أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 557

جلسة 12 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، وعثمان رمزي، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(69)
طعن رقم 105 سنة 24 ق

أ - مسئولية. حكم "تسبيب معيب". دفاع. تمسك المضرور بأن المقاول الذي عهد إليه المالك يجهل أصول المقاولة. عدم الرد على هذا الدفاع. قصور.
ب - نقض "إعلان الطعن". عدم إعلان أحد المطعون عليهم بالطعن في دعوى لا يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. بطلان الطعن بطلاناً لا يمتد إلى من أعلن بالطعن من المطعون عليهم.
1 - إنه وإن كان الأصل في القانون أن المسئولية شخصية إلا أن حالة مسئولية المتبوع عن خطأ تابعه ليست هي الاستثناء الوحيد الذي يرد على هذا الأصل بل يرد عليه أيضاً مسئولية رب العمل عن خطأ المقاول إذا كان هذا الأخير يعمل بتوجيهه وتحت إشرافه المباشر - على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - كما يرد عليه أيضاً حالة رب العمل الذي يسيء اختيار المقاول فيعهد بالعمل إلى مقاول جاهل بأصول مهنة المقاولة والفارق بين مسئولية المالك في هذا الصدد ومسئولية المتبوع أن سوء الاختيار في الحالة الأولى يجب على المدعى إثباته وفي الحالة الأخرى هو مفترض قانوناً افتراضاً لا سبيل لدحضه. فإذا كان المضرور قد تمسك في دفاعه بأن المقاول الذي عهد إليه المالك يجهل أصول هذه المهنة ولم يتناول الحكم هذا الدفاع بما يصلح رداً عليه فإنه يكون قاصر التسبيب مخالفاً للقانون.
2 - إن بطلان الطعن بالنسبة لمن لم يعلن من المطعون عليهم لا يتعدى أثره إلى من أعلن منهم بالطعن متى كانت الدعوى ليست من الدعاوى التي يوجب فيها القانون اختصام خصوم معينين ولا تربط المطعون عليه الذي لم يعلن بالطاعن صلة يتأثر بها طعنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين رفعوا الدعوى رقم 3026 سنة 1948 كلي القاهرة على المطعون عليه الأول طالبين الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 2750 جنيهاً ... وقالوا شرحاً لدعواهم إن المرحوم إسماعيل سعد خليفة وأختيه الطاعنتين الأولى والثانية - كانوا يملكون منزلاً مكوناً من أربعة طوابق قائمة على مساحة 115 متراً مربوطاً عليه عوائد أملاك مقدارها 8 جنيهات و450 مليماً ويملك المطعون عليه الأول قطعة أرض مجاورة للمنزل من الجهة الشرقية وهي مسورة بحوائط قام بهدمها. وفي يوم 7 من أغسطس سنة 1947 أجرى حفراً في الجهة الشرقية من أرضه إلى جوار جدار وأساس المنزل وقد عهد بهذا العمل إلى عمال عديدين قاموا بإنجاز العمل في فترة وجيزة حتى صارت الحفرات متسعة وعميقة كل ذلك دون إخطار الملاك المجاورين للأرض حتى يتخذوا الحيطة وقد ترتب على ذلك أن انقض منزل المدعين - الطاعنين - وذهب ضحيته المرحوم إسماعيل سعد خليفة والد القصر المشمولين بوصاية الطاعنة الرابعة وزوجته والدتهم وآخرون فرفع الطاعنون الدعوى المستعجلة رقم 3353 سنة 1947 لإثبات حالة منزلهم وما تم في أرض المدعى عليه وبيان سبب