أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 501

جلسة 15 من مايو سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(60)
طعن رقم 5 سنة 27 ق "أحوال شخصية"

( أ ) نقض "المصلحة في الطعن" أهلية. حجر. وفاة المطلوب الحجر عليه بعد صدور الحكم المطعون فيه لا تمنع توافر مصلحة طالب الحجر في الطعن على الحكم.
(ب) نقض "نظر الطعن أمام المحكمة". دعوى "انقطاع الخصومة". أهلية. حجر. متى تعتبر الدعوى مهيأة للحكم أمام محكمة النقض ويجب الاستمرار في نظرها أمامها؟ مثال في دعوى حجر. المواد 295 و296 و441 مرافعات.
(جـ) حكم "إيداع أسبابه". أهلية. حجر. صدور قرار من محكمة ابتدائية في مادة حجر. عدم إيداع أسبابه في مدة الخمسة عشر يوماً المنصوص عليها في المادة 1018 مرافعات. لا بطلان. م 346 مرافعات.
(د) أهلية "عوارض الأهلية". حجر. السفه والغفلة. تعريفهما.
(هـ) أهلية "عوارض الأهلية". حجر. دفاع "طلب ندب طبيب". عدم التزام المحكمة بندب طبيب لتوقيع الكشف الطبي على المطلوب الحجر عليه والاطلاع على التقارير الطبية السابقة وإبداء رأيه فيها. رفض هذا الطلب. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - قيام المصلحة في الطعن بالنقض أو عدم قيامها إنما يرجع فيه إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه وما يلابس الدعوى إذ ذاك من ظروف ووقائع يثبتها الحكم وتكون تحت نظره وعليها يرتكز قضاؤه بحيث يقتصر بحث الطعن فيه في مختلف وجوهه القانونية على هذا النطاق. فإذا كان المطلوب الحجر عليه على قيد الحياة يوم صدور الحكم المطعون فيه فإن وفاته بعد ذلك لا يكون لها تأثير على تحقق مصلحة طالب الحجر وتوافرها في الطعن على ذلك الحكم.
2 - إن وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع على ما تقضي به المادة 295 مرافعات من الحكم في موضوعها على موجب الأقوال والطلبات الختامية. وتعتبر الدعوى مهيأة للحكم أمام محكمة النقض على مقتضى المادتين 296 و441 مرافعات بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين. فإذا كان المطلوب الحجر عليه قد توفي بعد تمام ذلك أمام محكمة النقض فلا تأثير لوفاته في نظر الطعن في الحكم الصادر برفض طلب الحجز.
3 - متى كان القرار المنعي ببطلانه صادراً في مادة حجر من محكمة ابتدائية فإن عدم إيداع أسبابه في ظرف الخمسة عشر يوماً المنصوص عليها في المادة 1018 مرافعات لا يترتب عليه بطلان ذلك القرار. ذلك لأن المشرع قد رأى في هذا الخصوص عدم الأخذ بحكم المادة 346/ 2 مرافعات الخاص ببطلان الأحكام إذا لم تودع مسودتها في المواعيد المحددة لذلك ولم يرد بالمادة 1018 نص على جزاء البطلان مماثل للنص الوارد في المادة 346 سابقة الذكر.
4 - السفه والغفلة بوجه عام يشتركان في معنى واحد هو ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس إلا أن الصفة المميزة للسفه هي أنها تعتري الإنسان فتحمله على تبذير المال وإنفاقه على خلاف مقتضى العقل والشرع. أما الغفلة فإنها تعتبر صورة من صور ضعف بعض الملكات النفسية ترد على حسن الإدارة والتقدير. فإذا كان الحكم إذ قضى بتأييد قرار رفض طلب الحجر لهذين السببين قد أقام قضاءه على ما استخلصه هو والحكم الابتدائي بالأسباب السائغة التي أورداها من أن تصرفات المطلوب الحجر عليه إلى ولده وأحفاده لها ما يبررها وتدل على تقدير وإدراك لما تصرف فيه ولا تنبئ عن سفه أو غفلة فإن ذلك الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو تأويله.
