محل لما يثيره المتهم من دفع بانقضاء الدعوى العمومية استناداً إلى المادتين 15 و17 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديل المادة الأخيرة وذلك لمضى أكثر من أربع سنوات ونصف من تاريخ ارتكاب الحادث فالثابت من التحقيقات ووصف التهمة أن الواقعة المسندة إلى المتهم جناية معاقب عليها طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات ولا يغير من صفة الجريمة إحالتها إلى محكمة الجنح للحكم فيها على أساس عقوبة الجنحة بل تظل صفتها قائمة وتسرى على سقوطها وانقضاء الدعوى العمومية فيها المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات وهى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وهذه المدة لم تنقض بعد. وحيث إن ما دفع به المتهم كذلك من أن مسئوليته عن الودائع الفاقدة قاصرة على المسئولية الإدارية وحدها وفقاً للائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء في 6 من يونيه سنة 1948 دون المسئولية الجنائية هذا الدفع مردود بدوره بأنه لا تنافر إطلاقاً بين المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية فقد يكون الفعل مخالفة إدارية يعاقب عليها قانون العقوبات كما هو الحال في هذه الدعوى ولا تثريب على النيابة إذا ما أقامت الدعوى العمومية قبل المتهم لمحاكمته على ما أسند إليه من فعل يكون في نفس الوقت مخالفة إدارية" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك صحيحاً في القانون وكان يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن محامى الطاعن وإن كان دفع ببطلان التفتيش إلا أنه لم يذكر وجه هذا البطلان ولم يتمسك به في مرافعته الختامية هذا إلى أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعن إلى اعترافه باستلام الملابس والأمتعة الأخرى التي ضبطت في ذلك المنزل وأنه المسئول عنها وأنه كان يستعمل هذه المضبوطات استعمالاً شخصياً على أن يرده عند الجرد الذي فوجىء به قبل الموعد الذي كان يتوقعه فلم يكن الحكم إذن بحاجة إلى تناول الدفع ببطلان التفتيش. لما كان ذلك فإن الطعن يكون غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. هذا ولما كان القانون رقم 435 لسنة 1953 الذي جرى به العمل ابتداء من 9 من سبتمبر سنة 1953 قضى بتعديل الفقرة الأولى من المادة 56 من قانون العقوبات بأن "يصدر الأمر بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً " وكان الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي الذي حدد مدة وقف تنفيذ العقوبة بخمس سنوات وكان لمحكمة النقض طبقاً لأحكام المادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إلى مدة وقف تنفيذ العقوبة بجعلها ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم المطعون فيه.


[(1)]، [(2)] قررت المحكمة المطعون في حكمها هاتين القاعدتين وقد أقرتها عليهما محكمة النقض.