أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 9 - صـ 703

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(91)
الطعن رقم 182 لسنة 24 ق

( أ ) حكم. "تسبيب كاف". تسجيل الحكم على الطاعنين عجزهم عن الإثبات وهم المكلفون بتقديمه. عدم تقديمهم أي دليل في هذا الخصوص. النعي عليه بالقصور. غير صحيح.
(ب) عقد. انحلال القوة الملزمة للعقد. "الدفع بعدم التنفيذ" إخلال المتعاقد بالتزامه عمداً وإعرابه عن نيته في عدم الوفاء عيناً. دفعه بعدم تنفيذ الالتزام المقابل لالتزامه. لا يقبل.
(جـ) التزام. تعويض. إخلال المدين بالتزامه التعاقدي عمداً. مسئوليته عن الضرر المتوقع وغير المتوقع. المواد 119، 121، 122 مدني قديم.
(د) التزام. المقاصة. الدفع بها. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد سجل على الطاعنين عجزهم عن إثبات أن تخزين الأرز موضوع الخصومة كان على ضوء أحكام المرسوم بقانون 128 لسنة 1939 أمراً محظوراً على مورثهم خلال عام 1941 - 1942 وفيه حماية له من الوفاء العيني، وكان الطاعنون وهم المكلفون بتقديم هذا الإثبات لم يدعوا في طعنهم أنهم قدموا لمحكمة الموضوع أي دليل في هذا الخصوص، فإنه يكون غير صحيح ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه على الحكم من قصور.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى أن مورث الطاعنين قد أخل بالتزامه عمداً وقصر في الوفاء به وجحد تعهده وأعرب في جلاء ووضوح عن نيته في عدم الوفاء عيناً فإنه لا يقبل منه الدفع بعدم تنفيذ الالتزام المقابل لالتزامه هو والذي أصر على عدم الوفاء به.
3 - إذا كان يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن إخلال مورث الطاعنين بالتزامه بتسليم كميات من الأرز عيناً استمر حتى ارتفع ثمنها وقت رفع الدعوى عن الثمن المتفق عليه في العقد، وكان هذا الإخلال العمدي على الصورة التي أوردها الحكم من شأنه أن يوجب إلزامه بالتضمينات ما كان منها متوقعاً أو غير متوقع وفقاً لأحكام المواد 119، 121، 122 من القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة الدعوى، لما كان ذلك فلا أساس لما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من أنه خالف قاعدة المسئولية التعاقدية التي تقتصر - في غير حالة التدليس - التعويض على الضرر المتوقع دون غير المتوقع، وأنه لم يعتد في تقديره لقيمة التعويض بقيمة الالتزام بالتنفيذ العيني في الوقت المحدد اتفاقاً.
4 - الدفع بالمقاصة بين دينين هو من الدفوع التي لا يسوغ إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل في أن المرحوم زكي محمد الشناوي مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 327 سنة 1942 مدني كلي المنصورة على المطعون عليه بصحيفة أعلنت في 21/ 4/ 1942 قال في بيانها إنه سلم المطعون عليه تصاريح من جهات الإدارة بنقل 1535 ضريبة أرز شعير لمضارب المورث بالمنصورة لتكون في عهدته تحت إشراف وزارة التموين وخاضعة للاستيلاء في كل وقت فلم يورد سوى 876 ضريبة وتبقى في عهدته 659 ضريبة كما بقي في ذمته مبلغ 901 جنيهاً و576 مليماً بعد احتساب ثمن الأرز الذي ورده والفوارغ - وانتهى مورث الطاعنين إلى طلب الحكم بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 901 جنيهاً و576 مليماً وإلزامه بتسليم الـ 659 ضريبة أرز شعير مقابل استلامه الثمن الجبري عنها مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب وتثبيت الحجز التحفظي وجعله نافذاً والنفاذ - وأقام أيضاً مورث الطاعنين الدعوى رقم 326 سنة 1942 مدني كلي المنصورة على المطعون عليه بصحيفة أعلنت في 28/ 4/ 1942 قال فيها إنه بمقتضى عقد توريد وبدل مؤرخ 16 من يناير سنة 1942 تعهد هذا الأخير بأن يورد له 600 ضريبة