5 - المحكمة ليست ملزمة بإجابة طلب طالب الحجر ندب طبيب آخر لتوقيع الكشف الطبي على المطلوب الحجر عليه والاطلاع على التقارير الطبية السابقة وإبداء رأيه فيها متى كونت اقتناعها في الدعوى من واقع الأوراق المقدمة فيها وبذا لا يكون في رفض الحكم لهذا الطلب إخلال بحق له في الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعنتين قدمتا إلى نيابة كفر الشيخ طلباً بتوقيع الحجر على والدهما محمد عبد العال علي البهوتي للسفه والغفلة لأنه يمتلك ثروة مقدارها ثمانون فداناً تقريباً من الأطيان الزراعية ومنزلان وعمارة كبيرة ومحلات تجارية وقد استغل ولده عبد الفتاح محمد عبد المتعال كبر سن والده وشيخوخته واضطراب أعصابه وجعله يتصرف له هو وأولاد شقيقه مجاهد وعبد الغني في كثير من هذه الثروة حتى لم يبق له منها سوى خمسة وعشرين فداناً، فقامت النيابة بتحقيق هذا الطلب وعرضت والد الطاعنتين على الطبيب الشرعي بطنطا ثم قدمت الطلب بعد ذلك إلى محكمة كفر الشيخ طالبة توقيع الحجر على المطلوب الحجر عليه للغفلة. وبسبب تعديل اختصاص تلك المحكمة أحيل الطلب على محكمة المنصورة الابتدائية المختصة حيث قيد أمامها برقم 59 سنة 1955 ب كلي، وقدم والد الطاعنتين تقريراً طبياً استشارياً يؤيد سلامة تصرفاته فندبت المحكمة الطبيب الشرعي بالمنصورة لفحص المطلوب الحجر عليه والاطلاع على التقرير الاستشاري المقدم منه وتقرير الطبيب الشرعي بطنطا لبيان ما إذا كان به عته أو غفلة أو كان بعقله شائبة تستدعي الحجر عليه. وبعد أن قدم الطبيب الشرعي المذكور تقريره قدمت الطاعنتان تقريراً طبياً استشارياً. وبتاريخ أول مايو سنة 1956، ناقشت المحكمة المطلوب الحجر عليه وقررت في نهاية تلك الجلسة رفض طلب الحجر. فاستأنفت النيابة العمومية هذا القرار أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 14 لسنة 1956 أحوال شخصية طالبة إلغاءه وتوقيع الحجر على والد الطاعنتين، ولدى تلك المحكمة انضمت الطاعنتان إلى النيابة وطلبتا أصلياً الحكم ببطلان القرار المستأنف لعدم إيداع أسبابه قلم الكتاب في الميعاد القانوني وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل فيها من جديد وفي حالة التصدي للموضوع الحكم بإلغاء القرار المستأنف وتوقيع الحجر على والدهما للسفه والغفلة واحتياطياً انتداب كبير الأطباء الشرعيين لمراجعة جميع أوراق القضية وما بها من تقارير طبية لمعرفة أوجه الصواب فيها وإعادة توقيع الكشف الطبي على والدهما ومناقشته وتقديم تقرير عن حالته لمعرفة ما إذا كانت حالته وتصرفاته تصلح أساساً لتوقيع الحجر عليه للسفه والغفلة من عدمه. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1957 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد القرار المستأنف. فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 17 من يناير سنة 1957 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم في خصوص السبب الأول. وبتاريخ 22 من مايو سنة 1957 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية، وبعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما وتقديم مذكرات الطرفين والنيابة - وقد عدلت في مذكرتها عن رأيها السابق وطلبت رفض الطعن - حدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 5 من ديسمبر سنة 1957 وفيها قرر وكيل المطلوب الحجر عليه أن موكله توفي، وقدم توكيلاً صادراً له من عبد الفتاح محمد عبد المتعال أحد الورثة للخصوم في الطعن - وفي الجلسة التالية دفع بعدم قبول الطعن لعدم وجود مصلحة للطاعنتين فيه بعد وفاة المطلوب الحجر عليه لأنه لو حكم لمصلحتهما بنقض الحكم فلن يكون من المستطاع نظر الحجر أمام المحكمة الموضوعية لأن هذا الطلب متعلق بشخصه ومرتبط بوجوده على قيد الحياة. وطلبت النيابة العمومية الحكم بانقضاء الدعوى العمومية لوفاة المطلوب الحجر عليه إذ بوفاته تزول ولاية محكمة الأحوال الشخصية على أمواله. وبجلسة أول مايو سنة 1958 أصرت النيابة على طلباتها.