أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 587

جلسة 19 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي المستشارين.

(73)
طعن رقم 237 سنة 24 ق

تسجيل. بيع "تزاحم المشترين". تمسك المشتري الثاني بأسبقيته في تسجيل صحيفة دعواه بصحة التعاقد على تسجيل صحيفة دعوى المشتري الآخر بصحة التعاقد والتأشير بالحكم الصادر فيها. إهدار الحكم لذلك. خطأ. قانون التسجيل 18 لسنة 1923.
تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد باعتبارها من دعاوى الاستحقاق الوارد ذكرها بالمادة السابعة من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 يحفظ لرافعها حقوقه من تاريخ حصول هذا التسجيل بحيث إنه متى تم الحكم له بطلباته فإن الحق الذي يقرره الحكم ينسحب إلى يوم تسجيل العريضة إذا كان قد تأشر بهذا الحكم طبقاً للقانون. فإذا كان الحكم قد جانب هذا النظر وأهدر ما تمسك به المشتري الثاني من أسبقيته في تسجيل صحيفة دعواه بصحة التعاقد على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد التي رفعها المشتري الآخر وأشر بالحكم الصادر فيها فإن الحكم يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 220 لسنة 1945 كلي مصر طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع ابتدائي مؤرخ 12 من أبريل سنة 1945 صادر إليه من المطعون عليه الثاني يتضمن شراءه 4 قراريط و16 سهماً شيوعاً في منزل واقع بدائرة قسم الموسكى مقابل ثمن مقداره 350 جنيه وكانت الحصة المبيعة قد آلت إلى البائع بطريق الميراث عن والده. ولما كان عقد تمليك مورثه مودعاً لدى زوجته المطعون عليها الأولى فقد أرسل إليها إنذاراً بتاريخ 28 من مايو سنة 1945 طلب إليها أن تسلمه هذا العقد ليتمكن من السير في إجراءات تسجيل عقد شرائه فردت عليه بإنذار في 3 من يونيه سنة 1945 حذرته فيه من السير في إجراءات التسجيل لأنها سبق أن اشترت الحصة المبيعة من المطعون عليه الثاني نفسه بمقتضى عقد مؤرخ 18 من مارس سنة 1945 فاضطر الطاعن إلى رفع هذه الدعوى وسجل عريضتها في 21 من يونيه سنة 1945 تحت رقم 4791، تدخلت المطعون عليها الأولى في الخصومة ودفعت الدعوى بأنها سبق أن اشترت الحصة المبيعة من البائع للطاعن في 18 من مارس سنة 1945 بعقد بيع ابتدائي رفعت بمقتضاه الدعوى رقم 1865 سنة 1945 مدني الموسكي وسجلت عريضتها في 21 من يونيه سنة 1945 برقم 4811 طالبة الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد فقضى لها بذلك وسجلت الحكم في 23 من فبراير سنة 1946 ومن ثم فعقدها يفضل عقد الطاعن، وفي 20 من مايو سنة 1952 قضى بصحة ونفاذ عقد الطاعن. فاستأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 822 سنة 69 ق استئناف القاهرة. وفي 20 من أبريل سنة 1954 قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. فطعن الطاعن في الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة لنظره بجلسة 5 من يونيه سنة 1958 وفي هذه الجلسة صممت النيابة على مذكرتها طالبة نقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لمخالفته لما تقضي به أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 15 من هذا القانون على أنه يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية، وقد قررت المادة 17 من هذا القانون الأثر الذي يترتب على تسجيل صحيفة الدعاوى فقالت إنه يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة 15 أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية، وإعمال هذه النصوص يقتضي اعتبار عقد الطاعن من أفضل من عقد المطعون عليها الأولى، ولكن الحكم المطعون فيه على الرغم من أخذه بها ذهب إلى عكس ما تقضي به وبذلك يكون مخطئاً في تفسير القانون وتطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن محكمة أول درجة كانت قد أقامت قضاءها بتفضيل عقد الطاعن على عقد المطعون عليها الأولى تأسيساً على أن أحكام قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 الذي يحكم واقعة الدعوى تقضي بأن تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد التي يرفعها المشتري تحفظ حقه من تاريخ حصول هذا التسجيل بحيث إنه متى حكم فيها لمصلحته وتأشر بهذا الحكم طبقاً للقانون فإن الحق الذي قرره الحكم ينسحب إلى يوم تسجيل صحيفة الدعوى دون أن يتأثر بما يصدر بعد ذلك من تصرفات، وقالت المحكمة إن الثابت من وقائع الدعوى أن الطاعن سجل صحيفة دعواه قبل أن تسجل المطعون عليها الأولى صحيفة دعواها ومن ثم فعقد شرائه يفضل عقدها وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا القضاء بقوله: "ومن حيث إن المحكمة الابتدائية فاتها أن العقد الصادر للمستأنفة - المطعون عليها الأولى - قد سجل فعلاً تبعاً للحكم الصادر بصحته ونفاذه، وأن نص المادة 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاصة بالشهر العقاري يرجع حجية الحكم إلى تاريخ صحيفة الدعوى وأن هذه الحجية لها أثرها قبل الجميع ما عدا الغير الذي كسب حقه قبل التأشير ولا يعتبر المستأنف - الطاعن - من الغير لأن عقده لم يسجل بعد وتاريخ عقده لاحق لتاريخ عقد المستأنفة فالنزاع ليس بين مشترين من بائع واحد يتمسك كل منها بعقد عرفي له ذات الحجية حتى يمكن أن يقال بفضل الأسبقية في التسجيل بتسجيل صحيفة دعواه بل أصبح بين مشتر سجل عقد البيع الصادر له فيكون حجة قبل الجميع ومشتر آخر لم يسجل العقد الصادر إليه ولا يقبل من هذا الأخير طلب تسجيل الحكم بصحة ونفاذ عقده لأن عقده أصبح غير ذي موضوع لانتقال الملكية فعلاً من البائع له بعد صدور الحكم بصحة العقد الأول وتسجيله وانتقال الملكية إلى المشتري الأول" وهذا الذي ذهب إليه الحكم غير صحيح في القانون ذلك أن القانون الذي يحكم واقعة الدعوى هو قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 كما قالت محكمة أول درجة وليس القانون رقم 114 لسنة 1946 الذي طبقه الحكم المطعون فيه غير أن هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم لا يؤثر على وجه النعي إذ أن أحكام القانونين واحدة في خصوص ما ينعاه الطاعن، وقد نصت المادة السابعة من القانون رقم 18 لسنة 1923 على أنه إذا لم يكن المحرر الأصلي قد سجل فإنه يجب تسجيل الدعاوى التي تقوم ضده سواء أكانت من دعاوى البطلان أم الفسخ... وكذا دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية فإنه يجب تسجيلها أو التأشير بها ثم بينت المادة 12 من هذا القانون أثر تسجيل صحف الدعاوى المذكورة فقالت: "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة السابعة أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ... ... ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها" ومفاد هذه النصوص أن تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد باعتبارها من دعاوى الاستحقاق الوارد ذكرها بالمادة السابعة من قانون التسجيل يحفظ لرافعها حقوقه من تاريخ حصول هذا التسجيل بحيث إنه متى تم الحكم بطلباته فإن الحق الذي يقرره الحكم ينسحب إلى يوم تسجيل العريضة إذا كان قد تأشر بهذا الحكم طبقاً للقانون، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر وأهدر ما تمسك به الطاعن من أسبقيته في تسجيل صحيفة دعواه فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى البحث في باقي أسباب الطعن.
وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما تقدم وللأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف يكون هذا الحكم في محله ويتعين تأيده.