أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 9 - صـ 639

جلسة 24 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(81)
طعن رقم 256 سنة 24 ق

- قانون "نشره بالجريدة الرسمية". استئناف. تحضير. دفاع. حكم "تسبيب معيب". القانون رقم 264 لسنة 1953 بتعديل بعض مواد قانون المرافعات بشأن تحضير القضايا أمام المحاكم الاستئنافية. هل افتراض العلم به يكون من تاريخ إدراجه في الجريدة الرسمية أم من تاريخ توزيع الجريدة فعلاً؟. م 405 مرافعات.
- إنه وإن كان القانون رقم 264 لسنة 1953 بتعديل بعض مواد قانون المرافعات بشأن تحضير القضايا أمام المحاكم الاستئنافية الصادر في 28 من مايو سنة 1953 والمدرج في الجريدة الرسمية في اليوم ذاته قد نظم إجراءات أوجب على الكافة اتباعها ابتداء من تاريخ العمل به ونص في المادة الثالثة منه على العمل بالقانون المذكور من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. إلا أن افتراض علم الكافة بالإجراءات التي أوجبها ذلك القانون مرهون بعدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض. فإذا كان المستأنف قد دفع بأنه قد استحال العلم بذلك القانون حتى تاريخ تقديمه لصحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب بمقولة إن الجريدة الرسمية التي نشر فيها ذلك القانون وإن كانت قد طبعت في 28 من مايو سنة 1953 إلا أنها لم توزع وتنشر فعلاً إلا بعد تاريخ تقديمه لصحيفة الاستئناف فالتفت الحكم عن تحقيق هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته قيماً على والده الدكتور محمد علي عرفه أقام الدعوى رقم 538 سنة 1951 كلي القاهرة على الطاعنات والمطعون عليهما الأخيرين طلب فيها الحكم بأحقيته لمبلغ 1587 ج و620 م المودع بدفاتر البريد الثلاثة المبينة أرقامها بالصحيفة بمكتب بريد مصر الجديدة باسم الطاعنات وإلزام من ينازع من الخصوم بالمصروفات. وفي 7 من أبريل سنة 1953 قضت المحكمة بطلبات المطعون عليه الأول. فاستأنفت الطاعنات هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 518 سنة 71 ق القاهرة ودفعن ربع الرسم عن صحيفة الاستئناف في 30 من مايو سنة 1953 وتم إعلان تلك الصحيفة للمطعون عليه الأول في 1 من يونيه سنة 1953. دفع المطعون عليه الأول ببطلان الاستئناف استناداً إلى أحكام القانون 264 سنة 1953 الذي صدر في 28 من مايو سنة 1953 ونشر في الجريدة الرسمية في نفس اليوم ونص فيه على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ردت الطاعنات على هذا الدفع بأن صحيفة الاستئناف أعدت في 28 من مايو سنة 1953 وأن قلم الكتاب استمهل قبول الرسم إلى يوم 30 من مايو سنة 1953 حيث قبل منهن ربع الرسم لأن الجريدة الرسمية التي نشر فيها ذلك القانون لم تكن قد وزعت فعلاً ولم يكن لدى قلم الكتاب ما يدل على صدور القانون ونشره - وفي 22 من مايو سنة 1954 قضت المحكمة ببطلان الاستئناف وأقامت قضاءها على أن دفاع الطاعنات لا يجدي أمام صراحة نص المادة الثالثة من القانون 264 سنة 1953 التي أوجبت العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية عدا الأحكام الخاصة بالاستئناف الذي يرفع بعد العمل به، وواضح أن الاستئناف في هذه الدعوى رفع في 30 من مايو سنة 1953 أي بعد العمل بالقانون المذكور - وأنه لا يعتد بدفاع الطاعنات في أن العبرة بتاريخ توزيع الجريدة الرسمية لا طبعها لأن المادة المشار إليها لا تحتمل هذا التأويل وإنما ينصب فقط على التاريخ الذي أدرج فيه القانون في الجريدة الرسمية. وأنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 405 مرافعات المعدلة بذلك القانون نصت على أن الاستئناف إذا لم يحصل على الوجه المشار إليها فيها كان باطلاً وتحكم المحكمة ببطلانه من تلقاء نفسها - فطعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض في 19 من يوليه سنة 1953 وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة بوجهة نظرها وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون في 30 من أبريل سنة 1958 وفيها صممت النيابة على رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 29 من مايو سنة 1958 ثم أجل نظره إلى جلسة 5 من يونيه سنة 1958 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات في السبب الأول على الحكم المطعون فيه قصور تسبيبه إذ أغفل واقعة اختلاف تاريخ طبع القانون رقم 264 سنة 1953 في الجريدة الرسمية عن تاريخ توزيعه وقلن في بيان ذلك أنهن تمسكن أمام محكمة الاستئناف بأن الجريدة الرسمية التي نشر فيها ذلك القانون وإن كانت قد طبعت في 28 من مايو سنة 1953 إلا أنها لم توزع من المطبعة إلا بعد حوالي ستة أيام فكان رد المحكمة قاصراً على القول بأن هذا الدفاع لا يجدي لأن العبرة بالتاريخ الذي يدرج فيه القانون في الجريدة الرسمية.
وحيث إن هذا النعي صحيح - ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان الاستئناف على ما أورده من: "أن الحاضر عن المستأنفات يبرر طريقة رفع الاستئناف على هذا النحو بأن الجريدة الرسمية التي نشر فيها القانون رقم 264 سنة 1953 وإن كان قد طبعت يوم 28 من مايو سنة 1953 إلا أنها لم توزع وتنشر فعلاً إلا بعد حوالي ستة أيام وأنه لغاية يوم 30 من مايو سنة 1953 وهو يوم دفع ربع الرسم على عريضة الاستئناف لم تكن الجريدة الرسمية قد وزعت فعلاً. وأن هذا القول لا يجدي أمام صراحة نص المادة الثالثة من القانون سالف الذكر التي أوجبت العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية عدا الأحكام الخاصة بالاستئناف فلا تسري إلا على الاستئناف الذي يرفع بعد العمل به. وواضح أن الاستئناف الحالي رفع يوم 30/ 5/ 1953 أي بعد العمل بالقانون المذكور ولا يعتد بقول الحاضر عن المستأنفات بأن العبرة بتاريخ توزيع الجريدة الرسمية لا طبعها إذ أن نص المادة المشار إليها لا يحتمل هذا التأويل وإنما ينصب فقط على التاريخ الذي يدرج فيه القانون بالجريدة الرسمية" ولما كان القانون رقم 264 سنة 1953 الصادر في 28 من مايو سنة 1953 والمدرج في الجريدة الرسمية في اليوم ذاته قد نظم إجراءات أوجب على الكافة إتباعها ابتداء من تاريخ العمل به، ونص في المادة الثالثة منه على العمل بالقانون المذكور من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وكان افتراض علم الكافة بالإجراءات التي أوجبها ذلك القانون مرهوناً بعدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض. وإذ كانت الطاعنات قد دفعن بأنه قد استحال العلم بذلك القانون حتى تاريخ تقديمهن لصحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب. وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن تحقيق هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.