أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 676

جلسة 21 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، وإسحاق عبد السيد، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.

(219)
القضية رقم 22 سنة 25 القضائية

( أ ) تفتيش. تقدير جدية التحريات التي تسبق الإذن بالتفتيش. موكول إلى سلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع.
(ب) إجراءات. تحريز المضبوطات وفضها. الإجراءات التي نص عليها القانون في هذا الشأن. الغرض منها. مخالفتها. لا بطلان.
(ج) مواد مخدرة. توقيع العقوبة المنصوص عنها في المادة 33 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952. مناطه. قصد التعاطي. تقديره. موضوعي.
1ـ إن تقدير جدية التحريات (التي تسبق الإذن بالتفتيش)موكول إلى سلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع.
2ـ إن القانون حين نص على الإجراءات الخاصة بتحريز المضبوطات وفضها إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته في الإثبات ولم يرتب على مخالفتها بطلاناً، وإذن فيكفى أن تقتنع المحكمة بأن المضبوطات لم يحصل بها عبث.
3ـ إن توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 يكفى فيه مجرد الإحراز ما لم يثبت أنه إنما أحرز المخدر بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو يثبت ذلك القصد للمحكمة من العناصر المطروحة أمامها، وتقدير قيام هذه الحالة التيسيرية أو عدم قيامها مسألة موضوعية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة (أفيوناً وحشيشاً) في غير الأحوال المرخص فيها قانوناً بذلك وبغير مسوغ شرعي بقصد الاتجار. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و12 و7/ 1 و33ج و 35 و46 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول الملحق به. فقررت إحالته إليها لمحاكمته بالمواد المذكورة. ومحكمة جنايات طنطا نظرت هذه الدعوى وقضت فيها حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و7/ 1 و33ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول أ الملحق به بمعاقبة بدر سليمان الرفاعى بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن أن المحكمة إذ دانت الطاعن بجريمة إحراز المخدر قد أخلت بحقه في الدفاع، ذلك بأنه دفع أمامها بأن واقعة الضبط كما أدلى بها الشهود وكما صورها الحكم مستحيلة الوقوع وطلب من المحكمة معاينة مكان الواقعة أو منحه أجلاً لتقديم الأوراق الهندسية الدالة على أنه يستحيل أن يكون الكونستابل في الساعة العاشرة تماماً عند الكوبري ثم يكون في نفس الوقت في داخل منزل الطاعن مع أن المسافة بين المكانين كيلو متر ونصف ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب دون أن تورد أسباباً تبرر هذا الرفض ـ وطلب الطاعن أيضاً تقديم أوراق التنفيذ الخاصة بالأطيان المتنازع عليها بينه وبين نائب العمدة وتقديم خريطة فك الزمام ورسم هندسي لمنزله ولكن المحكمة رفضت هذه الطلبات وجاء حكمها قاصراً عن بيان أوجه الدفاع الجوهرية والرد عليها ـ ودفع الطاعن ببطلان أمر التفتيش لعدم جدية الدلائل التي بنى عليها وطلب إلى المحكمة ضم دفتر الأحوال ليثبت عدم حصول المراقبة التي بنى عليها الأمر ولكن المحكمة لم تمكنه من ذلك وجاء حكمها في هذا الشأن برد غير سديد ـ هذا ويبنى الطاعن الوجهين الثاتى والرابع من طعنه على أن الحكم بنى على إجراء باطل وشابه الفساد في الاستدلال ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التحريز ووجوب استبعاد الدليل المستمد من التحليل لأنه لم يحصل في حضوره، ولكن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأن قرار الندب صدر في مواجهة المتهم ومحاميه ولم يتعرضا عليه وهذا يفيد صحة التحريز وحصوله في حضور الطاعن مع أنه لا يصح عده دليلاً على ذلك لأن التحريز حصل بعد قرار الندب في غيبة المتهم ودانت المحكمة الطاعن باعتباره تاجراً مؤسسة ذلك على وزن المضبوطات الكبير في حين أن الثابت بالأوراق أن هذا الوزن هو للعلب الصفيح بما فيها من المخدرات حتى كان من المستحيل عند التحليل الكيمائي أن يوزن جسم الجريمة مستقلاً عن علب الصفيح التي لوثت به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يقل إن الكونستابل كان عند الكوبري وفى المنزل في نفس الوقت بل قال إن الكونستابل وصل إلى الكوبري بالسيارة في الساعة العاشرة صباحاً تم توجه إلى المنزل فوصله بعد ذلك ببرهة حيث وجد الطاعن ممسكاً بالمعاون ـ فإن السبب الذي بنى عليه طلب المعاينة يكون غير صحيح وتكون المحكمة في حل من عدم إجابته ـ لما كان ما تقدم ـ وكان تقدير جدية التحريات موكولاً إلى سلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع وقد أقرتها على سلامة تقديرها للأسباب السائغة التي أوردتها وكان القانون حين نص على الإجراءات الخاصة بتحريز المضبوطات وفضها إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته في الإثبات ولكنه لم يرتب على مخالفتها بطلاناً وكانت المحكمة قد اقتنعت بأن المضبوطات هي هي لم يحصل بها أي عبث، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أسباب في إثبات اتجار الطاعن بالمخدر سائغاً وله أصله في الأوراق فضلاً عن أن توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 يكفى فيه مجرد الإحراز ما لم يثبت الطاعن أنه إنما أحرز المخدر بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو يثبت ذلك القصد للمحكمة من العناصر المطروحة أمامها وتقدير قيام هذه الحالة التيسيرية أو عدم قيامها هي مسألة موضوعية وكانت المحكمة وقد اقتنعت بصحة التهمة للأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها لم تر محلاً لإجابة الدفاع إلى طلب التأجيل لتقديم المستندات المشار إليها في طعنه وهو أمر يدخل في سلطتها التقديرية ـ لما كان كل ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.