أرز شعير ياباني لغاية 20/ 3/ 1942 على أن يتسلم من المورث مقابل كل ضريبة 575 كيلو أرز جلاسيه وأخضر النصف من كل نوع ولكنه لم يقم بتنفيذ تعهده فحق إلزامه بالوفاء عيناً مع دفع قيمة التعويض المتفق عليه بالبند السادس من العقد وهو 50 قرشاً عن كل ضريبة لا يتم توريدها - وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام المطعون عليه بأن يسلم له عيناً 600 ضريبة أرز شعير ياباني طبقاً للمواصفات والشروط المبينة بالعقد سالف الذكر وإلزامه أيضاً بمبلغ 300 ج قيمة الجزاء المشروط بواقع 50 قرشاً عن كل ضريبة مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب والنفاذ وأقام المطعون عليه من جانبه الدعوى رقم 58 سنة 1943 مدني كلي المنصورة على مورث الطاعنين - وقال في صحيفتها المعلنة في 2 من نوفمبر سنة 1942 أنه بمقتضى العقد المؤرخ 16 من يناير سنة 1942 تعهد بأن يورد - لمضارب مورث للطاعنين 600 ضريبة أرز شعير ياباني لضربها بمضاربه مقابل قيام المورث بتسليمه 575 كيلو أرز جلاسيه وأخضر النصف من كل نوع عن كل ضريبة. ونفاذاً لهذا العقد قام المطعون عليه من جانبه بتوريد الكمية المذكورة ولكن المورث لم يسلمه شيئاً من المقابل - وأن المطعون عليه علاوة على ذلك ورد أيضاً لمضارب المورث 300 ضريبة أرز شعير ياباني (تقاوي) داخل 3300 جوال جديد لحفظها طرفه إلى أن يتم تصريفها بمعرفة المطعون عليه الحكم بإلزام مورث الطاعنين - أولاً - بأن يسلمه عيناً 600 ضريبة أرز شعير ياباني محصول عام 1942 أو المقابل المنصوص عنه بعقد البدل الرقيم 16 من يناير سنة 1942 - وقدره 3450 جوالاً أرز أخضر وجلاسيه النصف من كل نوع باعتبار وزن الجوال 100 ك - ثانياً - بأن يسلمه أيضاً وعيناً 300 ضريبة أرز شعير ياباني (تقاوي) محصول عام 1942 داخل 330 جوال جديد - ثالثاً - بأن يسلمه أيضاً وعيناً 6600 جوال جديد من البالة قيمة عبوة الـ600 ضريبة موضوع عقد البدل أو دفع ثمنها بواقع الجوال 58 م - رابعاً - إلزامه بجميع المصاريف والأتعاب وتثبيت الحجز التحفظي والنفاذ - وبجلسة 27/ 12/ 1942 قررت محكمة أول درجة ضم القضيتين الأخيرتين للقضية الأولى وحكمت تمهيدياً بندب خبير محاسب للاطلاع على دفاتر الطرفين التجارية ومستنداتهما وما يقدمانه له وتصفية الحاسب بينهما بعد سماع ملاحظاتهما وتحقيق دفاعهما ..... الخ وبعد أن باشر الخبير المأمورية وقدم تقريره قضت المحكمة في 20 من يناير سنة 1945 حضورياً في القضايا الثلاث - بإلزام المطعون عليه بأن يدفع لمورث الطاعنين مبلغ 510 ج و535 م والمصاريف المناسبة و500 قرش أتعاباً للمحاماة. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 53 تجاري سنة 62 ق مؤسساً استئنافه على وجوب الوفاء العيني وفي حالة استحالته يتعين دفع الثمن بالسعر الجبري وقت رفع الدعوى. وفي 10/ 4/ 1947 قضت محكمة الاستئناف حضورياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعن إبراهيم محمد سلام في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 131 سنة 17 ق. وفي 24 من مارس سنة 1949 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف مصر التي أحالتها في 29/ 11/ 1949 إلى محكمة استئناف المنصورة وقيدت بجدولها تحت رقم 119 تجاري سنة 1 ق وفي 29 من يناير سنة 1951 قضت محكمة استئناف المنصورة حضورياً أولاً - بقبول جبران خليل وكيل الدائنين خصماً في الدعوى وإخلاله فيها محل المستأنف. ثانياً - بتعديل الحكم المستأنف على الوجه التالي بإلزام المستأنف بصفته بأن يدفع للمستأنف عليهم - الطاعنين - مبلغ 7869 جنيهاً و845 مليماً والمصاريف المناسبة عن هذا المبلغ عن الدرجتين وبإلزام المستأنف عليهم بأن يسلموا للمستأنف بصفته 2425 جوالاً من الأزر الأبيض (جلاسيه) و974 جوالاً من الأرز