أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 647

جلسة 14 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل واسحق عبد السيد المستشارين.

(211)
القضية رقم 9 سنة 25 القضائية

( أ ) نقض. طعن. عدم تمكن الطاعن من إتباع الإجراءات التي رسمها القانون للتقرير بالطعن بسبب وجوده بالسجن الحربي. إبداؤه رغبته كتابة في التقرير بالطعن أثناء وجوده بالسجن. تقديمه الأسباب في الميعاد بواسطة محاميه. قبول الطعن شكلاً.
(ب) تفتيش. معاون الجمرك. تفتيشه الركاب وأمتعتهم في حدود الدائرة الجمركية. يصح قانوناً.
(ج) تفتيش. نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال.
( د ) إثبات. أخذ المحكمة بما تطمئن إليه من أقوال الشهود واطراح ما عداها دون بيان أسباب. جائز.
1ـ إذا كان الطاعن (عسكري بالجيش) قد أبدى كتابة في الميعاد أثناء وجوده بالسجن بوحدته ما يفيد أنه يطعن في الحكم بطريق النقض وذلك بإقرار منه موقع عليه من قائد الكتيبة بالاعتماد، وقدم الأسباب بواسطة محاميه في الميعاد، وكانت إدارة الجيش لم تبعث بالسجين الطاعن إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ليقرر بالطعن بالنقض أمام الموظف المختص، ولم تطلب من ذلك الموظف الانتقال إلى مقر الوحدة لتلقى رغبة الطاعن، فإن هذا الأخير كان في حالة عذر قهري حال بينه وبين التقرير بالنقض بالطريق المرسوم بالقانون، ويكون الطعن بالصورة التي قدم بها مقبولاً شكلاً.
2ـ إن معاون الجمرك له قانوناً حق تفتيش الركاب وأمتعتهم في حدود الدائرة الجمركية.
3ـ إذا كان الحكم قد اعتمد في إدانة المتهم بصفة أصلية على اعترافه الصادر منه في التحقيقات الأولية وبالجلسة وأخذ منه دليلاً قائماً بذاته مستقلاً عن التفتيش، فإن مصلحة المتهم فيما يجادل فيه من بطلان التفتيش تكون منتفية.
4ـ لمحكمة الموضوع أن تأخذ في الإدانة بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما عداها دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7 و33/ ج و35 من المرسوم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول أ الملحق به، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات بور سعيد بعد أن نظرت الدعوى قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة ألف جنيه والمصادرة. وبتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1954 أبدى الطاعن (عسكري بالجيش) بالسجن الحربي رغبته إلى قائد الكتيبة للتقرير بالطعن بطريق النقض في الحكم المذكور وتوكيل الأستاذ واصف رزق الله المحامى عنه لمباشرته وتقديم الأسباب فقدمها محاميه إلى قلم كتاب محكمة النقض في 23 من الشهر المذكور إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن وكيل أمباشى بالجيش بالكتيبة رقم 15 بنادق مشاه ومسجون بوحدته وقد صدر الحكم المطعون فيه من محكمة جنايات بور سعيد بجلسة 6 من أكتوبر سنة 1954. وبتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1954 أبدى هذا الجندي السجين كتابة رغبته في الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وتوكيل الأستاذ واصف رزق الله المحامى لمباشرة الدعوى بإقرار منه موقع عليه من قائد الكتيبة المذكورة ومعتمد منه. وبتاريخ 23 من الشهر المذكور أي في الميعاد قدم الأستاذ واصف رزق الله المحامى الأسباب إلى قلم كتاب محكمة النقض. وبعث في نفس التاريخ إلى نيابة بور سعيد الكلية بإقرار الطاعن برغبته في الطعن في الحكم بطريق النقض قائلاً إن هذا هو الطريق المرسوم لدى إدارة الجيش، وأنه يقوم مقام الطعن أمام قلم الكتاب أو السجن كما يبين أيضاً أن أركان حرب الكتيبة المذكورة بعث إلى نيابة بور سعيد ببرقية مرسلة برقم 35 من مكتب سيدي جابر في يوم 24 من أكتوبر سنة 1954 الساعة 14 وعليها ختم مكتب تلغراف بور فؤاد يوم 25 من أكتوبر طلب فيها حفظ حق الطعن بالنقض للطاعن لوصول صورة الحكم متأخرة في ذلك اليوم ووعد فيها بموافاة النيابة بتقرير النقض، ولما طلبت نيابة النقض من نيابة بور سعيد إرفاق تقرير الطعن بالنقض المحرر بالدفتر الرسمي الخاص بذلك أجابت بكتابها المؤرخ 4 من نوفمبر سنة 1954 بأن المتهم عسكري بالجيش ومحبوس بوحدته وأنه قد أرفق بالأوراق إقراراً بالنقض في 22 من أكتوبر سنة 1954 اعتمد من قائد الكتيبة المحبوس بها وختم بخاتمها لعدم وجود دفاتر رسمية للنقض بالوحدة.
وحيث إنه وإن كان التقرير بالنقض لم يحرر حسب الأوضاع المقررة قانوناً إلا أن الطاعن قد أبدى كتابة في الميعاد أثناء وجوده بالسجن بوحدته ما يقيد أنه يطعن في الحكم بطريق النقض وذلك بالإقرار المؤرخ في 22 من أكتوبر سنة 1954 والموقع عليه من قائد الكتيبة بالاعتماد. كما أنه قدم الأسباب بواسطة محاميه في الميعاد، ولما كانت إدارة الجيش لم تبعث بالسجين الطاعن إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ليقرر بالطعن بالنقض أمام الموظف المختص ولم تطلب من ذلك الموظف الانتقال إلى مقر الوحدة لتلقى رغبة الطاعن. لما كان ما تقدم فإن الطاعن كان في حالة عذر قهري حال بينه وبين التقرير بالنقض بالطريق المرسوم بالقانون. ويكون الطعن بالصورة التي قدم بها مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم شاب أسبابه القصور، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التفتيش ولكن المحكمة لم ترد على هذا الدفع رداً سائغاً. بل قالت "إن المتهم اعترف بوجود الحشيش معه وأنه عثر عليه بعربة الأتوبيس وكان يحمله في يده ويريد تسليه لموظفي الجمرك وأن المحكمة ترى من حالة المتهم وارتجافه أن من حق معاون الجمرك باعتباره من مأموري الضبط القضائي تفتيش المتهم" وهى عبارات لا تؤدى إلى صحة التفتيش الذي تناول جميع الركاب. وكان الحشيش داخل ملابس الطاعن ولم يكن في يده ولا في الحقيبة ولم يكن ظاهراً ـ كذلك لم تأخذ المحكمة بأقوال الشاهد محمد العوضى سلطان الذي قال إن الطاعن كان في حالة هدوء وثبات وطمأنينة ولم يكن مرتبكاً ولا حائراً. وأخذت بأقوال شاهدين آخرين ضد الطاعن دون أن تبين العلة في اقتناعها بقولهما دون قول الشاهد الأول.
وحيث إن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان التفتيش لا يجديه إذ بغض النظر عن معاون الجمرك له قانوناً حق تفتيش الركاب وأمتعتهم في حدود الدائرة الجمركية فإن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في إدانته بصفة أصلية على اعترافه الصادر منه في التحقيقات الأولية وبالجلسة وأخذ منه دليلاً قائماً بذاته مستقلاً عن التفتيش، ومتى كان الأمر كذلك فإن مصلحة الطاعن فيما يجادل فيه من بطلان التفتيش تكون منتفية ـ لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ في الإدانة بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما عداها دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.