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أن قيام المصلحة في الطعن بالنقض أو عدم قيامها إنما يرجع فيه إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه وما يلابس الدعوى إذ ذلك من ظروف ووقائع يثبتها الحكم وتكون تحت نظره وعليها يرتكز قضاؤه بحيث يقتصر بحث الطعن فيه - في مختلف وجوهه القانونية - على هذا النطاق ولما كانت مصلحة الطاعنتين في الطعن متحققة يوم صدور الحكم المطعون فيه لوجود والدهما المطلوب الحجر عليه على قيد الحياة حينذاك فإن وفاته بعد ذلك لا تأثير لها على تحقق هذه المصلحة وتوافرها في هذا الطعن - كما أن وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع - على ما تقضي به المادة 295 مرافعات - من الحكم في موضوعها على موجب الأقوال والطلبات الختامية - وتعتبر الدعوى مهيأة للحكم أمام محكمة النقض - على مقتضى المادتين 296 و441 من قانون المرافعات بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين - كما هو الحال في هذه الدعوى - فلا تأثير لوفاة المطلوب الحجر عليه بعد تمام ذلك في نظر الدعوى أمامها ومن ثم يكون الدفع في غير محله.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب محصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف القانون. ذلك أن القرار الصادر من محكمة أول درجة قد صدر في يوم أول مايو سنة 1956 الذي كانت القضية محجوزة للحكم فيه من يوم 24/ 4/ 1956 ولم تودع أسبابه قلم كتاب المحكمة حتى يوم 19/ 5/ 1956 طبقاً للشهادة الرسمية المستخرجة عن ذلك. ولما كانت المادة 1018 من قانون المرافعات الواردة في باب طرق الطعن في القرارات والأوامر الخاصة بالولاية على المال قد نصت على وجوب إيداع أسباب القرارات القطعية في مادة الحجر في ميعاد خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم. ونصت المادة 1017 مرافعات على أنه: "فيما عدا ما قضى به من المواد الآتية تتبع الأحكام الواردة في الباب العاشر والثاني عشر والثالث عشر من الكتاب الأول" وكانت المادة 346/ 2 مرافعات الواردة في الباب العاشر من قانون المرافعات قد نصت على بطلان الحكم إذا لم تودع مسودته عقب النطق به إذا صدر في غير جلسة المرافعة لما كان ذلك فإنه من الواجب تطبيق الجزاء الوارد في المادة 346/ 2 مرافعات على مخالفة نص المادة 1018 سالفة الذكر، وبالرغم من أن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإنه استند إلى مذكرة رئيس الدائرة التي أصدرت القرار من أن المسودة قد حررت يوم 15/ 5/ 1956 وأودعت قلم الكتاب في اليوم التالي ضارباً بذلك صفحاً عما ثبت من الشهادة الرسمية من عدم إيداع المسودة لغاية يوم 19/ 5/ 1956 تأسيساً على أن قول رئيس الدائرة لا معقب عليه مع أن تلك الشهادة رسمية وحجة بما ورد فيها حتى يطعن فيها بالتزوير وقضى الحكم المطعون فيه تبعاً لذلك برفض الدفع ببطلان القرار الابتدائي لعدم إيداع مسودته في الميعاد مما يجعله مخالفاً للقانون متعيناً نقضه. ومحصل السبب الثاني - أن الطاعنتين أسستا طلب توقيع الحجر على المطعون