أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 579

جلسة 19 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(72)
طعن رقم 194 سنة 24 ق

( أ ) اختصاص. أعمال إدارية. حجز إداري. ضرائب. رفع الدعوى بعدم أحقية الحكومة في مطالبة إحدى الشركات التي تملك داراً للسينما بفروق ضريبة الملاهي وببطلان الحجز الإداري المتوقع من أجلها. اختصاص المحاكم بالفصل في هذه الدعوى.
(ب) نقض "الخصوم في الطعن" . شركات. الغرض من ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم في تقرير الطعن. كفاية كل بيان من شأنه تحقيق هذا الغرض. مثال. م 429 مرافعات.
1 - متى تبين أن الدعوى رفعت من إحدى الشركات التي تملك داراً للسينما تطلب فيها الحكم بعدم أحقية الحكومة في مطالبتها بفروق ضريبة الملاهي وببطلان الحجز الإداري المتوقع ضدها فإنه سواء كان النزاع قاصراً على البت في مسئولية الشركة والتزامها بدفع فروق ضريبة كان عليها أن تحصلها من الرواد بمقتضى القانون الخاص بضريبة الملاهي أو كان الخلاف يدور حول تفسير قانون فرض الرسوم البلدية والمرسوم المنظم لأحكامه للفصل فيما إذا كان تحصيل تلك الرسوم من الجمهور يعد أو لا يعد زيادة على الثمن الأصلي ليستوجب أو لا يستوجب اقتضاء فروق الضريبة المنبه على الشركة بسدادها فإن تعرض جهة المحاكم للفصل في طلب الشركة المذكورة عدم أحقية الحكومة في اقتضاء تلك الفروق وعدم الاعتداد بالحجز الإداري المتوقع من أجلها لا ينطوي على مساس بوعاء الضريبة أو بأي عمل إداري مما يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله ويكون هذا النزاع مما يدخل في ولاية القضاء العام.
2 - الغرض من ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم في تقرير الطعن إنما هو إعلام ذوي الشأن بمن رفع الطعن علماً كافياً وكل تبيان من شأن أن يعني بذلك يتحقق به هذا الغرض متى كانت عبارة الطعن تنم عن صفته المختصم بها أو كان مشاراً في أسباب الطعن إلى موضوع النزاع أو صرح الطاعن بهذه الصفة في مذكرته الشارحة. وعلى ذلك فإذا تبين من مطالعة أوراق الطعن أن الطاعن كان ماثلاً في الدعويين الابتدائية والاستئنافية باعتباره ممثلاً للشركة المسماة باسمه وشركاه وبصفته مديراً لها وأنه أصدر توكيل الطعن إلى محاميه وأششار في تقرير طعنه إلى موضوع النزاع مما يكشف عن قصده الطعن في الحكم المطعون فيه والصادر عليه بصفته المذكورة ويجعل هذا البيان كافياً لتحقيق الغرض الذي قصده الشارع في المادتين 429 مرافعات و15 من قانون إنشاء محكمة النقض فإنه لا يكون تمت محل للدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة باعتبار أن الطعن مرفوع من الطاعن بصفته مديراً للشركة لا بصفته ممثلاً لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذا الطعن - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أنه تبين لمصلحة الأموال المقررة عند مراجعتها لحساب الشركة صاحبة سينما ريالتو بمدينة بور سعيد وجود أخطاء في الضريبة المدفوعة منها عن المدة من 25 من أبريل سنة 1946 إلى 5 من مايو سنة 1948 كضريبة ملاهي طبقاً للقانون 85 سنة 1933 رتبت عليها المصلحة استحقاقها لفروق بلغ مجموعها 987 جنيهاً، 896 مليماً وأوقعت من أجلها في 26 من يوليه سنة 1948 حجزاً إدارياً على ما يوجد بالسينما من آلات ومنقولات فقامت الشركة المالكة برفع دعوى موضوعية طلبت فيها الحكم بعدم أحقية الحكومة في مطالبتها بفرق الضريبة وببطلان الحجز الإداري المتوقع ضدها - وأردفتها بأخرى تطلب فيها من قاضي الأمور المستعجلة إيقاف بيع الأشياء المحجوزة حتى يفصل في الدعوى الأولى التي لم تكن قيدتها فلما قضى لها بإيقاف البيع قامت وزارة المالية بقيد الدعوى الموضوعية طالبة الحكم بعدم اختصاص المحاكم بنظرها واحتياطياً برفضها وقالت الحكومة المدعى عليها في بيان هذا الدفع إن القانون رقم 85 سنة 1933 يفرض على أصحاب دور الملاهي أن