أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 579

جلسة 26 من فبراير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل، وإسحاق عبد السيد المستشارين.

(188)
القضية رقم 2447 سنة 24 القضائية

دفاع شرعي. عدم تناسب فعل الدفاع مع فعل الاعتداء. متى ينظر إليه؟
إن عدم تناسب فعل الدفاع مع فعل الاعتداء لا ينظر إليه إلا عند تقدير ما إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي زادت على الحد الضروري أو لم تزد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل فتحي غازي حسن عمداً وذلك بأن طعنه بآلة حادة في خاصرته اليسرى قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات. فأحالته إليها بتاريخ 19 من فبراير سنة 1953 لمحاكمته بالمادتين سالفتى الذكر. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات كفر الشيخ تنازل الحاضر عن شقيقي المجني عليه عن الدعوى المدنية لحصول الصلح بين الطرفين. والمحكمة المذكورة قضت فيها حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. أولاً ـ بإثبات تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية وألزمته بمصاريفها. وثانياً ـ بمعاقبة المتهم حنفي إسماعيل محمد يوسف بالسجن لمدة خمس سنين وذلك على اعتبار أنه ضرب المجني عليه بسكين ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الطاعن تمسك أمام المحكمة بأنه كان في حالة دفاع شرعي ومع أنها سلمت في حكمها بحصول الاعتداء عليه وأثبت التقرير الطبي تعدد الإصابات به إلا أنها نفت قيام حالة الدفاع الشرعي واستندت في ذلك إلى ما لا يصلح رداً على دفاعه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى واستعرض أدلتها ثم أورد دفاع الطاعن فقال "وحيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه وقرر أن المجني عليه كان يعمل كحولي أنفار لمقاومة دودة القطن بزراعته وحصلت بينهما مشادة بسبب ما نسبه المتهم للمجني عليه من إهمال في عمل المقاومة ـ وقيل بأن المتهم ضربه بقطعة طوب بسبب ذلك ـ وانصرف من الحقل قبل مواعيد الانصراف وحوالي الغروب أثناء عودته للبلد وجد المجني عليه مع بعض أقاربه في انتظاره واعتدوا عليه فأراد أن يدافع عن نفسه فأخرج مطواة كانت بجيبه وأمسكها بيده ولما عاد إلى البلدة علم أن المطواة أصابت المجني عليه وقال إن السيد أبو الفتوح ضربه بعصا على يده اليسرى وعبد العزيز أبو الفتوح ضربه بالعصا على كتفه الأيسر أيضاً وسعد عطية ضربه بقبضة اليد ونفى عن نفسه نية سبق الإصرار ونية القتل وادعى أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه واستشهد على أقواله بشهود نفى سمعوا في التحقيق فأيده بعضهم في روايته وشهد بعضهم بأنه رأى المتهم يضرب المجني عليه بالمطواة في جنبه الأيسر وقال المتهم بأن المجني عليه كان يحمل آلة حادة "شقرف" ضربه بها على كتفه مما دعاه إلى استعمال المطواة واستند إلى الكشف الطبي عليه الذي أثبت وجود سجح رضي بأسفل الساعد الأيسر وكدمات رضية بالظهر ". ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي ورد عليه بقوله" أما ما يقال من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي فينفيه أن واقعة تربص المجني عليه وأقاربه للمتهم في الطريق لم تثبت كما لم يثبت أن المجني عليه اعتدى على المتهم اعتداء يبرر اعتداء المتهم على المجني عليه وعليه فالقول بقيام حالة الدفاع قول في غير محله"، ولما كان يبين مما تقدم أن الحكم استند في نفى حالة الدفاع الشرعي إلى أن واقعة تربص المجني عليه وأقاربه للطاعن في الطريق لم تثبت كما أنه لم يثبت أن المجني عليه اعتدى على الطاعن اعتداء يبرر اعتداء الطاعن عليه، وكان ما ذكره الحكم من ذلك لا يصلح رداً لنفى حالة الدفاع الشرعي إذ ثبوت عدم التربص لا ينفى وجود المجني عليه وأقاربه وقت حصول الاعتداء كما أن بساطة الإصابات التي حصلت بالطاعن نتيجة اعتداء المجني عليه لا تنفى أن المجني عليه هو الذي كان البادئ بالعدوان ـ لما كان ذلك ـ وكان عدم تناسب فعل الدفاع مع فعل الاعتداء لا ينظر إليه إلا عند تقدير ما إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي زادت على الحد الضروري أو لم تزد عليه، فإن الحكم إذ نفى قيام حالة الدفاع الشرعي لما ذكره من أسباب يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.