أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 550

جلسة 12 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة: وبحضور السادة: محمود عياد، وعثمان رمزي، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم المستشارين.

(68)
طعن رقم 45 سنة 24 ق

( أ ) ضرائب. ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. سريانها بالنسبة لأرباح المخرج السينمائي طبقاً للقانون 14 لسنة 1939 قبل تعديله بالقانون 146 لسنة 1950.
(ب) ضرائب. ضريبة المهن غير التجارية. دستور. قانون. لوائح. دستورية تفويض وزير المالية الوارد بالمادة 72 من القانون 14 لسنة 1939 بإضافة مهن غير تجارية إلى المهن الواردة في هذه المادة.
(ج) ضرائب. قانون. التعديل الذي أدخل على القانون 14 لسنة 1939 بالقانون 146 لسنة 1950. عدم سريانه على الماضي.
1 - جرى قضاء محكمة النقض بأن القانون 14 لسنة 1939 قبل تعديله بالقانون 146 لسنة 1950 قد جعل الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية هي ضريبة الأصل العام الذي يسري على كل مهنة لم تستثن بنص خاص. ومن ثم فإن هذه الضريبة هي التي تسري بالنسبة لأرباح المخرج السينمائي طبقاً لذلك القانون لأن مهنة المخرج لم ترد ضمن المهن التي عددتها المادة 72 ولم يصدر من وزير المالية قرار باعتبارها من المهن غير التجارية التي تخضع لحكم هذه المادة. ولا محل للقول بأن مهنة الخبير المنصوص عليها في المادة المذكورة تنسحب على عمل المخرج لأن المشرع إذا أورد بهذه المادة على سبيل الحصر مهنة معينة باعتبارها غير تجارية ومنها مهنة الخبير قد قصد من هذا اللفظ مدلولاً خاصاً هو التعمق والتخصص في فن معين واتخاذ الخبرة فيه مهنة. ولو جاز القول بغير هذا لوجب اعتبار كل محترف لمهنة من المهن خبيراً الأمر الذي ينافي غرض الشارع عن التخصيص.
2 - يستفاد من نص المادة 37 من دستور سنة 1923 الملغي أنه يخول السلطة التنفيذية حق إصدار اللوائح التنفيذية في شكل مراسيم يوقعها رئيس الدولة أو في صورة قرارات وزارية إذا نص القانون على ذلك. فإذا كان المشرع قد راعى عند تقنينه للمادة 72 من القانون 14 لسنة 1939 أنه من غير الميسور حصر جميع المهن التي لا تخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وعهد إلى وزير المالية بأن يضيف إلى المهن الواردة بالمادة المذكورة مهناً أخرى بقرارات تصدر منه حسبما يتجلى له وجه الرأي في حقيقة هذه المهن وما تتكشف عنه دواعي العمل فهو دعوة للجهة الإدارية كي تمارس اختصاصها المخول لها بمقتضى النص العام الوارد في المادة 37 سالفة الذكر أو تهيئة مجال لهذه الممارسة وليس في هذا افتيات على حقوق السلطة التشريعية. وعلى ذلك فلا يصح القول بأن تفويض وزير المالية الوارد بالمادة 72 المشار إليها ليس من قبيل اللوائح التنفيذية المنصوص عليها في المادة 37 من ذلك الدستور وإنما هو تفويض تشريعي لا يملك الوزير مباشرته لمنافاته لحكم المادة 134 من ذات الدستور التي لا تجيز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاءها إلا بقانون.
