أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 644

جلسة 14 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل واسحق عبد السيد المستشارين.

(210)
القضية رقم 8 سنة 25 القضائية

( أ ) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال.
(ب) إثبات. الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر تفتيش باطل. تقديره. هو من شئون محكمة الموضوع. الاعتماد عليه رغم العدول عنه. جائز.
(ج) إجراءات تحريز المضبوطات. الإجراءات التي نصت عليها المواد 55 و56 و57 أ.ج في هذا الشأن. إهمالها. لا بطلان.
1ـ إذا كان الحكم إذ دان المتهم بتهمة إحراز المخدر قد اعتمد على الاعتراف الصادر منه أمام النيابة بإحرازه قطعة الحشيش المضبوطة معه باعتباره دليلاً مستقلاً عن الأدلة المستفادة من الضبط والتفتيش فلا جدوى مما ينعاه على الحكم من رفض الدفع ببطلانهما.
2ـ إن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر تفتيش باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بواقعة التفتيش وما ينتج عنها هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى وملابساتها، ولها أن تعتمد في حكمها عليه رغم العدول عنه.
3ـ إن قانون الإجراءات الجنائية فيما نص عليه في المواد 55 و56 و57 من إجراءات متعلقة بتحريز المضبوطات، إنما قصد تنظيم العمل والحرص على عدم توهين الدليل دون أن يرتب على الإهمال في ذلك أي بطلان. وتقدير حصول تغيير أو عبث بذاتية المادة المضبوطة هو من سلطة محكمة الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 1 و2 و33ج و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول الملحق رقم واحد، فقررت بذلك بتاريخ 3 من يناير سنة 1954.وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش والتحريز وما ترتب عليه، والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضورياً بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 1954 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش والتحريز وبمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه 500 جنيه وأمرت بمصادرة الحشيش المضبوط . فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه بنى على إجراءات باطلة أثرت فيه إذ قضى برفض الدفوع المقدمة من الطاعن ببطلان القبض عليه وبطلان التفتيش وبطلان إجراءات التحريز في حين أنه لم يكن في حالة تلبس بأية جريمة ولم توجد دلائل كافية على اتهامه بجناية أو جنحة تجيز القبض عليه وتفتيشه، وكذلك لم يكن من المسجونين حتى يجوز تفتيشه عند دخول السجن بمعرفة أومباشى البوليس. وفى حين أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية هي من الإجراءات الجوهرية التي يترتب البطلان على مخالفتها ـ هذا إلى أن الحكم قد شابه الفساد في الاستدلال إذ أخذ الطاعن بالاعتراف الصادر منه أمام النيابة على رغم أنه اعتراف مشوب بصدوره في أثر الضبط والتفتيش الباطلين كما أن المحكمة أخلت بدفاعه إذ لم تستجب إلى ما طلبه من إعلان مدير المصنع الذي يعمل فيه لإثبات أنه يشتغل في صناعة تخرجه من عداد المشتبه فيهم ولم يرد الحكم بما يسوغ رفض هذا الطلب الهام.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة إحراز المخدر قد اعتمد على الاعتراف الصادر منه أمام النيابة بإحرازه قطعة الحشيش المضبوطة معه باعتباره دليلاً مستقلاً عن الأدلة المستفادة من الضبط والتفتيش ـ فلا جدوى مما ينعاه على الحكم في رفض الدفع ببطلانهما. ولما كان تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر تفتيش باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بواقعة التفتيش وما ينتج عنها هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى وملابساتها ـ وكان لها أن تعتمد في حكمها عليه على رغم العدول عنه ـ وكان الحكم قد دلل بأسباب سائغة على ما انتهى إليه من اعتبار هذا الاعتراف دليلاً قائماً بذاته ومستقلاً عن التفتيش المطعون عليه ومن أن العدول عنه " لا سبب له سوى التراجع والخوف من نتائج الجريمة التي تردى فيها ". لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية فيما نص عليه في المواد 55 و56 و57 من إجراءات متعلقة بتحريز المضبوطات إنما قصد تنظيم العمل والحرص على عدم توهين الدليل دون أن يرتب على الإهمال في ذلك أي بطلان، وكان تقدير الدليل في حصول تغيير أو عبث بذاتية المادة المضبوطة هو من سلطة محكمة الموضوع وقد اطمأنت إلى سلامة تحريز هذه المادة ونتيجة تحليلها ـ ولما كان الدفاع عن الطاعن قد ترافع في موضوع الدعوى، وكان ما ذكره أثناء مرافعته من استعداده إعلان مدير المصنع كشاهد نفى ليس من قبيل الطلب الجازم فإن المحكمة إذ التفتت عن هذا الأمر لا تكون قد أخلت بدفاع الطاعن في شيء، لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.