يحصلوا من الجمهور لحسابها عن كل تذكرة دخول ضريبة تتفاوت فئتها تبعاً لثمن التذكرة الأصلي حسب الجدول المرفق بالقانون. وأنه صدر بعد ذلك القانون رقم 145 سنة 1944 الخاص بنظام المجالس البلدية والقروية يجيز لتلك المجالس أن تفرض بدورها رسوماً على دور الملاهي الداخلة في دائرة اختصاصها وترك هذا القانون تعيين القواعد الخاصة بتحديد أساس تلك الرسوم وكيفية ربطها وطريقة التظلم منها إلى مرسوم لاحق صدر في 30 من أكتوبر سنة 1945. ونص في المادة الثالثة منه على أن: "يكون تحديد الرسوم على الملاهي على أساس نسبة مئوية من الثمن الأصلي لتذاكر الدخول ولو كان صرفها بالمجان أو بثمن مخفض". واستطردت الوزارة تقول إنه على خلاف الحال بالنسبة لضريبة الملاهي فإن صيغة هذا النص تضع عبء الرسوم البلدية على أصحاب تلك الدور دون الجمهور وأنه عندما صدر في 25 من أبريل سنة 1946 قرار وزير الصحة باقتضاء رسم بلدي من دور الملاهي بمدينة بور سعيد تنفيذاً للقانون والمرسوم سالفى الذكر أضافت الشركة المدعية مقابل هذا الرسم البلدي وقدره عشرة في المائة إلى ثمن التذكرة الأصلي وحصلته من الرواد فلم يقف أثر هذه الإضافة عند حد تحميل الجمهور بها بل ارتفع بذلك ثمن التذكرة الأصلي وارتفعت تبعاً له فئة ضريبة الملاهي المستحقة لوزارة المالية مما أدى إلى وجود تلك الفروق التي طالبت بها الشركة وأوقعت من أجلها الحجز الإداري طبقاً للأمر العالي الصادر في 25 من مارس سنة 1880 - ثم انتهت وزارة المالية إلى القول بأن القرار الصادر منها باستحقاق الخزانة هذه الضريبة - هو قرار صدر من السلطة المختصة بربط الضرائب وأنه بصدوره متفقاً والقانون واللوائح قد اكتسب حصانة يمتنع بها على المحاكم أن تعقب عليه أو أن تلغيه أو تؤوله أو توقف تنفيذه وأن الأمر الصادر منها بتحصيله من الشركة المدعية وما تبعه من إجراءات وحجز إداري هو بدوره أيضاً تصرف إداري صدر من سلطة مختصة فتكون منازعة الشركة المدعية بالتالي في صحة هذا الحجز وطلب إلغائه خارجة عن نطاق ولاية المحاكم القضائية. هذا بينما قام دفاع الشركة على أنها لا تنازع في الضريبة نفسها ولا في وعائها ولا في ربطها وإنما نزاعها قاصر على عدم مديونيتها بأداء تلك الفروق إذا أخطأت المصلحة في تكليفها بتحصيل مبالغ أقل مما هو مستحق للجمهور فإن كان ثمة خطأ في تحديد قيمة الضريبة عن التذكرة أو فروق يجب تحصيلها فلا الشركة مسئولة عن الخطأ ولا هي المدينة بتلك الفروق إلا أن محكمة الدرجة الأولى قبلت الدفع وذهبت في قضائها بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى إلى القول بأن الخلاف على هذه الصورة يتناول وعاء ضريبة الملاهي وينطوي على المنازعة في فئتها وفي أساس الالتزام فهو على هذا النحو يخرج عن نطاق ولاية المحاكم لأن المحافظة على تحصيل فروق الضريبة وتوقيع الحجز الإداري توصلاً لهذا الغرض هو أمر إداري لا تستطيع المحكمة التعرض له بالتأويل أو بالتعطيل طبقاً لأحكام المادتين 15 من لائحة ترتيب المحاكم و18 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949. فاستأنفت الشركة هذا الحكم قائلة إن الحجز الإداري ليس من الأعمال التي تمارسها السلطة الإدارية بصفتها صاحبة ولاية عامة وأن الأوامر الإدارية التي تقع مخالفة للقانون تعتبر من أعمال التعدي وأنه يجب التمييز بين الأمر الإداري وبين وسيلة تنفيذه طالما أن المتظلم من الأمر لم يطعن في جوهره. فقضت محكمة استئناف المنصورة بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف. وفي 27 من مايو سنة 1954 طعن الدكتور حامد زكي المحامي عن "كوستا يوانوبن بول يوانو مدير سينما ريالتو ببور سعيد" في هذا الحكم بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فصممت النيابة العمومية على ما جاء بمذكرتها وطلبت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لأنه مرجح نقضه فصدر قرار دائرة الفحص بالإحالة في 9/ 4/ 1958.