عليه على السفه والغفلة وذلك لما ثبت من مناقشة معاون المجلس الحسبي بطنطا في يوم 28/ 2/ 1955 من أنه لا يعي شيئاً عن أمواله أو ثروته ولا يعرف كثيراً أو قليلاً عما يدور حوله وتأيد ذلك بما أثبته الطبيب الشرعي بطنطا من أن المطلوب الحجر عليه مصاب بضعف شيخوخي عام وأنه متقدم في السن وعنده تصلب في الشرايين وضعف في البصر وأن حالته العقلية تشير إلى انحلال عقلي شيخوخي مما يصبح معه غير قادر على إدارة شئونه بنفسه هذا فضلاً عما أثبته الدكتور عبد العزيز حلمي كبير الأطباء الشرعيين السابق في تقريره من ضرورة جعل تصرفات المطلوب الحجر عليه أساساً لبحث طلب الحجر ومناقشة حالته على هدى هذه التصرفات وما دام أنه لم يعد يدري شيئاً عما يجري حوله فإن طلب توقيع الحجر للسفه والغفلة يكون في محله، وقد سار الحكم المطعون فيه على عكس ما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة من توقيع الحجر في مثل هذه الحال قولاً منه: "بأنه متى ثبت أن تصرفات المستأنف عليه تدل على تقدير وإدراك لما تصرف فيه ولا تنبئ عن سفه أو غفلة ولها ما يبررها إذ صدرت عن عاطفة وبر بابنه عبد الفتاح وأولاد شقيقيه اللذين توفيا وتقريراً لما قام به شقيقاه في تركته وإنماء ثروته". وفات ذلك الحكم أنه لم يثبت أن المطلوب الحجر عليه قد استفاد شيئاً من هذه التصرفات التي قدرها ابنه عبد الفتاح بأبخس تقدير وأن هذه التصرفات لا يعتد بها إذا كان من صدرت منه لا يقدر الصالح لنفسه منها من الضار وأنه لا يهتدي إلى الرابح منها لنفسه مهما كانت الدوافع والمبررات إلى ذلك مما ينفي أن تلك التصرفات قد صدرت عن تقدير وإدارة من المطلوب الحجر عليه ويجعل الحكم المطعون فيه متنافراً مع القانون ومخطئاً في تطبيقه وتأويله. ويتحصل السبب الثالث - في إخلال الحكم المطعون فيه بحق الطاعنتين في الدفاع. ذلك أنهما طلبتا إلى محكمة أول درجة إحالة جميع التقارير الطبية مع المطلوب الحجر عليه إلى كبير الأطباء الشرعيين ليبدي رأيه فيها ويقرر ما إذا كانت حالته الصحية والعقلية تستوجب توقيع الحجر عليه من عدمه مستهدياً في ذلك بتصرفاته السابقة وإجابته أمام معاون محكمة طنطا الحسبية وطبيب شرعي طنطا وأمام المحكمة بجلسة المناقشة الحاصلة في 20/ 3/ 1956 إلا أن محكمة أول درجة أهدرت هذا الطلب ولم ترد عليه، كما سايرتها محكمة ثاني درجة في ذلك بتأييدها قرارها لأسبابه وبذا يكون حكماً معيبا متعيناًً نقضه.
وحيث إن السبب الأول مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ نفى البطلان عن قرار محكمة أول درجة صحيح في نتيجته ذلك أن المادة 1017 الواردة في باب إجراءات الولاية على المال ضمن الكتاب الرابع من قانون المرافعات الخاص بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية نصت على ما يأتي: "فيما عد ما نص عليه في المواد الآتية: تتبع الأحكام الواردة في الباب العاشر والثاني عشر والثالث عشر من الكتاب الأول". ونصت المادة 1018 بعد ذلك على ما يأتي: "يجب أن تودع قام الكتاب أسباب القرارات القطعية الصادرة في مواد الحجر والمساعدة القضائية و... ... و... ... في ميعاد ثمانية أيام من تاريخ النطق به إذا صدرت من محكمة مواد جزئية وفي ميعاد خمسة عشر يوماً فيما عدا ذلك. ويكتفي في القرارات الأخرى بالتوقيع على محضر الجلسة المشتمل على منطوقها ..." ومؤدى هاتين المادتين أنه لا يرجع إلى أحكام الباب العاشر (المشتمل على المادة 346 مرافعات) إلا فيما لم يرد بشأنه حكم في المادة 1018 وما بعدها. ويبين من الاطلاع على محضر أعمال