الأخضر - وفي حالة عدم التسليم يلزمون بدفع الثمن ومقداره 8349 جنيهاً و660 مليماً بما في ذلك ثمن الأجولة والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وذلك من مال مورثهم وبإلزام المستأنف عليهم بأن يسلموا للمستأنف بصفته عيناً 276 ضريبة و983 رطلاً من الأرز الشعير (تقاوي) وفي حالة عدم التسليم يلزمون بدفع الثمن ومقداره 3960 جنيهاً و485 مليماً بما في ذلك ثمن الأجولة والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وذلك من مال مورثهم - وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وفي 20 من مايو سنة 1954 قرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة أول أكتوبر سنة 1958 وفيها صمم الطاعنون على طلباتهم وطلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه - فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبعد المرافعة صمم كل من الخصوم على طلباته.
ومن حيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام مورث الطاعنين بتسليم كميات الأرز عيناً للمطعون عليه أو قيمتها بحسب الأسعار الجارية يوم رفع الدعوى قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين: أولهما أن الحكم خالف قاعدة التقابل بين الالتزامات الناشئة من عقد ملزم للجانبين - ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد سلم لمورث الطاعنين مبلغ 7869 جنيهاً و845 مليماً في ذمة المطعون عليه كان يتعين عليه رفض طلب هذا الأخير تسليم كميات الأرز عيناً طالما أنه لم يف من جانبه بالالتزام المقابل وهو أداء المبالغ التي أخذها من المورث على ذمة العملية وهي مضمونة بالأزر المورد وفقاً لأحكام عقد التوريد وبالبدل الرقيم 16 من يناير سنة 1942 التي تخوله الحق في حبس كميات الأرز حتى يستوفي دينه المضمون بهذه الكميات كما أن له الحق في الدفع بعدم التنفيذ استناداً إلى تخلف المطعون عليه عن أداء التزامه المقابل - وكان يتعين على الحكم كذلك عند تقديره قيمة الأزر رفض طلب احتساب هذه القيمة على أساس السعر يوم رفع الدعوى في 2 من نوفمبر سنة 1942 إذ المطعون عليه هو المتسبب في التأخير لعدم وفائه مقدماً بما عليه من ديون مضمونة بالأرز المطلوب تسليمه والوجه الثاني - إن قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية المورث عن الزيادة التي طرأت على أسعار الأرز في 2 من نوفمبر سنة 1942 وهو اليوم الذي اختاره المطعون عليه لرفع دعواه دون السعر المحدد للتسليم وهو يوم 30 من مارس سنة 1942 فيه مخالفة لقاعدة المسئولية التعاقدية التي تقصر في غير حالة التدليس التعويض عن الإخلال بالتزام عقدي على الضرر المتوقع دون غير المتوقع ولا يجوز قانوناً أن تتجاوز قيمة التعويض قيمة الالتزام الأصلي إذ العبرة في تقدير قيمة الالتزام بالتنفيذ العيني هي بالوقت المحدد اتفاقاً. ويتحصل الوجهان الأول والثاني من السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالبطلان لقصوره في التسبيب ويقول الطاعنون في بيان ذلك أولاً - أنهم تمسكوا بأن المطعون عليه قصر في الوفاء بالمبالغ التي ثبت وجودها في ذمته فهو بهذا لا يستحق مقابل - ورغم تسجيل الحكم لهذا الدفاع الجوهري - إلا أنه أغفل الرد عليه إغفالاً تاماً. وثانياً - أنهم تمسكوا أيضاً في دفاعهم بأنه إن قيل باستحقاق المطعون عليه للمقابل فقد صدر من الأوامر العسكرية ما يمنع من سن تسليم الأرز المضروب بغير تصريح من جهة الإدارة التي كانت قائمة على شئون التموين وقتذاك - غير أن الحكم لم يواجه هذا الدفاع إلا بقوله إنه دفاع "يعوزه الدليل" رغم أن المورث قدم صوراً عديدة من محاضر الاستيلاء على الأرز وصوراً من أحكام صادرة من محكمة الاستئناف ورد بها أن محصول الأزر عام 41 - 42 كان محل حظر الحكومة.
