أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 437

جلسة 31 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، محمد عبد الوهاب خليل، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(93)
الطعن رقم 121 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) آثار. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".إثبات. "إثبات بوجه عام".
(أ) مناط التأثيم في جريمة الاتجار بالآثار: هو ثبوت مزاولة الاتجار فيها بالفعل. مثال لإخلال بدفاع جوهري.
(ب) استناد القاضي الجنائي في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده. عدم جواز تأسيس حكمه على رأي غيره. مثال.
(ج) للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة.
1 - مناط التأثيم في جريمة الاتجار في الآثار طبقاً للمادتين 24، 30/ 7 من القانون رقم 215 لسنة 1951 هو ثبوت مزاولة الاتجار بالفعل في الآثار بغير ترخيص. ولما كان ما أثاره الطاعن من منازعة في الاتجار في الآثار استناداً إلى أن الآثار التي يحوزها سبق تسجيلها ولا زالت باقية بكاملها يعد من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين على محكمة الموضوع أن تحققها أو ترد عليها بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
2 - القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأي غيره. ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها باتجار الطاعن في الآثار على رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها.
3 - إنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم أول مايو سنة 1964 بدائرة بندر الأقصر: أتجر في الآثار بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 24، 30، 33 من القانون رقم 215 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 192 سنة 1955. ومحكمة الأقصر الجزئية قضت في الدعوى حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاتجار في الآثار بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دفع التهمة بأنه لم يزاول الاتجار في الآثار بالفعل فمجموعة الآثار الموجودة بالمحل والمقيدة بالسجل لا تزال كاملة ولم يتصرف في شيء منها بالبيع انتظاراً لصدور التصريح الذي طلبه من مصلحة الآثار ولم ترد المحكمة على هذا الدفاع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن معاون مباحث الأقصر علم أن المتهم يتاجر في الآثار بدون ترخيص وتوجه إلى المحل وأغلقه بالشمع الأحمر وحرر له محضراً بذلك ونبه عليه بعدم فتح محله الذي كان يحتوي على آثار كثيرة العدد. وأن اللجنة المشكلة لجرد المحل قدمت تقريرها في 9/ 11/ 1967 وثابت به أن بالمحل قطعاً أثرية كثيرة العدد وأن هناك قطعاً أكثر من القطع المسجلة بما يساوي 126 جنيهاً وأن المتهم لم يدفع الاتهام المسند إليه بأي دفع أو دفاع ومن ثم فإن الاتهام المسند إليه يكون صحيحاً متكامل الأركان كاملاً ثابتاً قبله من المحضر المؤرخ 1/ 5/ 1964 ومن عدم دفعه الاتهام بأي دفاع وخلص الحكم من ذلك إلى إدانته بجريمة الاتجار في الآثار. لما كان ذلك، وكان يبن من الاطلاع على محاضر جلسات المحكمة بدرجتيها أن المدافع عن الطاعن نازع في توافر أركان جريمة الاتجار في الآثار وقرر أنه أعد المحل انتظاراً لصدور ترخيص استغلال الآثار الذي طلبه من مصلحة الآثار وأن الآثار التي يحوزها سبق تسجيلها ولا زالت باقية بكاملها وقد جردت بمعرفة لجنة من المصلحة. لما كان ذلك، وكان مناط التأثيم في جريمة الاتجار في الآثار طبقاً للمادتين 24 و30/ 7 من القانون رقم 215 لسنة 1951 هو ثبوت مزاولة الاتجار بالفعل في الآثار بغير ترخيص، وكان ما أثاره الطاعن من منازعة في الاتجار في الآثار استناداً إلى أن الآثار التي يحوزها سبق تسجيلها ولا زالت باقية بكاملها من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين على محكمة الموضوع أن تحققها أو ترد عليها بأسباب سائغة أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع ولا يغني في ذلك استناد الحكم - وهو بصدد تحصيل واقعة الدعوى - إلى ما أرسله محرر المحضر في أقواله من أن تحرياته دلت على أن الطاعن يتجر في الآثار ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأي غيره، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة، ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها باتجار الطاعن في الآثار على رأي محرر المحضر. فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها" لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.