3 - التعديل الذي أدخله المشرع بموجب القانون رقم 146 لسنة 1950 على القانون 14 لسنة 1939 هو تشريع مستحدث لا يسري على الماضي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مأمورية الضرائب قدرت أرباح مورث المطعون عليهن في المدة من 1/ 6/ 1944 إلى 31/ 5/ 1945 بمبلغ 6226 جنيهاً و438 مليماً عبارة عن مبلغ 5000 جنيه مقابل قيامه بالتمثيل في فيلم (ليلى بنت الفقراء) ومبلغ 1226 جنيهاً و438 مليماً صافي ما حصل عليه نظير تنازله عن حقه في الفيلم الخام، وقدرت أرباحه في المدة من 1/ 6/ 1945 إلى 20/ 12/ 1945 بمبلغ 6500 جنيه من ذلك مبلغ 2500 جنيه أتعاب إخراج و2000 جنيه مكافأة عن الإدارة و2000 جنيه حصة في الربح - وأخضعت المأمورية الأرباح الناتجة عن جميع ما تقدم لضريبة الأرباح التجارية والصناعية ولما لم يرتض الممول هذا التقدير أحيل الخلاف إلى لجنة التقدير التي أصدرت في 27/ 5/ 1950 قرارها بتقدير صافي ربحه الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في المدة الأولى بمبلغ 1226 جنيهاً و438 مليماً وفي المدة الثانية بمبلغ 4000 جنيه مستبعدة بذلك مبلغ الـ5000 جنيه مقابل أتعاب التمثيل ومبلغ الـ2500 جنيه مقابل أتعاب الإخراج من وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وباعتبار هذين المبلغين وعاء للضريبة على أرباح المهن غير التجارية المنصوص عليها في المادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939، وقد عارضت مصلحة الضرائب في هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالدعوى ر قم 1455 سنة 1950 تجاري كلي ضرائب طالبة إلغاءه واعتبار أرباح المورث كما قدرتها المأمورية مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1951 حكمت محكمة أول درجة حضورياً بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتبار أرباح مورث المطعون عليهن الخاضعة لضريبة المهن التجارية في المدة من 1/ 6/ 1944 إلى 31/ 5/ 1945 مبلغ 6226 جنيهاً و438 مليماً وفي المدة من 1/ 6/ 1945 إلى 20 من ديسمبر سنة 1945 مبلغ 6500 جنيه، وألزمت المورث بالمصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وذلك استناداً إلى أن واقعة الدعوى يحكمها القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديله بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وأن المهن المعددة بالمادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وردت على سبيل الحصر ولم يصدر قرار من وزير المالية بإضافة مهنة الممثل ومهنة المخرج إلى المهن الحرة المنصوص عليها بهذه المادة مما يتعين معه إخضاع الأرباح التي تحققت من مزاولة هاتين المهنتين لضريبة الأرباح التجارية والصناعية. فاستأنف المورث هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف ر قم 60 سنة 69 ق طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بجميع أجزائه مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 30 من أبريل سنة 1954 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الطعن المقدم من مصلحة الضرائب في قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 27 من مايو سنة 1950 وتأييد هذا القرار وألزمت المستأنف عليها بالمصاريف عن الدرجتين و25 جنيهاً أتعاباً للمحاماة مؤسسة قضاءها على أن مهنة الممثل أضيفت إلى المادة 72 بالقرار الوزاري رقم 25 لسنة 1945 - وأن مهنة المخرج لا تخضع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية المنصوص عليها في المادة 30 من القانون رقم 14 لسنة 1939 لأن عنصرها هو العمل الشخصي المبني على الخبرة الفنية وليس لرأس المال دخل فيها. وقد طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض في نطاق ما قضى به من عدم إخضاع مبلغ الـ2500 جنيه التي حصل عليها المورث مقابل أتعابه عن إخراج فيلم "ليلى بنت الفقراء" من وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1957 حيث طلبت الطاعنة والنيابة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية فقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة لجلسة 6 من فبراير سنة 1958 ثم أعلنت الطاعنة ورثة المطعون عليه وتمت المرافعة بجلسة 29 من مايو سنة 1958 حيث أصر كل من طرفي الخصومة على طلباته وطلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار مبلغ الـ2500 جنيه الذي تقاضاه مورث المطعون عليهن مقابل إخراجه فيلم "ليلى بنت الفقراء" لا يخضع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية استناداً إلى القول بأن المادة 30 من القانون رقم 14 لسنة 1939 لم تخضع من المهن لهذا النوع من الضريبة غير المهن التجارية والصناعية التي يتضافر فيه العمل ورأس المال معاً وأن مهنة المخرج بطبيعتها غير تجارية ليس لرأس المال دخل فيها فتخضع أرباحها لضريبة كسب العمل المنصوص عليها في المادة 72 من القانون - إذ أقام الحكم قضاءه على هذا الأساس قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن المشرع قبل تعديل القانون رقم 14 لسنة 1939 بالقانون رقم 146 لسنة 1950 جعل ضريبة الأرباح التجارية والصناعية هي الضريبة العامة التي تسري على كل مهنة أو منشأة لا تسري عليها ضريبة أخرى ولم يستثن من ذلك إلا المهن التي أوردتها المادة 72 على سبيل الحصر والمهن غير التجارية التي تعين بقرار من وزير المالية. ولما كانت مهنة المخرج لم ترد ضمن المهن التي عددتها هذه المادة ولم تعين بقرار من وزير المالية فإنها تخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه باعتبار مهنة المخرج مهنة غير تجارية تخضع أرباحها لضريبة المهن الحرة على ما ذهب إليه من أن القانون رقم 14 لسنة 1939 قد أخضع المهن التجارية والصناعية أو المتعلقة بالحرف للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية كما أخضع المهن غير التجارية للضريبة على كسب العمل وأن ضابط التمييز بين المهنتين هو عامل رأس المال الذي يتضافر مع العمل في المهن التجارية وينتفي عنه في المهن غير التجارية وأن العنصر الهام في مهنة المخرج هو العمل الشخصي المبني على الخبرة الفنية التي ليس لرأس المال دخل فيها.