ومن حيث إن النعي المتقدم مردود في كافة وجوهه، أولاً - بأنه يبين من الحكم الصادر من هذه المحكمة (محكمة النقض) بتاريخ 24 من مارس سنة 1949 في الطعن رقم 131 سنة 17 ق والمقدمة صورته من المطعون عليه بملف الطعن أنه كان مما أقيم عليه الحكم الاستئنافي الأول أن الأوامر العسكرية تحرم تخزين المواد الغذائية ومنها الأزر في المضارب أو في أي مكان آخر - وتبين لمحكمة النقض أن ما عناه الحكم المطعون فيه وقتئذ بالأوامر العسكرية هو المرسوم بقانون رقم 128 لسنة 1939 - وكان من بين أسباب نقض ذلك الحكم ما قررته المحكمة من أنه "يؤخذ عليه أن المرسوم بقانون سالف الذكر لم يكن يحظر على أصحاب المصانع وتجار الجملة التخزين بصفة مطلقة، وإنما قيده بشروط منها أن لا يتجاوز المخزون ما هو لازم لحركة صناعتهم أو تجارتهم في خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر وهذا ما لم يحصل صاحب المصنع أو التاجر من وزير التجارة على ترخيص سابق أوسع مدى". كما يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الإحالة لم تغفل بحث دفاع الطاعنين بل عرضت له في قولها "ومن حيث إن مورث الطاعنين يرى في المرسوم بقانون رقم 128 لسنة 1939 حماية له من هذا الوفاء العيني لأن بقاء الأرز المضروب في المصانع لا يعدو أن يكون تخزيناً ممنوعاً ومضاربه لم تعد في الواقع لتكون مخزناً" - وبعد أن أورد الحكم ما سبق بيانه نقلاً عن حكم محكمة النقض قال: "ومن حيث إنه لم يثبت بحال أنه كان بمصانع المستأنف عليه من الأرز ما يزيد عن حاجتها للعمل مدة أشهر أربعة ولا أن وزير التجارة رفض منحه ترخيصاً أوسع مدى. وما يزعمه من أن وزارة التموين قد قررت الاستيلاء على ما بالمصانع من أرز رغم من هنالك من اتفاقات بين أصحاب تلك المصانع وبين سائر التجار وأن جهة الإدارة قد قيدت حرية التصرف فيه بطريقة قانونية. كل هذا يعوزه الدليل السليم.." ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه أنه سجل على الطاعنين عجزهم عن إثبات عن تحزين الأرز موضوع الخصومة كان على ضوء أحكام المرسوم بقانون رقم 128 لسنة 1939 التي أشار إليها حكم النقض السابق أمراً محظوراً على مورثهم خلال عام 41 - 42. ولما كان الطاعنون وهم المكلفون بتقديم هذا الإثبات لم يدعوا في طعنهم أنهم قدموا لمحكمة الموضوع أي دليل في هذا الخصوص. لما كان ذلك فإنه يكون غير صحيح ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه على الحكم من قصور. ومردود - ثانياً - بما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه من أن "نية مورث المستأنف عليهم في عدم الوفاء عيناً في ذلك ظهرت واضحة جلية في صحيفة افتتاح دعواه رقم 327 سنة 1942 كلي المنصورة المحررة في 14 من أبريل سنة 1942 والتي جاء بها أن المستأنف لم يقم بتوريد شيء من أرز البدل إطلاقاً وأن ما ورده قد استولت عليه وزارة التموين ثم ردد ذلك في صحيفة دعواه رقم 326 سنة 1942 كلي