سقوط المنزل وتقدير ما أصابهم من ضرر بسبب ذلك فندبت المحكمة خبيراً قدم تقريراً انتهى فيه إلى مسئولية المدعى عليه وقدر ما أصابهم من ضرر بسبب هدم المنزل وتلف ما كان به من منقولات بمبلغ 537 جنيهاً وقد قدر المدعون ما أصابهم من ضرر بمبلغ 2750 جنيهاً من ذلك مبلغ 1500 جنيه قيمة المباني على أساس قيمة الفوائد مضروبة في 180 نصفه للأختين والنصف الآخر للقصر - كان الطاعن الثالث من بينهم وقتئذ ثم بلغ سن الرشد - يضاف إلى ذلك مبلغ 250 جنيهاً قيمة ما تلف من أثاث للقصر ومبلغ 1000 جنيه تعويضاً لهم عن فقد والدهم وجملة ذلك هو مبلغ 2750 جنيهاً وهو ما طلبوا الحكم لهم به - وجه المدعى عليه دعوى الضمان إلى المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين طالباً الحكم أصلياً بإخراجه من الدعوى أو رفضها قبله واحتياطياً إلزام المدعى عليهم في دعوى الضمان متضامنين بطلبات المدعين في الدعوى الأصلية - الطاعنين - ومن قبيل الاحتياط الكلي إلزامهم متضامنين بما يقضي به لهم، وقد استند في توجيه دعوى الضمان إلى أنه قد عهد إلى الأول من الضمان بضمان وتضامن الثاني منهم - المطعون عليهما الثاني والثالث - بإقامة مبان على الأرض المجاورة لمنزل الطاعنين بموجب اتفاق نص فيه على تعهد الأول منهم بالمحافظة على مباني الجيران دون مسئولية عليه هو باعتباره مالكاً، أما الثالث من الضمان - المطعون عليه الرابع - فهو مقاول من باطن المقاول الأصلي وهو الأول منهم. قضى في 8 من ديسمبر سنة 1952 - أولاً - في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه بأن يدفع إلى المدعين مبلغ 1355 جنيهاً ... وثانياً - وفي دعوى الضمان إلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا إلى المدعى مبلغ 1355 جنيهاً. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 410 سنة 70 ق استئناف القاهرة، وفي 17 من يناير سنة 1954 قضى في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهم الأربعة الأول - الطاعنين - بالمصروفات ... فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 29 من مايو سنة 1958 وفي هذه الجلسة صممت النيابة على طلباتها.
وحيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثالث لعدم إعلانه بتقرير الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، إذ يبين من الاطلاع على ورقة إعلان الطعن أن الطاعنين أعلنوا به المطعون عليهم جميعاً عدا المطعون عليه الثالث، ولما كانت المادة 431 من قانون المرافعات تنص على أنه يجب على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجهت إليهم في الدعوى، وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة ببطلانه من تلقاء نفسها، لما كان ذلك، وكان هذا البطلان لا يتعدى أثره إلى من أعلن بالطعن من المطعون عليهم إذ ليست الدعوى من الدعاوى التي يوجب فيها القانون اختصام خصوم معينين ... كما أن المطعون عليه الثالث الذي لم يعلن لا تربطه بالطاعنين صلة يتأثر بها طعنهم، لما كان ذلك كله فإنه يتعين قبول الدفع.
وحيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث والوجه الأول من السبب الأول خطأه في تطبيق القانون وقصور أسبابه، ذلك أنهم تمسكوا في دفاعهم بأن المطعون عليه الأول هو المسئول أمامهم مباشرة إذ أنه بوصفه مالكاً للعقار المجاور جاء بأشخاص لا خبرة لهم بأعمال المقاولات إذ هم من فئة الكتبة العموميين فأخذوا يهدمون ويحفرون وشرعوا في العمل دون الحصول على ترخيص من السلطات الرسمية ودون أن يتخذوا الاحتياطات الواجبة لدرء الخطر عن منزلهم المجاور أو يخطروا مالك هذا البناء لاتخاذ الاحتياطات بنفسه وأن طريقة هؤلاء الأشخاص في الحفر دلت على جهلهم التام بهذه الأعمال وقد نبههم بعض الجيران إلى الخطر الذي يهدد المنزل المجاور أي منزل الطاعنين فلم يعبأوا، يقول الطاعنون أنهم تمسكوا بهذا الدفاع فكان رد الحكم عليه أن الأصل في أحكام المسئولية أنها شخصية لا يتعدى أثرها إلى الغير إلا في حالة واحدة هي مسئولية المتبوع عن أخطاء تابعه والمقاول لا يعتبر تابعاً لمالك العقار، ولما كان ما ذهب إليه الحكم لا يصلح رداً على دفاع الطاعنين الذي تمسكوا به فضلاً عن أنه لا يتفق وحكم القانون فإنه يكون معيباً بعيب موجب لنقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في صدد ما ينعاه الطاعنون على قوله: "وحيث إن محكمة أول درجة بنت مساءلة المستأنف - المطعون عليه الأول - على سببين الأول أنه المالك للعقار المجاور الثاني أنه كلف المقاول بإجراء الحفر والبناء فهو الذي اختاره فوقعت إصابة المضرورين نتيجة لإساءة الاختيار التي اقترفها ... وحيث إنه عن السبب الثاني المبني على أن المستأنف كمالك هو الذي كلف المقاول بالعمل وأساء اختياره - هذه المسئولية التي تتعدى إلى غير من أحدث الضرر لا قيام لها قانوناً إلا في حالة واحدة وهي الخاصة بمسئولية السيد عن أعمال خدمه فيما يقع منهم من الخطأ أثناء تأديتهم أعمال وظيفتهم - وهذه هي الحالة الوحيدة التي يفترض فيها القانون قيام المسئولية دواماً ولا جدال في أن المقاول لا يعتبر تابعاً أو خادماً عند مالك العقار...".
وحيث إن هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه بعيد عن ميدان المجادلة بين الطاعنين والمطعون عليهم ولا يصلح رداً على الدفاع الذي تمسك به الطاعنون ومقتضاه - على ما هو ظاهر من صورة مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف - أن مسئولية المطعون عليه الأول تقوم على أساس أنه أساء اختيار المقاولين - باقي المطعون عليهم - إذ هم من فئة الكتبة العموميين ولو فرض في الجدل أنهم اعتزلوا مهنة الكتبة العموميين واشتغلوا بأعمال المقاولة فإن المطعون عليه الأول قد أساء اختيارهم، وظاهر في هذا الدفاع أن الطاعنين كانوا يتمسكون بأن أساس مسئولية المطعون عليه الأول أنه أساء اختيار المقاولين الذين عهد إليهم بالعمل فقول الحكم المطعون فيه إن المطعون عليه الأول غير مسئول عن خطأ المقاولين لأنهم ليسوا تابعين له وخطأهم لا يتعدى أثره إليه فلا يسأل عنه قول لا يدفع حجة الطاعنين ذلك أنه وإن كان الأصل في القانون أن المسئولية شخصية إلا أن حالة مسئولية المتبوع عن خطأ تابعه ليست هي الاستثناء الوحيد الذي يرد على هذا الأصل بل يرد عليه أيضاً مسئولية رب العمل عن خطأ المقاول إذا كان هذا الأخير يعمل بتوجيهه وتحت إشرافه المباشر - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - كما يرد عليه أيضاً حالة رب العمل الذي يسيء اختيار المقاول فيعهد بالعمل إلى مقاول جاهل بأصول مهنة المقاولة والفارق بين مسئولية المالك في هذا الصدد ومسئولية المتبوع أن سوء الاختيار في الحالة الأولى يجب على المدعى إثباته وفي الحالة الأخرى هو مفترض قانوناً افتراضاً لا سبيل لدحضه، لما كان ذلك وكان الطاعنون قد تمسكوا في دفاعهم بأن المقاولين الذين عهد إليهم المطعون عليه الأول وهم المطعون عليهم الثلاثة الأخيرون يجهلون أصول هذه المهنة. ولم يتناول الحكم هذا الدفاع بما يصلح رداً عليه فإنه يكون قاصر التسبيب مخالفاً للقانون مما يوجب نقضه دون حاجة إلى البحث في باقي أسباب .