اللجنة العامة المشكلة لوضع قواعد المرافعات التي تطبق في مسائل الأحوال الشخصية أمام المحاكم الوطنية أنها قد أغفلت عمداً النص على البطلان كجزاء على عدم إيداع أسباب القرارات الواجب إيداع أسبابها في المواعيد المحددة. فقد ورد في محضر جلساتها الثالثة والأربعين المنعقدة في 24 من أكتوبر سنة 1948 - ضمن الجزء الثالث من محاضر أعمال تلك اللجنة - عند البحث في القرارات وتسببيها ما يأتي: "ورأت اللجنة كذلك وضع نص يواجه إيداع القرار قلم كتاب في موعد معين من النطق به على أن يكون هذا الميعاد فيما يتعلق بالقرارات التي لا تحتاج لأسباب 24 ساعة من تاريخ النطق به - على أن تعتبر نسخة القرار الأصلية هي محضر الجلسة الموقع عليه من القاضي. أما القرارات التي تستوجب التسبيب فيكون موعد إيداعها سبعة أيام على الأكثر من تاريخ النطق بها وإلا كانت باطلة. وبحثت اللجنة فيما إذا كانت تضع البطلان جزاء لهذه المخالفة ورأت أن البطلان قد يضر بمصلحة عديم الأهلية ويفوت الغرض من إصدار القرار في موعد معين، ولذلك رأت أن يكون النص تنظيمياً على أن تكون المؤاخذة إدارية". مما يدل على أن المشرع قد تعمد عدم الأخذ بحكم المادة 346/ 2 مرافعات الخاص ببطلان الأحكام إذا لم تودع مسوداتها في المواعيد المحددة لذلك. ولما كان المشرع قد أوجب في المادة 1018 إيداع أسباب القرارات في مواد الحجر وخلافها مما أشار إليه في تلك المادة في المواعيد المبينة بها حسب المحكمة التي أصدرتها ولم يرد بهذه المادة نص على جزاء البطلان مماثل للنصل الوارد في المادة 346 مرافعات، وكان القرار المنعي ببطلانه صادراً في مادة حجر من محكمة ابتدائية. فإن عدم إيداع أسبابه في ظرف الخمسة عشر يوماً المنصوص عليها في المادة 1018 لا يترتب عليه بطلان ذلك القرار.
وحيث إن السبب الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى مناقشة محكمة أول درجة للمطلوب الحجر عليه تلك المناقشة "التي بان منها بوضوح أنه سليم العقل مستقيم التفكير" قال: "وحيث إنه متى ثبت أن تصرفات المستأنف عليه تدل على تقدير وإدراك لما تصرف فيه ولا تنبئ عن سفه أو غفلة ولها ما يبررها إذ قد صدرت عن عاطفة وبر بابنه عبد الفتاح وأولاد شقيقيه اللذين توفيا وتقديراً لما قام به شقيقاه في تكوين أمواله وإنماء ثروته" ولما كان السفه والغفلة بوجه عام يشتركان في معنى واحد هو ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس إلا أن الصفة المميزة للسفه هي أنها تعتري الإنسان فتحمله على تبذير المال وإنفاقه على خلاف مقتضى العقل والشرع. أما الغفلة فإنها تعتبر صورة من صور ضعف بعض الملكات النفسية ترد على حسن الإدارة والتقدير. وكان الحكم المطعون فيه إذ قض بتأييد قرار رفض طلب الحجر لهذين السببين قد أقام قضاءه على ما استخلصه هو والحكم الابتدائي بالأسباب السائغة التي أورداها من أن تصرفات المطلوب الحجر عليه إلى ولده وأحفاده لها ما يبررها وتدل على تقدير وإدراك لما تصرف فيه ولا تنبئ عن سفه أو غفلة، فإن ذلك الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو تأويله.
وحيث إن السبب الثالث مردود بأن المحكمة ليست ملزمة بإجابة طلب الطاعنتين ندب كبير الأطباء الشرعيين لتوقيع الكشف الطبي على المطلوب الحجر عليه والاطلاع على التقارير الطبية السابقة وإبداء رأيه فيها متى كونت اقتناعها في الدعوى من واقع الأوراق المقدمة فيها وبذا لا يكون في رفض الحكم المطعون فيه لهذا الطلب إخلال بحق لهما في الدفاع.
وحيث إنه يبين مما سبق أن الطعن على غير أساس فيتعين رفضه.