وحيث إن المطعون ضدها دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة باعتبار أن الدعوى رفعت أصلاً من "شركة كوستا يوانو وشركاه" صاحبة سينما ريالتو ببور سعيد وممثلة في شخص مديرها كوستا يوانو بينما الطعن مرفوع من كوستا يوانو بصفته مدير السينما لا بصفته ممثلاً للشركة وأنه لا شأنه لرافعه - مدير السينما - بهذا النزاع.
وحيث إنه لما كان الغرض من ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم في تقرير الطعن إنما هو إعلام ذوي الشأن بمن رفع الطعن علماً كافياً فإن كل تبيان من شأنه أن يعني بذلك يتحقق به هذا الغرض متى كانت عبارة الطعن تنم عن صفة المختصم بها أو كان مشاراً في أسباب الطعن إلى موضوع النزاع أو صرح الطاعن بهذه الصفة في مذكرته الشارحة. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة أوراق الطعن أن الطاعن كان ماثلاً في الدعويين الابتدائية والاستئنافية باعتباره ممثلاً للشركة المسماة باسمه وشركاه وبصفته مديراً لها وقد أصدر توكيل الطعن إلى محاميه وأشار في تقرير طعنه إلى موضوع النزاع مما يكشف عن قصده الطعن في الحكم المطعون فيه والصادر عليه بصفته المذكورة ويجعل هذا البيان كافياً لتحقيق الغرض الذي قصده الشارع في المادتين 429 مرافعات و15 من قانون إنشاء محكمة النقض فإن الدفع يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة المادة 18 فقرة ثانية من قانون نظام القضاء والمواد 4 و12 و13 من القانون رقم 85 سنة 1933 فضلاً عن التناقض بين منطوق هذا الحكم وأسبابه. وقال الطاعن في بيان ذلك إن المطالبة الموجهة إليه بدفع فروق ضريبة الملاهي عن فترة سابقة مع ما تنطوي عليه من أثر رجعي لا يمكن اعتبارها أمراً إدارياً أصدرته مصلحة الأموال المقررة بناءً على سلطانها الإداري. كما لا يمكن اعتبار الأمر الذي أصدره مدير تلك المصلحة إلى موظفيه بإجراء تلك المطالبة لتحصيل الفروق وبتوقيع الحجز الإداري عند الامتناع أكثر من مجرد ممارسته للنشاط التنظيمي داخل المصلحة في سبيل القيام بواجبها. وهي ممارسة بعيدة عن وصف الأمر الإداري الملزم الذي تصدره جهة الإدارة بوصفها سلطة عامة والذي لا يقبل الطعن عليه بغير طريق الإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري. فيمتنع على محاكم القضاء العام تأويله أو إيقاف تنفيذه. لأن مجرد المطالبة بدفع فروق ضريبة لا تنشئ أمراً إدارياً جديراً بالتمتع بالحصانة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون نظام القضاء ويكون الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد خالف هذا النص وأخطأ في تأويله وتطبيقه إذ ساير الحكم الابتدائي فقضى "بأن أمر مصلحة الأموال المقررة بربط هذا المبلغ باعتباره فرق الضريبة المستحقة لها من دار السينما قبل المستأنف إنما هو أمر إداري صدر من جهة مختصة بربط الضريبة" ثم لم يقف الحكم عند حد هذا التطبيق الخاطئ بل فرق في المعاملة بين الأمر الإداري المطابق للقانون والأمر المخالف للقانون، إن كان الأول فلا تتعرض له المحاكم وإن كان الثاني قضت بالتعويض عن الضرر. وعلى هدى هذا التمييز بحث الحكم المطعون فيه قانونية الحجز والمطالبة التي أسماها ربط الضريبة فقال بأنها "في حدود القانون رقم 85 سنة 1933 ووفقاً لنصوصه كما أن الحجز الإداري موضوع النزاع قد توقع من الحكومة وفاء لهذا المبلغ طبقاً للمادة 12 من القانون المذكور على أموال مدينها المستغل لدار السينما والملزم بمقتضى تلك المادة بسداد العجز فيما يستحق للحكومة من ضريبة الملاهي". وفات الحكم أن فرق الضريبة المطالب به ليس من نوع العجز الوارد في المادة 12 المذكورة الذي يبيح توقيع الحجز الإداري المشار إليه في المادة 13 من نفس القانون. كما أن تعرض الحكم في أسبابه للفصل على هذه الصورة في مديونية الطاعن بفرق الضريبة وفي صحة الحجز الإداري يتناقض مع ما انتهى إليه في منطوقه من عدم الاختصاص بنظر الدعوى. فضلاً عما تضمنته أسبابه أيضاً من مسخ لواقعة هامة إذ أسند إلى الطاعن أنه لم ينازع في مقدار هذا الفرق مع أنه نازع في التزامه بدفع هذا الفرق برمته بالغاً ما بلغ لأن الملزم بدفعه طبقاً لقانون 85 سنة 1933 هو الجمهور.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سرد وقائع الدعوى حصل دفاع الطاعن بما مؤداه أنه طبع تذاكر الدخول لدار السينما مبيناً عليها ثمن التذكرة الأصلي وأضاف إليها الرسوم البلدية وضريبة الملاهي فكانت هذه المبالغ تحصل جميعها من رواد الدار تحت إشراف المراقبين الحكوميين الذين كانوا يدمغون التذكرة قبل التصرف فيها بالبيع وأن الطاعن كان يورد الضريبة حسب البيان الوارد في التذاكر دون اعتراض من أحد عليه طوال هذه المدة وأنه إن كان في ذلك خطأ فقد أقرته الجهات الرسمية وإن استحال الآن تحصيل فروق الضريبة المدعى بها من الرواد فهو غير مسئول عن تلك النتيجة لأنه لم يكن إلا وكيلاً عن الحكومة في تحصيل ما اعتمده مندوبوها وكلفوه بتحصيله وأن الطاعن لا ينازع فيما قررته قوانين الضرائب ولا يعارض في الضريبة ولا يمانع في تحصيلها. ولكن على أن يتم التحصيل من الملزمين بها. أما هو فهو غير ملزم قانوناً بتلك الضريبة. ومن ثم يكون الحجز المتوقع عليه باطلاً لأنه ليس مديناً بالمبلغ المتوقع من أجله.