المنصورة. وكان من أثار هذا الجحود أن اضطر المستأنف لمقاضاته في 15 من نوفمبر سنة 1942 وكان الأرز في هذا الوقت قد ارتفع إلى 1310 قرشاً للشعير تسليم المضارب و234 قرشاً للشوال الأبيض الجلاسيه والأخضر أيضاً - وأن عدم الوفاء عيناً في الميعاد وهو 31 مارس سنة 1942 جرت على المستأنف حرمانه من الانتفاع بما يستحقه من مقابل البدل - وقد صادف هذا الجحود ارتفاعاً في الأسعار على النحو المتقدم قبيل رفع الدعوى وبعبارة أخرى فإن المخالفة في الوفاء العيني ظلت قائمة حتى ارتفع الثمن. ولا ريب في أنه لو كان الوفاء قد تم من قبل ارتفاع الأسعار لحوسب على السعر القديم وعليه فقد حقت محاسبة المستأنف على السعر الجبري الجاري عليه التعامل حين رفع الدعوى في 2 نوفمبر سنة 1942". ولما كان يبين من هذه الأسباب أن الحكم قد استخلص من أوراق الدعوى أن مورث الطاعنين قد أخل بالتزامه عمداً وقصر في الوفاء به وجحد تعهده وأعرب في جلاء ووضوح عن نيته في عدم الوفاء عيناً فإنه لا يقبل منه الدفع بعدم تنفيذ الالتزام المقابل لالتزامه هو والذي أصر على عدم الوفاء به وكان يبين من أسباب الحكم أيضاً أن إخلال مورث الطاعنين بالتزامه استمر حتى ارتفع الثمن وقت رفع دعوى المطعون عليه وكان هذا الإخلال على الصورة التي أوردها الحكم من شأنه أن يوجب إلزامه بالتضمينات - ما كان منها متوقعاً أو غير متوقع وفقاً لأحكام المواد 119، 121، 122 من القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة الدعوى. لما كان ذلك فلا أساس لما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في الوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه استند في تقدير قيمة الـ 278 ضريبة على كونها من الأرز التقاوي إلى غير أصل ثابت من الأوراق إذ لم يعترف المورث بهذا الوصف كما أن ما قاله الخبير في هذا الخصوص لا سند له من الأوراق.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - بأن الحكم المطعون فيه استند في اعتبار الـ 276 ضريبة و983 رطلاً على أنها من الأرز التقاوي إلى تقرير الخبير - ولما كان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من هذا التقرير فإن هذا النعي يكون عارياً من الدليل.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أنه لم يجر المقاصة بين ما قضى به لمورث الطاعنين على المطعون عليه وبين ما قضى به للمطعون عليه على المورث في حين أن دين كل منهما قبل الآخر قد صفى بموجب الحكم وأصبح الدينان في قوة واحدة مما كان يستتبع إسقاط أصغرهما في أكبرهما بطريق المقاصة والحكم بالفرق إن كان لهذا الفرق سند من القانون.
ومن حيث إن هذا السبب - غير مقبول إذ لم يقدم الطاعنون ما يدل على أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بالمقاصة مما لا يسوغ معه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه يبين من جميع ما تقدم أن الطعن على غير أساس متعين الرفض.