ومن حيث إن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه مخالف للقانون ذلك أن القانون رقم 14 لسنة 1939 الذي يحكم واقعة الدعوى قبل تعديله بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة قد جعل الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية هي ضريبة القانون العام إذ نص في الفقرة الثامنة من المادة 32 على سريان هذه الضريبة على كل مهنة أو منشأة لا تسري عليها ضريبة أخرى خاصة بها في حين أنه عندما تحدث في المادة 72 عن أرباح المهن غير التجارية قصرها على مهن معينة حددها بالذات وعهد إلى وزير المالية إضافة مهن غير تجارية أخرى بقرار وزاري يصدر منه إذ جرى نص هذه المادة بالآتي: "اعتباراً من أول الشهر التالي لصدور هذا القانون تفرض ضريبة سنوية على أرباح مهنة المحامي والطبيب والمهندس والمعماري والخبير وكذلك على أرباح كل مهنة غير تجارية تعين بقرار من وزير المالية". وبذلك أعرب الشارع عن قصده في أن تكون الضريبة التجارية والصناعية هي الأصل العام الذي يسري على كل مهنة لم تستثن بنص خاص ولما كان الثابت أن مهنة المخرج لم ترد ضمن المهن التي عددتها المادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديله بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وأنه لم يصدر من وزير المالية قرار باعتبارها من المهن غير التجارية التي تخضع لحكم هذه المادة، وكان التعديل الذي أدخله المشرع بموجب القانون رقم 146 لسنة 1950 هو تشريع مستحدث لا يسري على واقعة الدعوى - ومن ثم فإن الضريبة التي تسري على أرباح مورث المطعون عليهن كمخرج لفيلم "ليلى بنت الفقراء" هي الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بخلاف ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه في هذا الخصوص. ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الدفاع عن مورث المطعون عليهن في الرد على وجه الطعن من أن تفويض وزير المالية الوارد بذيل المادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بإضافة مهن غير تجارية إلى المهن الواردة بصدر هذه المادة ليس من قبيل اللوائح التنفيذية المنصوص عليها في المادة 37 من دستور سنة 1923 الملغي وإنما هو تفويض تشريعي لا يملك الوزير مباشرته لمنافاته الحكم المادة 134 من ذات الدستور التي تنص على أنه: "لا يجوز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون" كما أنه لا يجوز التحدي بأن السلطة التشريعية قد عهدت إلى الوزير بتفسير مراد الشارع من عبارة "كل مهنة غير تجارية" الواردة بنهاية المادة لأنها بذلك تكون قد سلبت السلطة القضائية حقها في هذا التفسير مما يتعين معه إهمال العبارة الواردة بنهاية المادة واعتبارها غير موجودة. ذلك أن هذا الاعتراض مردود بأنه يستفاد من نص المادة 37 من دستور سنة 1923 الملغي أنه يخول السلطة التنفيذية حق إصدار اللوائح التنفيذية في شكل مراسيم يوقعها رئيس الدولة أو في صورة قرارات وزارية إذا نص القانون على ذلك. فإذا كان المشرع قد راعى عند تقنينه للمادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أنه من غير الميسور حصر جميع المهن التي لا تخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وعهد إلى وزير المالية بأن يضيف إلى المهن الواردة بالمادة المذكورة مهناً أخرى بقرارات تصدر منه حسبما يتجلى له وجه الرأي في حقيقة هذه المهن وما تتكشف عنه دواعي العمل فهو دعوى للجهة الإدارية كي تمارس اختصاصها المخول لها بمقتضى النص العام الواردة في المادة 37 سالفة الذكر أو تهيئة مجال لهذه الممارسة. وليس في هذا افتئات على حقوق السلطة التشريعية. ولا محل أيضاً لما ذهب إليه في دفاعه الاحتياطي من أن مهنة الخبير المنصوص عليها في المادة 72 قديمة تنسحب على عمل مورث المطعون عليهن كمخرج سينمائي لأن لفظ "خبير" إذا أطلق بغير تحديد انصرف إلى كل شخص يقوم على ممارسة بعض العلوم أو الفنون. لا محل لهذا القول، ذلك أن المشرع إذا أورد بهذه المادة على سبيل الحصر مهناً معينة باعتبارها غير تجارية ومنها مهنة "الخبير" قد قصد من هذا اللفظ مدلولاً خاصاً هو التعمق والتخصص في فن معين واتخاذ الخبرة فيه مهنة ولو جاز القول بغير هذا لوجب اعتبار كل محترف لمهنة من المهن خبيراً الأمر الذي ينافي غرض الشارع من التخصيص.
ومن حيث إن موضوع الاستئناف رقم 60 سنة 69 ق استئناف القاهرة صالح للفصل فيه.
وحيث إنه للأسباب المتقدمة يتعين ر فض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار مبلغ 2500 جنيه التي تقاضاها مورث المطعون عليهن بوصفه مخرجاً لفيلم "ليلى بنت الفقراء" خاضعاً لضريبة الأرباح التجارية .