أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 526

جلسة 5 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، وعثمان رمزي، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.

(64)
طعن رقم 205 سنة 24 ق

( أ ) حكم "بياناته". استقالة أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وقبول هذا الاستقالة قبل النطق بالحكم. بطلان الحكم.
(ب) إعلان. الإعلان لجهة الإدارة. جواز تسليم صورة الإعلان إلى شيخ البلد في أحد البنادر دون مأمور البندر. م 12 مرافعات.
1 - إن النصوص الواردة في قانون المرافعات في الفصل الأول من الباب العاشر الخاص بإصدار الأحكام تؤدي بمفهومها إلى ضرورة إصدار الأحكام ممن يتصف بوصف القاضي وإلى لزوم ثبوت هذه الصفة له حتى النطق بالحكم وذلك لتتوافر له مكنة الإصرار على رأيه أو العدول عنه حتى ذلك الوقت. فمتى كان الثابت أن أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة قدم استقالته من وظيفته وصدر قرار وزاري بقبولها، وبرفع اسمه من سجل قيد رجال القضاء العالي قبل إصدار الحكم المطعون فيه والنطق به فإن الحكم يكون باطلاً.
2 - الغرض من تسليم صورة الإعلان لجهة الإدارة طبقاً للمادة 12 من قانون المرافعات هو أن تتولى هذه الجهة تسليماً للشخص المطلوب إعلانه، وهذا القصد يتحقق إذا سلمت صورة الإعلان إلى شيخ البلد في أحد البنادر باعتباره ممثلاً هو الآخر لجهة الإدارة في تلك البلدة، ولا تدل عبارة نص المادة المشار إليها على أن تسليم الصورة مقصور على مأمور البندر دون العمدة أو مشايخ البلد ولا على إيجاب ترتيب معين يسبق فيه مأمور البندر العمدة أو شيخ البلد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه كان قد رفع الطعن رقم 53 لسنة 1951 كلي ضرائب شبين الكوم في قرار لجنة تقدير الضرائب بطنطا القاضي بتقدير أرباحه عن نشاطه في السنوات من 1942 إلى 1948 طالباً الحكم بإلغائه واعتباره كأن لم يكن وحصل قلم الكتاب (محكمة شبين الكوم الابتدائية) رسماً مبدئياً قدره 2 جنيه و700 مليم على المبالغ التي زادت عن حد الإعفاء القانوني وقدره 150 جنيهاً وبتاريخ 18/ 12/ 1950 حكمت المحكمة غيابياً ببطلان صحيفة الدعوى وألزمت المطعون عليه بالمصاريف - وعمل قلم الكتاب بمحكمة شبين الكوم قائمة رسوم في 17/ 1/ 1951 بمبلغ 6 جنيه و300 مليم قيمة فرق الرسم على اعتبار أن قيمة الدعوى 400 جنيه ثم قائمة رسوم أخرى بمبلغ 25 جنيهاً و200 مليم في 12/ 9/ 1952 - فعارض المطعون عليه فيها - وبجلسة 21/ 4/ 1953 حكمت محكمة شبين الكوم بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد القائمة المعارض فيها مع إلزام المعارض بالمصاريف. وبصحيفة تاريخها 30/ 4/ 1953 استأنف المطعون عليه هذا الحكم إلى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 36 لسنة 3 ق طالباً قبول استئنافه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بجلسة 21/ 4/ 1953 وإلغاء قائمة الرسوم المعارض فيها مع إلزام قلم الكتاب بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1954 حكمت محكمة استئناف طنطا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الابتدائي - وكذلك إلغاء أمر التقدير الصادر في 22/ 9/ 1952 وإلزام قلم الكتاب بمصاريف الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 7 من يونيه سنة 1954 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم - وبعد استيفاء إجراءاته قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن المصاريف ومصادرة الكفالة، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2 من أبريل سنة 1958 - وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 8 من مايو سنة 1958 وفيها طلبت النيابة العامة أصلياً قبول الدفع المبدي في مذكرتها بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إعلان المطعون عليه به واحتياطياً نقض الحكم المطعون فيه - ويبين من الاطلاع على هذه المذكرة أن مبنى الدفع ببطلان إعلان الطعن بالنقض - أن المطعون عليه كان قد بين في ورقة