أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 688

جلسة 21 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، وإسحاق عبد السيد، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.

(223)
القضية رقم 36 سنة 25 القضائية

( أ ) إهانة. الجريمة المنصوص عنها في المادة 133ع. الصور التي تتحقق بها. اشتمال الأفعال أو العبارات المستعملة على معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة يكفى لتوافر الجريمة. توافر العلانية. غير لازم.
(ب) قذف في حق موظف عمومي. ادعاء المتهم بسلامة نيته. لا يعفيه من العقاب ما دام قد عجز عن إثبات حقيقة. ما أسنده إلى الموظف.
(ج) قذف في حق موظف عمومي. ركن العلانية. متى يتوافر؟
1ـ إن جريمة الإهانة التي توجه إلى موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها والإهانة التي تقع على محكمة قضائية أو إدارية أو مجلس أو على أحد أعضائها أثناء انعقاد الجلسة كما تتحقق بحكم المادة 133 من قانون العقوبات بالإشارة أو القول أو التهديد في مواجهة المعتدى عليه تتحقق كذلك بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة أو الرسم بموجب المادة 134 من القانون المذكور على أن يكون عقابها في الحالات الأخيرة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 133 المشار إليها، ولا يشترط لتوفر الإهانة أن تكون الأفعال أو العبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين بل يكفى أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة.
2ـ إن ما يدعيه المتهم بالقذف في حق موظف عمومي من سلامة نيته لا يعفيه من العقاب ما دام قد عجز عن إثبات حقيقة ما أسنده إليه.
3ـ يكفى لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف في حق موظف عمومي أن يصل المكتوب إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً بتداول نسخة واحدة متى كان ذلك نتيجة حتمية لعمل القاذف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاًً) أهان بالقول والتهديد موظفاً عمومياً هو الأستاذ محمد عبد العزيز عبد النبي القاضي بمحكمة السنبلاوين الوطنية بسبب تأدية وظيفته بأن أرسل إليه برقية يتهمه فيها بالتسرع في نظر إحدى القضايا وهدده بأنه يتحمل مسئولية حكم أصدره (وثانياً) قذف في حق موظف عمومي هو الأستاذ محمد عبد العزيز عبد النبي القاضي بمحكمة السنبلاوين بسبب أداء وظيفته بأن أسند إليه التسرع في نظر إحدى القضايا، وطلبت عقابه بالمواد 133/ 1 و171 و302 و303 من قانون العقوبات. ومحكمة السنبلاوين الجزئية بعد أن أتمت سماع الدعوى قضت فيها حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبسه شهرين مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة، ومحكمة المنصورة الابتدائية بعد أن أتمت سماعهما قضت فيهما حضورياً بتاريخ 11 من فبراير سنة 1954(أولاًً) بعدم جواز استئناف النيابة (وثانياً) بقبول استئناف المتهم شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم الطعون فيه حين دان الطاعن بجريمتي الإهانة والقذف أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن جريمة إهانة القاضي لا تتحقق إلا بكلام شفهي يوجه إليه عقب النطق بالحكم أو القرار في قضية دون ما يكتب ويرسل إليه في برقية وأن العبارات التي وردت في البرقية المرسلة إليه لا تعتبر في ذاتها إهانة ولا تهديداً ولم تتوفر فيها العلانية وأن البرقية الثانية المرسلة لوزارة العدل لا تعتبر قذفاً ولا تعدو كونها مظلمة أرسلت بحسن نية وفى غير علانية هذا إلى أن الحكم جاء قاصر البيان إذ لم يشر إلى ما أثاره الطاعن في دفاعه ولم يرد عليه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إن القاضي المجني عليه قد حكم على المتهم في القضية رقم 64 سنة 1953 جنح السنبلاوين بتغريمه أربعة جنيهات لارتكابه جريمة ضرب وفى يوم صدور الحكم أرسل إليه المتهم الإشارة البرقية المرفقة بالأوراق ينسب إليه فيها أنه قد أصدر حكمه ضده بغير أن يحقق دفاعه ومن ثم فهو يحمله المسئولية كما أرسل لوزارة العدل البرقية المرفقة صورتها بالأوراق ينسب فيها إليه أنه قد شط في الحكم الذي أصدره متحدياً له ولعائلته طالباً تحقيق هذا الأمر حتى تظهر الحقيقة ويطمئن الجميع وبسؤال المتهم بتحقيق النيابة أو بالجلسة أقر بأنه هو الذي أرسل البرقيتين سالفتى البيان" ولما كانت جريمة الإهانة التي توجه إلى موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها والإهانة التي تقع على محكمة قضائية أو إدارية أو مجلس أو على أحد أعضائها أثناء انعقاد الجلسة كما تتحقق بحكم المادة 133 من قانون العقوبات بالإشارة أو القول أو التهديد في مواجهة المعتدى عليه تتحقق كذلك بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة أو الرسم بموجب المادة 134 من قانون العقوبات على أن يكون عقابها في الحالات الأخيرة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 133 من قانون العقوبات وكان لا يشترط لتوفر الإهانة أن تكون الأفعال أو العبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين بل يكفى أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ـ وكانت العبارات التي وجهها الطاعن بالتلغراف المرسل منه إلى القاضي المجني عليه تتضمن إسناد الخطأ إليه في الحكم الذي أصدره ويحمله مسئوليته مما تتحقق به الإهانة المعاقب عليها بالمادتين 133 فقرة/ 1، 134 من قانون العقوبات ولم تكن العلانية مما يلزم توفره لقيام هذه الجريمة ـ لما كان ذلك وكان ما أسنده الطاعن إلى القاضي المجني عليه في البرقية المرسلة منه إلى وزارة العدل مما يحط من قدره ويقلل من احترامه كان ما يدعيه الطاعن من سلامة نيته لا يعفيه من العقاب ما دام قد عجز عن إثبات حقيقة ما أسنده إليه وكان يكفى لتوافر ركن العلانية أن يصل المكتوب إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً بتداول نسخة واحدة متى كان ذلك نتيجة حتمية لعمل القاذف فإن جريمة القذف المنسوبة للطاعن تكون قد تحققت أركانها بإرسال البرقية المشار إليها متضمنة عبارات القذف وتدالها بين أيدي مستخدمي التلغراف في البلدة التي يعمل فيها القاضي وموظفي وزارة العدل ممن يتحتم بطبيعة العمل إطلاعهم عليها ـ لما كان ما تقدم وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على الطاعن مما تدخل في حدود المادتين 133/ 1، 134 من قانون العقوبات وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه أوجه الدفاع التي أثارها فإن الطعن برمته يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.