وحيث إنه يبين أيضاً من الحكم المطعون فيه أن وزارة المالية لم تنازع بدورها فيما نصت عليه المادة الثانية من قانون 85 سنة 1933 الخاص بضريبة الملاهي من وجوب تحصيل تلك الضريبة من الجمهور بواسطة مستغلي المسارح مع أجرة الدخول. وأن دعواها التزام الطاعن بها الآن تقوم على أن تحصيله الرسم البلدي من جمهور الرواد ينطوي على زيادة في ثمن الدخول واجب مراعاتها عند احتساب الفئة المقررة لضريبة الملاهي.
وحيث إنه سواء كان النزاع على هذه الصورة قاصراً على البت في مسئولية الطاعن والتزامه بدفع فروق ضريبة كان عليه أن يحصلها من الرواد بمقتضى القانون الخاص بضريبة الملاهي أو كان الخلاف يدور حول تفسير قانون فرض الرسوم البلدية والمرسوم المنظم لأحكامه للفصل فيما إذا كان تحصيل تلك الرسوم من الجمهور كما فعل الطاعن - يعدّ أو لا يعدّ زيادة على الثمن الأصلي ليستوجب أو لا يستوجب اقتضاء فروق الضريبة المنبه على الطاعن بسدادها. فإن تعرض جهة المحاكم للفصل في طلب الشركة صاحبة السينما عدم أحقية الحكومة في اقتضاء تلك الفروق وعدم الاعتداد بالحجز الإداري المتوقع من أجلها لا ينطوي على مساس بوعاء الضريبة أو بأي عمل إداري مما يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله. لأن الأمر الإداري الذي يمتنع بهذه الحصانة هو الأمر الفردي الذي تصدره جهة الحكومة في سبيل المصلحة العامة. وفي حدود القانون بصفتها صاحبة السلطة العامة أو السيادة العليا. بل إنه لا يحول دون اختصاص محاكم القضاء العام وجوب التصدي للفصل في مشروعية إحدى اللوائح أو تفسير ما غمض من نصوصها لأن المادة 18 من قانون نظام القضاء المقابلة للمادة 15 من لائحة الترتيب والتي تخرج من ولاية المحاكم وقف الأمر الإداري أو تأويله أو إلغائه إنما تشير إلى الأمر الإداري الفردي دون الأمر الإداري العام الذي يتضمن قواعد تنظيمية عامة وملزمة لتسري على عدد غير محدود من الأفراد.
وحيث إنه لما كان ما تقدم وكانت أعمال السلطة التنفيذية الشبيهة بأعمال الأفراد. وهي الأعمال التي تجريها الحكومة في إدارة أموالها. تعتبر من وسائل التنفيذ. ومنها ما عهد به المشرع في أحوال معينة إلى مندوب السلطة الإدارية بدلاً من قلم المحضرين. وفقاً لنظام خاص يسهل على الحكومة تحصيل ما يتأخر لها لدى الأفراد من أموال. فإنه مما يدخل في ولاية المحاكم التعرض للحجز الإداري بالإلغاء أو الإيقاف دون أن يؤثر في ذلك مبدأ الفصل بين السلطات.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم يكون النزاع في هذه الدعوى مما يدخل في ولاية محاكم القضاء العام. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الاستئناف رقم 81 تجاري سنة 3 ق المنصورة صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدفع وباختصاص المحاكم بنظر الدعوى.