إعلان الحكم الصادر لصالحه من محكمة استئناف طنطا أن له في بندر شبين الكوم محلاً مختاراً هو مكتب الأستاذ عبد الله عطا المحامي، فلما توجه المحضر لإعلان الطعن بالنقض في هذا المحل المختار - وامتنع وكيل المكتب عن استلام الصورة قام المحضر بتسليمها لشيخ البلدة في بندر شبين الكوم - وكان يتعين عليه طبقاً لنص المادة 12 من قانون المرافعات تسليمها لمأمور البندر لا لشيخ البلد وإذ كان تسليم الصورة قد وقع مخالفاً لذلك فإنه يكون باطلاً بنص المادة 24 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع على غير أساس ذلك أن المادة 12 من قانون المرافعات بعد إذا حددت الأشخاص الذين تسلم لهم صورة الإعلان عند عدم وجود الشخص المطلوب إعلانه في موطنه أردفت ذلك بقولها: "فإذا لم يجد منهم أحداً أو امتنع من وجده عن تسلم الصورة وجب أن يسلمها على حسب الأحوال لمأمور القسم أو البندر أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن الشخص في دائرته" - وإذ كان الغرض من تسليم الصورة لجهة الإدارة في هذه الحالة هو أن تتولى هذه الجهة تسليمها للشخص المطلوب إعلانه - فإن هذا القصد يتحقق إذا سلمت صورة الإعلان إلى شيخ البلد - في شبين الكوم - باعتباره ممثلاً هو الآخر لجهة الإدارة - في تلك البلدة - ولا تدل عبارة النص المذكور آنفاً على أن تسليم الصورة مقصور على مأمور البندر دون العمدة أو مشايخ البلد ولا على إيجاب ترتيب معين يسبق فيه مأمور البندر أو العمدة أو شيخ البلد، ومن ثم يتعين رفض الدفع. وإذ أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول من سببي الطعن - على الحكم المطعون فيه - أنه مشوب بالبطلان - وفي بيان ذلك ذكر الطاعن أن المستشار حامد البهتيمي كان أحد أعضاء هيئة المحكمة التي نظرت الاستئناف بجلسة 3 من فبراير سنة 1954 وقد حجزت هذه الهيئة القضية للحكم لجلسة 17 من فبراير سنة 1954 - وفي جلسة النطق بالحكم لم يكن المستشار حامد البهتيمي من بين أعضاء الهيئة التي نطقت بالحكم وليس في بيانات الحكم ما يفيد أنه كان قد حضر المداولة وأمضى مسودة الحكم - فضلاً عن أن المستشار المذكور كان قد استقال في 4 من فبراير سنة 1954 وقبلت استقالته اعتباراً من هذا التاريخ وأخلى طرفه في 14 من فبراير سنة 1954 وبذلك تنعدم ولايته فلا تكون له صلاحية لإصدار الحكم ويفقد توقيعه على مسودة الحكم بفرض توقيعه عليها خصائصه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه ثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة 3 من فبراير سنة 1954 أن الهيئة التي سمعت المرافعة كانت مشكلة من السادة المستشارين محمد مختار عبد الله رئيساً وحامد البهتيمي ومحمد المهدي المسيرى أعضاء، وأن القضية حجزت للحكم لجلسة 17 من فبراير سنة 1954. وثابت أيضاً من الاطلاع على الصورة الرسمية للحكم المطعون فيه أن الهيئة التي نطقت بالحكم في ذلك اليوم كانت مشكلة من المستشارين محمد مختار عبد الله ومحمد المهدي المسيرى ومحمد سعيد مقبل - وثابت كذلك من الاطلاع على ملف خدمة المستشار حامد البهتيمي المرفق ضمن مستندات الطاعن - أنه قدم استقالته في 4 من فبراير سنة 1954 وصدر قرار وزاري في 6 من فبراير سنة 1954 بقبولها وبرفع اسمه من سجل قيد رجال القضاء العالي اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1954. ولما كانت النصوص الواردة في قانون المرافعات في الفصل الخاص بإصدار الأحكام (وهو الفصل الأول من الباب العاشر) تؤدي بمفهومها إلى ضرورة إصدار الأحكام ممن يتصف بوصف القاضي وإلى لزوم ثبوت هذه الصفة له حتى النطق بالحكم - وذلك لتتوافر له مكنة الإصرار على رأيه أو العدول عنه حتى ذلك الوقت، وكان الثابت أن المستشار حامد البهتيمي - على ما سلف بيانه - قد فقد ولاية القضاء اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1954 أي قبل إصدار الحكم المطعون فيه والنطق به في جلسة 17 من فبراير سنة 1954 - فإن الحكم يكون باطلاً ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه بلا حاجة للنظر في باقي ما تضمنه هذا السبب وفي السبب الثاني.