أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 568

جلسة 26 من فبراير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل، وإسحاق عبد السيد المستشارين.

(184)
القضية رقم 2438 سنة 24 القضائية

إثبات. اعتراف متهم. الأخذ به على متهم آخر. الأخذ منه بما تطمئن إليه المحكمة جائز.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ باعتراف متهم على متهم آخر متى اطمأنت إليه، ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من رواية المتهم المعترف دون أخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1ـ صادق محروس يونس الشهير بمشمش و2ـ جابر مكي سليمان الشهير بجابر الأعور. بأنهما في يوم 28 من فبراير سنة 1953 الموافق 14 من جماد الثاني 1372 بناحية قسم المحمودية محافظة أسكندرية. حازا وأحرزا مع آخرين جواهر مخدرة مبينة الكمية والوصف بالمحضر (أفيوناً وحشيشاً) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و7 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين رقمي 1 و12 من الجدول "أ" الملحق بهذا القانون ـ فصدر قرارها بذلك، ومحكمة جنايات أسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و33ج من القانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم"أ" المرافق للقانون بمعاقبة كل من المتهمين صادق محروس يونس وجابر مكي سليمان الشهير بالأعور بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما مبلغ ثلاثة آلاف من الجنيهات. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الثاني قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد في الاستدلال والقصور إذ عول في إدانة الطاعن الثاني على تحريات رجال الإدارة وعلى ما جاء في رواية لمتهمة أخرى في الدعوى من أنه استلم منها كمية من الحشيش ولفها حول وسطه وانصرف بها مع أن ذلك لا يؤدى إلى توافر الركن المادي لجريمة إحراز المخدر ولا إلى التحقيق من جوهر المادة المقول باستلامها بدون تحليلها وإذ استدل على هذا الطاعن بنتيجة تحليل المواد المضبوطة في مسكن الأول ومسكن إسماعيل محمد مكاوي في حين أنه لا شأن له بهذه المضبوطات. واعتمد فى إدانته على تحريات رجال الإدارة وهى لا ترتكز على وقائع معينة ولا تنهض دليلاً في مقام الإثبات كما استند على اعتراف المتهمة نعيمة حسين دون أن يفصح عن الرواية التي آخذه بها من بين روايتها المتعددة ودون أن يعنى برفع التعارض الجوهري بينها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتحقق به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وتحدث عن حيازة وإحراز الطاعن للمواد المخدرة فقال" إنه بسؤال نعيمه حسين محمد زوجة المتهم الأول (الطاعن الأول) في التحقيقات قررت بأن زوجها يشتغل عند جابر مكي سليمان المتهم الثاني (الطاعن الثاني) وأنه أهملها وتركها دون أن ينفق عليها فشكته إلى المتهم الثاني الذي أفهمها بأنه سيقنع زوجها برعايتها على أن تؤدى له من جانبها خدمة معينة وقد أمرها زوجها بأن تجيب جابر مكي إلى ما طلبه منها وكان هذا الطلب هو السفر معهما من الإسكندرية إلى الريف لتحمل المخدرات وفعلاً سافر الجميع إلى شبين الكوم حيث نزلوا في ضيافة والدة المتهم الأول ولما حان موعد عودتهم رافقها المتهم الثاني جابر مكي إلى محطة شبين الكوم حيث اشترى لها تذكرة السفر إلى الإسكندرية وسلمها السلة التي كانت بها المواد المخدرة وأفهمها أن تذهب بها عند وصولها إلى مسكنها على أن يلحق بها بعد ذلك وركب المتهم الثاني نفس القطار ولكن في عربة أخرى ولما أن وصلت إلى المسكن وافاها المتهم الثاني جابر مكي سليمان ومعه إسماعيل محمد مكاوي واستلم جابر مكي بعض طرب الحشيش ولفها حول وسطه وخرج بها كما استلم إسماعيل أقتين من الحشيش أودعهما مسكنه بنفس المنزل ثم عاد ليأخذ الباقي وفى هذا الوقت فاجأهما رجال البوليس أثناء أن كانت تقدم لإسماعيل إحدى طرب الحشيش" ثم قال الحكم بشأن تعيين جوهر المواد المنسوب للطاعن جلبها وتسليمها لنعيمة محمد حسين واستلام جزء منها بأنه "تبين من تقرير المعمل الكيماوي التابع لمصلحة الطب الشرعي أن ما ضبط في مسكن المتهم الأول وزوجته وما ضبط في مسكن إسماعيل محمد مكاوي هو من مادة الحشيش المخدرة" ولما كان ما أورده الحكم من ذلك يؤدى إلى ثبوت حيازة الطاعن وإحرازه للمخدر وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ باعتراف متهم على متهم آخر متى اطمأنت إليه وكان لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من رواية للمتهم المعترف دون أخرى ـ لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون سديداً وما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون محاولة لإثارة الجدل في موضوع الدعوى مما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.